أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةاليمنمحور المقاومة

لماذا تسعى المملكة للتهدئة في كل المنطقة باستثناء اليمن؟!

مجلة تحليلات العصر الدولية - خالد العراسي

في الآونة الاخيرة شهدنا عددا من التغيرات السياسية في المنطقة، وكان ذلك طبيعيا بحكم عدم وجود صداقة أو خصومة دائمة في العلاقات الدولية المحكومة بالمصالح. فمثلا رأينا هرولة الإمارات نحو سورية، وبالتأكيد تلك الهرولة يليها إجراءات واتفاقيات تنعكس على أرض الواقع، سواءً في إطار تخفيف الخصومة والتوتر وتطبيع العلاقة من خلال وقف دعم الجماعات الإرهابية والمعارضة السورية أم في إطار التعاون المشترك في عدة مجالات. وكذلك التوجه الإماراتي نحو تركيا، وفيما يخص إيران فقد طلبت منها الإمارات فتح صفحة جديدة بعد أن كان التوتر سيد الموقف بسبب الخنوع والخضوع الإماراتي لعدو إيران وعدو المسلمين وعدو الإنسانية الأزلي (الكيان الصهيوني).
أما عن التوجه الإماراتي نحو الكيان الصهيوني فليس من الضروري التحدث عنه، لأنه لا يعبر عن تحول جذري في مسار العلاقة الإماراتية الصهيونية، فلم تكن الإمارات يوما أحد خصوم الكيان، بل إنها في حقيقة الأمر عبارة عن مستوطنة صهيونية.
وبالتأكيد لم يكن التوجه الإماراتي الجديد تصرفاً ناتجاً عن قرار إماراتي بحت، كما أنه لا يعبر إطلاقا عن خلاف إماراتي سعودي بحسب ما يشاع، فالمتابع للأخبار السعودية سيجد أن السعودية غيرت لهجتها الإعلامية بشكل إيجابي مع من تعتبرهم خصومها في المنطقة، وهذا يجعلنا ندرك أن الإمارات لم تكن أكثر من وسيط للسعودية.
ولأننا نعرف جيداً أن السعودية والإمارات مجرد أدوات لأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني فتلك التحركات تعبر عن توجه جديد لمحور الشر والظلام، وهذا له أسبابه، والحديث يطول في هذه الجزئية. وعند متابعة هذه المتغيرات في المنطقة بشكل عام نجد أن للعالم حسابات أخرى تجاه اليمن.
ففي الوقت الذي تمد السعودية يدها لإيران وتركيا وسورية، نجدها تسعى لعرقلة السلام في اليمن، ويتضح ذلك من خلال عدة مؤشرات، على رأسها تلك المجازر والجرائم التي ارتكبها مؤخرا تحالف العدوان بحق المدنيين، والادعاءات الباطلة بشأن مطار صنعاء وميناء الحديدة.
فبعد أن تم الإعلان عن جهوزية مطار صنعاء بشكل كامل وتأكيد ذلك عن طريق الأمم المتحدة وفق المعاينة والفحص، وأيضاً من خلال وصول رحلات الأمم المتحدة بشكل يومي، قامت السعودية بالترويج عبر إعلامها أن المطار يستخدم لأغراض عسكرية وتنطلق منه الطائرات المسيرة، مستخدمة مقطع فيديو قديم جداً قام أحد المدسوسين بتصويره في إحدى القواعد العسكرية اليمنية منذ أكثر من أربعة أعوام وباعه للسعودية في وقته وحينه احتفظت به ونشرته مؤخرا في قناتي “العربية” و”الحدث” على أنه مقطع حديث مصور في مطار صنعاء، وما أسخف تلك الادعاءات وأتفهها! وكأن الأرض ضاقت بنا لنلجأ إلى استخدام المطار الذي تهبط فيه رحلات الأمم المتحدة بشكل يومي، ولم تكن الادعاءات إلا مبرراً لقصف المطار، وذلك ما حدث فعلاً. وأيضاً ادعت السعودية أن ميناء الحديدة عبارة عن منصة وقاعدة تنطلق منها الزوارق المفخخة.
الغرض هو اختلاق أعذار لضرب المطار والميناء ولإقناع العالم بضرورة استمرار إغلاقهما، في حين يزداد الضغط لفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة كشرط ومطلب أساسي لإعلان وقف إطلاق النار ثم التوجه نحو المفاوضات، وبالتالي فإن ذلك يعتبر إعاقة واضحة للسلام بعكس التوجه نحو بقية الخصوم في المنطقة.
فلماذا تسعى السعودية لتهدئة الأوضاع في المنطقة بشكل عام باستثناء اليمن؟!
للوصول إلى الإجابة الحقيقية والمقنعة علينا أولا التطرق إلى أسباب العداء وأهداف العدوان.
فمن الواضح منذ زمن طويل أن السعودية لا تقبل أن يحكم اليمن شرفاء، لاسيما إن كانوا من ذوي التوجه التنموي، ولهذا لم يحدث أن اعتدت على اليمن طوال فترة النظام السابق بشقيه العفاشي والإخواني والنظام اللاحق الدنبوعي، لأنها كانت أنظمة تابعة وخانعة ومطيعة، وكان ذلك مجحفا جداً بحق اليمنيين، لأن تلك التبعية لم تكن مجرد انقياد في القرار السياسي، بل كان الثمن باهضاً جداً، وبالإمكان اختصار ذلك في نقطتين والتطرق إلى هذا الموضوع لاحقا بشكل مفصل.
النقطة الأولى هي: الثروات، حيث استمرت السعودية والإمارات ومن خلفهما أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية بنهب ثروات اليمن النفطية والغازية والمعدنية والسمكية وغيرها من الثروات على مدى عقود.
والنقطة الثانية هي: الموقع الجغرافي، حيث سيطر التحالف الأمريكي البريطاني الصهيوني بشكل سري وغير ظاهر على أهم مخنق مائي عالمي (مضيق باب المندب)، وكذلك سيطروا على مفاتيح البحار السبعة (جزيرة سقطرى)، ومن المخنق والمفاتيح يتم التحكم بالملاحة العالمية.
وبالنسبة للثروة والسيادة فقد كان ولا يزال للأنصار موقفهم الثابت، وقد رفضوا التنازل رغم كل العروض والمغريات، فهدفهم هو استقلال وتنمية اليمن، ولو كانت لهم مصالح شخصية ومطامع فئوية لسهل شراؤهم، ولما اضطرت السعودية إلى خسارة ما يقارب 6 تريليونات دولار على مدى سبعة أعوام جراء العدوان على اليمن، بالإضافة إلى الخسائر الأخرى سياسيا واجتماعيا… إلخ.
لهذا لم يكن التقارب والمضي نحو السلام خيارا واردا فيما يخص اليمن في ظل اختلاف الأسباب والأهداف، فالمطلوب من تركيا وسواها غير المطلوب من اليمن، والمصالح اللامشروعة التي كانت سارية بكل أريحية في ظل أنظمة الوصاية السابقة، غير مقبولة بالنسبة للأنصار. وهنا يتضح أن هناك فرقاً في أسباب الخلاف والأهداف، فكانت النتيجة هي استمرار العدوان، لهذا كانت التضحيات اليمنية جسيمة جداً، لكن الهدف سامٍ ونبيل ويستحق التضحية، فاستقلال اليمن وإلغاء التبعية فيه من الخير للشعب اليمني ما لا يتوقعه أحد.
وكل المؤشرات تقول بأن النهاية اقتربت بشكل كبير جدا، بعد انكسار قوى الشر والظلام قاطبة وتعرضها لأكبر عملية استنزاف مالي وبشري عرفها التاريخ، وبعد اتضاح كذبة خطر الأنصار على خط الملاحة الدولي، وبعد أن أثبتوا أنهم أكثر التزاما من غيرهم بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
لقد اقتربنا كثيرا بإذن الله عز وجل من النصر المبين، وسينتهي العدوان بشكل عادل ومشرف لليمن بانتهاء السبع العجاف، وسيستعيد اليمن تصنيفه الرباني “بلدة طيبة” وسيتحول وطننا الحبيب إلى سلة غذائية، ويصبح المصدر الأول عالميا للغذاء مع اجتياح موجة المجاعة والنقص الغذائي التي ستصيب معظم دول العالم خلال الأعوام القادمة بسبب التغيرات المناخية ونجا منها اليمن بفضل الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى