أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةاليمنشؤون آسيويةمحور المقاومة

لن ينفع ذلك أمريكا ولا تركيا .. وستكون السعودية أكبر الخاسرين

مجلة تحليلات العصر الدولية - هلال عون

بات جليّاً أن موازين القوى العسكرية والأمنية ،أصابها اختلال كبير لصالح اليمن ،خاصة مع انفراط عقد تحالف عدوان (عاصفة الحزم) ، والتقدم الكبير لسلاح الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية التي تدكّ عصب الاقتصاد والأمن السعوديَّين .
وربما بات السعوديون يعلمون الآن أن استعادة اليمنيين لمأرب ، مع استمرار الحرب، يعني أن الحدود السعودية لم تعد آمنة ، وأنه يمكن لليمنيين دخول الاراضي السعودية .
كما بات السعوديون يعلمون قدرة اليمنيين ، عمليا، على تهديد الاقتصاد السعودي وعصَبه (ارامكوا) وتعطيلها .
(لذلك، تعمل ، وستعمل السعودية، بسرعة أكبر على إنهاء حربها بشتى الوسائل..).

ولذلك أيضا على اليمنيين ألا يُقدّموا أي تنازلات ، وألا ينخدعوا بأي إغراءات، بغير ضمانات، وأن يكون شرطهم الأول والحازم هو وقف العدوان على اليمن وانسحاب القوات الأجنبية منه ، والتعويض عن الأضرار التي خلّفتها الحرب.
وبعد ذلك يمكن أن يفكروا بالجلوس على طاولة المفاوضات لتحقيق الأمن في المنطقة.
القناعات السعودية السابقة حول مجريات الحرب ومساراتها المستقبلية المتوقعة، هي التي دفعت بالسعودية إلى فتح الباب، مكرهة، لتركيا (اردوغان الإخوانية) كي تدعم الجماعات الارهابية، المعادية للحوثيين في اليمن ، ومنها حزب الاصلاح الإخواني ، ورفدهم بإرهابيين مرتزقة متطرفين سوريين.. !!
وبذلك يعتقد اردوغان أنه سيحقق مجموعة من الأهداف التي كان يحلم بها ، ولكن واقعيا، لم يكن ممكنا له تحويلها من حلم إلى واقع.
وهو سيستغل ببراغماتيته واطماعه كل ذلك لتوسيع نفوذه في المنطقة ، وهي الفرصة التي يعتبرها ذهبية .

ومن جملة أهدافه التي فتحت له السعودية الباب لتحقيقها ، هي :
– إعطاؤه دورا في الحرب ضد اليمن .

– إعطاؤه دور القيادة في العالم الإسلامي ، حتى عند الدول المعادية للإخوان ، كالسعودية ومصر والامارات .

– فتح الباب له لتحسين علاقاته بمصر ودول الخليج ، الامر الذي سيقوي حضور وتأثير دور الإخوان في العالم .

– مساعدته ضد الضغوط الامريكية التي يمكن أن يمارسها عليه بايدن ، لجهة تحجيم دوره وإخضاعه ، وإعادته ضعيفا إلى زريبة الحلف الاطلسي .

التطورات السابقة أيضا هي التي دفعت بالنظام السعودي باتجاه الروس ، والاعلان عن رغبتهم ومساندتهم لحل « الازمة السورية بالتعاون مع روسيا » .
والروس يتلقفون الفرصة أيضا لغيير موقف بعض الدول المعادية لسورية والتي تساهم منذ عشر سنوات بالحرب عليها ، ومنها دول الخليج و، وربما وتركيا .

السؤال : أين دور إيران وسورية والعراق ولبنان من كل هذه التطورات :
الواقع هو أن هذه الدول ، مع اليمن، هي التي صنعت ، بصمودها ، هذا الواقع الجديد بإضعاف خصومها وتغيير موازين القوة ، وهي التي ستفشل الدور الجديد المأمول اردوغانيا ، بل ستحوله إلى خطوة متعثرة تركيّاً وغير محسوبة النتائج ..
إن محور المقAWمة هو بيضة القبان الآن في الاقليم ، وبموافقته ،فقط،على اقتراحات الحلول المتوقعة سيخرج الدخان الأبيض في نهايةالمطاف ..
لأن هذه الدول تخوض حربا ذات اهداف واحدة على جبهات متعددة .
ومن الطبيعي أن يكون التنسيق بينها في أعلى مستوياته ، وأن لا يتم اتخاذ القرارات دون التشاور والتوافق فيما بينها.
واهدافها هي إنهاء الحروب التي تُشن عليها ، وإنهاء السيطرة الأمريكية على مقدرات و قرارات دول المنطقة .

ولذلك فمن المنطقي أن يطرح السؤال التالي نفسه :
أين أمريكا ( القوة الاعظم في العالم من كل ما يجري في منطقة يخضع معظم قادتها لها )؟
لا شك أن امريكا تراقب التطورات التي تجري ، مع الاخذ بالاعتبار أن متغيرات حصلت وستحصل في سياساتها الداخلية والخارجية .

– داخليا : هي تهتم اكثر بمشاكلها الداخلية لجهة الانقسامات التي يمكن أن تحدث داخل المجتمع الامريكي اجتماعيا وسياسيا وصحيا واقتصاديا ، خاصة مع دراسات تشير إلى حتمية انتهاء استخدام الدولار كعملة عالمية في اسواق النفط ، وبالتالي اضعاف قدرتها على استخدام سلاح العقوبات الخطير الذي تمارسه ضد العديد من دول العالم التي لا تخضع لإرادتها ..
ويدعم هذه الاحتمالات بقوة التكتلات الاقتصادية العالمية التي ترسم سياستها ببطء منذ عدة سنوات ، كتكتل شنغهاي و بريكس .

– خارجيا : توجيه جل جهودها باتجاه مواجهة الصين التي تشير التقارير الى انها اصبحت القوة الاولى اقتصاديا ، متجاوزة امريكا ..
وكذلك ضد روسيا ودورها المتعاظم عسكريا وسياسيا .
ومن المؤثرات أيضا ، مواجهتها مع ايران، لضمان عدم دخولها «نادي» الدول النووية العسكرية .
يضاف الى كل ما سبق ، ويجب اخذه بالاعتبار ،رغبتها بمعاقبة ابن سلمان وباضعاف دوره لمصلحة شخصية اخرى من عائلة بني سعود ، أو لاستغلاله ماليا ، على طريقة ترامب.
ويمكن ان نضيف ايضا انخفاض اهتمام امريكا بمنطقة العالم العربي لانخفاض اهمية النفط بالنسبة لها ، لأسباب متعددة قد يكون احدثها التوجه باتجاه الطاقة النظيفة .
واخيرا ،يمكن الحديث عن اقتناع امريكا الضمني بأن قرار ايران والعراق وسورية ولبنان بإخراج قواتها من سورية والعراق بالمقاومة الشعبية هو قرار جدي ولا رجعة فيه لأنه قرار استراتيجي لا تكتيكي ، مدعوم بعقيدة اخلاقية وسياسية ودينية .
و لذلك فإن موقف امريكا هو المراقبة والتأثير بالاحداث بما يضمن لها النزول عن شجرة مواقفها السابقة ، وبما يقلل من خسائرها ،و يضمن لها دورا مقبولا ، يمكن التوافق عليه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى