أحدث الأخبارفلسطين

ماذا كشف قائد ميداني في “القسّام” للخنادق عن نشاطها عند حدود غزّة؟

مشهد من التحدي والإصرار على فرض واقع المقاومة، هذه كانت رسائل كتائب القسّام من إعادة ترميم مرصدها “فاتح” عند حدود قطاع غزّة، ورفعها العلم الفلسطيني وصور شهداء كتيبة جنين الثلاث، في مدّة زمنية قياسية (ساعات أو يوم واحد) بعد أن أقدم كيان الاحتلال على قصفه رداً على صاروخٍ أطلق باتجاه مستوطنات مدينة عسقلان المحتلّة الأسبوع الماضي.

يمثّل هذا المرصد نقطة استطلاع لوحدة الرصد البري في “القسّام”، ويتميّز بأنه من النقاط الأكثر قرباً من الحدود ويقع قبالة مستوطنة “نتيف هعسرا” التي لا تبعد عن الشريط الحدودي سوى مئات أمتار ما يجعل وجود المقاومة عند هذه النقطة خرقاً أمنياً للاحتلال. وبارتفاع 15 متراً يتجاوز “فاتح” الجدار الفاصل ويبطل جزءً من المزايا التي يؤمنها.

انطلاقاً من هذا الحدث، تبرز أهمية عمل مجموعات الرصد البري وتمركزها عند حدود القطاع وانعكاساته على مجمل الصراع مع الاحتلال، وهذا ما يشرحه القائد الميداني في كتائب القسّام “أبو الحسن” في مقابلة خاصة مع موقع “الخنادق”.

قال “أبو الحسن” أنه “بعد معركة العصف المأكول عام 2014 أوجدت المقاومة، التي تخوض حرباً غير متكافئة، واقعاً مختلفا جعلته يدرك أن القسام والمقاومة لا يمكن القضاء عليها بالضربة القاضية، ونجحت كتائب القسام في تضييق مساحات الأعمال التجسسية للعدو في التخوم الشمالية والشرقية، هذه الإنجازات تراكمية عبر المعارك التي خاضتها المقاومة سابقاً وفرضت من خلالها المعادلات”.

لخّص القائد في القسّام هذا الواقع الذي فرضته المقاومة، بعناوين، أبرزها:


بناء المراصد

بنت كتائب القسام على خط التماس مع العدو العديد من المراصد التي تراقب كل تحركاته وأنشطته، ما يجعل جنوده هي في مرمى نظر ونيران المجاهدين، مع غياب قدرته استهدافها نتيجة قواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة.

تشييد مواقع التدريب العسكرية على تخوم القطاع

وهنا أيضا فرضت كتائب القسام معادلة اخرى تتمثل في بناء وتشييد مواقع التدريب العسكرية مثل موقع فلسطين في أقصى شمال القطاع، حيث تجري التدريبات لقوات نخبة المقاومة على مقربة من العدو والمستوطنين، وقد تركت عمليات التدريب بالذخيرة الحية رعباً في صفوف مستوطني “نتيف هعسرا” وغيرها من المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.

شق “شارع العودة”

عملت كتائب القسام بالقوة على تقويض المنطقة العازلة التي فرضها العدو بالنيران سابقاً وقامت بشق شارع شرقي القطاع في قلب المنطقة العازلة وجعلته أمراً واقعاً. يمتد الشارع من المناطق الشرقية في رفح وصولاً إلى بيت حانون شمالاً ثم يلتف نحو بحر بيت لاهيا غرباً. إن توصّل المقاومة لهذا الشارع سمح للمزارعين بالعودة الى حقولهم التي هجروها لسنوات بسبب “سيطرة” قوات الاحتلال، تحت حماية معادلات المقاومة.

تابع “أبو الحسن”، أن هذه الإنجازات تأتي في إطار مواجهة التقنيات المتطورة للمراقبة والتجسس التي يوظفها الاحتلال في المناطق الشمالية والشرقية للقطاع – التي تشهد حالة من الصراع الأمني المستمر – من خلال بقاء عين المراقبة عليها ودراسة المقاومة لإمكانيات ووضع الخطط التي تؤمن تجاوزها أو تخفيف تأثيرها. وكان من الشواهد على ذلك عملية الاعماء التي نفذها سلاح القنص لحظة اندلاع معركة سيف القدس في أيار / مايو2021، حيث تم استهداف أجهزة ونقاط رصد تابعة للاحتلال.

فيما يرى القائد أن “كيان الاحتلال يحاول “جاهداً” في كل مرة الضغط وتغيير هذا الواقع والقضم من هذه الإنجازات إلا أن إصرار وتحدي قيادة المقاومة وبسالة مقاتليها على الأرض يفشل دوما كل مساعي الاحتلال بل ومازالت المقاومة تزيد من وتيرة ومساحة إنجازاتها في هذا المجال متخطية الكثير من العقبات والصعوبات، وجاء في هذا السياق ترميم مرصد الفاتح المقابل لمغتصبة نتيف عسراه بعد ساعات من استهدافه”.

أنها معركة وعي!

بالعودة الى ترميم المرصد بهذه السرعة القياسية فإن ذلك أيضاً يندرج ضمن الحرب النفسية والإعلامية التي تمارسها المقاومة فبعد أن تعرّض جيش الاحتلال لانتقادات حول الهدف الذي اختار ضربه “وهو انتقاد شرعي تماما- لفشله في إسقاط نقطة مراقبة كلفت عدة مئات من الشواكل” حسب ما اعتبر المراسل العسكري الإسرائيلي أمير بوحبوط، توجّه بحبوط بالقول الى قادة الجيش “إذا اخترتم مهاجمة نقطة فعليكم التأكد من سقوطها، أو على الأقل قوموا بتصويرها بشكل جيد”. معتبراً ان هذه معركة وعي. لكنه اعترف أيضاً انه “حتى لو قاموا بتدميرها تماماً وتبقى هناك تحتها حفرة كبيرة، لكانوا في حماس سيعرفون كيف سيختارون الكثبان الرملية القريبة والمناسبة وإقامة نفس النقطة العسكرية عليها في غضون أيام قليلة”.
في النتيجة، إن فرض المقاومة لوجودها عند الشريط الحدودي الفاصل يشكّل خطوات أولية في مشروع تحرير مزيد من المساحات المحاذية لقطاع غزّة، ويسلب أمن مستوطنات الغلاف وهو ما شكّل معضلة للمستويات السياسية والعسكرية الاحتلال حيث لم تنجح في استعادته أو “فرض نوع من الهدوء” يسكت أصوات الانتقادات اللاذعة للمستوطنين هناك.

الكاتب: الخنادق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى