أحدث الأخبارايرانشؤون امريكية

لماذا تكره الولايات المتحدة وإيران أحدهما الآخر؟

(1)
كتاب جديد يتناول مصدر الاستياء والحقد المتبادل بين واشنطن وطهران ويقدم أفكارا لمحاولة تطبيع العلاقات.

دانيال لاريسون ، معهد الابحاث الدولي كوينسي ، 2 مايو 2022
بقيت العلاقات الايرانية الامريكية متوترة ومشحونة بعدم الثقة والعنف ، وعلى الرغم من أن كلا النظامين يعلمان أن لديهما بعض المصالح المشتركة ، إلا أنهما يتجنبان التعاون معا . من الضروري ان تتبنى الولايات المتحدة سياسة أفضل وأكثر بناءة تجاه إيران من اجل تمكن الولايات المتحدة من تحقيق هدفها في ايجاد التغييرات المطلوبة في دورها الإقليمي وتجاوز وقوع حرب أخرى غير مبررة ، لكنه لاتوجد رغبة كبيرة في الولايات المتحدة للاقدام على مثل هذه الخطوة الشجاعة وتحمل مجازفاتها السياسية.
2. الخطوة الأولى لسياسة أكثر ذكاءً تجاه إيران تكمن في وجود فهم لاسباب التوتر بين البلدين طيلة هذه الفترة الاخيرة وفي عدم تشخيص العقبات التي تحول دون تغيير الوضع القائم . لحسن الحظ ، قام ثلاثة باحثين وهم: حسين بنايي ومالكولم بيرن ،وجون تيرمان في كتابهم الجديد ، بإجراء تحليل قيم للغاية للعلاقات الأمريكية الإيرانية ولبواعث “نغمة الخطاب الوطني”لدى الجانبين التي تدمر الفرص القيمة.


3. يتضمن كتاب “الجمهوريات الأسطورية: اللهجة الوطنية والصراع القومي الأمريكي – الإيراني” بحوثا جيدة باسلوب شيق نصًا أساسيًا جدًا لافادة أي شخص مهتم بمتابعة السياسة الامريكية تجاه إيران ، وبشكل أوسع ، السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط.
يعيد هذا الكتاب تقييم تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على مدى الأربعين عامًا الماضية ويقدم تقييمًا متوازنًا ودقيقًا لكيفية مساهمة كلا النظامين في ايجاد سوء التفاهم وسياسات كيل الاتهامات المتبادلة والجنوح للتشدد في كافة مفاصل العلاقات بينهما.
4.يلقي هذا الكتاب الضوء على كيفية التاثير الضاغط للخطاب القومي الايراني والامريكي على الخيارات المتاحة لصانعي السياسات وتقييدها ، وعلى عقليتهم ،وكيف أغلقت أعينهم حتى لا يتمكنوا من اغتنام فرص التقدم الدبلوماسي التي تتاح امامهم . ويشير اقتباس من رونالد كريبس في الكتاب إلى أن مثل هذه النغمة والأدب “يضعان حدًا لشرعية ما يمكن للاعبين التعبير عنه بشكل عام ، وما يمكنهم تخيله بشكل جماعي (وإن لم يكن فرديًا) وما هو” ممكن سياسيًا “.
5.بينما ترى الولايات المتحدة انها قادرة على الاستفادة من ادبياتها القديمة ، ترى إيران الولايات المتحدة على أنها أحدث مثال في التشكيلة التاريخية للقوى الساعية للهيمنة. من ناحية أخرى ، تعتمد إيران على تقاليدها الوطنية والدينية لترى نفسها في محاربة التنمر الأجنبي ، بينما ترى الولايات المتحدة إيران على أنها تهديد إرهابي وجزء من جبهة يجب أن تجثو على ركبتيها. ويتفاعل هذان الأدبان ويغذيان بعضهما البعض ، وفي كل مرة يكون هناك المزيد من الصراع والترسيخ للعقليات الكامنة وراء هذا النوع من الخطاب.
6.الولايات المتحدة ، بغض النظر عن الطريقة التي تتصرف بها إيران في الممارسة العملية ، جعلت من نفسها رهينة عقلية وتصورات بأن سيادة إيران مزعجة وغير موثوقة ، في المقابل لدى الحكومة الإيرانية انطباع بأن الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بالجمهورية الإسلامية. وهذا النموذج من التصورات والقناعات هو نتاج اللهجة والخطاب القومي للحكومتين. طبعا ليس الامر كذلك دائما بان الشعارات المتضاربة بين الجانبين تغلق مسارات تعاونهما في المجالات المتاحة وتضيق نطاق وطبيعة هذا التعامل.
7. من ابرز الأمثلة على ذلك ، المحادثات النووية ، التي كانت في الاساس ذات طابع تقني بحت وتوصلت الى اتفاق والى نموذج لكيفية تمكن الجانبين من التعامل في اطار دبلوماسية بناءة طالما ليس فيها مساس بقضاياهما المركزية وخطوطهما الحمر، لكن نفس هذا النهج والخطاب اللذين اشرنا اليهما أديا الى اصابة الاتفاق النووي بالشلل وربما ستدمرانه.
8.ان غياب تفهم وادراك صحيحين لدى البلدين تجاه احدهما الاخر كان من أحد العقبات الرئيسية أمام تحسين العلاقات بينهما ، وما أخفقت الولايات المتحدة في فهمه مرارًا وتكرارًا هو أن إيران تريد معاملتها باحترام وكرامة. وهذا أمر أصر المسؤولون الإيرانيون عليه مرارًا وتكرارًا ، لكن واشنطن تجاهلته إلى حد كبير.
9.إذا نظرنا إلى سجل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران ، يتضح مدى التقدم الدبلوماسي الذي تم إحرازه كلما كانت الولايات المتحدة على استعداد لإظهار الحد الأدنى من المرونة والاحترام لاهتمامات إيران ومصالحها ، والعكس صحيح ؛فعندما تظهر واشنطن بوادر الإذلال وعدم الاحترام تجاه ايران فان المحادثات البناءة سرعان ما تنهار.


10. لقد أدى التشابك الثنائي بين الولايات المتحدة وإيران إلى تحويل شعاراتهما إلى “فخ متفجر” يقوض باستمرار الفرص الواعدة امامهما للتفاهم الدبلوماسي. وكان هذا النمط الذي يضرب جذوره في عاملي الاستياء وعدم الثقة هو الذي دفع بالولايات المتحدة لتسحق مكاسب المحادثات النووية الناجحة بعد توقيع الاتفاق عام 2015 وتصعيد الحرب الاقتصادية ضد إيران. وبالتالي يمكن القول إن عدم قدرة ادارة بايدن على الإفلات من هذا “الفخ” يؤكد على قوتها التخريبية.
11. ينصح مؤلفو الكتاب بأن يتحرك الجانبان نحو إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية حتى لا تضيع المزيد من الفرص ولا يزيد سوء التفاهم. إن عدم فهم الحكومة الامريكية لإيران وشعبها عامل تكرر طوال تاريخ العلاقات بين البلدين. إن اقرار دبلوماسية امريكية عادية في إيران سيساعد في التعويض عن هذا النقص.
12. لقد ترك الاعراض عن عودة العلاقات الطبيعية ، الولايات المتحدة في الظلام ، وأغمض أعين واشنطن عن المجالات ذات المصالح المشتركة ،وجعلها رهينة للمزاعم الأنانية والمصالح السلبية الضيقة للجماعات الإيرانية المنفية ،والأيديولوجيين والمنافسين الإقليميين لايران. ليس من المستغرب أنه مع هذه الصورة المشوهة والمحدودة لصانعي السياسة الأمريكيين بشأن إيران ، كانت سياسة الولايات المتحدة تجاه طهران مضطربة للغاية والى هذا الحد . ان العلاقات الطبيعية مع إيران يمكن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى