أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

لحل ازمة الكهرباء.. هل تعلم انه لا داعي حتى لسيمنز؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - صائب خليل

منذ زمن وكلمة “سيمنز” تقع على الأذن العراقية وقع الحلم البعيد، وكأنها الجنة. جنة الكهرباء الدائمة والتبريد..
لكنها تذكرني بقصة قصيرة وتجعلني اهز رأسي محتارا ومتألماً. وكلما هممت ان اكتب عنها، اتذكر ان المشكلة اكبر من موضوع سيمنز التي رفعت لمصاف الآلهة. إنما بمناسبة الأزمة، حان الوقت لأقولها: هل تعلم يا صديقي ان الحل لأزمة الكهرباء في العراق اقرب من سيمنز؟… لكنه ابعد من القمر؟ هل تعلم ان ايران تنتج مولدات كهرباء ضخمة وبمواصفات سيمنز (التي تملك اميركا اسهما فيها) وأرخص منها؟
.
الكلام هذا ليس من دعاية ايرانية ولا من شيعي متحمس اكثر من اللازم لإيران ولا من شخص جاهل لا يعرف ما يقول، بل من رجل تقني قضى حياته في الكهرباء، ابن خالتي السني حينما كان وزيرا للكهرباء، والتقيته لبضعة ايام في فينا. قال لي خلال حديث وهو يهز رأسه بانزعاج:
– لا.. انا لم اوقع عقدا واحدا مع اية شركة غربية! محتالون يطلبون اضعاف السعر.
– لكن انت مضطر ان تشتري منهم لما تحتاج محطات ضخمة!
– إيران لديها نفس المحطات الضخمة ونفس كفاءة سيمنز وبنصف السعر!
دهشت لهذا للحظة، ولم تدخل الفكرة رأسي تماما، فقلت له:
– لكنك لن تستطيع ان تثبت للناس ان نوعيتها بمستوى الصناعة الألمانية من ناحية المتانة طبعا، حتى لو كانت كذلك!
– ايران لديها شهادات موقعة من سيمنز بأن انتاجها هو بنفس مواصفات سيمنز، وسيمنز لا يمكن ان تعطي مثل هذه الشهادات لو كان فيها اي نقص أو فرق! إنها نفسها طبق الاصل!
.
ربما لهذه الاسباب وغيرها تتعلق بمعارضته الخصخصة، لم يطل زمن رعد شلال في منصبه اكثر من بضعة اشهر، واضطر للاستقالة بعد تلفيق تهمة سخيفة له، وربما لحسن حظه وحظ ايران انه لم يشتر تلك المولدات، وإلا كنا سنسمع النواح على “الصناعة الإيرانية السيئة التي تحتل البلد” كلما انقطعت الكهرباء!
.
مشكلة العراق مع الكهرباء ليست لصعوبة الموضوع أو كثرة السكان أو قلة الكوادر ولا حتى بالفساد، بل هي بالضبط نفس مشكلة لبنان مع الوقود ومع كل شيء: سلطة امريكية تمنع كل شيء عن البلد!
ومثلما يمنعون اللبنانيين من شراء الوقود الإيراني بالليرة اللبنانية، فإنهم يمنعون العراقيين من شراء المولدات بنفس المواصفات وبنصف السعر.
انهم قطاع طرق يقطعون الاتصال مع الجار المفيد لكي لا تتكامل المنطقة اقتصاديا، لكنهم يجبرون العراقيين على علاقات مضرة بمن يريدون من الجيران العملاء وتقديم نفطهم اليهم في الاردن ومصر بنصف الأرباح!
إنهم ببساطة يقطعون الهواء التي تحتاج اليه هذه الشعوب لكي تتنفس وتعيش!
.
حل مشكلة الكهرباء إذن ليس بوزير تكنوقراط او حازم او شريف، ولا هي بانتاج الغاز داخل العراق ولا بالخصخصة ولا بالصين أو بسيمنز.. انها بانهاء سلطة الاحتلال على البلد! وعندما اقول انهاء سلطة الاحتلال، فلا اعني اخراج القوات وحدها. فبوجود عملائها ومن لا يستحي ان يقبل بعملائها، وبوجود اعلامها والمشتغلين بإعلامها.. وبوجود السفارة المهولة وسلطتها على البلد، لن ير العراقيون حكومة شريفة، ولن يروا الكهرباء ولا الصناعة ولن تبنى طابوقة في البلد! وسيمضي العراقيون من صيف ساخن الى اسخن، ومن سيء الى أسوأ!
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى