Uncategorized

مؤتمر اربيل… والعراق الممانع

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. محسن القزويني / صحيفة الاحداث

صفعة جديدة تلقتها اسرائيل من الشعب العراقي برفض مؤتمر اربيل للتطبيع، وملاحقة الحاضرين إلى المؤتمر قانونيا تصل لحد الاعدام, وباجراءات  عشائرية تصل لحد الطرد من العشيرة.
لقد ظنت اسرائيل ان العراق كبقية الدول العربية المطبعة قابل للتطويع وظنت انه جاء دور العراق ليدخل في خانة اتفاقيات ابراهام، فاقدمت على خطوة غير مدروسة صرفت من اجلها اموالا طائلة وحشدت لها جهودا دولية ومحلية وبمساندة جهات حكومية معروفة بارتباطها الوثيق باسرائيل، اطلت علينا اخيرا بمسرحية واهية لم تُحسن اخراجها ولم تضبط ايقاع الممثلين الذين تعاقبوا على المسرح.
فابطال المسرحية عادوا بعد ساعات ليعلنوا بملاء أفواههم: ان ما تم في المؤتمر لم يكن الا خدعة اسرائيلية واعترفوا بسذاجتهم عندما شاركوا في مؤتمر عنوانه شيء ومحتواه شيءٌ آخر.
ولم يمر على الاعلام الاسرائيلي الا ساعات لينقل اخبار فشل المؤتمر وتراجع القائمين عليه، واعلانهم بانهم ضد التطبيع فتحولت فرحتهم إلى حزن سرمدي.
ولم يكن ليحدث ذلك لو لا موقف الشعب العراقي الذي كان رده سريعا جدا ليعطي للعالم أجمع بأنه شعبٌ ممانع، وانه لا وجود لاسرائيل على أرض العراق.
لقد سارعت العشائر العربية بالبراءة من الذين شاركوا في المؤتمر.
وسارعت منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والفكرية بالتنديد بالمؤتمر.
وسارعت الاحزاب والكتل السياسية التي تحط رحالها في العاشر من الشهر العاشر في انتخابات مجلس النواب العراقي لاصدار بيانات الشجب والتنديد .
وسارع العشرات من الشخصيات وعلماء الدين وزعماء العشائر من الأنبار وكركوك وأربيل من العرب والكرد ليأتوا إلى كربلاء ثم ليلتقوا بعلماء من فلسطين جاؤوا لأول مرة ليشاركوا العراقيين حزنهم على الامام الحسين عليه السلام في أربعينيته المليونية معبرين عن رفضهم لكل أشكال التطبيع واستعدادهم الكامل في المضي للدفاع عن تراب فلسطين مهما طال الزمن ومهما زادت اسرائيل في عجرفتها وطغيانها على الشعب الفلسطيني.
لقد أخذت اسرائيل درسا لن تنساه من العراقيين، فلا تقترب بعد اليوم إلى العراق على رغم محاولاتها منذ 2003 وحتى اليوم في الاقتراب من العراق من خلال أحزاب أو شخصيات أو مؤسسات، فقد أدركت ان العراق لا يختصر باشخاص أو أحزاب موالية لاسرائيل  وحتى النظام السياسي لم يلد في خلده يوما ان يطبع العلاقات مع اسرائيل لانه يعلم بأنه سيُواجه برد فعل عنيف من الشعب يقطع عليه الطريق نحواية محاولة للتطبيع.
ودرسٌ آخر ستأخذه الدول العربية غير المطبعة والتي تريد اللحاق بالقطار الاسرائيلي بأنها ستنال درساً من شعوبها لا يقل عما ناله الحاضرون في مؤتمر اربيل من رفض شعبي ونبذ عشائري.
وأخيرا اذعنت اسرائيل بان خيار العراق هو المقاومة وانه لا يرضى بالوجود الاسرائيلي على ارض فلسطين المغتصبة، وانه يقف مع المقاومة الباسلة في دحر العدوان، ومهما ستبذل من مساعي في مجال التطبيع مع العراق فانها ستجد هذا البلد كالصخرة الصماء التي لم تتزعزع منذ حرب 48 و67 و73.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى