أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

ماكرون يتصدّر منافسيه الرئاسيّين: «ضربة حظّ» في الحرب الأوكرانية

مجلة تحليلات العصر الدولية / الأخبار - فرح النقشبندي

باريس | يبدو أنه ستكون للحرب الأوكرانية تأثيرات واضحة على الانتخابات الفرنسية، التي تنعقد الجولة الأولى منها في العاشر من نيسان المقبل. إذ تفيد استطلاعات الرأي، وفق صحيفة “لوموند”، بأن 90% من الفرنسيين قلقون بشأن الوضع الأوكراني، و43% قلقون بشدّة، وهو ما سينعكس حتماً على نوايا التصويت. في ما يخصّ الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، الذي أعلن ترشّحه في اللحظة الأخيرة عن طريق رسالة إلى الشعب الفرنسي نشرها إلكترونياً يوم الخميس الماضي، فإن العديد من الصحف الفرنسية تتحدّث لدى تناولها إيّاه عن متلازمة “التجمّع حول العلم”، وهو مفهوم يُستخدم في العلوم السياسية والعلاقات الدولية لشرح تزايد الدعم الشعبي للحكومة أو القادة السياسيين خلال فترات الأزمات الدولية أو الحروب. وتُساق هذه النظرية اليوم لتفسير ارتفاع شعبيّة ماكرون، من 27% إلى 30%، في أعقاب حرب أوكرانيا.
ويأتي هذا التقدّم، بشكل أساسي، على حساب فاليري بيكريس، مرشّحة “حزب الجمهوريين” – وهو حزب يميني -، إذ خسرت الأخيرة أكثر من 2.5% من نوايا التصويت لها. ويفسّر برنارد سانانيس، رئيس “مؤسسة إيلاب” المتخصّصة باستطلاعات الرأي، هذه الخسارة بإعطاء مثال المتقاعدين الذين يتأثّرون بشدّة خلال فترات الاضطراب؛ إذ يعتقد وفقاً لما نقلت عنه جريدة “ليبراسيون” أن تلك الفئات، حتى لو لم تكن راضية عن رئاسة ماكرون وتردّدت بينه وبين بيكريس، فمن المرجّح أنها وبسبب الاضطرابات الحالية، ستميل باتّجاه الرئيس الحالي.
اللافت أن ماكرون متقدّم أيضاً بفارق كبير عن باقي المترشّحين، حيث تفصله عن المرتبة الثانية التي تحتلّها مرشّحة اليمين المتطرّف، مارين لوبين، 13% من نوايا التصويت. والظاهر أن متلازمة “التجمّع حول العلم” ليست وحدها ما يفسّر ارتفاع شعبيّة ماكرون، بل أيضاً مواقف الأخير في المواضيع التي تخصّ أمن أوروبا وفرنسا، إذ كرّر رغبته في إنشاء جيش أوروبي، وهو ما كان وافق عليه 62% من الفرنسييين في استطلاع تمّ عام 2019. ويقول عالم السياسة، برونو كوتريس، بهذا الخصوص : “هذه هي موضوعاته : تنشيط أوروبا لضمان سلام وأمن الفرنسيين. منذ انتخابه، وهو يحاول بشكل جدّي تحديد المعالم في ما يخصّ الدفاع الأوروبي. يدرك الجميع التزامه القوي هذا”.

أمّا بالنسبة إلى مرشّح اليمين المتطرّف، المستقلّ والأكثر إثارة للجدل إيريك زمور، وهو كاتب وصحافي من أصول جزائرية، عُرف بتصريحاته الشعبوية التي تذهب إلى حدّ العنصرية، وتعرّض للمحاكمة عدّة مرات بسبب مواقفه تلك، فهو يعاني من تراجع واضح بمقدار 4% في نوايا التصويت. والسبب في ذلك ربّما يكون تأكيده بشكل دوري، خلال فترة التحشيد الروسي على الحدود الأوكرانية، أن الحرب لن تقع بين البلدين. والأمر الآخر الذي قد يكون أثّر أيضاً سلباً على زمور، هو سياساته المعادية لاستقبال اللاجئين بشكل عام، والتي ظلّ وفياً لها حتى بعد بدء موجة اللجوء الأوكراني، في الوقت الذي تُظهر فيه استطلاعات الرأي أن 79% من الفرنسيين يؤيدون الترحيب باللاجئين الأوكرانيين. والجدير ذكره، هنا، أن لوبين، مرشّحة “حزب التجمّع الوطني” الذي أسّسه والدها، كانت أكثر ذكاءً من زمور، بتفاديها هذه المشكلة عبر اعتبارها أنه “من الطبيعي الترحيب باللاجئين الأوروبيين”، وهي الآن تتقدّم بفارق 5% عن زمور، ولديها في آخر استطلاع 17% من نوايا التصويت.
وبخصوص اليسار الفرنسي، فإن مرشّحه الأقوى، جان لوك ميلانشون، عن “حزب فرنسا الأبية”، والذي حصد في جولة الانتخابات الرئاسية لعام 2017، 19.5% من الأصوات، وجاء في المركز الرابع، تضعه استطلاعات الرأي الآن في المركز الخامس. والظاهر أن الحرب الأوكرانية أسهمت في تعزيز حظوظه، ورفع نسبة تأييده 1.5%، على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي تعرّض لها في الإعلام الفرنسي كونه ألقى اللوم على “الناتو” في بداية الأزمة.
بالنتيجة، وبحسب استطلاعات الرأي، فإن سيناريو عام 2017 سيتكرّر على الأرجح هذا العام، حيث ستكون الجولة الثانية بين ماكرون ولوبين، فيما المتوقّع أن يفوز فيها الأوّل بفارق 13% لصالحه، ويبقى في منصبه لخمس سنين أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى