أحدث الأخبارايرانشؤون آسيويةمحور المقاومة

لماذا تُعلن «اسرائيل» مسؤوليتها عن مهاجمة مواقع ايرانية ؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد صالح صدقيان

في الوقت الذي كانت الاذهان مشدودة تجاه العاصمة النمساوية فيينا ، حيث المفاوضات النووية وجهود رامية لاحياء الاتفاق النووي ؛ استفاق المجتمع الدولي على قنبلة اعلامية فجرتها «اسرائيل» عندما اعلنت الاذاعة «الاسرائيلية» عن مسؤولية جهاز المخابرات «الاسرائيلي» الموساد ، عن تفجير سايبري استهدف منظومة الطاقة الكهربائية في منشأة نطنز النووية التي تبعد 326 كيلومتر جنوب العاصمة الايرانية طهران .

السلطات الايرانية سارعت بالاعلان عن الحادث الذي ليس الاول من نوعه في ذات المنشأة ، لكنها اخبرت عدم وجود ضحايا او اشعاع نووي مما اثار العديد من التساؤلات حول عمق الاضرار التي سببها هذا “العمل الارهابي النووي” على حد توصيف مدير منظمة الطاقة النووية الايرانية علي اكبر صالحي .

هذه ليست المرة الاولى التي تهاجم فيها مواقع او شخصيات ايرانية نووية ، لكنها الاولى التي تتبنى الهجوم حتى وان كان بشكل غير رسمي بيد انها سعت الى اعطاء دلالات على تورطها في الهجوم . ويجب ان نتذكر ان «اسرائيل» كانت ايضت قد تبنت الهجوم على السفينة الايرانية “ساويز” الاسبوع الماضي قبالة ساحل جيبوتي .

السؤال : مالذي حصل حتى تتبنى «اسرائيل» المسؤولية حيال هكذا اعمال حتى وان كانت تتعارض مع المواثيق والقانون الدولي ؟ .

امر مقلق و غريب ان يحصل تغيير واضح في سلوك «اسرائيل» حيال المواجهة مع ايران في الوقت الذي يتزامن السلوك الجديد مع المفاوضات النووية التي تجري في فيينا .

سابقا لم تتحدث «اسرائيل» عن اي مسؤولية سواء في عمليات اغتيال علماء نوويين او قصف مقرات او دعم جماعات ارهابية او اي عملية تشن ضد طرف اخر ؛ لكنها منذ فوز الرئيس الامريكي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية والاعلان عن عزمه احياء الاتفاق النووي مع ايران تنتهج مساراً آخر في سلوكها .

واضح ان «اسرائيل» باتت مقتنعة انها لا تستطيع التاثير على مسار المفاوضات النووية ، ولا يمكن التاثير على المجموعة الغربية التي تريد احياء الاتفاق النووي من خلال عودة الجانب الامريكي لطاولة 5+1 . هذا القناعة جعلتها تفكر بمسار جديد وهو خلق بيئة مناسبة لشن حرب في المنطقة بعدما عجزت عن ذلك في عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب .

السيناريو الذي تتبعه «اسرائيل» حاليا هو مهاجمة موقع مهم داخل ايران او خارجها ومن ثم التلويح بمسؤوليتها لاحراج ايران واستدراجها للرد . وعندما ترد ايران سيكون هناك مبرر من اجل الرد المقابل ، وهو ما تهدف اليه من حدوث مواجهة عسكرية مع ايران تكون مبررا لتوريط الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة في حرب تكون على المقاسات «الاسرائيلية» . وفي هذه الحالة تكون «اسرائيل» – هكذا تفكر – قد حققت هدفين ؛ الاول انهيار المفاوضات النووية ، والثاني شن حرب على ايران لا تنتهي الا برفع الراية البيضاء وتحقيق «الامن الاسرائيلي» .

بطبيعة الحال مثل هذا السيناريو الساذج ينسجم مع الواقع الداخلي المربك والمشاكل التي يواجهها نتن ياهو في تشكيل الحكومة والملفات القضائية التي تنتظره ؛ وبالتالي هذا السيناريو يساعده على تصدير مشاكله خارج الكيان لتحقيق اهداف داخلية وخارجية على حد سواء .

ايران لا تجهل حاجة نتن ياهو لمثل هذا السيناريو كما انها لا تريد الاستدراج بما يريد الكيان «الاسرائيلي» ولا يمكن التصور بانها ستنجرّ لذلك من خلال ضبط توقيتها على الساعة «الاسرائيلية» ؛ اللهم الا اذا ايقنت ان المواجهة العسكرية مع «اسرائيل» تخدم مصالحها الوطنية وتوجه ضربة موجعة تُعيد من خلالها « توازن الرعب » وترسم معادلات جديدة في الصراع مع «اسرائيل» .

لكن السؤال يبقى هل سترد ايران ؟ وكيف ؟ واين ؟ ومتى ؟ .
ايران قالت انها تحتفظ لنفسها الرد في الزمان والمكان المعينين لكنها لم تخفِ استعدادها لمواجهة عسكرية حتى وان شاركت فيها الولايات المتحدة حيث نقل مسؤول ايراني كبير ان خيار الرد العسكري مطروح على الطاولة وهو يعتمد على تطورات المواقف الاقليمية والدولية وتحديدا نتائج المفاوضات مع المجموعة الغربية ، لكنه قال ان ذلك لا يعني ان تمتنع ايران من تفعيل اوراقها السياسية والدبلوماسية .

المتوقع ان يقوم المفاوض الايراني بتوظيف حادث منشأة نطنز في مسارين ؛ الاول في المفاوضات الجارية في فيينا حيث يتشدد في مواقفه ومطالبه لاحياء الاتفاق النووي خصوصا فيما يتعلق برفع الحظر الاقتصادي ؛ اما المسار الثاني هو رفضه الكامل لمناقشة منظومته الصاروخية والعسكرية مع الجانب الغربي بسبب المخاطر التي تسببها «اسرائيل» لأمن ايران القومي ؛ اضافة الى عدم تخليه عن اصدقائه في الاقليم وبذلك يتحرر من الضغوط التي يتعرض لها في هذا المجال .

مرة اخرى تبرز اهمية تشكيل هياكل امنية اقليمية لدول المنطقة لمواجهة اي مغامرة غير محسوبة النتائج يقوم بها الكيان «الاسرائيلي» ضد دول المنطقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى