أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةاليمنمحور المقاومة

لهذه الأسباب كانت تصريحات بن سلمان تصالحية مع إيران والحوثيين

مجلة تحليلات العصر الدولية / صحيفة الاحداث - صلاح السقلدي

لا شك أن السياسة المرنة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية في عهدِ الرئيس (جو بايدن) تجاه إيران قياساً بالسياسة المتطرفة في عهده سلفه ترامب ،وكذا المؤشرات الإيجابية عن قُـــرب التوصل لتسوية أمريكية أوربية مع طهران في مضمار المفاوضات التي تجري اليوم في العاصمة النمساوية( فيينا) بشأن الملف النووي الإيراني،قد قطعت الآمال لدى المملكة العربية السعودية في الاستمرار بعزل إيران وضربها عسكريا وجعلها أي السعودية بالتالي تدركُ ألّا مناص لديها من إحداث تغييرا إيجابيا في السياسة السعودية تجاه إيران وتغيّــر من أسلوبها العدائية مع جارتها القوية( إيران)، ليس فقط إنفاذا للحاجة والمصلحة السعودية العليا في إقامة علاقة طيبة مع طهران وتجنيب المنطقة ويلات الحرب بل لحاجة المملكة لإيران في المساعدة للخروج من مأزق الحرب باليمن بعد فشلها أي المملكة وحلفائها المحليين باليمن عسكريا في هذه الحرب وتعثر تحقيق هدفها الرئيس ببلوغ صنعاء وإعادة السلطة اليمنية المدعومة سعودية الى سُـــدة الحكم هناك.
ففي تصريح محمد بن سلمان مساء الثلاثاء مع التلفزيون السعودي بمناسبة مرور خمسة أعوام لرؤية 2030 م، بدأ الرجُــل متوددا كثيرا لإيران وللحركة الحوثية لأول مرة منذ اعتلائه منصب ولي العهد، حيث قال: ( إيران دولة جارة، نريد أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران.. لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس نريد إيران مزدهرة، لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في السعودية لدفع العالم والمنطقة للازدهار .. ونعمل اليوم مع شركائنا في العالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقاتنا طيبة وإيجابية في منفعة الجميع . ).
وبشـأن الحوثيين كان الأمير السعودي أكثر مرونة معهم أيضاً، وظهَـــرَ بلهجةٍ تصالحية لخطب ودِّهم للقبول بوقف الحرب وبمبادرة بلادة الرامية لوقف هذه الحرب، مُــبديا استعداد بلاده منح الحوثيين كل ما يريدونه مطالب مقابل قبولهم بوقف الحرب، بعكس تصريحاته العدائية التي درجَ عليها خلال السنوات الماضية، حيث قال لذات القناة التلفزيونية : (لا شك ان الحوثي له علاقة قوية بالنظام الايراني لكن ايضا الحوثي في الاخير يمني ولديه نزعة العروبية واليمنية الذي اتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر. مضيفاً: (العرض المقدم من السعودية هو وقف اطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف اطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات).
فالمملكة العربية السعودية التي باتتْ تغرق في رمال اليمن المتحرك الملتهبة أصبحت اليوم تواقة لوقف الحرب أكثر من أي وقتٍ مضى وصارت فعلا جادة في ذلك تماما، بعد أن وجدت نفسها وحيدة في التحالف الذي أعلنته قبل أكثر من ست سنوات بعد أن أنفض من حولها كل شركاؤها الإقليميين بهذا التحالف، كان آخرهم الإمارات العربية المتحدة، وبعد أن انقلب حُـلمها من تحقيق انتصارا عسكريا سهل على الحوثيين الى كابوسٍ وهزيمة عسكرية وشيكة تلوح بوجهها ،خصوصا مع تشديد الحوثيون الخناق على آخر وأهم معقل سياسي وعسكري للحكومة اليمينة الموالية لها ،ونعني هنا مدينة مأرب شمال شرقي البلاد، وبعد أن تصدّعَ عسكريا وسياسيا جدار معسكر حلفاء المملكة بالداخل اليمني وبالذات في الجنوب،وبعد أن تطور هذا التصدع الى صراع مسلح بين هؤلاء الشركاء وتحديدا بين قوات الحكومة الموالية لها وبين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الطامح بطرد هذه القوات من الجنوب وإعلان استعادة دولة الجنوب اليمني السابقة. وبعد أن تغيّــر الموقف الأمريكي رأسا على عقب تجاه هذه الحرب بقدوم إدارة بايدن وانصراف سلفه المتطرف ترامب، وشعور السُـلطة السعودية بأنها باتت في مربع شباك القناص الأمريكي من عدة زوايا، منها الزاوية الحقوقية.
كل هذه العوامل الصادمة وغيرها من العوامل الضاغطة هي مَـن حمَــلَ اليوم الأمير بن سلمان وكبار المسئولين السعوديين الى تغيير مواقفهم المتصلبة وتعديل خطاباتهم ولغة الوعيد العنيفة حيال ايران والحوثيين، وجعَــلَهم (المسئولين السعوديين) يستبدلونها بما هو أليَــنُ وأنعمُ من الخطابات الهادئة والحصيفة ينشدون بها وقف الحرب بأي ثمن كان يطلبه الحوثيون نظير خروج المملكة من هذه الورطة التاريخية التي تمر بها باليمن.فهل تتمكن السعودية من إيجاد سُــلّــم سياسي ينزلها من فوق علو الشجرة التي أرتقتها منذ بداية الحرب؟.وهل نرى بالمقابل تجاوبا حوثيا إزاء هذه المواقف السعودية المتقدمة؟.. هذا ما ستبديه لنا الأيام ومما نجهله ,وما ستأتينا به معارك أرض سبأ من نبأٍ يقين في قادم الأسابيع والشهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى