أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

مخاضات العراق العسيرة

مجلة تحليلات العصر الدولية - محمد حسين الطاهر الموسوي

مخاض عسير وأيام عصيبة مرت بالعراق طيلة خمسة اشهر سبقت أزمة تفشي فايروس كورونا، قضاها الشارع العراقي بين تظاهرات واعتصامات وصدامات بين المتظاهرين والقوات الأمنية وبين عمليات التخريب التي طالت مكاتب الأحزاب والحركات السياسية ومؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات التعليمية، أذ مُنع الطلبة والأساتذة من الدخول الى هذه المؤسسات تحت ذريعة الاعتصام العام، وتحت تهديد مليشيا مكافحة الدوام التي تدعي الانتماء الى ساحات التظاهر, وإذ أختلط الحابل بالنابل، وجرى تغيير بوصلة التظاهرات من المطالبة بالخدمات العامة وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة، الى أسقاط النظام السياسي بالجملة وإلغاء الدستور.
وبعد سقوط ضحايا من كلا الطرفين، انتهى الأمر باستقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي التي بات على بضع خطوات من باب الخروج من نفق الأزمة الاقتصادية التي كانت ستنتهي بعقد الاتفاقية الاقتصادية بين العراق والصين، لكنما الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، وتربص القوى الأخرى التي تقودها أمريكا ومن سار في مركبها التي استطاعت أن تنتهج السيناريو الأمثل لتحقيق مصالحها وقطع الطريق على الصين من المضي في مشروعها العابر للقارات والتي اسمته طريق الحرير، وبذلك خسر العراق آخر فرصة للخروج من أزماته، بينما بقت الخيارات مفتوحة للصين في اختيار البديل الأمثل عن موانئ العراق وطرقه البرية.
ولم يقف الامر هنا بل تعداه الى اختيار الحكومة التي ستنفذ الأجندة الأمريكية بكل حذافيرها، وبمساندة ساحات التظاهر، استطاعت من إيصال مصطفى الكاظمي وكابينته الوزارية الى سدة الحكم، والبدء بتطبيق البرنامج الأمريكي الهادف الى تعميق الأزمة الاقتصادية في العراق وتكبيله بالديون الثقيلة حتى لا يفلت من الكلابة الأمريكية، والأمر يزداد سوء يوما بعد يوم ومن مخاض الى مخاض، إذ نسمع اليوم عن البرنامج الحكومي لحل الأزمة المالية التي يعاني منها العراق ودمرت مفاصل اقتصاده، وقد اُفصح عن بعض نقاط هذا البرنامج الذي سيمثل اكبر كارثة سيمر بها البلد، حيث رفع أسعار الوقود الى 20% ورفع سعر بيع الدولار الى 1450 رسمياً، وإلغاء مخصصات الموظفين وغيرها، وهذه الخطوات بالتأكيد سترفع اسعار كل شيء بالسوق مع قلة الواردات الداخلة الى دخل المواطن العراقي، وبهذا سيرتفع مستوى الفقر الى ضعفين، وبارتفاعه سترتفع مستويات الجريمة، إذا لم تؤدي الى حروب وأقتتالات داخلية.
لذلك على المجتمع العراقي إن يعي حجم المؤامرة عليه وأن يضع في حساباته إن القادم اصعب وأخطر بكثير مما مر بالعراق من مخاضات عسيرة عاشها، إذا ما بقيت حكومة الكاظمي مصرة على نهجها الأمريكي المؤدي الى تدمير المواطن العراقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى