أحدث الأخبارلبنان

لبنان: هل كَسِبَ “حزب الله” معركة حقل غاز “كاريش” دون أن يُطلق صاروخًا واحدًا … وكيف؟… لماذا أجّلت “إسرائيل” الإنتاج لشهر أكتوبر بدلًا من سبتمبر؟ … مُناورة لشِراء الوقت؟ … وما هي الأسلحة السريّة التي ستكون مُفاجأة الحرب القادمة..؟

✍… عبد الباري عطوان

العصر* يَفصِلُنا يومان فقط عن شهر أيلول (سبتمبر) الذي يُشَكِّل نهايةً للمُهلة التي أعطاها السيّد حسن نصر الله قائد المُقاومة الإسلاميّة في لبنان لدولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف جميع أعمال التّنقيب عن الغاز والنفط في المِياه الإقليميّة اللبنانيّة، وإلا عليها تحمّل النتائج قصفًا صاروخيًّا وبالمُسيّرات على جميع منصّات الغاز على طُول السّاحل الفِلسطيني المُحتل، والسّفن الحربيّة الحارسة لها.

🔹يوم أمس نشر “حزب الله” فيديو جديد مُصوّر مُدّته 22 دقيقة يُظهِر رصدًا للسّفينة اليونانيّة المُخصّصة لاستخراج الغاز من حقل “كاريش” اللبناني، ويتضمّن تهديدًا واضحًا يُؤكّد أنها، أيّ السّفينة، باتت في مرمى صواريخ المُقاومة ومُسيرّاتها.

🔸هذا الموقف القويّ لحزب الله يبدو أنه أعطى مفعوله الفوري، وكسْر الغُرور والغطرسة الإسرائيليّة، فقد أعلنت “القناة 12” العبريّة اليوم “أن لبنان وإسرائيل يقتربان من اتّفاق لترسيم الحُدود عبر الوسيط الأمريكي، وتقرّر تأجيل استِخراج النفط والغاز من حقل “كاريش” إلى تشرين أوّل (أكتوبر) المُقبل، بعد أن كان مُقَرَّرًا بداية شهر أيلول (سبتمبر) المُقبل (الأربعاء).

لا يُخامرنا أدنى شك بأنّ مُعظم الإعلام العبري بارعٌ في التّضليل، وإطلاق بالونات الاختبار، ولا نستبعد أن الحديث الآن عن التّأجيل يأتي في إطار خطّة إسرائيليّة لشِراء الوقت،
في إطار خطّة إسرائيليّة لشِراء الوقت، وتخدير الجانب اللبناني، خاصَّةً ذلك الحليف للولايات المتحدة الذي لا يُريد الحرب، ويدفع باتّجاه التّطبيع، ويُراهن على تسويةٍ سياسيّة لأزمة حقل “كاريش” حتّى لو كانت بتقديمِ تنازلاتٍ ضخمة لدولة الاحتِلال، وتحشيد هذا الجانب ضدّ “حزب الله” تحت ذريعة إعطاء المزيد من الوقت للمبعوث الأمريكي الوسيط.



تهديدات “حزب الله” أرعبت القِيادة العسكريّة الإسرائيليّة، لأنّها تعرف مدى جديّة السيّد نصر الله في اللّجوء إلى القوّة، لتحرير الثروات الغازيّة والنفطيّة اللبنانيّة كاملةً في المِياه الإقليميّة اللبنانيّة، ولعلّ الفيديو القصير الذي جرى بثّه اليوم ويتضمّن تصويرًا دقيقًا لحقل “كاريش” والسّفينة اليونانيّة هو أحد الأدلّة في هذا الصّدد، وثمرة من ثِمار غارة المُسيرّات الاستطلاعيّة الثّلاث، التي قال بيان للحزب إنّها أدّت مهمّتها بتحليقها فوق حقل “كاريش” على أفضلِ وجه، رغم إسقاطها، أيّ أنها أرسلت جميع الصّور حول الهدف إلى قاعدةٍ في جنوب لبنان.

فإذا كانت القيادة الإسرائيليّة تُحجِم عن اجتِياح غزّة المُحاصَر المُجوّع الذي لا تزيد مِساحته عن 150 مِيلًا مُربّعًا، لأنّ التّقديرات تقول إنها قد تخسر 300 جُنديًّا، فكيف سيكون الحال لو اندلعت الحرب اللبنانيّة الثالثة، أو الرابعة، في ظِل وجود أكثر من 150 ألف صاروخ دقيق وذكيّ في ترسانة “حزب الله” وحُلفائه في لبنان فقط، ومُساواة بعض المُدُن والمُستوطنات الإسرائيليّة.
في مقالة للأستاذ إبراهيم الأمين نشرها في صحيفة “الأخبار” اللبنانيّة قبل يومين، نقلًا عن لسانِ مصدر كبير جدًّا في “حزب الله” يُعتقد أنّه سماحة السيّد حسن نصر الله قوله “إذا كان ما تعرفه إسرائيل عن أسلحة لدى “الحزب” يُثير قلقها، ويُضاعف من رُعبها، فكيف سيكون حالها عندما تكون هدفًا لأسلحةٍ سريّة لا تعرفها، وستكون مُفاجِئَة لها في الحرب القادمة الوشيكة”.

منظومة أسلحة اللّيزر التي يُراهِن عليها الجيش الإسرائيلي، للتصدّي لصواريخ ومُسيّرات “حزب الله” كبَديلٍ للقبب الحديديّة التي ثَبُتَ فشلها رُغم إنفاق عشرات المِليارات من الدّولارات لتصنيعها وتطويرها في التصدّي لصواريخ فصائل غزّة الأقل تَطَوُّرًا، ربّما تُواجه المصير نفسه، لأن حُلفاء المُقاومة في طِهران الذين طوّروا تكنولوجيا الصّواريخ الذكيّة التي قهرت صواريخ “الباتريوت” وأذلّتها وأنهت أُسطورتها إلى الأبد، قادرون على تِكرار الإبداع نفسه، وإفشال منظومات الليزر الجديدة التي ستَدخُل الخدمة في الجيش الإسرائيلي مطلع العام المُقبل.

🔸تأخّر الرّد الإيراني على التّنازلات الأمريكيّة التي وردت في الصّيغة الأوروبيّة “النهائيّة” للاتّفاق النووي، والحديث عن نُقاطٍ خِلافيّة ما زالت قائمة، يُؤكّد أن محور المُقاومة لا يخشى الحرب، بل أعَدَّ العُدّة لمُواجهة كُل السّيناريوهات، وإلا لكانت مُفاوضات فيينا قد انتهت قبل عام.



▪️كُنّا نتمنّى لو أنّ مُفاوضي اتّفاقات كامب ديفيد التي انتهت بعد أُسبوعين، أو أوسلو بعد بضعة أسابيع، قد تدرّبوا على يد المُفاوضين الإيرانيين، فربّما جاءت النّتائج مُختلفة، أو بالأحرى لما رأت هذه الاتّفاقات الكارثيّة النّور، ولكن ما كُل ما يتمنّاه المرء يُدركه.

🔸✨. المُقاومة الإسلاميّة في لبنان ستخرج الفائز الأكبر من أزمة غاز حقل “كاريش” وتفرّعاته، سِلمًا أو حربًا، سِلمًا لأنّ أيّ اتّفاق سيكون تجسيدًا واستِجابةً لشُروطها، وخوفًا من صواريخها، وحربًا، لأنّ “إسرائيل” التي خسرت جميع حُروبها من حزيران (يونيو) عام 1967 لن تكسب أيّ حربٍ جديدةٍ قادمة.. والأيّام بيننا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى