أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

التقرير السياسي عن موضوع تأجيل الانتخابات ( العراق)

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد صادق الهاشمي

أخذت الأطراف السياسية التي تشعر بأنَّ نتائج الانتخابات ليست لصالحها في الانتخابات القادمة؛ تدعو إلى تأجيل الانتخابات.
لكن توجد جهات مخلصة هي الأخرى تدعو إلى تأجيلها لعدم تحقيق الفائدة منها؛ كون النتائج لم تعطِ حلولًا، بل تكررت الوجوه والأحزاب ذاتها، وقد تعقَّد المشهد السياسي المتقاطع أكثر، إذ يغيب فيه الشخص الحاسم؛ مما يجعل الأطراف تتجاذب حتى ينهك بعضُها بعضًا.

المحور الذي يركز على تأجيل الانتخابات هو: الأمم المتحدة، السفارة الأميركية، السفارة البريطانية، الإمارات، الخط العلماني في العراق… وآخرين، لكن تقف على رأس هؤلاء الأحزابُ العلمانية المُنبثقة من أحداث التظاهرات التي اندلعت عام 2019، بعد أن كانوا يرون أنَّ الانتخابات هي المخرج الوحيد الذي يمكنهم أن يستلموا الحكم من الأحزاب الإسلامية، ويمنحهم فرصة الحكم؛ لأنهم يعتقدون أنَّ الأحزاب الإسلامية والأحزاب القديمة فقدت شعبيتها، وخسرت جمهورها.

موقف الأحزاب الشيعية من موضوع التأجيل مختلف جدًا، ولأسباب عديدة، وكل ينظر من زاويته ومصالحه، وربما مازجها بعضهم بمصالح العملية السياسية، فمن يريد التأجيل ربما لأنه متضرر، ومن يريد المُبْكِرَة ربما لأنه أيقن الفوز، وبالإجمال فإنَّ مواقف الأحزاب الشيعية تتجه إلى الآتي:

١- الحكمة

مع الانتخابات، لكنها مع التأجيل إن لم تتوفر شروط الانتخابات العادلة؛ كما صرح السيد عمار وأهم هذه الشروط هي: توفير الأمن الانتخابي، وهذا ماصرح به أبو كلل كذلك.
ولكن التوجه العام للحكمة إلى الآن مع الانتخابات، إلا أنَّ الحكمة بكل قياداتها لم تترك مناسبة إلا وذكرت ضرورة إجراء الانتخابات بعيدًا عن المؤثرات والسلاح والضغوط، وتحت رقابة دولية ومحلية تضمن سلامتها.

٢- الفتح والقانون

كذلك مع الانتخابات بالشروط نفسها، ولم يتحدث أحد منهم عن رغبته بتأجيل الانتخابات، إلا أنهم إن أجلوها فقد تتحقق لهم فائدة كسب مزيد من الفرص والتنظيم الشعبي الانتخابي، لكن الخطر يكمن في استجابتهم للطرف الآخر الذي يريد فَرْضَ رؤيته على العملية السياسية، ويسير بها لأي اتجاه يقرر على وفق مصالحه، وهو الطرف الخارجي، والمرتبطون به داخليًا، إذ أسقط الحكومة عام 2019، ويريد الآن جني ثمار ما فعل.

٣- التيار الصدري

لا يمانع من التأجيل، ويلمح إلى عدم إجراء الانتخابات حتى عام 2022، وهو يعدُّ العدة لهذه المرحلة.
وهو مع الانتخابات إن أجريت، وأكِّدَ له أن النتيجة تكون كما يريد.
إجمالًا، فإنَّ موقف التيار مع فرض وجوده السياسي سواءٌ أستلزم الأمر التأجيل أم التأخير، أم الدخول في الفراغ الدستوري، أم الذهاب إلى حكومة طوارئ، أم أجريت الانتخابات… فالمهم عندهم -المعيار في هذه المرحلة- هو: (أن يكون التيار هو الحاكم الفعلي)، وهذا ما يشير إليه تصريح النائب جواد الموسوي بقوله:
«لا نمانع من تمديد حكومة الكاظمي ضمن فترة أخرى».
مؤكَّد أنَّ المدة الأخرى هي الطوارئ، وليس في الدستور غيرها!، وعَلَّلَ جواد الموسوي هذه الخطوة بقوله:
«إيجابيات الكاظمي أكثر من سلبياته رغم أن حكومته تعتبر تصريف اعمال».

بتعبير أكثر دقة، فإنَّ التيار الصدري يشعر أنَّ عدم إجراء الانتخابات بالنسبة له يعني بقاء الدولة والحكومة بيده؛ وهذا يمنحه مزيدًا من الوقت والقوة، إلا إذا أرغم على إجراء الانتخابات، عندها يشترط التيار أن يكون له الكعب المعلى، وأن يكون رئيس الوزراء منهم على وفق قاعدة حسن الكعبي: (مليون بالمئة)، وأغلبهم صرح بهذا بما فيهم السيد مقتدى في خطبته التي ألقاها عنه الجابري في ساحة التحرير.

٤- نود الإشارة إلى أمر مهم، وهو أنَّ موضوع تأجيل الانتخابات لم يعد مجرد أمر يدور بين الأحزاب مدار البحث عن تشخيص المصلحة، أو أنها حرب وجودية على وفق قاعدة (الإزاحات)، بل اتجهت إلى منحىً آخرَ فرضه التيار الصدري؛ يتمثَّل باتفاقهم مع السيد الكاظمي أن يتراجع عن أي ترشيح، حتى لا يكون منافسهم القوي، وحتى يبقى تحت سيطرة التيار؛ مقابل أن يكون مرشحهم للانتخابات القادمة، ويمكن تمديد الحكم له لو تعذرت الانتخابات المُبْكرة والمؤجلة.

الاحتمال القوى، أنَّ الانتخابات لن تجري إلا إذا أحرز الخارج تحقيق أهدافه بإسقاط الطبقة السياسية كلها، أو أغلبها، وهذا الهدف إن لم يتحقق لأميركا بالانتخابات فإنه يتحقق بإدخال العملية السياسية في مراحل الفراغ السياسي والدستوري.

٥- مبررات التأجيل متعددة، لكن القواسم المشتركة بينها هي:

أولًا: ما يروجون له بالخشية من سيطرة (السلاح الفالت) بيد (أحزاب اللادولة).

ثانيًا: آخرون يرون أنَّ الانتخابات القادمة لا تعني شيئًا، فهي تكرار للوجوه والشخصيات والأحزاب ذاتها، إذ يفترض في نظر هؤلاء، أنَّ الأحداث التي مرت قد فَرَضت على العقلاء والمرجعية أن يكون المخرج بمنح الأمة فرصة للتعبير عن رأيها؛ من خلال تغيير قانون الانتخابات والمفوضية، حتى تتمكن الجماهير من انتخاب حكومة أكثر تعبيرًا عن رأي الأمة، وملامسة لحاجاتها، ومعبرة عنها، وممثلة لها… وإلا لماذا دعت المرجعية إلى التظاهرات عام 2019، ولماذا دعمتها أو أيَّدتها؟؟

ومن يراجع الخطب العشرة للمرجعية خلال عام 2019 بعد التظاهرات؛ يجد أنَّ المرجعية تعتقد أنَّ الحل بعد التظاهرات يكمن في إعادة صياغة النظام السياسي إلى الأمة من خلال الانتخابات.

٦- القرارات والمشاهد المتوقعة في ظل ما تقدم هي:

أولًا: تأجيل الانتخابات.

ثانيًا: إجراء الانتخابات المُبْكرة في موعدها: 10/10/2021، أو الرسمي، ولكن! مرجح بنحو أكيد الدخول في أزمة انتخابية وحكومية محورها التشكيك في نتائجها، أو حرف النتائج، أو تشكيل الحكومة خلاف الأعداد والأوزان الانتخابية بعد أن تُجرى.

ثالثًا: الدخول في فراغ دستوري، والذهاب إلى حكومة الطوارئ.

رابعًا: هيمنة التيار الصدري في كل الحالات.

خامسًا: يبقى احتمال إمكانية إجراء الانتخابات في وقتها الثانوي أو الأولي قائمًا، وتكون الأمور يسيرة دون أي ارتباك؛ كون الأحزاب الشيعية تمكنت أن تنجز تفاهمات مهمة، تجعلها مستعدة إلى تجاوز العقبات، ورفع العثرات، والتصديق بهذا المشهد متروك للعقلاء.
(وما نيل المطالب بالتمنّي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى