أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

لبنان الاعجوبة

مجلة تحليلات العصر الدولية

كلنا نعلم بعجائب الدنيا السبع، ولكن لبنان يحتل المراتب الاولى بعجائبه  السياسية والاقتصادية بإمتياز :

-الفاسدون زعماء، والزعماء قادة مليشيات، هؤلاء صنعوا مفهوم  السياسة الفاسدة، اذ حكموا اربعين سنة، و لم يُترك شيئاً إلاَّ وحُول الى إقطاع عائلة وأقارب واحزاب داخل امبراطوريات المال.
– مافيا اقتصادية كاملة تحتكر كلّ شيئ، دمَّرت البنية التحتيَّة الإنتاجيَّة لصالح اقتصاد استهلاكي غير منتج.
– مديونيَّة شاملة منذ ١٩٩٢، فالانتاج حتى ٢٠١٨ بلغ حوالي بـ٢٦٥ مليار دولار تمّت سرقتها تحت شعار المحاصصة .
– مافيا المال والنقد، من مصرف لبنان والمصارف والصيارفة، الى احتكار القدرات والموارد الماليَّة والنقديَّة.
– بالاضافة للقضاء المسيس، اذ لم تسجل بتاريخ لبنان ان رئيس او وزير او مسؤول كبير تمت محاكمته.
– الاذعان والارتهان للدول الخارجية كالامريكي والخليجي.
حتى وصل الامر الى جيشنا الوطني.
فالكلام هنا عن جيشنا الوطني الضامن الوحيد للاستقرار،  ماذا يجري في هذه المؤسسة من علاقات مع الغرب وبالاخص مع اميركا وسفرائها، فمنذ تولي العماد جوزف عون لقيادة الجيش نرى علاقة وطيدة تربط المؤسسة بالولايات المتحدة الامريكية وخاصة مع السفيرة الحالية شيا، بل اصبح هناك توأمة الى حد ما، كأن سفارة عوكر انتقلت الى اليرزة، حتى نُقل عن احد الظباط قوله ان السفيرة شيا تتواجد في اليرزة اكثر من تواجدها في عوكر ، فطبعت في ذهن اللبناني ان شيا وقيادة الجيش متلازمان لا ينفكان، من اجتماعات وندوات وغدوات وسفرات وتبرعات وهبات وغيرها، ومن المعلوم ان التقديمات العسكرية الامريكية للجيش بأغلبها لوجستية اذ يُمنع ان يتسلح هذا الجيش بأي سلاح نوعي منذ احتلال فلسطين، ولكن بالعهد  الامريكي الحديث  بعد الإنتهاء من الحرب الباردة  والتسلط  على العالم ازداد التصلب الامريكي لصالح العدو الاسرائيلي، فأصبح الجيش اللبناني رهينة القرارات الامريكية حول العلاقة مع الخارج بتواطئ من السلطة السياسية .
اذن  ماذا تريد امريكا من الجيش..
اذا اجرينا استقراء زمني: فمنذ التحرير عام ٢٠٠٠ وامريكا وضعت المقاومة تحت المجهر العدائي المباشر ، وباتت تعمل وتخطط ليلا ونهارا للقضاء عليها، حتى اجتمع  العالم كله  عليها عام ٢٠٠٦،ولم تستطع امريكا ولادة شرق اوسطها جديد، الى ٧ أيار ومن ثم الحرب على سوريا الى الحصار الاقتصادي والمالي وخطة والتجويع والانقلاب شعبي على المقاومة، هذه المراحل
الى ٢٠١٦ لم تسمح بلاد العم سام للجيش ان يتخطى الخطوط الحمراء التي وضعت له.
اولا: عدم المساس بإسرائيل بحجة ضعف امكانات القتالية امام قوة الكيان( نعم العدو الاسرائيلي هو عدو ولكن كتطبيق على الارض هناك علامة استفهام، انتهاك يكاد يوميا للعدو واحيانا قصف ولا يستطيع هذا الجيش بالرد ليس خوفا ولكن ممنوع عليه الرد).
وثانيا :عدم التعامل العسكري مع اي دولة خارج المنظومة الامريكية ولو قدمت له الاسلحة هبات وجانا ممنوع عليه القبول منعا باتا.
فمنذ عام ٢٠١٦ اي منذ اليأس من تغيير الوضع بسوريا وازدياد قوة محور المقاومة، بدات امريكا تتعامل مع الجيش على اساس ملحق لها ليكون بنظرها قاعدة من قواعدها ٧٥٠ المنتشرة حول العالم، ويكون لبنان البلد ١٣١ التي فيها هذه القواعد، وهذا يستلزم بناء سفارة او وكر جديد في عوكر تكلف امريكا اكثر من مليار دولار ببناء ذات مواصفات عالية من حيث الهندسة العسكرية ومن حيث المساحة وهي الثانية في العالم بعد السفارة في بغداد ، وعليه امريكا كمخطط وكرسم لخارطة الطريق تعلم ان الانهيار الاقتصادي سوف يحصل ضمن السياسة المالية المعتمدة مع الفاسدين الموكلين بمفاصل الدولة، وهي تعلم ايضا ان الحصار الاقتصادي لن يؤثر على المقاومة و بيئته ومجتمعه الحاضن لها سوى القليل والمحدود ، ولكن هدف امريكا من الحصار امور :
-الهدف الاعم تقليب كل اللبنانيين على المقاومة وخاصة بيئته وانهيار الدولة لتحميل المقاومة هذا الانهيار.
– والهدف الاخص هو الجيش : اصبح راتب الظباط الافراد لا تساوي شيئا من حيث القيمة الشرائية، وهذا الامر جعل الآلاف يفرون من المؤسسة العسكرية، والحكومة عاجزة عن فعل شيء، هنا امريكا تتدخل من اجل الحفاظ على هذه المؤسسة بأن تجعل ميزانيته من امريكا، من هنا تبدأ اللعبة…
فمنذ اسابيع تم الاعلان من قبل قيادة القوات الدولية في لبنان “اليونيفيل”  عن بدء برنامج دعم القوات المسلحة اللبنانية ـ الجيش اللبناني، هذا يعني أن يكون الجيش أو القوات المسلحة اللبنانية تحت رعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن مباشرة ،  وان يكون للجيش اللبناني ميزاتيته من الامم المتحدة (دولار)، هذا الامر يجعل من الجيش مؤسسة مستقلة القرارات فالمرجعية له الامم المتحدة (امريكا)، بطبيعة الحال  الحكومة اللبنانية لا على الجيش إلا شكلا فقط، وعليه اول قرار سوف ينفذ ١٧٠١.ويتضمن بوضوح طلب بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وضبط جميع المعابر البرية (سوريا) والجوية والبحرية، وايضا ترسيم الحدود البحرية  والبرية لصالح العدو الاسرائيلي، مما يعني جعل الجيش في مواجهة مع كل من لا ينفذ رغبة الارادة الامريكية.
أن يكون الجيش شريكاً استراتيجياً للقوات الدولية، من دعم لوجستيا وماليا بقرار من مجلس الأمن، فتلك مسألة يجب أن يتوقّف عندها الجميع.
لحرصنا على هذه المؤسسة الوطنية لا تجعلوها لقمة سائغة في فم التنين الامريكي الذي ينفخ نارا ليحرق الوطن ، هذا التنين يجب قطع رأسه وذيله في بلدنا حتى يستقيم الوضع، وهذا بحاجة الى شجاعة وكرامة ، كرامة ليست من نوع استقالة الوزراء كرمى لخاطر الاعراب، بل كرامة وشجاعة على قياس من قدم الدماء من اجل  صون الكرامة الوطن ….

الشيخ علي العريبي – مركز المحور للدراسات الاستراتيجية والفكرية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى