أحدث الأخبارشؤون آسيويةشؤون اوروبيية

قمّة صينيّة روسيّة للإطاحة بالدولار ونظام “سويفت” المالي الأمريكي المُهيمن.. هل ستُحقّق أهدافها أم تظل ردّة فِعل عابرة؟ وهل اقتربت الحربان في تايوان وأوكرانيا ومعهما العُقوبات الأمريكيّة؟ ولماذا نُرجِّح بدء العد التنازلي لانهِيار “زعامة” العُملة الأمريكيّة عالميًّا؟

مجلة تحليلات العصر الدولية / صحيفة الاحداث

المُؤتمر الافتِراضي عبر الفيديو الذي جرى بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جينغ بنع في ذروة التّصعيد الأمريكي والأوروبي ضدّ بلديهما في شرق آسيا (تايوان) ووسط أوروبا (أوكرانيا)، هذا المُؤتمر عزّز تحالفًا دوليًّا على الصُّعُد كافّة بين البلدين، ويُمكن أن يُشكّل نُقطة تحوّل مركزيّة في العُلاقات الدوليّة، علاوةً على كونه محور استِقطاب للعديد من القِوى الإقليميّة، ومنطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا على وجه الخُصوص.
وحتّى نبتعد عن العُموميّات، ونكون أكثر تحديدًا، يُمكن النّظر إلى هذا التطوّر من عدّة زوايا نختصرها في النّقاط التّالية:
• أوّلًا: نحن أمام تشكيل تحالف عسكري واقتصادي مُتسارع وجدّي بين القوّتين العُظميين (الصين وروسيا) لمُواجهة التّصعيد الأمريكي في شرق آسيا ووسط أوروبا سيكون أكثر قُوّةً وصلابةً من حِلف الناتو.
• ثانيًا: الاتّفاق بين الجانبين على إنشاء نظام مالي مُستقل مثلما أعلن يوري أوشاكوف مُساعد الرئيس الروسي بعد لقاء القمّة الافتراضي الثنائي، يعني اتّخاذها، أيّ القمّة، خطوة استباقيّة لإجهاض أيّ نوايا أمريكيّة لعُقوباتٍ اقتصاديّة، أبرزها إخراج روسيا، وربّما الصين أيضًا، من النّظام المالي العالمي الذي تُسيطر عليه أمريكا (سويفت)، على أرضيّة التوتّر في أوكرانيا، وعزم روسيا اجتِياح شرقها.
• ثالثًا: هذه القمّة الثنائيّة بين الزعيمين الروسي والصيني تأتي ردًّا على إبعادهما من قمّة الديمقراطيّة الافتراضيّة التي نظّمها جو بايدن الأسبوع الماضي، ولم يُوجّه الدّعوة لهما لحُضورها، بحُجّة انتهاكاتهما لحُقوق الإنسان، وخاصَّةً في إقليم الإيغور أو تركستان الشرقيّة الإسلاميّة في غرب الصين.
• رابعًا: قرار الرئيس بوتين حُضور حفل افتتاح دورة الألعاب الشتويّة الأولمبيّة في بكين في شهر شباط (فبراير) المُقبل، جاء كرَدٍّ على مُقاطعة أمريكا وثلاث دول أخرى (بريطانيا، كندا، أستراليا)، جاء مُؤشِّرًا على توسيع دائرة التّنسيق والتّضامن بين البلدين، وانتقالهما إلى صيغة تحالف نموذجي على الصُّعُد كافّة.
نحن أمام حرب باردة تتصاعد سُخونتها بشَكلٍ مُتسارع مع فارقٍ أساسيّ، وهو أنّ الحرب الباردة الأُولى كانت غربيّة روسيّة، لكنّ الثانية، أو الحاليّة، باتت ثُلاثيّة بين أمريكا وروسيا والصين، أيّ أنّ الأخيرة لم تقف على الحِياد مثلما كان عليه الحال في الأولى، وباتت تحتل المقعد القِيادي المُشترك مع الحليف الروسي الجديد، بعد أن أكملت بُناها التحتيّة الاقتصاديّة والعسكريّة، وباتت المُنافس الأوّل للولايات المتحدة.
النظام المالي الروسي الصيني الجديد الذي تمّ الاتّفاق على إنشائه عمليًّا، لن يُنهي الهيمنة الأمريكيّة على النظام المالي العالمي بشَكلٍ تدريجي (سويفت)، وإنّما قد يكون نقطة البداية القويّة لإطاحة العُملة الأمريكيّة (الدولار) من عرشها العالي المُهيمن مُنذ الحرب العالميّة الثانية، وستكون دول العالم الثّالث المُستفيد الأكبر من هذه الخطوة للتخلّص من الغطرسة الأمريكيّة الماليّة والاقتصاديّة، وبِما يُؤدّي إلى تفريغ سِلاح العُقوبات من قوّته وفعاليّته.. واللُه أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى