أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

ماذا لو لم تكن الأونروا موجودة

مجلة تحليلات العصر الدولية - عماد عفانة

تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين القضية الدولية الأطول عمرا بين قضايا اللجوء في العالم، على الرغم أن المجتمع الدولي أقر عام 1948 ضرورة وجوب عودتهم إلى ديارهم، كحق ثابت من حقوقهم في تقرير مصيرهم.
ففي 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949 ولدت الأونروا، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، وبدأت مزاولة أعمالها في الأول من أيار/ مايو 1950، بغية توفير الخدمات الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في 58 مخيما أنشئت لأجلهم في الأردن وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
عرّفت وكالة “أونروا” اللاجئ الفلسطيني، بأنه “الشخص الذي كان مكان إقامته العادية في فلسطين لمدة لا تقل عن عامين سابقين لنشوب الصراع سنة 1948 وهو الشخص الذي فقد جراء ذلك الصراع، بيته وسبل معيشته، وأصبح لاجئاً ومسجلاً لديها في أحد الأقطار التي تمارس فيها الوكالة عملياتها”، وقد تم توسيع هذا التعريف لاحقاّ ليشمل أبناء وأحفاد اللاجئين.
مر أكثر من 72 عاما على نكبة اللجوء الفلسطيني وأكثر من 70 عاما على تأسيس “الأونروا” التي ما زالت تقدم خدماتها لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في قوائمها، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيش نحو ثلثهم في المخيمات.
حظيت قضية اللاجئين الفلسطينيين بعدد كبير من القرارات، تفوق القرارات التي صدرت بحق أيّ قضية لاجئين في العالم.
أعيد التأكيد على قرار 194 بشأن حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم (الأراضي المحتلة سنة 1948) أكثر من 130 مرة
لكن ماذا كان سيفعل اللاجئون الفلسطينيون لو لم تكن الأونروا موجودة.!.
ماذا لو لم يقوم العالم بحق اللاجئين بأطول حقنة مسكن في التاريخ والتي دامت طوال 71 عاما.
ماذا كان سيحل باللاجئين الفلسطينيين لو لم تنطلق الأونروا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في أيار/ مايو 1950
ماذا كان سيحدث لو لم تتنوع الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين المسجلين لديها بين التعليم، الصحة، الإغاثة، والخدمات الاجتماعية.
ماذا سيكون حال اللاجئين لو لم يغطي عمل الأونروا كل المخيمات الفلسطينية البالغ عددها 58 مخيما:
12 مخيمات في لبنان
10 مخيمات في الأردن
9مخيمات في سوريا
27 مخيم في الأراضي الفلسطينية.
19 مخيما في الضفة الغربية
8 مخيمات في قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 364 كيلومترا مربعا.
لا يشمل هذه الاحصاءات من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية نكسة حزيران 1967.
ولا يشمل أيضًا الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية حرب 5 حزيران/يونيو والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً.
كيف سيكون شكل اللاجئين الفلسطينيين لو لم تدير الأونروا نحو 900 منشأة بين مدرسة وعيادة صحية ومركز تدريب مهني لصالح أجيال اللاجئين.!.
من بين هذه المنشآت، هناك 703 مدرسة تستحوذ على أكثر من نصف ميزانيتها المقدرة بنحو مليار ومائتي مليون دولار سنويا.
ماذا سيعمل اللاجئين لو لم توظف الأونروا نحو 30 ألف من اللاجئين في مؤسساتها.!.
قد يذهب البعض بالإجابة على هذه التساؤلات بالقول شكرا أونروا.
فيما قد يذهب آخرون لتحميل أونروا وزر تأخير ممارسة اللاجئين حقهم في العودة 71 عاما.
يشكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في الضفة الغربية والمسجلون لدى الأونروا ما نسبته 17% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة، ويشكلون نحو 26% من سكان الضفة.
فيما تبلغ نسبة اللاجئين في قطاع غزة، بلغت 25% من إجمالي اللاجئين، ويشكلون أيضا 66% من سكان القطاع، كما بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة في الأردن 39% ،في مقابل 9% في لبنا، أما في سوريا10%، قبل اندلاع الثورة السورية ثلثهم كان يتركز في مخيم اليرموك الذي تم تدمير القسم الأكبر منه في نيسان/ أبريل 2018، بينما بلغت نسبة في الضفة والقطاع 42% من مجمل السكان.
وقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين من مسجلين وغير مسجلين لدى وكالة “الأونروا” 8.990 مليون لاجئ، أي ما يعادل 67.4 % من مجموع الشعب الفلسطيني.
أما عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا يبلغ 6.172 مليون لاجئ.
794 ألف لاجئ موجودون في الضفة الغربية، و1.335 مليون لاجئ في قطاع غزة، ونحو 150 ألفاً من أبناء 1948 مهجرون من أرضهم، والباقي خارج فلسطين.
نود لفت الانتباه إلى أن أرقام هذه الإحصائيات غير دقيقة، فالأرقام ربما تكون أكثر من ذلك إلا أنه ولأسباب سياسية يتم التقليل منها باستمرار، ربما كي لا يعرف الفلسطينيون حجم قوتهم البشرية بشكل حقيقي، وكي لا يقوم الفلسطينيون بتوظيف هذه القوة البشرية كما ينبغي للحصول على حقهم بقوة الديموغرافيا.
حيث تبين الاحصاءات غير الدقيقة أن عدد أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج مع نهاية 2019 (مطلع 2020) بلغ نحو 13.350 مليوناً، نصفهم تقريباً (49.7%) داخل فلسطين التاريخية، والنصف الآخر خارج فلسطين، أي نحو 50.3%.
ويقيم داخل فلسطين 6.637 مليون فلسطيني موزعين على الضفة الغربية 3.02 مليون، وفي قطاع غزة 2.019 مليون، و1.598 مليون في فلسطين المحتلة 1948.
فيما يقيم خارج فلسطين نحو 6.713 ملايين فلسطيني.
كما يقيم نحو 4.29 مليون لاجئ في الأردن.
ويقيم 1.696 مليون في باقي الدول العربية.
ويقيم 727 ألف فلسطيني في باقي دول العالم.
أما عن سبب الاكتظاظ المزمن الذي تعاني منه مخيمات اللاجئين ، فقد أنشأت المخيمات لاستيعاب بضع آلاف من اللاجئين فقط، ولم تراعي التكاثر الطبيعي للاجئين، فتضاعفت أعداد اللاجئين عدة مرات فيما بقيت مساحة المخيمات على حالها ما ضاعف معاناة اللاجئين.
تساهم بعض الدول في تقديم هبات ومساعدات سنوية للأونروا؛ كونها الشاهد الدولي الوحيد على نكبة 48 ومسؤولية كيان العدو الصهيوني والغرب عن نكبة الشعب الفلسطيني ونشوء مأساة اللجوء.
وقد سعت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر محاولاتها افلاس وانهاء الأونروا؛ حيث أوقفت في نهاية آب/ أغسطس من عام 2018 كامل المساعدات الأمريكية لوكالة أونروا.
فيما تعتبر الأونروا أكبر منظمة اغاثة دولية، يعتبرها الكثيرون أكبر حقنة مخدر وأطولها مفعولا في التاريخ المعاصر، ويحملها البعض المسؤولية عن تأخر أخذ ملايين اللاجئين حقهم بأيديهم، وممارسة حق العودة الى بيوتهم وديارهم التي هجروا منها بصدورهم العارية، حيث لن تستطيع حينها جميع اسلحة كيان العدو ابادة أكثر من ستة ملايين عائد إلى أرضه وبيته على مرأى ومسمع من العالم الذي لا يحترم سوى الأقوياء، عملا بنصيحة الشاعر الفلسطيني محمد حسيب القاضي الذي نصحهم في العام 1950 قائلا:
“ولعوا النار بالخيام وارموا كرت التموين”، فلو سمع اللاجئون نصيحته حينه لما استمرت نكبتهم الى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى