أحدث الأخبارفلسطين

لازاريني … وقضية اللاجئين الفلسطينيين … على صفيح ساخن

سال كثير من الحبر الأسود بلون الحداد، على صفحات البيانات المنددة والمستنكرة والرافضة، والتي صدرت عن عدد كبير من القوى والفصائل والاتحادات والهيئات الحقوقية، للتعبير عن رفضها للتوجهات التي أعلن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني بالأمس، والتي تقضي بتحويل خدمات الاونروا الى جهات أخرى، كما اسماها “زيادة شراكات داخل الأمم المتحدة وتقديم خدمات نيابة عن الأونروا “.

تكمن خطورة هذه التوجهات والأفكار التي طرحها رجل بحجم ووزن لازاريني، الذي يقود واحدة من أقدم وأكبر المنظمات الأممية، التي تعنى بتشغيل واغاثة أكبر عدد من اللاجئين في العالم، نحو ستة ملايين لاجئ، في مناطق عملياتها الخمس.

تكمن خطورة تصريحات لازاريني التي وردت في رسالة موجهة إلى اللاجئين، في اثارتها للشكوك والريبة نظرا لتساوقها مع المساعي الأمريكية والصهيونية، الساعية الى تفريغ الأونروا كأكبر شاهد سياسي على النكبة الفلسطينية عام 1948، تفريغها من بعدها السياسي، وحرفها عن الوظيفة التي أنشأت من أجلها وهي إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الى ان يعودوا الى ديارهم وفقا للقرار الأممي 194.

وهي المهمة التي أسندت إلى الأونروا كالتزام سياسي قبل أن يكون انساني، نظرا لمسؤولية ما يسمى بالمجتمع الدولي عن هذه النكبة التي شارك فيها بصمته عن سرقة وطن شعب متجذر في أرضه لصالح شعب آخر جاء من أصقاع الأرض.



كما توحي هذه الأفكار بتخلي الأونروا عن التفويض الممنوح لها والوظيفة التي أنشأت من أجلها، لناحية تكليف عدد من المؤسسات الدولية بها، وكأن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية إنسانية لأناس فقراء محرومين جوعى مشردين، وليست قضية سياسية لشعب هجر وشرد وطرد من أرضه بالحديد والنار على مرأى ومسمع وبدعم وتأييد الدول الاستعمارية التي أمست تسمي نفسها بالمجتمع الدولي.

تخلي الأونروا عن مسؤولياتها، وعن مناط الوظيفة التي انشات من أجلها لصالح الذوبان في دهاليز المنظمات الدولية واقتصار دورها على الإشراف بدعوى توفير التمويل المستدام، هو عذر أقبح من ذنب، ببساطة لأن تمويل الأونروا وموازنتها السنوية التي تعاني من عجز مزمن، هي اقل بكثير من موازنة تشغيل يوم واحد من الحروب التي تشنها الدول الكبرى هنا وهناك.

فالأموال متوفرة وبكثرة ولم تكن هي المشكلة في يوم من الأيام، ولكن المشكلة ان الولايات المتحدة وكيان العدو يرغب وبقوة بتصفية أكبر وأهم وآخر ملف يبقي القضية الفلسطينية حية وحاضرة على مائدة العالم، خاصة بعد ان اعتقد العدو انه نجح في تصفية كثير من الملفات الهامة الأخرى كقضية لاستيطان، وكقضية القدس التي قد تشكل صاعق تفجير للمنطقة بأسرها.

ومن هنا نقول للمفوض العام أن مسؤوليتك كموظف يقف على رأس الأونروا أن تبحث عن أفكار إبداعية وخلاقة خارج الصندوق لتأمين التمويل اللازم لتواصل الأونروا مهمتها ووظيفتها في تقديم الإغاثة والخدمات، وليس من مهامك ابدا طرح أفكار موضوعة على الأجندة الأمريكية والصهيونية على طريق انهاء وتصفية الأونروا عبر البحث عن طرق التفافيه.

علما أن العدو طرح سابقا أفكار مشابهه لإنهاء الأونروا عبر تحويل عملها للدول المضيفة، او الى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أو دمجها في مفوضيه اللاجئين.

وما يزيد من الشكوك هو توقيت طرح لازاريني لهذه الأفكار التصفوية، بالتزامن مع اقتراب التصويت على إعادة التفويض للأونروا أواخر العام الجاري.

الأمر الذي يفرض على جميع قوى الشعب الفلسطيني في كل مكان، استنفار كامل طاقتها للقيام بكل ما يلزم، لدفع المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني للتراجع الفوري والحاسم عن طرح هذه الأفكار التصفوية لأحد اهم ركائز القضية الفلسطينية، والكف عن التساوق مع التوجهات الصهيونية والأمريكية لتصفية قضية اللاجئين، لتفكيك الاونروا، تارة عبر افلاسها، وتارة عبر دمجها في منظمات أخرى، وأخير عبر اسناد مهامها الى جهات أخرى.



وأخيرا فان أهم وأقوى ورقة يملكها الفلسطينيون، ولم يستخدمها أحد حتى الان، ويكفي التلويح بها حاليا، هي الشعب الفلسطيني اللاجئ ذاته، فان أكثر من ستة ملايين لاجئ مسجلين في سجلات الأونروا، وملايين آخرين من اللاجئين غير المسجلين في سجلات الأونروا، يمثل صمتهم وسكونهم عامل أمان واستقرار في المنطقة، وفي ذات الوقت فان تحركهم وانتفاضهم، كفيل بتحويل المنطقة باسرها إلى كتلة من لهب، ما قد يهدد مصالح الدول التي تتآمر على تصفية قضيتهم، الأمر الكفيل بإقناعهم بل اجبارهم على التراجع عن المضي في مؤامراتهم التصفوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى