أحدث الأخبارالإسلامية

لماذا نحبّ علي بن أبي طالب عليه السلام؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - د.محمد العبادي

عذراً يا أمير المؤمنين ان أتحدث عنك وانت الطود الشامخ ،وأنى لهبائة صغيرة عالقة في سفح جبلك الأشم ان تصفك .
عذراً منك يا أمير المؤمنين ان اصفك وأنت الذي شيدت بنيان الكمال ورفعت دعائم العز للإسلام .
عذراً منك يا أمير المؤمنين أن انعتك وانت الذي صارت إليك مواريث مكارم الأخلاق .
سيدي أبا الحسن اسمح لي ولو لمرة واحدة أن اتملق عواطفك ..
يا أمير المؤمنين أنا أحد الأدعياء الذين يدعون محبتك وأسألك بحق كل من إدعى حبك صادقاً؛ ان تسمح لي في ان اقف على اطراف ساحل بحرك اللجي. سيدي دعني اتملق قليلاً إليك من دنيايي السفلى وانت عند العلي الأعلى ؛ وأقول :لو كان المتنبي معاصراً لك للوى عنق قصائده ونسى نفسه واهداها إليك، ولقال ( وكم من جبال جبتَ تشهد أنك الجبال …وبحر شاهد انك البحر) .
ان التاريخ يقول انك قد نشأت في بيت النبي (ص) ( ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما) .
وماذا عسى ان يكون ذلك الإنسان الذي يتكفل الرسول وزوجته خديجة بتربيته غير أن يكون صاحب الكعب المعلى في الإسلام( ولقد علمتم موضعي من رسول الله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ).
نعم إن ذلك الشبل الشجاع، والمغوار الإلهي ، والتلميذ الوتر لرسول الله هو علي عليه السلام( ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر امّه ).
لقد كان الرسول (ص) هو المعلم والمربي الأكبر ، وألقى ما في جوفه إلى صدر علي عليه السلام ، وقد كان يقول (كنتُ إذا سألته أجابني ، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني).
لقد كان مخلصاً لله ودفعه ذلك الإخلاص إلى الإهتمام بالقرآن وبأحاديث الرسول ،ولذا فقد جمع القرآن وذيله بالاحاديث النبوية الشريفة ثم أتى به يحمله لتستفيد منه الأمة، لكنهم رغبوا عنه .
لقد كان علي عليه السلام هو الأذن الواعية وكان يقول ( ماسمعت من نبي الله كلاماً إلا وعيته وحفظته فلم أنسه).
ياإلهي إننا عاجزون عن فهم وإدراك ذلك الذي يسمعه ويراه علي عليه السلام ! ( كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي ينطق به ..) فالطف بنا يارب وتفضل علينا لنشم من ذلك النسيم وعرفه الفواح .
لقد شهد علي عليه السلام المشاهد والمغازي كلها مع الرسول إلا واحدة، ورأينا أثره الاستثنائي فيها ،ولم نر اثراً لغيره يضاهيه .
ما لنا لا نحب علي عليه السلام؟! وهل رأيتم شاباً يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ويبيت في فراش النبي الأكرم ويوهم المشركين عن الفتك به؟ ياله من مكان ودثار مبارك قد تدثر فيه علي عليه السلام ، ليتخذ النبي الليل جملا ويتريث في سرى . إنه دثار الإيثار والتضحية بالنفس .
وهل رأيتم فتى غير علي لايلهو كما يلهو صبيان قريش قد تدرع بالجد ويكون عضداً للرسول ويتخذه وزيراً في يوم المنزلة ؟.
لقد كان علي عليه السلام أزهد هذه الأمة واتقاها ، وقد اكتفى من دنياه بقرص شعير، ولباس كان يرتقه ،ونعل كان يخصفه بيده الشريفة (يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ماجشب) ، فلم لا نهوى علي عليه السلام وعلى حد تعبير الشاعر ( أنا لا أناقش حبك ..فهو نهاري) .
لقد علا محل علي المعنوي على أهل زمانه ، وجاوزت به الرتب في العبادة رتب العابدين؛ فكان يقوم أدنى من ثلثي الليل أو نصفه في خلوة إلى ربّه قد وصفه فيها ضرار الليثي فقال: ( فأشهد بالله لقد رأيته وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السقيم ويبكي بكاء الحزين ..)
إنه عابد هذه الأمة الأول بعد نبيها. هل رأيتم راكعاً يتصدق بخاتمه؟ وهل رأيتم صائماً يبقى طاوياً على الجوع، ويمنح طعامه لمسكين ويتيم وأسير لثلاثة أيام متتالية؟!
هل رأيتم مجاهداً تأخذه سنة من النوم لفرط التعب، ويتخذ تراب الأرض مهداً،ويلقبه الرسول بأبي تراب ويبتهج بهذا اللقب والوسام النبوي؟!
هل رأيتم رجلاً قضى نشأته وشبابه ذائداً عن الإسلام كعلي بن أبي طالب عليه السلام ؟
أنّه قد جفا الدنيا فزويت عنه ، وطلقها فنابذته وأعلنت خصومتها له . لقد كان متعالياً فتمحضت اخلاقه وحطت المكارم بركائبها عنده واستنارت مناقبه وسرى منها إلى الخلق النور .
لِمَ لا نحب علي عليه السلام وهو الذي ملك مفاتيح ما استغلق من أبواب الدنيا والآخرة .
نعم نقولها اننا نحب أمير المؤمنين عليه السلام ، وعسى أن تنفعنا عواطفنا وترفعنا إلى إتباع سيرته الغنية ونشاهد ذلك على صفحة الليالي والأيام واخلافها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى