أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

كل الإجلال والإكبار لشهداء عقربا وفلسطين

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. كاظم ناصر

شعب فلسطين العظيم، شعب الجبارين المقاتل المضحي من أجل التخلص من الاحتلال الصهيوني، ومن اجل حريته وكرامته وحصوله على لقمة العيش المغمسة بالدم والعرق والمعاناة، ومن أجل صموده وتمسكه بوطنه واستمراره في بنائه وتعميره وتطويره، قدم قوافل من الشهداء كان آخرهم وليس أخيرهم قافلة شهداء لقمة العيش من أبناء بلدة عقربا الصامدة التي فجعت باستشهاد ثمانية فتية بعمر الزهور، تتراوح أعمارهم ما بين 14 – 17عاما هم جاسر زاهر بني جامع، محمد حمزة بني جامع، يزيد برهان بني جامع، حماده حسام بني جامع، معتز إبراهيم دله بني جابر، حماده حكمت بني جابر، زيد معتصم بني منيه، وبراء زكريا بني منيه الذين كانوا على مقاعد الدراسة، واستغلوا عطلة المدارس للعمل في الزراعة في الأغوار المحاذية للبلدة لتوفير متطلبات الدراسة ومساعدة أسرهم في الحصول على قوتهم اليومي.
وأعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية يوم الجمعة 7/ 1/ 2022 يوم حداد وطني، وشارك الآلاف من أبناء عقريا ومدن وبلدات وقرى الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 في تشييع جنازة الشهداء، وجاءت وفود التعزية من جميع أنحاء فلسطين، وشملت العديد من كبار المسؤولين والوجهاء ورجال السياسة والدين من المسلمين والمسيحيين الذين حولوا هذه المناسبة الجلل الحزينة إلى يوم تضامن شعبي فلسطيني يثبت للصهاينة والعالم أن شعب فلسطين واحد موحد بنسيجه الاجتماعي، وبنضاله ومشاعره وإسراره على مقاومة الاحتلال من البحر إلى النهر، ويثبت للصهاينة بدم ابنائه وبصلابته وعناده ومقاومته أنه عصي على الكسر، ويقول لهم نحن شعب الجبارين كنا وما زلنا وسنظل هنا، وان جذورنا في هذه الأرض الطيبة موغلة في القدم، وعميقة جدا، بل إنها أقدم من شجر الزيتون الذي نسميه نحن الفلسطينيون الروماني نسبة لشجر الزيتون الذي زرعه أجدادنا خلال احتلال الرومان لفلسطين، الذي بدأ عام 63 قبل الميلاد واستمر حتى عام 324 ميلادية، أي انه استمر 387، وإننا كنا هنا قبلكم بآلاف السنين، وسنظل هنا، ولن نيأس أبدا، وسنظل نكافح ونقاتل ونستشهد ونجرح ونسجن ونتعلم ونبني ونعمر ونزدهر رغما عنكم، ونتصدى لاحتلالكم، وسنهزمكم كما هزمنا المحتلين السابقين لوطننا المقدس فلسطين.
ليس غريبا على عقربا التي اعتز بالانتماء لها ولأهلها أن تشارك في تقديم الشهداء، فتاريخها حافل بالتضحيات ولبطولات؛ وهي ليست البلدة الوحيدة التي قدمت العديد من الشهداء منذ عام 1929 فداء لفلسطين، فكل مدينة وبلدة وقرية فلسطينية سالت في بيوتها، وأزقتها، وشوارعها، وسهولها، وهضابها، وجبالها دماء الشهداء والجرحى الزكية؛ وأمهات شهداء عقربا لسن الوحيدات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن، فكل أمهات فلسطين تذوقن طعم هذا الفقدان وهذا الحزن، وآباء شهداء عقربا ليسوا الوحيدين الذين عانوا من هذا الحزن والألم فكل آباء فلسطين تذوقوا طعم مرارته؛ لكنهم أي أمهات وآباء فلسطين كانوا أكبر من الحزن والألم، وأكثر تصميما على تقديم المزيد من التضحيات حتى يتم تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها من الاحتلال الصهيوني.
فتعازينا لأنفسنا وأهلنا في عقربا، ولشهداء عقربا وإخوانهم الفلسطينيين والعرب الذين روى دمهم الزكي ثرى فلسطين نقول هنيئا لكم باستشهادكم وارتقائكم إلى السماء، والعيش في عليين مع الأنبياء والشهداء والصالحين؛ فالاستشهاد من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني يحظى بمباركة الله سبحانه وتعالى، وهو رمز الشرف والكرامة ومفتاح الخلود؛ ونحن كشعب فلسطيني نبكيكم، ونخلدكم، ونرى فيكم وفي تضحياتكم الأمل في إيقاظ الشعوب العربية والإسلامية واستنهاضها لتحرير فلسطين وحماية الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة، وإعادة الحق لأصحابه، وإقامة دولة العدالة التي تجل، وتحتضن، وتخلد إرثكم الجهادي، وتحمي الحقوق والحريات والمعتقدات، وتعيد للإنسان الفلسطيني أمنه وكرامته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى