أحدث الأخبارلبنان

لبنان: لماذا استدار جنبلاط وما هوَ دور الرئيس برِّي بما حصل؟،

كَتَبَ إسماعيل النجار

العصر-العالم يتغيَّر والإدارة الأميركية تنقل أحجار الشطرنج من على طاولتها في البيت الأبيض،
نجحت واشنطن في إغراق روسيا في حرب استنزاف طويلة الأمَد، ونجحت في استفزاز الصين في وقتها الغير مناسب،
ولكن ما لم تدركه الدولة الأعظم في العالم هو تصدُع هيكلها الإقتصادي وإنهيار أجزاء منه ببطئ شديد،
في منطقة الشرق الأوسط استطاعت أميركا من فرض سطوتها وهيبتها على جزء من دُوَل المنطقة، فكان لبنان إحدى هذه الدُوَل التي تنصاع لأي إشارة من الإصبع الأميركي إن كان في عوكر أو واشنطن، فكانت هذه السطوَة عبارة عن سحر أخذَ الجميع خلفه ومن بين هؤلاء المسحورين بالقوة الأميركية كان وليد جنبلاط المعروف عنه بأشهر لاقط للإشارات الدولية عن بُعد،
منذ العام ٢٠١٨ إنقطعت إتصالات الرجل بحزب الله، وبقي خيط التواصل مربوطاً بين كليمنصو وعين التينة فقط، وأصبح جميع كوادر وافراد النظام السياسي في لبنان مرتبطين بالقرار الأميركي خوفاً من سيف العقوبات المُسلَط على أموالهم،



أميركا فعلت كل ما في وسعها في لبنان لكسر شوكة المقاومة وفشِلَت، لكن ما لم تستطِع فعله واشنطن هو القضاء على هذه المقاومة التي لا زالت تتقدم وتتطور ويقسىَ عودها حتى بلغت من القوة أشدَّها،
فشلت كل الخِطَط والمحاولات لتركيع لبنان وبلغت درجة الحصار مبلغه الأقصىَ إجتماعياً على الناس عموماً وعلى بيئة المقاومة خصوصاً، تولى الأمر في الداخل مصرف لبنان وجمعية المصارف، ونقابة الأفران، وشركات النفط، وشركة كهرباء لبنان، وتم حشر حزب الله إجتماعياً الى اقصى درجة حتى أُجبِر على إتخاذ خطوات سياسية واجتماعية خففت من وطأة الأزمة على البعض بدءً من سفن المازوت الإيراني وصولاً الى فتح تعاونيات بأسعار زهيدة وتقديم معونات إجتماعية للفقراء،
حزب الله لم يكون بديلاً عن الدولة، ولن يكون كذلك،
ولكن….
بما أن البلاد قد انهارت واصبح يحكمها الشلل وعصابات المصارف والتجار، لم يعُد بإمكان اللبنانيين الإستمرار رغم الفُتات الذي يلقى لهم من النوافذ،
النفط والغاز آخر ما يملكه اللبنانيون من طاقة فرج لإنقاذ البلاد والعباد، ضغطت المقاومة على اسرائيل وأمريكا وهددتهم بإشعال حرب في سابقة لم تحصل بعد من جانب لبنان، الأمر الذي هزَ اركان الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وأجبرهم على التفاوض وبتحريض من بعض اللبنانيين في الداخل كحزب القوات وغيرهم كثيرون تسربت معلومات غير رسمية عن رفض تل أبيب الشروط اللبنانية بما يعني أن الصدام واقعاً لا مفر منه وأن الحرب مع الكيان الصهيوني باتت قآبَ قوسين أو أدنىَ،
المقاومة مصرة على استرداد كل الحقوق سلماً أو حرباً، وحسابات الداخل اللبناني لم تكن خارج سياق التحضير عند المقاومة للمواجهة مع العدو،فأعداء الداخل أشد خطورة وأصرمَ سيفاً علينا،
وخصوصاً بعد تبدل المناخ السياسي في المنطقة التي تفاوض ايران بدءً من واشنطن وصولاً لأنقرة مروراً بالرياض،
استشعر البيك التغييرات وادرَك خطر الوقوف بوجه حزب الله في هذه المعركة التي لن ترحم المقاومة فيها اعدائها في الخارج والداخل،
ازاح البيك نفسه قليلاً خارج الإصطفافات بنصيحة من صديقه الودود الرئيس نبيه بري، وغيَّر نبرة خطابه واعلن استعداده للقاء حزب الله حتى ولو أدى ذلك الى انزعاج بكركي، ولا تعنيه القوات اللبنانية بهذا الأمر بتاتاً، لكنه ارسل تطمينات الى الرياض وعوكر من خلال لقائه دورثي شيَّا بأنه لن يتقدم خطوة اكبر بإتجاه حارة حريك شارحاً للطرفين تداخل مناطق الجبل مع الجنوب والبقاع والضاحية وان المرحلة تقتضي الحياد،
جنبلاط لم يذهب بحديثه أو بخطواته ابعد من اللقاء مع حزب الله والحديث حول النقاط التي تجمع بعيداً عن النقاط الخلافية لتبقى جسر عودة له فيما بعد الى المعسكر الذي يقيم فيه حالياً إذا ما تبدلت الظروف في الميدان او المنطقة،
يقظة الحزب من استدارات سيد المختارة لم تمنعه من اللقاء به وارسال الحاج حسين الخليل والحاج وفيق صفا الى كليمنصو لأنه لا يرغب بممارسة سياسة الإلغاء،


ولكنه يتبع الحذر كل الحذر من وليد جنبلاط،
الرئيس بري كان له دور وازن بتوجيه بوصلة جنبلاط نحو حارة حريك، لكي لا يُحرَج معه اذا ما وقعت الواقعة واستغاث البيك واعتذر الأستاذ،
سيد عين التينة يدرك مخاطر المرحلة وهو جزء من الحرب على العدو الصهيوني، ويعرف تماماً ما هو مصير المتخاذلين في الداخل، لذلك نقلَ لجنبلاط النصيحة الصادقة من صديقٍ صدوق فتلقفها البيك في الوقت المناسب لكي يُحَييُّد مناطقه وطائفتهِ ويكونا خارج دائرة النار اذا ما اشتعلت الحرب وفكرَ احدهم بطعن المقاومة من الظهر؟؟؟؟
حتى بلوغ ٢ أيلول لنا مع العدو حكاية لا تشبه كل الحكايات التي سبقتها فلننتظر،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى