أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

معطيات رقمية صادمة عن الاقتصاد العراقي تكذّب تصريحات رئيس الحكومة

مجلة تحليلات العصر الدولية - سلام عادل

قدم رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي مؤخراً معطيات غريبة عن الاقتصاد العراقي جاء على رأسها ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة بمقدار 12 مليار دولار، إلا أنّ مقياس صندوق النقد الدولي يكذّب إعلان رئيس الحكومة، بل ويكشف عن انخفاض هائل مقارنة بالعام 2019، وهو العام الذي سبق تولي الكاظمي للسلطة بعد احتجاجات شعبية اجتاحت البلاد.

ويكشف صندوق النقد في بياناته عن وجود 68.02 مليار دولار في احتياطي البنك المركزي العراقي لعام 2019 إبّان حكومة السيد عادل عبد المهدي، لكن هذا الاحتياطي بدأ ينخفض بعد تكليف مصطفى الكاظمي في عام 2020 ليصل الى 54.075 مليار دولار، ثم استمر بالانخفاض في عام 2021 ليصل الى 52.455 مليار دولار، وهذا يعني أن الفترة التي تولى فيها الكاظمي مقاليد الحكم قد فقد فيها البنك المركزي العراقي من احتياطياته ما يزيد على (16 مليار دولار)، وهذا يجعل إعلان الكاظمي عن زيادة الاحتياطي بمقدار 12 مليار دولار لا معنى له.

ومع كون إعلان رئيس الحكومة قد جاء ضمن مفردات خطاب سياسي كان قد أدلى به صبيحة يوم الإنتخابات، تبقى عملية زيادة الاحتياطي من عدمه ضمن عمل ومسؤوليات إدارة البنك المركزي وليس الحكومة، باعتبار أن الزيادة أو النقصان في الاحتياطي المركزي يأتي كنتيجة للسياسات النقدية المعتمدة من قبل إدارة البنك المركزي.

وفضلاً عن معطيات صندوق النقد حول انخفاض الاحتياطي المالي في البنك المركزي العراقي إبتداءً من منتصف عام 2020 ووصولاً الى الربع الأخير من عام 2021، والتي يوضحها الرسم البياني المرفق مع هذه المقالة والمأخوذ عن الموقع الرسمي لصندوق النقد، تبرز معطيات صادمة اخرى حول الناتج المحلي العراقي لنفس هذه الفترة يقدمها هذه المرة البنك الدولي، كما هو واضح بحسب الرسم البياتي المنشور على الموقع الرسمي للبنك أيضاً.

حيث يؤكد البنك الدولي، وهو المؤسسة العالمية المختصة بقياس معدلات الناتج المحلي للبلدان بحسب العملات الرسمية المحلية للدول، إنّ العراق قد حقق في عام 2019 مبلغ قدره 262.332 ترليون دينار عراقي، والذي كان يساوي بحسب سعر الصرف آنذاك 222.4 مليار دولار امريكي، لكن هذا الناتج تراجع كثيراً ليصل في العام الحالي 2021 الى 199.332 ترليون دينار عراقي، والذي يساوي 137.47 مليار دولار بحسب سعر الصرف الحالي، وهو ما يعني أن العراق قد خسر خلال حكومة الكاظمي ما مقداره 84.93 مليار دولار من ناتجه المحلي.

وزيادة على ذلك تكشف تقديرات البنك الدولي عن ارتفاع هائل بحجم التضخم في العراق بعد أن كان صفراً في نهايات عام 2019 خلال حكومة عبد المهدي، رغم أن انخفاض التضخم الى 0‎% لا يعد مؤشراً جيداً، بحسب المحللين الاقتصاديين، كونه غير مشجع على التنافس داخل الأسواق، ويبقى من الأفضل أن يكون بمعدلات ما بين ‎‎%‎2 الى 3‎%، أما أن يرتفع التضخم في 2021 الى مستوى 9.4‎%، فهذا يعد مؤشراً على كارثة اقتصادية مدمرة، وهو واقع ما يعيشه العراق حالياً.

وفي أرقام اخرى أكثر احباطاً تشير معدلات النمو الى انخفاض يقدر بـ(سالب 11) في عام 2021 مقارنة بعام 2019، الذي سُجلت فيه معدلات نمو تقدر بـ4.5‎%، لكن الإنحدار بدأ مع النصف الثاني من عام 2020 ليصل الى 4‎% ثم بدأ يعاود الصعود في 2021 ليسجل 1‎% فقط، لكن هذا الصعود مازال يعد منخفضاً مقارنة مع ما سبق من السنوات.

وتعد هذه النسب والأرقام التي تصدر عن البنك والصندوق الدوليين بمثابة مقاييس دقيقة لا يمكن تجاهلها أو الالتفاف عليها بمناورات إعلامية، خصوصاً في ظل مخرجات الاداء الاقتصادي السيئة، والتي يشعر بها المواطن العراقي على أرض الواقع في تعاملاته اليومية، وذلك يتمثل بعدة معطيات، منها على سبيل المثال التراجع في انتاج الطاقة الكهربائية فضلاً عن الانتكاسة التي يشهدها الانتاج الزراعي، علاوة على ارتفاع أسعار السلع بكل أنواعها والخدمات بكافة أشكالها.

ولعل الخبراء الاقتصاديين والمحليين يستطيعون الكشف عن هذه الانتكاسة الاقتصادية عبر عدة طرق واضحة على رأسها أرقام المراصد العالمية المختصة، وهو الامر الذي قد يحرج الحكومة العراقية كثيراً، او في أقل تقدير يعد بمثابة فضيحة سياسية وإدارية، حيث بمجرد متابعة المسار التصاعدي لحجم الدين العام العراقي يمكن اكتشاف مستوى التردي الاقتصادي الحاصل، من ناحية زيادة حجم الدين العام العراقي في 2021 الى 26 مليار دولار، وهي ديون خارجية تعتبر من أسوأ انواع الديون، مايعد بحد ذاته بمثابة كارثة حقيقية تهدد العراق، نظراً لكون هذا الدين قد تزايد بشكل متسارع خلال فترة 17 شهراً، وهي الفترة التي تولى فيها الكاظمي رئاسة الحكومة.

وكما ذكرنا أعلاه أن المواطن العراقي يعد بمثابة مقياس آخر للمقاييس الدولية، ولعل أي مواطن عراقي يستشعر بوضوح التراجع الكبير في انتاج الطاقة الكهربائية، على سبيل المثال، فحين نسأل أي مواطن عراقي عن الفرق بين عام 2019 وعام 2021 سوف يفضل هذا المواطن مباشرة عام 2019 على عام 2021، وذلك لأن الأرقام تقول إن عام 2019، حين كانت حكومة عبد المهدي تُدير الأمور، قد بلغ خلالها حجم انتاج الكهرباء (19.280 ميغاواط)، في حين هبط هذا الانتاج خلال حكومة الكاظمي ليصل الى (17.500 ميغاواط) واحياناً يهبط أكثر ليصل الى (16.000 ميغاواط)، وبالطبع هذه الارقام ليست تخمينية وإنما هي أرقام من وزارة الكهرباء.

وعلى سبيل المثال أيضاً، تراجع الانتاج الزراعي، خصوصاً زراعة الحبوب، حيث شهد العراق قفزة كبيرة خلال حكومة عبد المهدي ليرتفع الناتج الكلي للقمح والرز الى (6 مليون طن) وهو ما قاد الى رفع الطاقة التخزينية قرابة ( 2.5 مليون طن)، في حين هبط مستوى الإنتاج من القمح والرز قرابة 35‎% في حكومة الكاظمي، وذلك نتيجة سياسات هذه الحكومة وعدم إدارتها الناجحة لعملية الانتاج الزراعي، فحتى هذه اللحظة لم يستلم الفلاحون العراقيون مستحقاتهم المالية نتيجة قيامهم بزراعة الحبوب خلال الموسم الماضي، وهذا يعني أن الفلاحين سوف يعزفون خلال الموسم الحالي عن الزراعة، ما سوف يتسبب بارتفاع نسبة الهبوط في الانتاج للعام الثاني على التوالي.

إنّ هذه الارقام والنسب المسحوبة من البنك الدولي وصندوق النقد، الى جانب أرقام ونسب وزارات العراق المعنية بالطاقة والانتاج، مع ما تؤكده معطيات السوق العراقية على أرض الواقع، واستشعارات المواطنين الذين زادت معاناتهم خلال الـ17 شهراً الماضية، يجعل تصريحات رئيس الحكومة مجرد بروباغندا مخادعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى