أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

محاولة اغتيال الكاظمي

مجلة تحليلات العصر الدولية

في الوقت الذي نصدق برواية الحكومة العراقية حول حقيقة ضرب مبنى رئيس الوزراء الكاظمي ، على الرغم من انها- الرواية- هي الاخرى مضطربة ، اذ ان خلية الاعلام الامني تقول ( انها ثلاث طائرات مسيرة، وصلت احداهن الى الهدف وتم اسقاط اثنتين ، بينما يتحدث رئيس الوزراء نفسه عن صواريخ وليست طائرات مسيرة، اما المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة يحيى رسول فيقول انهن طائرتان فقط، وصلت احداهما الى الهدف.
بجميع الاحوال فان مقر اقامة الكاظمي قد استهدف ولحقت بالمبنى اضرارا طفيفة .
لكن علينا ان نرى توقيت هذه الحادثة وحيثياتها، ومن هي الجهة المستفيدة منها، لمعرفة الجهة التي قامت بهذا الفعل.
الفعل من حيث المبدا (مدان) بلا ادنى شك ، كونه استهداف لرمزية الدولة وهيبتها، بغض النظر عن قناعتنا بشخص رئيس الوزراء.
اما توقيت الحادث فقد جاء متزامنا مع العملية الاجرامية التي قامت بها قوات مكافحة الشغب او( من يلوذ بملابسهم)، فلم تمض بضعة ساعات على جريمة قتل المعتصمين حصلت حادثة قصف مقر اقامة رئيس الوزراء .
تسلسل الاحداث يدل على وجود مخطط مدروس بدقة وبعقلية مخابراتية ذكية.
فالعراق يمر بازمة سياسية خانقة تتمثل بعملية الانتخابات وما رافقها من تزوير وطعون قدمتها اغلب القوى المتضررة من ذلك التزوير ، وكانت المفوضية ترفض اعادة العد والفرز اليدوي لاسباب مختلفة .
خرجت على اثر ذلك تظاهرات تحولت فيما بعد الى اعتصامات، وكانت هذه الاعتصامات تسير بسلام وامان وهدوء لاسبوعين تقريبا .
بهذه الاثناء حصلت حوارات وزيارات بين مختلف الاطراف السياسية للوصول الى مخرجات لتلك الازمة .
لم تصل الاطراف الى نتائج من حواراتها المختلفة، سواء فيما يتعلق بالعملية الانتخابية او بخارطة الطريق لتشكيل الحكومة المقبلة.
فجاة وبطريقة دراماتيكية خرجت قوات مكافحة الشغب لتواجه المعتصمين بالسلاح الحي، وتطلق النار عليهم لتقتل عددا منهم وتجرح العشرات.
اكثر من ذلك وبطريقة غريبة ومستفزة تقوم هذه القوات او من يرتدي ملابسهم (للتخفي )بحرق خيام المعتصمين ،وتسب الحشد الشعبي، وتشتم الامام الخامنئي في حادثة غير مسبوقة من قواتنا الامنية ، ليحصل تصعيد بين الجانبين( القوات الامنية والمعتصمين) ، فيبدا فصل جديد من السيناريو.
كالعادة حصلت ادانات من بعض القوى السياسية ومطالبات بالهدوء من البعض الاخر .
انشغل المتظاهرون او المعتصمون والراي العام العراقي عن الانتخابات ونتائجها والتزوير والطعون لينشغلوا بهذه الجريمة التي لم يقم بها جهات خارجة عن القانون، بل قامت بها جهات عسكرية رسمية مع سبق الاصرار وامام مختلف وسائل الاعلام.
اصبح القائد العام للقوات المسلحة يعيش لحظات حرجة ، فهو المسؤول الاول عن هذه الجريمة بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، وهو المسؤول عن حفظ الامن للمعتصمين وليس لقتلهم وحرق خيامهم وسب الحشد والامام الخامنئي.
لم تمض ساعات ايضا على جريمة اغتيال المعتصمين حتى جاءت الطائرة المسيرة التي انقذت رئيس الوزراء من الحرج الذي يعيشه والمسؤولية التي يتحملها ازاء الدم البريء، فتقصف هذه الطائرة ( المنقذ) مقر اقامته الذي لم يتواجد فيه في تلك الليلة ، لتقوم الدنيا ولم تقعد.
لم تمض ساعات قليلة، بل في نفس اللحظة التي حصل في الحادث خرجت القنوات السعودية والخليجية في تغطية مباشرة للحدث ( وكأنها على موعد مسبق)، وبدات برقيات الشجب والاستنكار والادانة ، والتضامن مع شخص رئيس الوزراء تاتي من كل دول العالم واجماع القوى السياسية ، وحتى الهياة التنسيقية لفصائل المقاومة.
مرة اخرى انشغل الراي العام والاعلام المحلي العراقي والعالمي عن جريمة قتل المعتصمين بدم بارد لينشغلوا بعملية قصف مقر اقامة رئيس الوزراء .
وبهذا السيناريو ضُرِبَ اكثرُ من عصفور بحجر واحد، وهناك عصافير لا زال يلاحقها حجر مبنى مقر اقامة الكاظمي وهي كالتالي :
اولا: يمكن القول ان عملية تزوير الانتخابات اصبحت من الماضي، لان عملية قتل المتظاهرين اعطت بعدا اخر للوضع الامني وتداعياته على استقرار البلد .
٢- اما عملية قصف مقر اقامة رئيس الوزراء فقد جفف دم الابرياء من المعتصمين وفق نظرية ( الاولويات ) ،على اعتبار ان استهداف مقر اقامة رئيس الوزراء يمثل استهدافا لرمزية الدولة، وهذا ما صرحت به قيادات سياسية مختلفة ،وعبرت عنه دول مختلفة، فالدم العراقي مهما علا لا يرتقي الى ضرب هذا المبنى او لمحاولة الاغتيال كما يحلو للبعض وصفها.
٣- رئيس الوزراء الكاظمي في حديثه امام مجلس الوزراء اكد انه يعرف الجناة جيدا وسيلاحقهم ويقتصدمنهم.
٤- ايضا رئيس الوزراء ربط بين هذه العملية وعملية اغتيال ضابط المخابرات نبراس الفيلي، الذي اغتيل بتاريخ ٧/ ٦/ ٢٠٢١ على يد مجهولين .
ولا نعرف لماذا هذا الربط بين استهداف مقر اقامة رئيس الوزراء واغتيال ضابط المخابرات! واذا كان الكاظمي يعرف من اغتال الضابط نبراس فلماذا لم تلق القبض عليه الجهات المختصة، وينتظر كل هذا الوقت ليعلن عن معرفة الجناة وهم من قام بقصف مقر اقامته ؟.
بالنتيجة
ان الكاظمي يريد استهداف بعض قيادا فصائل المقاومة ويكسر الجرة برؤسهم ، وبخاصة بعد ان تيقن ان حصوله على ولاية ثانية بات امرا بعيدا بعد الدم الذي اقترفته قواته ضد المعتصمين، واصرار قوى الاطار على عدم توليه الحكومة لمرة ثانية .
يريد الكاظمي ان يصفي حساباته مع قيادات المقاومة بعد ان اعلن وتعهد الشيخ قيس الخزعلي انه لن يهدا لقيادة الفتح وفصائل المقاومة بال حتى يقدموا الكاظمي للمحاكم لينال جزاءه ازاء جريمة اغتيال المعتصمين .
فبما ان خصومه قد اعلنوها مواجهة قانونية ضده، وتيقن انهم ماضون بجد بهذا الاتجاه، فلماذا لا يحرك اوراقه هو الاخر ويقوم بعمل استباقي لتضييق الخناق على خصومه ويتغدى بهم قبل ان يتعشوا به ووفق القانون ايضا .
كانت الطائرات المسيرة هي افضل دليل وبرهان يدين خصومه، كونهم يمتلكون مثل هذه الطائرات من جهة، ومن جهة اخرى فان مع الكاظمي حلفاء يحملون الحقد والعداء لخصومه بمقدار حقده وزيادة .
اكثر من ذلك فان دولا اقليمية وخليجية ودولية هي الاخرى تحمل عداوة لفصائل المقاومة وتعتبرها ( اذرع ايران في العراق )، وتتمنى ان تقص اذرعهم التي هي اذرع ايران ، وان قضية الطائرات المسيرة ودقتها ، وقصف مقر اقامة رئيس الوزراء وما يمثله من رمزية الدولة وهيبة البلاد التي ( تباكى ) عليها الرئيس الامريكي بايدن بدل الدموع دما ، متناسيا هذا الرئيس ان هيبة الدولة وسيادة البلاد انتهتكتها امريكا ولا زالت ،حتى ما عاد الحديث عنها يجدي نفعا.
بالنتيجة بهذا الفعل يحاول الكاظمي ومن سيقف خلفه من قوى محلية ودول اقليمية ودولية ان يحقق التالي:
اولا: المصادقة على نتائج الانتخابات .
ثانيا تضييق الخناق على قوى الفتح والمقاومة .
ثالثا : استهداف ومطاردة بعض قيادات المقاومة .
رابعا الدعوة الى بقاء القوات الامريكية في العراق مع تزويد المنطقة الخضراء وكل القواعد الامريكية بمنظومات سيرام وصواريخ مضادة للمسيرات .
والسلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى