أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

مدلولات مؤتمر اربيل الداعي للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. إعصار الصفار

في ٢٤-٩-٢٠٢١ تم عقد مؤتمر في اربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق. نظمت المؤتمر منظمة مقرها في نيويورك. ورئيس هذه المنظمة هو جوزيف براودي، وهو من أصل يهودي عراقي.
وقد تمت دعوة عدد كبير من شيوخ عشائر منهم رئيس صحوة أبناء العراق وسام الحردان وكذلك بعض الشخصيات مثل مثال الالوسي وبعض الناشطين وضباط سابقين وغيرهم. كما وحضر المؤتمر الصهيوني حمي بيريز ابن شمعون پيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق والذي كان ايضا من قادة الهجانا سيئة الصيت.
وتمت في المؤتمر الدعوة للاعتراف بالكيان الإسرائيلي وإقامة علاقات “صداقة” معه.

تسبب هذا المؤتمر بردات فعل عنيفة وغاضبة من مختلف شرائح المجتمع العراقي مما دعا الذين حضروا المؤتمر، وقالوا ما قالوا، الى التنصل من الأمر وراحوا يدّعون الغباء والبلاهة وأنه تم التغرير بهم ولم يكونوا يعلمون مضمون الكلام الذي كُتب لهم ولم يكونوا يفقهون ما يقولون بالسنتهم. والاكثر مدعاة للسخرية هو أن حكومة الإقليم ادعت عدم علمها بالمؤتمر واصدرت مذكرات القاء قبض على المنظمين!

القريب من المشهد العراقي ما فيه الكفاية، يعلم يقينا أن ردة الفعل الغاضبة للشارع العراق هي أمر مفروغ منه ولا شك بحدوثها. ومما لا شك فيه ايضا ان المنظمين والمستضيفين، بأقل تقدير، يعلمون حتمية فشل أمر كهذا.

والسؤال، لما كان فشل المؤتمر حتمياً، فلماذا عقدوا مثل هذا المؤتمر اذن؟

عند اخذ معطيات الساحة العراقية الحالية نعرف الاسباب.
اما السبب الأول فهو الإفلاس. من المعروف إنه ان كان لجهةٍ ما ادوات في داخل بلد اخر، فإنها لا تكشفها لذلك البلد إلا اذا كان الهدف كبيرا ويستحق التضحية بهم. ولما كان معلوما ان المؤتمر سيكون مثالا مجسما للفشل الذريع، نعلم ان هذا كان اقصى امكاناتهم. وهكذا، فهذا المؤتمر كشف عصابة من الادوات في الداخل العراقي وبدون أية فائدة تذكر مِنْ كشفهم. وهذا هو الإفلاس بعينه.

السبب الثاني هو الوقت. الجهة التي تحلم بجر العراق للتطبيع لا تحس بصعوبة المهمة فحسب، ولكنها تحس ان الوقت ليس في صالحها. فالانتخابات العراقية على الابواب. وهؤلاء أدركوا أنها لن تكون لصالحهم ولا لصالح مشروعهم الخبيث، لهذا استعجلوا بعقد المؤتمر بالرغم من أن الظروف غير مواتية اطلاقا. اذن، فأعداء العراق يتوقعون أن الانتخابات ستوصل من لا يحبهم ولا يحبوه، مما دعاهم للاستعجال.

وهكذا، فالخطوة البائسة بعقد هذا المؤتمر الفاشل، تؤشر من جهة بان هذا اقصى ما يستطيعوه، ومن جهة اخرى هي بشارة للعراقيين بأن الانتخابات ستوصل عدو عدوهم، اي صديقهم، الى سدة الحكم باذن الله.

بقي ان نعرف الاخسرين اعمالا. انهم الذين تم التغرير بهم لبيع الوطن والقضية، فهؤلاء خسروا الدنيا والاخرة. ومن الغريب المستغرب ان امثال هؤلاء لا يتعضون من مصائر من سبقهم. وكانهم لم يروا من سُحِب من حفرة الى حبل المشنقة، او الذي اختبا في مغارة تم تهديمها على راسه او الذين تُرِكوا يستغيثون في سفارة هنا او مطار هناك في حين فر سيدهم وتركهم لمصيرهم المحتوم.
فما بال هؤلاء! وهل يتوقعون فعلا ان تكون نهايتهم افضل من نهاية اشباههم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى