أحدث الأخبارالخليج الفارسيةالسعودية

ماهي السرورية؟ ولماذا السعودية قلقة منها وتحاربها داخل المملكة؟ هل ثمّة تنظيمات سريّة تُحرّض على “الخروج على ولاة الأمر” في السعوديّة فمن هو تنظيم “السروريّة” الذي عمّمت السلطات على خُطباء مساجدها التحذير منه الجمعة وما سِر “التوقيت” وما هي علامات “أتباعه”؟.. من الوهابيّة إلى الانفتاحيّة فهل يُغلَق باب اتهامات التطرّف والإرهاب الغربي؟

مجلة تحليلات العصر الدولية - خالد الجيوسي

تتسارع موجات الانفتاح في العربيّة السعوديّة، وجرى تخفيف كامل الضوابط الصارمة، وصولاً لإقامة المهرجانات الضخمة الترفيهيّة، وإعلان السماح بإتمامه ببعض الشواطئ المُختلطة بأجواء غربيّة، واللافت أن وتيرة نقد المُؤسّسة الدينيّة إلى زوال، مع تواجد مُعظم رجال الدين البارزين المُتشدّدين خلف القضبان.
ومع تراجع سطوة “المعروف والمنكر” وحتى نهايتها، يبدو لافتاً أن تلجأ وزارة الشؤون الإسلاميّة إلى توجيه تعميم لخُطباء الجوامع، بتخصيص خطبة الغد الجمعة، للتحذير من تنظيم ما يُعرَف باسم “السروريّة”، وهو الذي ظهر بالسعوديّة بعباءة الصحوة، وأبرز رموزه الشيخ سلمان العودة المُلقَى خلف القضبان أيضاً، بالرغم أن اعتقاله كان لأجل تغريدة تقريب القلوب بين المُتخاصِمين في أزمة مُقاطَعة قطر المُنتهية.
وفق المُعطيات على الواقع، لا وجود لحالة تململ واعتراض شعبي على حالة الانفتاح، غير تلك التغريدات عبر “تويتر”، ومع هذا يُثير الانتباه توجيه وزير الشؤون الإسلاميّة عبد اللطيف آل الشيخ الخُطباء على التشديد على أهميّة توضيح كيف ينتهج هذا التنظيم السريّة للوصول إلى أهدافه، وعلى رأسها ما ذكره التعميم من تحريض “السروريّة” على الخُروج على ولاة الأمر، وبثّ الفُرقة، ونشر الحُروب بين بلدانهم.
هذا التعميم يدفع بتساؤلات مُعلّقين حول التوقيت، ووجود مخاوف لدى السلطات السعوديّة من وجود “عمل سرّي” يُحرّض خُصوصاً وهو أمر من المُحرّمات دينيّاً “الخروج على ولاة الأمر”، وبالرغم أن الجبهة الداخليّة السعوديّة مُستقرّة، أو أنّ ثمّة أمر خارجي يستدعي تحذير السعوديين من “الفُرقة” ونشر الحُروب في بلدانهم، مع وجوب التنويه إلى الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وتحديدًا سحب منظومات الدفاع الجوّي من المملكة.
التيّار الصحوي الذي شنّت السلطات السعوديّة اعتقالات واسعة تستهدف أنصاره، هو تيّار يحمل أفكار الإخوان المُسلمين، إلى جانب حالة من تجديد الأفكار للوهابيّة، وهو تيّار كان الآمر النّاهي في المملكة، حتى وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحُكم، والاعتذار الشهير الذي سجّله أحد رموزه عن الصحوة، الشيخ عائض القرني، وتبرّؤه منها.
ولا تزال فيما يبدو أفكار السروريّة تروج بين السعوديين، وينظر الأمير بن سلمان بعين الريبة بشَكلٍ مُتواصل لهم، حيث كان قد وصف أتباع السروريّة قبل أعوام بالأكثر تطرّفاً في الشرق الأوسط، وأعلى درجة من الإخوان المُسلمين.
والسروريّة شأنها شأن العديد من التيّارات الإسلاميّة التي وجدت ضالّتها في المملكة، فالأخيرة ما قبل عهد الرؤية والترفيه، حضنت السلفيّة، والإخوان الصحوة، والوهابيّة التي تأسّست عليها السعوديّة، والمنسوبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقدمت السروريّة إلى السعوديّة بعد حملة اعتقالات طالت المُنتمين إليها في سوريا، وجماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرزهم الشيخ السوري محمد زين العابدين سرور نهاية ستينات القرن الماضي، واللافت أنّ العديد من دعاة السعوديّة المشاهير تتلمذوا على يد الشيخ سرور، وباتوا مُحاربين ومغضوبٌ عليهم في بلادهم ومُعظم الدول العربيّة.
وحرصت وسائل إعلام محليّة، ومنصّات، وحسابات سعوديّة، على التنويه والتحذير من علامات السروريين وأتباعهم، وكأنها علامات إصابة بفيروس ما، أهمّها: تأييد ما يُسمّى الثورات والربيع العربي وتحريض الشعوب على حُكّامها، تكفير الحكام ووصفهم بالطواغيت والتأليب عليهم.
بكُل حال، السلطات السعوديّة مُتّهمة غربيّاً بأنها كانت الملاذ الآمن لكُلّ التيّارات الإسلاميّة، وما نتج عنها من تنظيمات مُتشدّدة، وإرهابيّة، بسبب دعمها لها، والسلطات الحاليّة تسعى لتنظيف ملفّها من إرهاب الماضي، مع تخفيف تشدّد مناهجها الدراسيّة وحذف نصوص التطرّف، لكنّ الثابت أن تطرّف الماضي، وانفتاح الحاضر، كان بمُوافقة تلك السلطات، وعليه تقديم نهج فكري ثمّ التراجع عنه لصالح أفكار أكثر اعتدالاً، ووسطيّة، يقول مُنتقدون أنه يحتاج إلى تدرّج، حتى لا يتحوّل إلى صراع أيدولوجي، تكمن أهم أهدافه بإيجاد الثغرات وأهمّها ما يحصل من انفتاح، للتحريض على ولاة الأمر، سِرًّا أو علناً وهو الخط شديد الاحمرار الذي لا تتهاون فيه الحكومة السعوديّة.
من غير المُستبعد أن تكون هذه الحملة المُفاجئة التي تستهدف أتباع التيّار السروري، الذي يحتل مكانة وسطيّة بين تيّار الإخوان والحركات “الجهاديّة” المُتشدّدة، جاءت بعد معلومات قويّة، تُفيد بانتشار أفكار هذا التيّار في أوساط الشباب، الأمر الذي ترتّب عليه إعطاء السلطات السعوديّة الضّوء الأخضر لأجهزتها الأمنيّة لشنّ حملات اعتقال واسعة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى