أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

ما الذي يدور في راس ابو مازن؟

مجلة تحليلات العصر - جال بيرغر

انه سؤال المليون دولار ما الذي يدور في خلد ابو مازن . هل حقا يسعى الى الانتخابات ام انه يتلاعب بالجميع . يسال السائل لماذا يحتاج الانتخابات فوق راسه بحق السماء ما حاجته للسياسة الان ؟
حسنا لا يوجد اجابة على هذا السؤال . لا احد ، ولا حتى من مقربيه يعرف على وجه اليقين ان كان الرئيس الفلسطيني يريد حقا الذهاب بالساحة الفلسطينية نحو انتخابات جديدة او ان اهدافا ونوايا اخرى تقف نصب عينيه. يوم الجمعة 15-1-2021 الساعة الثامنة مساء اصدر ابو مازن مرسوما رئاسيا يامر فيه باجراء انتخابات جديدة في المناطق . هذا مرسوم تاريخي لم يتم اصداره منذ اكثر من خمسة عشر عاما . وفق ما جاء في المرسوم ستجري الانتخابات البرلمانية يوم السبت في 22 ايار القادم والانتخابات الرئاسية يوم 31 تموز القادم ايضا يوم السبت وحتى نهاية اب سيتم استكمال تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني .
خلال السنوات الماضية كان هناك حديث ، اشارات وتلميحات ، اعلان نوايا ، وسيل من الوعود حول الموضوع ، غير ان مرسوما رئاسيا لم يصدر منذ الانتخابات الاخيرة لكلا المؤسستان في عامي 2005-2006 .
خلال خمس عشرة عاما كان ابو مازن يتمتع ويحكم لوحده ومن دون منازع . من دون برلمان يجعل حياته اصعب ، يراقب تحركاته او يفحصها ، ومن دون ان يجرا احد على منافسته على كرسي الرئاسة ويعرض للخطر او يقوض ولايته الابدية . بخصوص خصومه او المعارضين من الداخل لايوجد شئ نقوله على الاطلاق – لقد حرص على تنحيتهم جانبا بقوة كبيرة كل واحد في طريقه . وبقي هو على القمة الحاكم الذي لا ينازعه احد على السلطة .
اخبرني احد اعضاء البرلمان الفلسطيني المتقاعدين انه عندما كان عرفات على قيد الحياة وكان البرلمان الفلسطيني قائما حينذاك ، و فعالا ولديه اسنانا للقضم كان يجعل حياته صعبة عشية المصادقة على الميزانية في نهاية كل عام للسنة التي تليها . كان عرفات يصاب بالجنون من هذا ، كان اعضاء المجلس يمرون على كتاب الميزانية بندا بندا ويوجهون الاسئلة ويضعون علامات الاستفهام . لم يكن هذا عرضا ولم يكون النواب شهود زور .
منذ اكثر من عقد لا يوجد برلمان يعمل في المناطق . لا يوجد رقابة على الموازنة في السلطة الفلسطينية . الاموال تاتي وتذهب ولا يوجد رقابة برلمانية تستطيع ان تعترض عند الحاجة . كما لا يوجد تشريعات جديدة في ظل غياب البرلمان . فقط توجد القوانين التي ينشرها ابو مازن بنفسه بدلا عن البرلمان الذي تم حله لاحقا . يوجد سياسيين كانوا سيقبلون هذا الواقع بعضهم من هنا في اسرائيل . لماذا يريد زعيم يستطيع ان يفعل ما يشاء ان يغير ذلك ويتنازل بارادته عن ملذات جنة سلطة كهذه .
بالاضافة الىى التوقعات القائلة بان الرئيس ربما فكر في نهاية حياته في اعادة النظر بشكل السلطة التي قادها لا يجب تجاهل حقيقة كون ابو مازن سياسيا بارعا ومجربا . فهو يعرف جيدا ان حماس هي عدوه وعدو فتح الاول بما في ذلك كل التيار والاجندة التي يمثلها ابو مازن دائما .
هل يعتزم ابو مازن تعريض سلطة فتح للخطر حقا وتعبيد الطريق امام حماس لتضع موطئ قدم في الضفة من جديد ؟ يجب ان نرى ذلك يحصل حتى نصدق وايضا حينئذ عليك ان تفرك عينيك مرة تلو الاخرى فقط حتى تتاكد ان ذلك قد حصل ولم يكن احلام يقظة .
وعلى الرغم من كونه يعرف كل ذلك وحتى لو كانت اهدافه خلف نشر المرسوم مختلفة تماما وتهدف للمناورة قليلا وليست لديه اي نية للوصول الى الانتخابات فعليا فانه ياخذ على نفسه مغامرة ويطلق خطوة مخاطرة قد تخرج عن السيطرة ضمن ظروف معينة .
لنفترض ضمن سيناريو معين ان ادارة بايدن الجديدة متحمسة للفكرة وترغب بها عندها ستبدا في ممارسة الضغوط على ابو مازن للاستمرار في هذه العملية حتى النهاية . ALL THE WAY نحو صناديق الاقتراع .
هناك من يزعم ان ابو مازن يريد من وراء كل هذه الخطوة القيام بخطوات استباقية لمنع الضربة . بمعنى اخر قبل ان تطلب منه ادارة بايدن منه تجديد شرعيته الحاكمة وقيادة عملية ديمقراطية مجددا يقوم هو بنفسه بالمبادرة إليها لكي يعطي إشارات لإدارة بايدن أنه INTO IN تماما .
لكن ابو مازن فعليا يوجد عميقا في لعبة تبادل الاتهامات مع حماس . وعندما تنفجر العملية في الطريق – أثناء المباحثات بين حماس وفتح التي من المتوقع انطلاقها قريبا في القاهره حينها يستطيع اتهام حماس بأنه أراد ولكن ما العمل ؟ مع حماس غير ممكن .
الروح السائدة في دول المنطقة منذ سقوط ترامب هي أن بايدن سيدخل البيت الأبيض بروح إدارة أوباما . حديث الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط ربما سيعود وبشكل كبير . هذه ليست مخاوف ابو مازن وحده إنما أيضا مخاوف القادة الذين ينتمون لنفس نادي اصدقاء اسرائيل الجدد الذين تزعحهم هذه الفرضية .
هل نشر المرسوم الانتخابي هو جزء من العرض المكرس للجمهور الجديد في واشنطن ؟ وماذا لو طلب بايدن المشاركة بالعرض ؟ .
ابو مازن هو زعيم فقد تفويضه بالحكم م

نذ فترة طويلة ولا يبدو أن الأمر يقلقه كثيرا حتى الآن . ربما أنه بينه وبين نفسه يريد أن يحظى على هذا النحو أو ذاك مجددا بالشرعية الشعبية لسلطته. غير أن استطلاعات الرأي العام الاخيره في مناطق السلطة التي يقول فيها ثلثا الجمهور أنهم يريدون منه الاستقالة والعودة إلى المنزل لا تنباه بنتائج مرضية في هذا الجانب .
انتخابات حقيقية هي صافرة انذار حقيقية من جانبه من دون أي يكون لذلك علاقة بحماس .
المزاعم بأن ابو مازن يريد أن يترك خلفه إرثا لسلطة ديمقراطية هي ساذجة ورومانسية في احسن الأحوال . اذا مع كل ذلك ما الذي دفعه لنشر المرسوم الانتخابي الان بالذات ؟ هناك من يعتقد أن ابو مازن على قناعة تامة ان إدارة بايدن سوف تمارس الضغوط لتحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين مجددا. من غير المستبعد أن يكون أحدهم قد همس في أذنه أنه في ظل هذا الوضع من الأفضل له أن يبدو بعين الإدارة الأمريكية وإسرائيل كمن يسيطر على الضفة وغزة . أي أنه ليس فقط حاكم يهودا والسامرة أو رئيس مناطق A كما هو الوضع اليوم . لكي يعيد لنفسه السيطرة على غزة ولو شكليا فإنه يحتاج حماس . لم تتذرع أسرائيل وحدها بعدم سيطرته على غزة لتبرير عدم التقدم بالعملية السياسية معه ايضا الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والغرب بأكمله صلوا لكي تعود مرة ثانية سلطة واحدة في غزة والضفة .
في الاونة الاخيرة كان هناك مزاعم في رام الله بان حماس وعدت ابو مازن ( من خلال جبريل الرجوب ) بانها لا تعتزم تقديم مرشح للرئاسة الفلسطينية وحتى ربما تقوم بتاييد ابو مازن في السباق الرئاسي او انها على الاقل لن تتدخل . ربما يكون هذا في نهاية الامر هو ما طمان ابو مازن بان سلطته ليست معرضة للخطر وغرس فيه الدافع للسير قدما باتجاه الانتخابات ، اذا كانت هناك صفقة كهذه حقا من خلف الكواليس واستمرار سلطته مؤكدة فهو WIN WIN.
هو ، من جانبه ، سيمنح حماس بطاقة دخول إلى البرلمان في الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو ، وستعطيه حماس استمرار سلطته في الانتخابات الرئاسية في يوليو القادم دون اضطرابات ومغامرات خطيرة للغاية .
هذا على افتراض أن مثل هذه الرسالة المطمئنة قد نقلت بالفعل من حماس وأن أبو مازن قرر على أساسها على ما يبدو بإخلاص وصدق التوجه نحو الانتخابات.
في مثل هذا السيناريو ، يُعاد تشكيل البرلمان الفلسطيني وسيكون به عددا من نواب حماس ، وسيتم تشكيل حكومة موحدة يقدمان لها الدعم كلا من فتح وحماس ، على كل هذه العملية ، ستمكن أبو مازن من الاستمرار في السيطرة من اعلى – وسيكون أقوى بكثير مما هو عليه اليوم ، ويحظى بشرعية كبيرة . إذا قررت ادارة بايدن الاندفاع الى الامام وإعادة العملية السياسية التي اكل عليها الدهر وشرب إلى الواجهة ، فإنها ستقف الآن أمام زعيم فلسطيني كانه يسيطر على الحلبة بأكملها: غزة والضفة الغربية.
في الاسابيع القادمة بعد اصدار المرسوم الرئاسي سينطلق حوار شامل بين المنظمات الفلسطينية في القاهرة . كلا الطرفان يعرفان جيدا انهما سيدخلان الى حقل الغام الذي سبق وانفجر في وجوههما مرات عديدة في السابق . قد يؤدي هذا الى افشال الانتخابات هذا اذا كانت هناك نية حقيقية لفتح او حماس في اجراءها . في السنوات الاخيرة كان الانطباع الذي نشأ هو ان كل طرف حرص على الدخول دائما الى هذا الحقل المفخخ مع خرائط لتحديد الالغام ، فقط للتاكد من انهم لن يفوتهم بالخطا اي لغم في الطريق .
في جميع الاحوال ستتحرك ديناميكيات لا احد يستطيع تحديد خط النهاية فيها . ولا حتى اسرائيل . صحيح ان هناك الكثير من السخرية والشك بين اولئك الذين يتابعون عملية المصالحة بين فتح وحماس على امتداد السنوات السابقة . ولكن من الافضل دائما ان تبقى متواضعا وان تاخذ في الحسبان
. وضعا معينا حتى لو فرصه تقترب من الصفر : فيه تتدهور الساحة الفلسطينية نحو انتخابات جديدة حتى لو لا يرغب بها الطرفان فتح وحماس . ان هذا منحدر زلق .
بالنسبة لاسرائيل -التي ستكون غارقة في الاشهر القادمة عميقا في وضعها الداخلي بسبب الانتخابات في مارس – فان هذا الموضوع قد يفلت عن شاشات الرادار . ايضا العالم الذي قد يدخل في حماسة مفرطة قد يمد يده لعملية كهذه من دون ان يلتفت للسيناريو الذي فيه حماس تعود وتسيطر على البرلمان الفلسطيني في اليوم الذي يلي . بالضبط كما حصل في انتخابات 2006 الذي بدا بعدها فقط المجتمع الدولي يضرب راسه في الحائط ويقول : ما العمل الان . ماذا نفعل مع منظمة ارهابية وصلت الى السلطة .
من الممكن الاعتماد على ابو مازن ايضا بانه سيكون حكيما بما فيه الكفاية للمناورة على هذا بان تنفجر المفاوضات في الحوار الشامل في القاهرة وان لا تكون حصيلته اي انتخابات ، كما ان هناك العديد من محطات الخروج التي يستطيع التعلق بها حتى لا يصل الى هناك على سبيل المثال رفض اسرائيل السماح باجراء الانتخابات في القدس .
بالإضافة إلى الثقة بالآخرين ، ينصح باخذ ال

عبر من دروس الماضي وعدم النوم والبقاء على اهبة الاستعداد : بحيث لا تستيقظ إسرائيل والعالم فجأة لا قدر الله ، في مكان ما في أواخر مايو وأوائل يونيو ، ليتبين لهم لدهشتهم بانهم لم يصلوا من اجل هذه النتيجة .

رئيس القسم الفلسطيني في اخبار كان
ترجمة: معاويه موسى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى