أحدث الأخبارالإمارات

ماذا تنتظر ألامارات من علاقة التطبيع الرسمي مع اسرائيل ؟

مجلة تحليلات العصر الدولية

د . جواد الهنداوي .
سفير سابق /ر. مركز الدراسات العربية الأوربية
للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل
٢٠٢٠/٨/١٨.
لم تكْ للإمارات حاجة سياسية او اقتصادية او اجتماعية او جغرافية للتطبيع مع اسرائيل . علاقة التطبيع هي ،بالأحرى ،حاجة آنيّة و استراتيجية امريكية و اسرائيلية ، و ما على الامارات اليوم ، وعلى غيرها غداً وفي التوقيت المناسب ،الاّ الانصياع والتنفيذ . سّرْ وجود الامارات على خارطة و جغرافية المنطقة يتمثّل في هذه الحاجة الآنية و الاستراتيجية الاسرائيلية و الامريكية .
علاقة التطبيع الرسمي هي اعلان لاختتام مرحلة التعاون الإماراتي الاسرائيلي السري ، و جوهره وطبيعته تآمر على قضية فلسطين لإيصالها الى المحطة التي وصلتها اليوم ، وهي ( محطة تصفية القضية الفلسطينية ) ، و كي نكون منصفين و موضوعيين ، ساهمت بعض القيادات و الشخصيات الفلسطينية و العربية في ان تصل قضية فلسطين الى محطة التصفية ؛ ايضاً ،من أهداف التعاون الإماراتي الاسرائيلي السري تآمر على مصالح العرب كقوة و كأمة و كدولة ، و تآمر على مصالح المنطقة ، ولصالح امريكا والإمبريالية و الصهيونية .
لا شئ تنتظره الامارات من علاقة التطبيع سوى رضا امريكا و اسرائيل و حمايتها ، لا مِنْ ايران و إنما من الأشقاء .أولمْ يغزوا العراق الكويت ! أَوَلمْ تتحدث تقارير صحفية عن ما كان في نيّة المملكة العربية السعودية من خطة لغزو قطر ! امريكا واسرائيل ،كلاهما ينتظران من الامارات المزيد من الانخراط والعطاء في ارساء و ترسيخ و توسيع هذه العلاقة .
عبّدت الامارات طريق التطبيع الرسمي بين دول الخليج و اسرائيل ، و ستسلك البحرين ، وقبيل الانتخابات الامريكية ، الطريق ، وتليها عربة المملكة العربية السعودية ، وهذا ما ينتظره نتنياهو و ترامب .
لن تكنْ منطقة الخليج بعد التطبيع كما هي قبل التطبيع . لماذا ؟
أولاً : لن تستطعْ ولن تفكّر اسرائيل حماية دول الخليج ، القواعد العسكرية الامريكية و الغربية المنتشرة في دول الخليج تكفي لطمأنتها و حمايتها عند الضرورة ، و عدم فاعلية وتدخل القواعد العسكرية المتواجدة على ارض وبلدان الخليج عندما احتل العراق الكويت دليل آخر على ان غزو الكويت كان بتآمر وبفكرة وبتخطيط امريكي ولكن بتنفيذ صدام ونظامه السابق ولغرض توريط العراق والمنطقة وابتزازهما.
ثانياً : ستصبح دول الخليج مرتعاً خصباً لنشاطات الموساد و التجسس الاسرائيلي على مجتمعات الدول الخليجية ذاتها و على ايران والمنطقة ، لاسيما وأنَّ عدد كبير من مواطني الامارات وباقي الدول الخليجية هم من أصول ايرانية ، وأنَّ الحضور الاقتصادي والاجتماعي لإيران في مجتمعات دول الخليجية مهم و مؤثر .ايران تدرك هذا الامر جيداً ولن تقف ،ازاءهِ ،مكتوفة الأيدي وتنتظر ،بل ستنشط اكثر وسيكون لها دور امني و استخباراتي اكثر ، في مجتمعات وفي دول الخليج .
ستكون ساحة الخليج منطقة حضور وتنافس استخباراتي وامني بين ايران و حلفائها و اسرائيل وحلفائها . ستنظر ايران لجيرانها الخليجيين و المطبّعين مع اسرائيل على انهم حلفاء او أصدقاء لاسرائيل ويشكلون خطراً وتهديداً على أمنها القومي و الاستراتيجي ،طالما الخصومة او العداوة قائمة بين اسرائيل وإيران ، وطالما بينهما تهديدات و تفجيرات و اغتيالات .
هنا نفهم جيداً حرص امريكا و اسرائيل وأصدقائهما من العرب و استقتالهم على تغيير النظام في سوريا ، وسعيهم ان تكون الحكومات في العراق وفي لبنان وفي اليمن ليس فقط موالية لأمريكا وانّما حكومات تساعد امريكا واسرائيل على تنفيذ خططهما والسير في ركابهما .
العلاقات الرسمية الاسرائيلية العربية ، والتي ابتدأت في سبعينيات القرن الماضي قادت الى تصفية القضية الفلسطينية ، و قادت الى تنّمر اسرائيل في المنطقة ، وقادت الى تدمير المنطقة وضياع بوصلة العرب وتشتتهم و ضياعهم . العلاقات الخليجية الاسرائيلية ستفاقم سوء و تخلف الواقع العربي سياسياً و اقتصادياً وأمنياً . علينا ،من الآن ،حذف بعض المفردات من القاموس العربي السياسي : لن يكْ لمصطلح ” الإجماع العربي ” و لا لمصطلح ” الإجماع الخليجي ” ، و لا لمصطلح الجامعة العربية او قرارات القمم العربية ، او المبادرة العربية للسلام استخدام او فائدة تُذكرْ .
على الجامعة العربية ان تجتهد كي تقوم باستبدال المبادرة العربية للسلام بمبادرة الانصياع للتطبيع والتركيع ، لا سيما و كثير من الدول العربية التزمت جانب الصمت ، ولم تتبنْ موقف تجاه التطبيع الخليجي الاسرائيلي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى