أحدث الأخبارالخليج الفارسيةقطر

قطر لن تغدر بحلفائها

مجلة تحليلات العصر الدولية - أسعد العزّوني

مخطيء من يظن واهما ،أن دولة قطر بقيادة النوخذة الهمام سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني،ومعه ثلة من صناع القرار في الدوحة،ستغدر بحلفائها وفي مقدمتهم إيران وتركيا ،اللتان وقفتا معها ب”بالباع والذراع”،عندما غدرها الأخوة -الأعداء ،وفرضوا عليها حصارا غاشما طال كل شيء بدءا من حبة الدواء وانتهاء بزيارة الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج والعمرة،مرورا بطبيعة الحال بمنع الغذاء وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية،كمقدمة لغزوها عسكريا ،ولكن الله سلّم، وأدار الشيخ تميم وصحبه المعركة بإقتدار،وأوصلوا السفينة بمن عليها إلى بر الأمان،ونستطيع القول أن قطر خرجت من الحصار أقوى مما كانت عليه قبل الحصار،ودخلت نادي المنتجين والمبدعين والإستراتيجيين،وحوّلت صحراءها القاحلة إلى مزارع غناء فاق منتوجها المستورد.
لا ننكر أن إيران وتركيا لهما الفضل الأكبر، بعد جهود القيادة القطرية وحسن إدارتها للمعركة الشرسة ،التي كانت تهدف إلى شطب دولة قطر عن الخارطة ونهب ثرواتها غيرة وحسدا وجشعا وطمعا ،لأن دول الحصار مجتمعة لم تسجل خطوة نجاح واحدة تبعد عن نجاحات قطر النوعية والعالمية ألف سنة ضوئية على الأقل،وأتحدث عن إستضافة قطر لمونديال 2022،على سبيل المثال،وصعود قطر الناهضة إلى الأعالي ،ووضع بصمة ماسية نافرة لها في الخارطة الدولية سياسيا وإقتصاديا .
ولا ننكر أيضا أن الدوحة وتضامنا مع الآخرين في الخليج سحبت سفيرها من طهران،ولكن صانع القرار في الدوحة عدّل من المسار وأعاد السفير بعد أن تعهدت إيران الجارة المسلمة بفتح اجوائها أمام حركة الطيران القطرية،وأن تسهم في تزويد السوق القطرية بما تحتاجه،وها تكمن الأخوة والصداقة.
أما بالنسبة لتركيا ،فقد سجلت هي الأخرى موقفا مشرفا من دولة قطر،وسارع الرئيس أردوغان إلى نجدة أخيه الشيخ تميم،ووقف مع شعبه مع سمو الأمير والشعب القطري،وتحرك عسكريا لقطع الطريق على قطّاع الطرق ولصوص القوافل،ولم ينس الشيخ تميم هذا الموقف إذ كان هو الآخر الداعم الأكبر للرئيس أردوغان إبان تعرضه للإنقلاب الفاشل مؤخرا،وتبادل الزعيمان مواقف الدعم التي تدل على الرجولة والشهامة.
هناك من يسرب أن قطر وبعد المصالحة مع السعودية ستدير ظهرها لكل من إيران وتركيا،ويقيني أن من سرّب هذه الهرطقات بعيد كل البعد عن الفهم المبدئي للمواقف،ويجهل ألف باء قراءة الشخصيات صانعة القرار،ويقيني أن قبول الشيخ تميم بالمصالحة مع السعودية ليس جديدا ،فهو من الداعين للحوار والمصالحة بعيدا عن النيل من السيادة الوطنية،وكانت موافقته الأخيرة على المصالحة في قمة العلا الخليجية نضوجا سياسيا بلغ مداه ليصل إلى الحكمة،وما قام به الشيخ تميم دليل أكيد على إتقانه لفنون السياسة وألاعيبها.
صحيح أن الشيخ تميم ومن معه في عملية صنع القرار وافقوا على الإنخراط في المصالحة،ولكنهم أبدا لن يغدروا بحلفائهم في إيران وتركيا،بدليل أن الشيخ تميم أوفد وزير ماليته إلى القاهرة التي أسهمت في الحصار وكان دورها جنديا للإيجار وأبدت ممانعة للمصالحة،وهذه لوحدها تكفي لإثبات حسن نوايا القيادة القطرية،تجاه أعدائها فما بالك بحلفائها الذين وقفوا معها وقت الشدة والمحنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى