أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

كيف تسلّل الكاظمي إلى هرم السلطة في العراق ؟

مجلة تحليلات العصر-أياد السماوي

يبدو أنّ الحوار الذي أجراه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع رئيس شبكة الإعلام العراقية الدكتور نبيل جاسم , قد صدم وأثار الرأي العام لسذاجة وسطحية أجوبة صاحب المنصب التنفيذي الأعلى في البلاد على الأسئلة البسيطة التي وجهت له ، رغم أنّه اطلع عليها سلفا ، لتفتح باب السؤال على مصراعيه حول ماضي وتأريخ المدعو مصطفى الكاظمي ( الذي لا يمت للكاظمية بصلة ) وكيف تمّكن من الوصول إلى رئاسة جهاز المخابرات العراقي وكالة في زمن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ولم يكن قد عمل في صفوف المعارضة العراقية قبل سقوط النظام الديكتاتوري , رغم ذلك هناك من يتذكره بتندر وسخرية عندما قدم نفسه لبعض أعضاء المؤتمر الوطني العراقي في نهاية التسعينات كمخطط لعملية اغتيال عدي صدام قبل أن يظهر المخططين والمنفذين للعملية في وسائل الإعلام، كما أنّه لم تتاح له بحكم عمره ومؤهلات البسيطة إلا العمل كرسبشن ( استعلامات ) في فندق يملكه شخص سعودي الجنسية في منطقة بيازووتر في لندن قبيل سقوط نظام صدام عام ٢٠٠٣, ضمن مرحلة زمنية اكتنفها الغموض وشهدت انتقاله من السويد إلى بريطانيا كلاجيء يبحث عن لقمة العيش ، حتى اذا طويت هذه الصفحة اشيع على أنّه عمل في الصحافة , لكنّ الثابت من مقرّبين مطّلعين أنّ الكاظمي لا علاقة له بعالم الصحافة من قريب أو بعيد ، بل الثابت أنّه لا يجيد كتابة إنشاء لطالب في المرحلة المتوسطة , وأنّ هناك شكوكا قوية في أنّه لا يملك شهادة إعدادية ، وجلّ ما عمله في مجال الصحافة أنّه كان رئيسا وهميا لمجلس إدارة وهمي في مجلة أسبوعية يملكها برهم صالح ويترأس تحريرها محمد عبد الجبار الشبوط. والمثير للسخرية أنّ هناك مقال فاز بجريدة الشرق الأوسط السعودية في تلك الفترة منسوب لمصطفى الكاظمي ، لكن بعد التقصي والسؤال تبين أنّ أحدهم كتب هذه المقالة بطلب منه ونسبها له ..!!
إنّ قصة تسلّل هذا الرجل الغامض إلى رئاسة أهم جهاز أمني في العراق ومن ثمّ وصوله إلى أعلى هرم السلطة , يعدّ أخطر خرق أمني في تأريخ العراق المعاصر .. فكيف تسلّل هذا المشبوه المزّيف إلى رئاسة جهاز المخابرات العراقي وما هو دور رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في إيصاله لهذا المكان ؟ ومن هي الجهة التي أوصت العبادي بتعيين الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات ؟ وماذا كان يقصد العبادي بإجابته ( في فمي ماء ) عندما سأله أحد السياسيين عن خلفيات تعيين الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات ؟ .. المعلومات المتسرّبة عن هذا الخرق الخطير تشير بأنّ الذي سهلّ للكاظمي مهمة التسلل لرئاسة جهاز المخابرات هو شخصية دينية مرموقة اشارت على العبادي تولية الكاظمي مسؤولية الجهاز .. وهذه المعلومة نقلت لي من مصدر مطلع و وثيق الصلة بأطراف الحدث , وهو ما يفسر قول العبادي ( في فمي ماء ) ..
أمّا قصة تسلّله إلى رئاسة أعلى هرم في السلطة . فهي حكاية لم تحدث حتى في روايات أجاثا كريستي أو افلام هيتشكوك .. وترجع بدايتها الى عام 2004 عندما سكنّ الكاظمي في بيت ضمن المنطقة الخضراء تعود ملكيته لوالد الدكتور كنعان مكيّة , هذا البيت الذي تمّ تأجيره للسفارة الأمريكية ليكون مقرا لمؤسسة الذاكرة العراقية , ومن ثم ملتقى لكبار الموظفين في السفارة الأمريكية في العراق .. ومن هنا بدأ هذا الشاب النرجسي المغمور رحلة الانطلاق في عالم السياسة عندما بدأ ينسج ويحيك علاقات مع كبار الشخصيات السياسية والدينية .. فكان ما يلتقطه الكاظمي من أحاديث الأمريكان وما يتم تداوله من معلومات خاصة أمامه , الطعم الذهبي الذي وفرّ له نوعا من المصداقية والاهمية في نظر القادة السياسيين العراقيين الغشمة وكذلك جعل منه مصدر ثقة مطلع لاطراف مهمة في المؤسسة الدينية , وهي حيلة دنيئة عكسها على الجانب الأمريكي أيضا، ليتحول مع الوقت إلى مرسال خاص وموثوق لكل الأطراف السياسية النافذة في العراق.
وبعد توّليه رئاسة جهاز المخابرات العراقي وكالة أصبح طريق رئاسة الوزراء سالكا أمامه في ظل فساد وتشرذم أحزاب شيعة السلطة الغمّان والفاسدين والأغبياء.. مسخرا ميوله الشخصية المريضة المعروف عنه في التلصص والتجسس لتحقيق حلمه النرجسي، ومسخرا في سبيل تحقيق هذا الهدف مواقع إلكترونية وصفحات وهمية وجيوش من المدونين المرتزقة وهذا ما حصل بالفعل بعد استقالة عادل عبد المهدي من رئاسة الوزراء .. لتبدأ قصة الحلم الذي كان ضربا من ضروب المستحيل , ويبدأ دور رئيس الجمهورية برهم صالح في تحقيق هذا المستحيل .. ولم يكن الأمر صعبا بالنسبة لسياسي ثعلب وماكر مثل برهم صالح الذي ترّبى هو الآخر في أحضان الأمريكان , أن يمرّر تلميذه الكاظمي لرئاسة الوزراء ويمسك بالسلطة في العراق , حيث لا يحتاج الأمر سوى إلى إيهام هادي العامري أن يعيش قصة استرجاع حق المكوّن المسلوب من قبل برهم صالح , لتمرّ المؤامرة ويصبح الكاظمي رئيسا للوزراء .. لكن الوحيد من ساسة العراق الذي لم تنطلي عليه هذه اللعبة هو السيد مسعود البارزاني الذي كان على دراية تامة بهذا المخطط ومن يقف خلفه.
وقد نقل لي حديث خاص رد فيه السيد برهم صالح على أحد السياسيين العراقيين بعد أن قال له :
أخيرا لقد نجحت سيادة الرئيس في إيصال مرّشحك لرئاسة الوزراء .. فكان جواب برهم بالنص ( وهل كان لي مرّشح يوما غير كاكا مصطفى ) ..!!
في الختام ليس لنا إلا أن نعزي أنفسنا ونقول حسبنا الله بكم أيها الغمّان ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى