أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعوديةشؤون امريكية

ماذا وراء البعرة والدخان ؟!

مجلة تحليلات العصر - د. يوسف رزقة

قالت المرأة العربية القديمة: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، وسماء بلا فجاج، وارض ذات أوتاد ألا تدل على وجود الخالق العظيم، فكان جوابها القائم على الاستنباط العقلي البسيط، وعلى توجيهات الفطرة، إزراء بكل الفلسفات العقلية والكلامية التي أتعبت نفسها وأتعبت المتلقي في البحث عن أدلة وجود الله سبحانه. وإذا كان الدخان حين يرى من بعد دليلا على وجود النار، فقد اختصرت العرب القصة فقالت : لا دخان بلا نار، وصار المثل يضرب في كل مناسبة مشابهة لمورده،
وحين تقول الصحف العبرية مثلا وعن طريق التسريب المتعمد: إن لقاء قمة جمع نيتياهو وبومبيو بولي العهد محمد بن سلمان في نيوم مدينة ٢٠٣٠م، فإنه يمكننا أن نقول : إنه لا دخان بدون نار، وإن وقوع اللقاء محتمل عقلا بدون فلسفة، كما دلت البعرة على البعير، والأثر على المسير، وإن صمت الأطراف رسميا عن تأكيد ما قالته الصحف أو نفيه، لا يغير من واقع أمر محتمل، دخانه كان قبل اليوم المحدد للزيارة، وأثره كان واضحا في ابو ظبي، والمنامة والخرطوم، وفي الجامعة العربية أيضا، فلماذا نشغل أنفسنا في فلسفة الإثبات والنفي، ويكفينا أن نستعير فطرة المرأة العربية القديمة ساكنة الصحراء التي لا تعرف عن الفلسفة والدوبلوماسية شيئا. ولو استعرنا فطرتها لكفتنا.
كانت المبادرة العربية، سعودية المنشأ، ولما تقبلها رئيس المنظمة صارت مبادرة عربية، وكان هذا أول أثر عميق وبارز في صحراء التطبيع القائم على شرط انسحاب الاحتلال من الأرض العربية، وحين رفضت تل أبيب الشرط، لأنه كان يعني الأرض مقابل السلام، وقالت أن أطرح: السلام مقابل السلام، والأرض موضوع للمفاوضات، ومرت السنون تلو السنين، وجرت مياه كثير تحت جسر المبادرة، حتى جاء ظرف اختراقها واحتراقها والقفز عنها عربيا، بوجود ترامب في البيت الأبيض، وبإعلانه عن صفقة القرن، وانسحابه من الملف الإيراني.
من كان خفيفٌ في الوزن، وخفيفٌ في الالتزام، قفز قفزت واسعة وصلت تل أبيب، ومن كانت التزاماته ثقيلة لم يتمكن من القفز مسافة واسعة، دعم من كانت قفزته واسعة، وعليه فإن قفز نيتنياهو ليلا باتجاه معاكس إلى نيوم ممكن لأنه يهدف لتذليل الخوف من ثقل الالتزامات، وبيان سياسة التعامل المشترك في مقاربات بايدن الآتي بعداوة لقائد المملكة.
لاداع للاختلاف حول الحدث :هل حدث كما قالت التسريبات ، أم لم يحدث؟! ، فإن غدا لناظره قريب، والعجلة من الشيطان. فلسطين تحب المملكة ووتقدر دورها وتتمنى أن تكون معلومات الصحف العبرية معلومات كاذبة، وربما ظلت المبادرة العربية هي الحد الأدني في السياسة السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى