أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

كلمة الشيخ قيس الخزعلي بشأن البيان الختامي للمفاوضات بين العراق وامريكا

مجلة تحليلات العصر الدولية

الحدث الأبرز في الأيام التي مضت كانت زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي إلى الولايات المتحدة الامريكية والبيان المشترك الذي خرج على لسان وزيري خارجية البلدين والجدل الذي حصل حول موضوع خروج القوات القتالية من العراق بين مؤيد وبين نافي او مشكك .

بالنسبة لنا نحن كان موقناً في البداية أنه لا توجد نوايا حقيقية للادارة الأمريكية بالخروج من العراق وقلنا أنه لن تكون نتيجة هذه المفاوضات انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وانما ستكون مجرد تلاعب لفظي وتغيير عناوين ولافتات ، وأسمينا هذه المفاوضات (مفاوضات الضحك على الذقون) ، وقلنا اننا نتمنى ان تكون معلوماتنا خاطئة .

الآن بعد إنتهاء زيارة رئيس الوزراء نقول ان هذه المفاوضات لم تكن مفاوضات الضحك على الذقون ، لا هذا ليس صحيحاً ، وانما هي (مفاوضات الخديعة) او (المفاوضات المحترفة للضحك على الذقون) ، أو هي مفاوضات الضحك على العقول .

وحتى نبين موقفنا بشكل واضح نذكر الملاحظات التالية :
أولاً : ان موضوع انهاء الوجود القتالي للقوات الامريكية لم يذكر مطلقا على لسان رئيس الادارة الامريكية ولا رئيس الوزراء العراقي رغم أنه الموضوع الأهم ، وإنما ذكر على لسان وزيري الخارجية الامريكي والعراقي .

ثانياً : لم يوضح في البيان ما المقصود بالقوات القتالية وماذا تشمل ؟
هل تشمل القواعد الجوية الامريكية مع ما تضم من انواع الطائرات الحربية المقاتلة والمروحية والمسيرة أم أنها غير مشمولة والمقصود هو خصوص الجنود المقاتلين ؟

ثالثاً : ليس فقط أن عنوان القوات المقاتلة ليس واضحاً شموله أو عدم شموله للقواعد الجوية طائرات والطيران العسكري وإنما ليس واضحا شموله للجنود المقاتلين يعني ال2500 ! لأنه لم يذكر هذا الرقم أو غيره.

رابعاً : إن عبارة (أن القواعد التي تستضيف افراد الولايات المتحدة وأفراد التحالف الدولي الآخرين هي قواعد عراقية) الذي أفهمه من هذه العبارة أنه لن يوجد هناك إخلاء أي قاعدة من القواعد الأمريكية بل هذه العبارة تؤكد بقاءهم في هذه القواعد كل القضية كما قلنا تغيير العنوان ، يعني هذه القاعدة التي يتواجد فيها القوات الأمريكية بدل أن يكون إسمها (قاعدة عين الاسد الجوية الامريكية) باللغة الانكليزية الى (معسكر عين الاسد العراقي) باللغة العربية فقط لا غير .
خامساً : لم يتضمن البيان اي إشارة ولو من بعيد إلى موضوع الطيران الأمريكي فوق السماء العراقية وانتهاكه للسيادة وإستعماله لأغراض التجسس كما هو الحال في أغلب هذا الطيران في بغداد أو لأغراض مراقبة أو إستهداف الحشد الشعبي وفصائل المقاومة وهو الطيران الذي يحلق فوق محافظات الوسط والجنوب ، فوق النجف وكربلاء وبابل وواسط والبصرة وذي قار ، ماذا يفعل الطيران الأمريكي فوق هذه المحافظات الخالية تماماً من داعش ؟

سادساً : بالخلاصة ومع غض النظر ما المقصود بالقوات القتالية ، فإن البيان لم يشر مطلقاً إلى عملية خروج أو إنسحاب لهذه القوات . العبارة التي تضمنها البيان نصاً هي (أن العلاقة الأمنية ستنتقل بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الإستخباري ، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أمريكية في العراق بحلول 31 كانون الأول 2021) فالمفهوم من العبارة أن العلاقة الأمنية العسكرية إنتهت وإنتقلت إلى علاقة مشورة وتدريب وتعاون إستخباري ، وليس أن القوات القتالية ستنسحب وسيبقى المستشارون والمدربون والفنيون ، وهذا فرق كبير ، يعني كما ذكرنا أنه مجرد تغيير عنوان ، كما قلنا تماماً في الكلمة السابقة أنه نفس هذا الجندي الأمريكي يغير عنوانه من مقاتل إلى مستشار ومدرب وووو .

هذا هو رأينا وبشكل واضح وحتى لا يتوهم البعض أننا متشددون أو أننا نريد الحرب من أجل الحرب كما يقول البعض ، أبداً ليس كذلك إنما نحن حذرون من محاولات الخداع الأمريكي ونعلم بما تعلمناه من محمد الصدر رضوان الله عليه وبما رأيناه من شواهد أمامنا أنه ليس من الصحيح الوثوق بأمريكا ، أمريكا التي ملأت الخليج بالسفن والبوارج الحربية من أجل التهيؤ لظهور الإمام المهدي عليه السلام كما قال ذلك السيد الصدر المقدس في خطبة الجمعة والآن إحتلته ليس من السهولة والبساطة أن تخرج من العراق دون أن يكون هناك عمل مقاوم قوي حتى تفهم أمريكا أن العراقيين أقوى شكيمة وأشد بأسا من الأفغانيين .

إلى يوم أمس تقريباً نقلت بعض وسائل الإعلام أن الرئيس الأمريكي يقول إنه لا يريد تكرار تجربة أوباما بسحب القوات الأمريكية وانه انسحاب سابق لاوانه، وقال أيضاً أن قواته باقية وأن الذي تغير هو مهمة الجيش الأمريكي وهناك تغيير في الدلالات إذ لم يعد يطلق عليها وحدة قتالية بل وحدة استشارة ومساعدة .

مرة أخرى نتمنى أن تكون قناعتنا هذه خاطئة ويشهد الله سنكون مسرورين إذا تبين أنها خاطئة ولكن يحتاج إلى إثبات خطئها خطوات عملية على الأرض ، يحتاج لجنة محايدة موثوقة تراقب وتتأكد من حصول خطوات عملية في إنهاء الوجود العسكري الأمريكي ، خطوات عملية ، مثلاً إخلاء المعسكرات العراقية من الطائرات الامريكية ، مثلاً إحترام فعلي من الجانب الأمريكي للسيادة العراقية على سماء العراق بإمتناع تحليق الطيران العسكري في السماء العراقية وعلى الأقل كخطوة أولى إمتناعه من التحليق فوق المناطق التي لا يتواجد فيها أي وجود لداعش (شماعة الأمريكان لتبرير وجودهم الخادم للكيان الصهيوني حقيقة) ، خطوة عملية بان تسلم الأعداد الحقيقية للوجود العسكري الأمريكي (مقاتل ، مستشار ، مدرب ، فني) والتأكد من مطابقة هذا العدد مع الموجود الفعلي على الأرض ، ومن ثم تثبيت عدد الحاجة الحقيقي لهذا الوجود في الفترة الحالية في طريق إنهاء كل الوجود العسكري الأمريكي وأن يمتلك العراق القدرة الكاملة بالإعتماد على قدراته وقواته المسلحة والأمنية خلال جدول زمني واضح ومدروس ومعقول ، وإلا فليس من المعقول أن يبقى الجيش العراقي العظيم بما يمتلك من صنوف وخبرات بحاجة السيرجنت الأمريكي حتى يدربه . ثم هؤلاء المدربين الذين لا يعلم عددهم إلا الله اين هو عملهم ؟ وما مبرر وجودهم ؟ اذا كان التدريب متوقف بشكل كامل منذ انتشار فايروس كورونا اي منذ سنة ونصف تقريباً .

طبعاً هناك ملاحظات أخرى على البيان المشترك :
منها تضمن البيان العبارة التالية (كما اكدت حكومة العراق بأن جميع قوات التحالف الدولي عملت في العراق بناءً على دعوتها) هذا الكلام خطأ وغير صحيح والسيد الكاظمي حمل نفسه مسؤولية هو ليس له علاقة بها واكيداً أنها تضره وممكن أن تستعمل ضده ويحاسب عليها ، لأنه كما صار واضحا أن هناك قوات قتالية موجودة ضمن عنوان التحالف الدولي ، والدستور العراقي يمنع أي وجود قوة قتالية على الأرض العراقية إلا بموافقة مجلس النواب العراقي ، لذلك كان الدكتور العبادي ينفي نهائياً علمه أو موافقته بأي وجود لقوات مقاتلة على الأرض العراقية .
ومنها (قدم العراق بيانا مفصلاً عن جهوده المستمرة لتعزيز العودة الآمنة والطوعية للنازحين الى مناطق سكنهم ، وتعهدت الولايات الموحدة بمواصلة دعمها لهذه الجهود) .
السؤال هل قدمتم شيئاً لتسهيل عودة النازحين الايزيديين الى مناطقهم وتخليصهم من عملية ابقاءهم في كردستان الى ما بعد انتهاء الانتخابات من اجل سرقة اصواتهم وهم كلهم يرغبون بالعودة إلى مدنهم وبيوتهم ، كل الذي يحتاجون أن تقوم الدولة بتوفير البنى التحتية المدمرة بسبب عمليات قتال داعش من ماء وكهرباء وخدمات ويحتاجون الى تعويضهم كما جرى تعويض الكثير من النازحين الذين تهدمت منازلهم.
منها إعلان وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة ستقدم مبلغ 155 مليون دولار مساعدة إنسانية إلى العراق ، طبعاً أنا برأيي أن هذا أمر مهين ، العراق بلد غني ولا يحتاج إلى مساعدة بمقدار 155 مليون دينار ، في الحقيقة أن العراق هو يساعد الولايات المتحدة بأكثر من هذا المبلغ عندما يبيع النفط بأسعار مدعومة إلى الأردن وعندنا يقوم بإلغاء التعريفة الكمركية عن البضائع الأردنية إستجابة للطلب الامريكي لا أكثر من ذلك ، هذا يكلف العراق أكثر من هذا بكثير .
عندما سيقوم العراق بشراء الطاقة من مصر بدل أن يحرر نفسه من القرار الامريكي بإحتكار الطاقة إلى الشركات الأمريكية ، بدل أن يكمل مشاريع الطاقة لديه ، هذا يكلف العراق أكثر من 155 مليون دولار والولايات المتحدة تستفيد من العراق أضعاف هذا المبلغ . بل أسأل سؤال : كم تستفيدون من عقود الفساد من وزارات الدولة المختلفة حتى تقبلون للعراق أن تقدم له الولايات المتحدة مساعدة إنسانية بمقدار 155 مليون ؟!

منها أن الولايات المتحدة ستطلق مبادرة متحف إفتراضي جديد بالتعاون مع مجلس الدولة للآثار والتراث بإسم كنوز بلاد ما بين النهرين ، وإن هذه المبادرة ستوصل التراث الثقافي العراقي الغني إلى الملايين عبر الإنترنت . السؤال هل يمكن ان تعيدوا لنا التراث اليهودي في العراق الذي سرقتموه وقدمتوه الى الكيان الاسرائيلي لكي يراه الملايين عبر الانترنيت ؟

النتيجة النهائية نؤكد مرة أخرى أن المقاومة هي حق مشروع لكل الشعوب التي تتعرض إلى إحتلال أجنبي ونحن مستمرون بهذا الحق لحين الإنسحاب الفعلي للقوات الاجنبية ، وإن فصائل المقاومة لن تنخدع بالبيانات بدون أن يكون هناك خطوات حقيقية على الارض .

في الختام لا بد أن نشير إلى التطور المهم الذي حصل خلال فترة التفاوض مع الجانب الأمريكي ، التطور الذي حصل هو التنسيق والتفاهم الجيد بين الهيئة التنسيقية والإطار التنسيقي كانت هناك رسائل متبادلة ، وحصل الكثير من الإتفاق في وجهات النظر ، والأخوة في الإطار التنسيقي قاموا بجهود مخلصة وحقيقية في الضغط على رئيس الوزراء لكي يتبنى المطالب الحقيقية ، وطلبوا هدنة مؤقتة لإتاحة الظروف المناسبة لإنجاح زيارة رئيس الوزراء وفعلاً أعطيت هذه الهدنة إحتراماً لهم مع العلم أنه كان القرار بعدم إعطاء أي هدنة مرة ثالثة مطلقاً . وبغض النظر عن النتيجة التي لم تكن بمستوى الطموح كما توقعنا من البداية ولكني أعتقد أنه لم يكن إلا هذا التطور في العلاقة بين الهيئة التنسيقية والإطار التنسيقي من كل الرسائل والمحاولات لأننا نعتقد أن هذا سيكون له أثر إيجابي على كثير من المسائل التي ستعرض على الساحة العراقية .

صدرت العديد من المباركات للبيان المشترك الذي يفترض أنه تضمن إنسحاب القوات القتالية الامريكية المزعوم أو الوهمي ، نحن لا نشك في نوايا اكثر الذين بادروا إلى مباركة هذا البيان لا ابداً بل نعتقد أنها صدرت بحسن نية وأنها كانت بإتجاه الدفع إلى الأمام في دعم مؤسسات الدولة لتقوم بواجبها ومسؤولياتها ، ولكن كما قيل (لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى