أحدث الأخبارالسعودية

محمد بن سلمان: الإمارات أولاً….

مجلة تحليلات العصر الدولية

على رغم كلّ ما تسوّقه في العلن عن تمسّكها بـ”المبادرة العربية للسلام لعام 2002″ لتسوية القضية الفلسطينية، يبدو واضحاً أن السعودية تبارك، في سرّها، اتفاق التطبيع الإسرائيلي – الإماراتي، وتسعى من خلاله، وما يمكن أن يتبعه من اتفاقات مماثلة، إلى تكريس المنهج التطبيعي في المنطقة، بما يخفّف عنها، لاحقاً، وطأة أيّ خطوة يمكن أن تقدم عليها في هذا الإطار. وليس سماحها بعبور طائرة “إل – عال” التي تقلّ البعثة الإسرائيلية – الأميركية إلى أبو ظبي عبر أجوائها أكبر الأدلّة على تواطئها في ما أقدم عليه الإماراتيون؛ إذ إنه لا يزال يتكشّف المزيد من المعطيات حول المخاض الذي سبق إعلان “اتفاق أبراهام”.

ويوم أمس، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن أن “ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كان شريكاً كاملاً في السرّ منذ البداية”، لافتة إلى أن “علاقته الطيبة مع صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، ومع حاكم الإمارات محمد بن زايد، قادت في الأيام الأخيرة إلى ممارسة ضغط مزدوج، لكن ابن سلمان أصرّ على أن تكون الإمارات الأولى في الصف”، مستدركة بأن “كوشنر وعد بأن هناك المزيد من الدول على الطريق، وهو على ما يبدو يعلم”.

“تفاؤل” الإعلام العبري عزّزه، أيضاً، توقّع وزير الاستخبارات، إيلي كوهين، انضمام دول أخرى، على رأسها واحدة خليجية وأخرى أفريقية، إلى التحالف الإسرائيلي – الإماراتي “في الأشهر القريبة المقبلة”. على أن كوهين نبّه، في معرض إجابته عن سؤال حول احتمال التوصّل إلى اتفاق مماثل مع السعودية، إلى أن “الإسرائيليين موجودون في جميع دول الخليج، إلا أنه ينبغي التدرّج وفقاً لمدى علاقات تلك الدول بالديانة الإسلامية: كلّما كانت أقلّ راديكالية، ستأتي اتفاقيات السلام أسرع”، في إشارة ضمنية إلى الحرج الذي يستشعره القادة السعوديون في الإقدام على التطبيع العلني من جرّاء رمزية بلادهم وارتباطها بالوجدان الإسلامي. وأكد كوهين ما كان نتنياهو أعلنه، في مؤتمر صحافي عقده بعد ساعات قليلة على وصول الوفد الإسرائيلي إلى أبو ظبي، من أنه التقى، سرّاً، “عدداً كبيراً من الزعماء في العالم العربي والإسلامي، أكثر بكثير مما تعتقدون”. وهي زيارات تُضاف إلى أخرى سرّية قام بها نتنياهو إلى أبو ظبي برفقة رئيس “الموساد” يوسي كوهين في سنة 2018، والتقى خلالها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وفق ما كشفته صحيفة “يديعوت أحرونوت” أمس. وبحسب مصادر دبلوماسية مطّلعة تحدثت إلى الصحيفة، فقد “كانت أجواء الاجتماع جيّدة، وجرت المحافظة على العلاقات بين الطرفين”. وبعد مرور سنة على ذلك الاجتماع، التقى رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شابات، مندوبين إماراتيين في واشنطن. ولفتت الصحيفة إلى أن سفير إسرائيل في واشنطن، رون دريمر، كان على علم بالاتصالات السرّية التي أدت إلى إعلان الاتفاق قبل أسبوعين.

وبالعودة إلى كلام كوهين، فهو بدا، في سياق تناوله خلفيات الهرولة الخليجية إلى التطبيع مع العدوّ، واعياً حقيقة الدوافع التي تُحرّك الممالك والإمارات، وتحملها على تقديم أوراق اعتماد إلى كلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل؛ إذ “إنهم يرون وجود القوة العظمى الأميركية هنا، والتي تقود الاستقرار الإقليمي، وأنا أقول هذا بشكل واضح: إذا اعتقدت تلك الدول بجدواها الأمنية والاقتصادية، فهذا يمرّ من خلال العلاقة مع إسرائيل”، كما قال، مضيفاً أن الدول الخليجية “تدرك أيضاً أن أهمية النفط تتراجع، وأهمية التكنولوجيا ترتفع، ولذلك فإن التعاون بالغ الأهمية. ولا شكّ لديّ في أنه فيما نحن نجلس هنا، تترجم شركات تجارية نصوصها إلى اللغة العربية، وتُجهّز رجال اتصال كي يتوجّهوا إلى هناك، وتوفد مندوبين إسرائيليين يحملون جوازات سفر أجنبية، وها قد حَلّقت رحلة جوية أولى فوق السعودية”.
أمّا عن مستقبل العلاقات الإسرائيلية – الإماراتية، فاعتبر وزير الاستخبارات أنه “يوجد تأثر كبير جدّاً. وبرأيي، لو كان مطار بن غوريون مفتوحاً، لسارت قافلة جوية تحمل إسرائيليين من هنا إلى دبي… ويوجد تأهّب كبير جداً في أوساط رجال الأعمال، وهم يرون إمكانيات كبيرة جداً. فنحن نتحدّث عن دولة هي الاقتصاد الثلاثون الأكبر في العالم”. وتوقع كوهين أن يكون حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والإمارات “مليارَي دولار، توازياً مع إيجاد 15 ألف فرصة عمل، إضافة إلى الاستثمارات بين الدولتين. ولا شك لديّ في أننا سنرى هنا إماراتيين يأتون من أجل الاستثمار في إسرائيل، وإسرائيليين يُخطّطون للاستثمار في دبي. ولذلك، نحن لا نتحدّث فقط عن اتفاق سلام وسفارات، بل عن اتفاق مهمّ مع أعمال وسياحة وعلاقات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى