أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

كلمة تأبينية برحيل المفكر أنيس النقاش

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. أحمد الزين

▪️غيّب الموت، اليوم، المقاوم أنيس النقاش الذي كان طاقة قديرة وهامة فكرية كبيرة، ولا يسعني بهذا المصاب الجلل إلا أن أنعيك أنيسا وأرثيك مِرْدَاساً، كيف لا ومنذ عرفتك فارسا تحمل رمحا وترسا، وكان لي شرف مشاركتك الظهور معا في عدد من القنوات الاعلامية.. وبهذا المقام الجليل، وأنا في أشدّ حالات الحزن والاسى، اتقدم بواجب العزاء والتعازي القلبية الى ذويك ومحبيك ومريديك والى رفاقك ومحورك الذين أحتضنوك وأعزّوك وأحبوك.. فكنت بلا نقاش أنيس النقاش واستاذ الحوار، وأنيس منسق الأمان ورفيق الجار، وأنيس التعايش ولطيف المعشار، وانيس المقاومين والمجاهدين، ونصير المظلومين والمستضعفين..
كنت إنسانا مقاوما مناضلا حاضرا في ساحة احتدام الصراع في خطوب الدهر من جهاد الإيمان الى جهاد الميدان، ومن جهاد الكلام الى جهاد الحسام.. للدفاع عن قيم الحق والعدل والانصاف والاستقرار والسلام..
وكنت مفكرا أمميا استراتيجيا.. أدهشتْ مواقفك الجريئة وأبدعتْ آراؤك الهادفة وأسهبتْ تحليلاتك اللامعة متابعيك ومناظريك – سواء كانوا اصدقاء ام خصوم – في كل ساحات الإعلام والبرامج السياسية التي حُظيت باحترام القاصي قبل الداني.. تقارع بعزم وحزم قوى الاستكبار العالمي وأتباعها ورعاديدها من الوكلاء والمضللين.. وتدحض بمنطق وحجة كل مخططاتهم الاستعمارية الشيطانية للهيمنة والغطرسة والسيطرة على منطقتنا، وتعرّي بقسطاس القياس والاستدلال كل مشاريعهم الخبيثة في إبتلاع خيرات الامّة وإضعافها وتقسيمها وخرابها..
كنت معلما وعلما ولسانا.. سلاحك الكلمة التي كانت أقوى من الرصاص، وامضى من المدفع، التي وصل صداها أثير الفضاء الافتراضي وزيّنتَ بها القنوات والشاشات وضجّتْ بها مواقع المنتديات والتغريديات.. وسخّرتَ وقتك ولم تألو جهدا لتثقيف الشباب بأرقى أدب، وتنوير العقول بأسمى أسلوب، وتوعية الشعوب بفصل الخطاب، وإنارة دروب الوعي والتصدي والصمود، وأستنهاض الطاقات والارادات، وشحذ الهمم والعزائم، للحفاظ على خط ومسير المقاومة والثبات على نهج وخطى القادة والشهداء..
كنت فارسا من فرسان الفحول.. من الذين يزرعون الرصاص في الحقول، ويزرعون البنادق في الميدان، ويزرعون الكلم والفكر في العقول، لينبت رجالا وأجيالا راسخين في الأرض، وليثمر مقاومين شجعان اشاوس.. ومناضلين شديدو المراس في القتال وخوض ساحات الوغى وآفاق المحافل الدولية.. متطلعين لغدٍ يأتي موسم القطاف والحصاد في فلسطين المحتلة التي عشقتها وعشقت مقاومتها منذ بداية دربك النضالي (1968) وعشقتك، وكنت بعدها منسقا رائدا بينها وبين القيادة الايرانية التي عشقت ثورتها الانسانية التحررية وعشقت ملهمها الامام الخميني (قده) ومحورها الى ان لفظت أنفاسك الطيبة.. أحببناك لصدقك، وقدّرناك لتفانيك، وعشقناك لإخلاصك.. كيف لا وانت الذي أفنيت عشر سنوات من عمر الشباب في سجن الاستعمار الفرنسي (بدأ من 18/7/1980) دفاعا عن الحق وإيمانا بمبادىء الثورة الإسلامية وقائدها.. ورغم ذلك لم تلكأ ولم تهدأ ولم تخاف في الله لومة لائم ولا تهديد ظالم ولا بطش غاشم.. وبقيتَ تعمل بانتظام على مدار الساعة في إداء رسالتك الاعلامية والانسانية وتقديم كل انواع الدراسات والبحوث والدعم لحركات المقاومة تحضيرا وتجهيزا لذلك اليوم الموعود الذي نأمل فيه جميعا ان يتحقق الهدف المنشود وهو الفوز بمعركة التحرير والكرامة والعزّة وكسب المجد والعنفوان ورفع راية النصر والانتصار على إعدائنا الغزاة من الامريكان والصهاينة والطغاة..
ولن يهدأ لنا بال ولن نحيد عن طريق الحق من بعدك وسنكمّل المسار والمشوار.. وسنبقى دائما وابدا الصوت الهادر كموج البحر المتدفق، والمدافع والرافع لراية فلسطين الآبية من مآذن القدس الشريف، حتى تعود فلسطين الى أهلها، وتنار ظلمات الليل الطويل بالتخلص من نير ظلم واحتلال الكيان الصهيوني الغاصب.
▪️أيُها الانيس، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.. وداعا في أمان الله ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى