أحدث الأخبارشؤون امريكية

لا تجعلوا الصدیق فی منزلة العدو

مجلة تحليلات العصر الدولية - ناصر کنعانی

فی حواره الأخیر مع قناة إم بی سی مصر أکد رئیس مکتبة الإسکندریة الدکتور مصطفى الفقی أن إیران تعد من أعداء الدول العربیة ضمن الکیان الصهیونی. ونسب کلامًا یفتقر للمصداقیة إلی مؤسس الثورة الإسلامیة الإمام الخمینی رحمه الله. کما طرح بعض الملاحظات الأخرى بالنسبة لإیران فی مقاله لجریدة إندبندنت عربی والتی أعادت صحیفة الشروق المصریة نشرها، حیث غرس یده فی أعماق التاریخ واستعرض بعض المفاهیم الخاصة به حول علاقة الفرس والعرب وأیضًا بعض مفاهیمه الناقصة عن الهویة القومیة الإیرانیة. ومن الضروری توضیح بعض الملاحظات المختصرة حول هذه التصریحات والاتهامات التی أطلقها جزافًا.

أولًا: من المخاطر الکبیرة والمهمة التی تواجه العالم العربی هو خلط بعض الأطراف بین العداوة الوجودیة للکیان الصهیونی مع العالم الإسلامی والعربی من جهة وبین بعض الخلافات السیاسیة مع دول المنطقة بما فیها إیران من جهة أخرى. لا یوجد تشابه بین العلاقة الإیرانیة العربیة والعلاقة العربیة الإسرائیلیة، إن النظام الصهیونی الذی یقوم فی تکوینه وطبیعته على أساس العداء مع العالم العربی والإسلامی، لم یکن أبدًا صدیقًا للعرب ولن یکون.

ثانیًا: حاول الدکتور الفقی فی جزء من مقاله المنشور فی الإندبندنت، أن یبرز نوعاً من المواجهة التاریخیة بین القومیة الفارسیة والعربیة بإلقاء الضوء على العلاقات التاریخیة بین بلاد فارس والعرب، بینما یمتلک الإیرانیون والعرب تاریخ طویل من التعاملات والتبادلات التاریخیة والحضاریة والثقافیة وحتى اللغویة، ولم یکن لإیران عداوة أو معارضة ذاتیة مع العرب أبدًا، کما أن الإسلام عامل کبیر فی اللحمة القومیة الإیرانیة والعربیة وکان سبباً فی إزدهار وإشعاع الحضارة الإسلامیة فی مقابل الحضارة الغربیة على مدى القرون المتمادیة.

ثالثًا: یعتمد الکاتب فی تفسیره العرقی والقومی لتحولات المنطقة على تصریحات وإدعاءات لا أساس لها من الصحة حول مؤسس الثورة الإسلامیة الإمام الخمینی – رحمه الله-.

رابعا: ألمح الدکتور الفقی فی حواره مع الـ إم بی سی إلى إدعاء مضحک؛ حول علاقات خفیة بین الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة والکیان الصهیونی، وهذه التصریحات فاقدة للإعتبار ولا تستحق الرد علیها.

واخیرا؛ وجه الدکتور مصطفی الفقی اتهامات لإیران بالتدخل فی بعض الدول العربیة المجاورة والإقلیمیة. بطبیعة الحال، لا یمکن لإیران، کعضو فاعل فی المنطقة ، أن تکون غیر مبالیة بما یحدث فی المنطقة، لا سیما فی سیاق دور الهیمنة الأمریکیة والدور التوسعی للنظام الصهیونی وتهدید الأمن القومی الإیرانی. لقد أثبتت جمهوریة إیران الإسلامیة على مدى العقود الأربعة الماضیة أنها تسعى إلى الشراکة والتعاون الإقلیمی وتعتبر أمن جیرانها فی الحدود أو فی الإقلیم أمناً لها، وقد لعبت أقوی دور فی مواجهه الإرهاب الداعشی والتکفیری خلال السنوات الأخیرة، والذی کان یشکل تهدیداً مدمراً لکل الدول الإقلیمیة. إن خلق المسافة والعداوة بین إیران والعالم العربی سیاسة صهیونیة وأمریکیة ، ولا تکمن مصالح إیران ولا العرب فی مثل هذه المواجهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى