الإسلامية

ما هي منافع الحج؟!.

بقلم عدنان الكبسي

((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ® لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ))، ما هي منافع الحج؟!، ليشهدوا منافع لهم.
البعض ينظر إلى هذه المنافع من زاوية محصورة وضيقة جداً، البعض ينظر أن الناس يحضروا منافع لهم من مغفرة ذنوبهم وثواب أداء نسكهم وعباداتهم، فقضية المغفرة والثواب هي متعلقة بتحقيق الأهداف الأساسية من هذه الفريضة والغاية المهمة من فريضة الحج، وفي نفس الوقت لا يستطيع الإنسان أن يكون شاهداً على أن ذنوبه مغفورة أبداً، والبعض ينظر بجانب هذا التكسب من التجارة وكأن الحج موسم تجاري استثماري.
الحج يمثل ملتقى للمؤمنين جميعاً، وقمة دورية سنوية تُعقد في البيت الحرام ليشهد الناس منافع لهم، هذا الملتقى دلالة على أن الأمة لابد أن تكون متوحدة في رؤيتها ومنهجها وعقيدتها وثقافتها وتوجهها وقيادتها.
مسألة الحج لها أهمية كبيرة في وحدة الأمة الإسلامية وتآلفها، ولذلك فيما يتعلق بالناس تم حظر أشياء كثيرة قد تؤدي إلى الشقاق فيما بينهم، فنهى الناس في الحج عن الرفث، الكلام السيء والبذيء والتلفت إلى النساء وما إلى ذلك، ونهى الله عن الفسق والجدال في الحج، وغير مسموح للجدال نهائياً لتبقى الأجواء صالحة للتفاهم والتذكير لبعضهم بعض بالقضايا التي يجب على الجميع الإهتمام بها ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ))، وهذه تساعد على تعزيز وحدة الأمة، ولها علاقة ببناء الأمة لتكون بمستوى مواجهة أعدائها.
وعندما تتوحد الأمة فإنها تتوحد على ماذا؟! وخاصة أن هناك أعداء يحيكون المؤامرات عليها، وهناك من يرتكب أبشع الجرائم بحق أبناء الأمة الإسلامية في معظم بلدانها، فإنها تتوحد على مواجهة أعدائها، يضعون الخطط، ويعملون الآليات العملية في تحصين الأمة من الداخل وزرع السخط والعداء في قلوب الناس ضد أعداء الأمة برمتها، وذلك من خلال إعلان البراءة من أعداء الله يوم الحج الأكبر على رؤوس الأشهاد كما قال الله سبحانه وتعالى: ((وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)).
براءة موجهة إلى عدوٍ واضح، عدوٍ حاقد، عدوٍ فاسد، عدوٍ مجرم، عدوٍ يحمل الحقد والضغينة، يحمل الباطل، يعارض منهج الله سبحانه وتعالى حتى لا يسود في الأرض.
وعند وحدة الأمة وإعلان موقفها من أعداء الله، ولمواجهة أعداء الأمة لابد للأمة من قيادة تحصنها من اختراق اليهود والنصارى لها، قيادة تشكل ضمانة للأمة من السقوط في الطاعة لليهود والنصارى، قيادة تحصل الأمة من خلالها على النصر والغلبة على أعدائها.
ولهذا لابد أن يكتمل الحج بإعلان الولاية لله ولرسوله وللإمام علي ولأعلام الهدى من أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، كما أعلن ذلك رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) عند عودته من حجة الوداع في غدير خم عندما قال الله له: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ))، جمع رسول الله المسلمين ورفع يد الإمام علي قائلاً: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
فعندما تتوحد الأمة في مواجهة أعدائها تحت قيادة أهل البيت فإنها ستكون في ميدان الصراع الغالبة، ((وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)).
فمنافع الحج أن تتوحد الأمة في مواجهة عدوها تحت قيادة أعلام الهدى من أهل البيت لتعيش الأمة عزيزة كريمة سعيدة شامخة الرؤوس، لها الغلبة والتمكين في الأرض، كما يريد الله لعباده المؤمنين أن يكونوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى