الصحة

كُوّة على السلم والأمن الدوليين… جائحة كورونا من خلال الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة

مجلة تحليلات العصر

بقلم: د. سعد عبدحسين / العراق

قد تختلف رؤى الدول حول جائحة كورونا، فهي متغايرة حسب ايديولوجيتها، ومفاهيم فلسفتها السياسية والاقتصادية، ومن هنا تتضح درجة الاكتراث من عدمه في هذا الظرف العصيب ،لِما أصاب البشرية من قهر وعجز امام هذا الفايروس، إذ أن شعوب هذه الدول قد ادركت ما يضمره رجال السياسة والمال من أفكار وصور مستقبلية مخيفة، وحسبك ماصرح به ترامب ، وجونسون رئيس وزراء المملكة المتحدة، فهي من اوضح الواضحات للشعبين الامريكي والبريطاني، بل ان تصريحات ترامب قبل نَيِّفٍ من الأيام حول منظمة الصحة العالمية بات واضحاً للعالم أجمع ، بأن الهاجس والشغل الشاغل دون ادنى عناية بارواح البشر في حياة ترامب سوى السياسة والمال، وحلم الابقاء على قيادة القطب الاوحد لاغير، فعلى الرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية من أن العالم قد أصيب بهذا الوباءوباء عالمي وعلى الدول اتخاذ مايلزم لمكافحة هذا الوباء، وحينما اشادت هذه المنظمة بدور الصين الفريد والإيجابي وقرب نجاحها وافلاتها من هذا الخطر، صرح ترامب بامتعاضبَيْدَ أن ذلك مفرحاًللانسانية من هذا النجاح، بل موبخاً ، مهدداً بقطع الإمداد المالي لها جزاء ثمن الاشادة هذه، وهب أن ترامب هو الآخر جائح _ مثل اخته كورونا _ لإشباع غريزة الغرور والعنصرية المقيتة، وَفَرْعَنَتِه المحمولة في دهاليز فكره الأسود، وَنذير شُؤم في يومنا هذا، لكن ما الدور الأممي ؟
ألم يصرح غوتريش، وهو رئيس اعلى، وأكبر، واهم منظمة دولية، بان كورونا فَتّاكة وتهدد السلم والأمن الدوليين!
أهَلْ يُتْرَك صنْوَ مُسَيْلَمَة_ترامب _ يقول، ويتصرف، ويفعل مايحلو له؟.
إن تصريح غوتريش، حول مايمكن ان تهدده تداعيات كورونا على السلم والأمن الدوليين، قد يفتح أَمامَ رجال السياسة و القانون الدوليين شَهِيَّة التوقعات السياسية والقانونية الدولية ، ولا بأس بادراجها إيجازاً بما يلي:
١- ان مجلس الأمن الدولي، لم يَرْعَوي لاي خطر او تهديد للسلم والأمن الدوليين، وهو ما حصل بالفعل، اذ لم يحرك المجلس ساكِنَهُ حيال هذه الظروف، سوى التشجيع والتأييد لغوتريش.
٢- في حالة إستمرار هذا الوباء، وعدم تكاتف الدول المنظوية تحت لواء الامم المتحدة وغيرها، فسوف يكرر غوتريش مناشدته وطلبه بتقرير ثاني بلهجة اشد واقوى، الاّ ان مناشدته التالية ستلقى الصَّد ايضاً، فلا قلق _ وفق رؤية بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الامن_ من هذا الوباء، و مع الحسبان ان التصويت لم يتم الا بالإجماع لتعلق الامر بالموضوعية وطارِئِيَّتَها .
٣- حينما تنص م/٣٤من ميثاق الأمم المتحدة على( لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي)، وحيث ان التهديد للسلم والأمن الدوليين هنا لم يكن بسبب نزاع دولي، لذا سَيُسْتَفاد من مفردة(الموقف)الوارردة في هذه المادة، وبالطبع ان هذه الجائحة هي ( الموقف )، ومن هنا على مجلس الأمن الدولي ان يتفق ويصوت بالإجماع لاحتواء هذا الوباء، والاسراع بتقويم ومساعدة وحثّ منظمة الصحة العالمية لدرء الخطر عن البشرية من خطر عدوّ خفي ضد الكل ، فَعَلامَ الإمْتِعاض ومخالفة تقارير الصحة العالمية .
ان القول بعدم وجود تنازع دولي، لا يعني باي حال من الأحوال عدم وجود ما يساعد على بدء بوادر النزاعات نتيجة لل(موقف) الوارد في نص المادة ٣٤ من ميثاق الأمم المتحدة، ونعني بذلك تداعيات ماستخلفه هذه الجائحة_ الوباء_ عاجلا ام اجلا، ولعل هذا يحفز على فكرة الحصول على المكاسب الاقتصادية والسياسية، التي خسرتها الدولخصوصا دول الاستكبار العالمي وهذا يعني بداية الاحتكاك الوارد في نفس المادة، وبذا ستكون النزاعات المستقبلية القريبة حتمية.
٣- قد تكون هذه القراءة هي الاخطر على السلم والأمن الدوليين، فحينما ينتفي تطبيق الفصل السادس من الميثاق، إذ لا وجود لاطراف متنازعة، وعدم احترام اعضاء مجلس الأمن الدولي لمشورة او راي من الجمعية او الأمانة الاممية ،بالوقت الذي ينظر الجنس البشري الى الموت وهو فاغراً فاه صوبه، سَيُنقَل التصرف الأممي الى متطلبات ومندرجات الفصل السابع،وهذا بدوره يعود الى جيوش العالم ، وأركان الجيش الذي يكون تحت تصرف مجلس الأمن الدولي وهنا_ في حالة عدم التزام الولايات المتحدة الأمريكية، واسرائيل_ سَيَنْفَرِط عَقْد وجود مجلس الأمن الدولي وتعطيله فعلياً ، ومن هنا ستبرز قوى اخرى للوقوف امام هذا الوباء_ لو استمر_ لتعلن نشوء نظامها العالمي الجديد، ولربما، نقول لربما تَتَفَكَّك الولايات المتحدة الأمريكية الى عهدها الكونفدرالي ثم الى اكثر من عشرة دول مستقلة_ لاسباب لا مجال لذكرها هنا_ وستكون إسرائيل في مَهَبِّ ريحٍ صَرصرٍ عاتية، والله غالبةعلى أمره.

 

  • الآراء المطروحة تمثل رأي كاتبها ولا تمثل رأي المجلة بالضرورة.

 

  • تستطيعون أيضاً المشاركة بأرائكم وتحليلاتكم السياسية :

خطأ: نموذج الاتصال غير موجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى