أحدث الأخباراليمن

كارثة استمرار إيقاف التعليم في اليمن يدمر مستقبل وطن

مجلة تحليلات العصر الدولية

بقلم / عبدالرحمن علي علي الزبيب

للعام الخامس على التوالي و نحن في الربع الأخير من العام 2020م وقطار التعليم في اليمن متوقف مما يهدد مستقبل الوطن بالجهل والدمار للأسف الشديد الذي يصعب استعادة وضع الوطن الى ماقبل توقف عجلة التعليم تعطلت العملية التعليمية في المدارس الحكومية بسبب انقطاع مرتبات المعلمين وعدم توفير النفقات التشغيلية لاستمرارية المدارس الحكومية في العمل .
مهما كانت الظروف صعبة في اليمن بسبب الحرب المنفلته المدمرة فهذا لايبرر توقف التعليم اشتعلت حروب عالمية ولكن لم يتوقف التعليم في تلك الدول وحافظت على استمرار التعليم تحت انفجارات القنابل وغارات الطائرات وازيز اطلاق الرصاص والمدافع وتم بناء الملاجيء ليس للاختباء فقط بل من اجل ضمان مواصلة التعليم في أماكن آمنه لكي لاتتوقف الحياة وينهار الوطن .
الجهود الدولية لاعادة تشغيل العملية التعليمية في اليمن مازالت ضعيفة جداً على استحياء متقوقعة في إجراءات شكلية ولم تدخل في معالجات موضوعية حاسمة وصارمة رغم إمكانيات وقدرات المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة لحلحلة مسببات إيقاف التعليم ومعالجتها وسحب الاعصي من دواليب التعليم ليعود التعليم ويستعيد الوطن أنفاسه المخنوقة برائحة البارود باستعادة التعليم وتفعيله يتبدد الكثير من دخان البارود ..
يتحمل جميع القائمين على إدارة شؤون الشعب اليمني كارثة توقف التعليم الذي سيقطف الجميع في الوطن ثمارها في المستقبل القريب سيتفشى فيه الجهل وتتعطل جميع نواحي الحياه فالتعليم هو الأساس لكل مجالات الحياة وبتعطله بتوقف كل شيء فالمهندس والطبيب والقاضي والمحامي والوزير والمدير والجميع سيختفون من الوطن لانهم ثمار التعليم الذي تم تجفيف جذوره وتيبست جذوعه وفروعه فلاثمرة من شجرة جافة يابسه.
لكي تنتج الشجرة ثمار طيبة يجب ان يتم رعايتها باستمرار بتوفير الماء الكافي لها وإصلاح الأرض الذي تنمو فيها وإزالة الحشائش الضارة من حواليها وعندها تنتج ثمار طيبة وكلما كانت رعايتها افضل كلما كانت الثمار اطيب واكبر وهكذا التعليم شجرة طيبة تحتاج الى رعاية وتوفير الإمكانيات اللازمة لاستمراريته وإزالة ومعالجة أي معيقات تعيق تطوره .
عند رعاية الأشجار المثمرة لاتنتج مباشرة الثمار الطيبة عند زراعتها بل تحتاج لاعوام من الرعاية والاهتمام حتى تصبح باسقة ثم تبدأ في انتاج الثمار الطيبة ولاتنتجها باستمرار بل في مواسم محدده وهكذا التعليم لانقطف ثمارها مباشرة بل في المستقبل ينتج التعليم طبيب ناجح يعالج المرضى ويطبب الجروح والعلل ومهندس ناجح يخطط وينشيء المباني العملاقة باساسات متينه وقوية وقاضي ناجح يحقق العدالة الناجزة ورجل امن ناجح يوقف الجريمة قبل وقوعها ويحقق الامن والاستقرار على أسس علمية … الجميع في الوطن ثمرة التعليم ونتاجها …
طوال التاريخ لم يتوقف التعليم في شعب الا انهار واختفى حتى عند اندلاع الحروب كان التعليم لايتوقف وكان يحرص الجميع على استمرار التعليم لان توقفه يعني الانهيار ليس للحاضر بل ايضاً للمستقبل ..
في وطني اليمن المعادلة معكوسة جداً لايلقى التعليم الاهتمام الذي يليق به وتوقف التعليم مباشرة عقب اندلاع الحرب بفترة قصيرة و عند اول بوادر ضعف الاقتصاد الوطني كان التعليم في مقدمة الضحايا فتوقفت مرتبات المعلمين وتوقفت نفقات التشغيل للمؤسسات التعليمية .
وعجزت الدولة على ضمان استمرارية التعليم وفشلت حتى في إدارة التعليم وإيجاد البدائل المتاحة ووقفت متفرج في مدرجات المشاهدين دون أي حراك إيجابي وتمضي السنوات والتعليم متوقف ومشلول الى متى ؟ لانعرف حتى الان ..
بتوقف المنشآت التعليمية الحكومية عن استمرارية تقديم خدماتها للشعب توقف التعليم ليتم فتح مدارس خاصة أهلية ولكن ؟
دون أي دراسة لتنظيم ذلك فقط مشاريع استثمارية تستثمر الاحتياج للتعليم دون الاهتمام بمخرجات التعليم ودون افساح المجال للحصول على حقهم في التعليم وانحصر ذلك في فئة القادرين على دفع تكاليف التعليم الخاص الباهضة ليتم حرمان مئات الالاف من الطلاب من حقهم في التعليم في اليمن ومؤسسات الدولة تشاهد من بعيد معاناتهم دون أي حراك ودون ان تنبس ببنت شفه .
تنصل الدولة عن مسؤوليتها في توفير التعليم المجاني للجميع هو اخلال بالتزام وواجب دستوري نص عليه الدستور اليمني في المــادة(32) والتي نصت على :
( التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية اركان اساسية لبناء المجتمع وتقدمه يسهم المجتمع مع الدولة في توفيرها . )
حيث اعتبرالدستور اليمني التعليم ركن أساسي لبناء المجتمع وتقدمه بمعنى انه بتوقف التعليم ينهارالمجتمع بانهيار ركن أساسي له .
وقد اشارالدستور في المادة المذكوره سالفاً على ان المسؤولية تقع على الدولة والمجتمع فقط يساهم في توفير التعليم ..
وهنا مساهمه المجتمع قد تكون بتشجيع ابناءه للالتحاق بالتعليم وتوفير المستلزمات المدرسية للطلاب من دفاتر وشناط واقلام ودو رالدولة في ضبط أسعارها ومنع مضاعفة أسعارها ..
وقد تكون مساهمه المجتمع في توفير التعليم الخاص للقادرين على دفع تكاليف التعليم الخاص وبما يخفف ذلك من ازدحام الفصول الدراسية في المدارس الحكومية مع عدم الانتقاص او الغاء التعليم الحكومي لغير القادرين لدفع مصاريف وتكاليف التعليم الخاص ويكون الشعب امام خيارين اما الالتحاق بالتعليم الحكومي لغير القادرين على دفع رسوم وتكاليف التعليم الخاص او الالتحاق بالتعليم الخاص للقادرين على دفع التكاليف …
النص الدستوري المشار اليه يحكم الوضع الطبيعي وفي الأوضاع الاستثنائية تكون إجراءات التعامل معها استثنائية ايضاً حيث نصت المــادة(33) من الدستور اليمني على :

( تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية والمحن العامة .)
وقد جاءت هذه لمادة عقب المادة (32) السالف ذكرها لتوضح أهمية تظافر جهود الدولة مع المجتمع لتحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامه لضمان استمرارية تقديم الخدمات العامة للمجتمع وفي مقدمتها التعليم ..

اين يقع هنا دور الدولة وأين دور المجتمع لضمان استمرارية التعليم أثناء الكوارث والمحن ؟

دور الدولة في ضمان استمرارية التعليم ومنحه أولوية قصوى وتوفير الإمكانيات والقدرات المتاحة للتعليم ودور المجتمع دور تكميلي للدور الرسمي عن طريق مشاركة المجتمع والقطاع الخاص في توفير الإمكانيات اللازمة لتغطية ماتبقى من احتياج عجزت الدولة عن استيفاؤه بسبب الكوارث والمحن لضمان استمرار المنشآت التعليمية الحكومية في تقديم خدماتها التعليمية المجانية لعموم الشعب .
كما أن دور المجتمع والقطاع الخاص يتمثل في تخفيض رسوم التعليم الأهلي والخاص وأن تنحصر في تغطية التكاليف الحقيقية له والتضحية بأي أرباح خلال فترة المحن كمساهمه مجتمعية لضمان استمرارية التعليم وعدم توقفه والتوسع في منح المقاعد المجانية للطلاب غير القادرين على دفع تكاليف التعليم ويتكفل المجتمع على دفع تلك التكاليف لتخفيف الضغط على المدارس الاهلية كما أن للدولة دور كبير في ذلك عن طريق تشجيع المدارس الاهلية على تخفيض رسومها عن طريق اعفائها بشكل كامل من أي رسوم او ضرائب او مستحقات مالية للدولة تشجيعاً لها لتخفيض الرسوم مع جهود الدولة العامة لضمان استمرارية التعليم في المدارس الحكومية دون أي انخفاض في مستوى جودته ..
للأسف الشديد بتوقف التعليم الحكومي في اليمن أصبح المواطنين أمام خيار واحد فقط وهو التعليم الخاص الذي لم يكن مهيء لاستقبال الاعداد الكبيرة من الطلاب النازحين من المدارس الحكومية الى المدارس الخاصة كون التعليم الخاص تجربة جديدة في اليمن وكانت مازالت في إطار ضيق وتسبب هذا النزوح الكبير الى اكتظاظ الفصول الدراسية في المدارس الاهلية واثقال كاهل الكادر التعليمي والإداري في تلك المدارس فوق طاقته الاستيعابية وتسبب ذلك في انخفاض جودة التعليم فيها وحصول كثير من المشاكل وخصوصاً المالية بسبب عدم قدرة الكثير من المواطنين على دفع تكاليف التعليم الخاص وتسبب ذلك في حرمان الكثير من الطلاب من مواصلة التعليم كما أن الدولة بدلاً من تشجيع المدارس الأهلية وتحفيزها لتخفيض رسومها قامت برفع الرسوم والضرائب ليبرر ذلك للمدارس الاهلية لرفع ومضاعفة رسومها وتوقف الدولة عن ضبط ذلك كونها شريكة في تلك المشكلة وصناعتها كما ان المشاكل التي تعصف في الوطن عصفت ايضاً بالمدارس الاهلية فارتفاع ومضاعفة الإيجارات لمقرات تلك المدارس دون ضوابط من الدولة تكبح جماح الارتفاع الجنوني للايجار رفع تكاليف التعليم الأهلي الذي انعكس ذلك على إلزام المواطنين على تحمل تلك الزيادات وهددت كثير من المدارس على التوقف والافلاس نتيجة عجزها على دفع ايجارات مقراتها التي تتضاعف بجنون والدولة صامته دون حراك لضبط هذه الانفلات على الأقل كان يفترض على الدولة ضبط ايجارات مقرات المدارس الاهلية وتخفيضها لتخفيض تكاليف التعليم الأهلي ولكن ؟
لم يتم شيء من ذلك لتتضاعف رسوم التعليم الخاص ويتوقف الالاف من الطلاب عن مواصلة التعليم بسبب عدم القدرة على دفع التكاليف الباهضة للتعليم الخاص ..
تشجيع وتحفيز الدولة للتعليم الخاص ومنحه تخفيضات واعفاءات في الضرائب والرسوم وضبط وتخفيض ايجارات مقرات المدارس الخاصة هو بوابة يتيح المجال للدولة لضبط رسوم التعليم الخاص وتحديده بسقوف معقولة ومحدده تتيح لكثير من المواطنين لالحاق ابناؤهم بها ..
بذل الدولة جهود تشجيع وتحفيز التعليم الأهلي لتخفيض الرسوم لايعفي الدولة من مسؤوليتها في ضمان استمرارية خدمات التعليم في المدارس الحكومية وعدم ايكال مهمه توفير خدمة التعليم للقطاع الخاص فالمسؤولية مسؤولية الدولة ودور القطاع الخاص دور تكميلي للدور الرسمي ويجب ان لايزيد دور القطاع الخاص في تغطية 25% فقط من الاحتياج للتعليم و75% يقع على الدولة توفيره ..
يجب ان تنتقل الدولة ومؤسساتها من موقف المتفرج الى مربع العمل الإيجابي لحلحله مشكلة توقف التعليم الحكومي والوصول الى معالجات سريعه لضمان استمرارية التعليم …

وفي الأخير :

نؤكد على مسؤولية مؤسسات الدولة في توفير خدمات التعليم المجاني لجميع افراد الشعب وضمان استمرارية التعليم دون توقف وبلا انقطاع ..
كما لاننسى الدور المجتمعي من قطاع خاص وقوى مجتمعية حية لبذل جهود إيجابية للدفع نحو استمرارية التعليم ومعالجات أي عوائق تعترضه
استمرارية انقطاع التعليم في اليمن سيتسبب في كارثة خطيرة تدمر الوطن وسيدخل الوطن نفق مظلم مشبع بالجهل المطبق.
يجب ان يتم التحرك السريع لاخراج الوطن من هذا النفق المظلم وإعادة تفعيل التعليم الحكومي وفي نفس الوقت يتم تحفيز وتشجيع التعليم الأهلي لتخفيض تكاليفه عن طريق الاعفاء من الضرائب والرسوم وضبط وتخفيض ايجارات مقرات المدارس الاهلية ليتم متابعة انعكاس ذلك ايجاباً على تخفيض رسوم التعليم الأهلي وتحديد السقوف العليا للرسوم ورفع مستوى جودته …
كارثة استمرار إيقاف التعليم في اليمن سيتجرعها الجميع الغني والفقير الكبير والصغير الجميع بلا تمييز ولا استثناء فيجب على الجميع التكاتف للحفاظ على استمرارية التعليم للجميع من يحجب عنه التعليم اليوم سيكون في المستقبل ثغرة وبوابة لتدمير الوطن بالجهل مثلما نهتم بتحصين أطفالنا من الامراض والفيروسات يجب ان نحصنهم من فيروس الجهل الخطير لكي لايتفشى وينتشر كون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى