أحدث الأخبارالعراق

مـصـطـفـى الـكـاظـمي الـمـشـروع الامـريكـي والـبـديـل

صالح الصريفي 6Sep2020

لم يخطأ الرئيس ترامب عندما قال ( الكاظمي رجل أنسجم معه جدا ) لان الاخير أتقن دوره في تنفيذ خطط وسياسات الحاكم الفعلي للعراق ( السفارة الامريكية في بغداد ) ، بنجاح منقطع النظير !!
والسبب يعود الى عاملين رئيسين هما :

1- المساعدة التي قدمها فريق من دهاقنة علوم السياسة والنفس والاجتماع والاعلام ، الامريكي -البريطاني – الاسرائيلي المتخصص في دراسة المجتمع العراقي ، والذي أوكل اليه إدارة الصراع الطائفي وإدامة الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق منذ عام 2003 ، ثم أسندت له مؤخرا مهمة الاشراف وإدارة الملف الحكومي بعد انتخاب مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء .

2- ركائز وحواضن الاحتلال الامريكي ( كارتيلات الفساد ) من الطبقة السياسية الحاكمة من السنّة والشيعة والاكراد الذين دخلوا في صفقة سياسية مع الكاظمي مبنية على مبدأ ( التمكين مقابل التأمين ) تمكين الكاظمي من الحكم مقابل التعهد بتأمين مصالحهم وإمتيازاتهم وعدم فتح ملفات فسادهم

يضاف الى هذين العاملين ، المحاولات اليائسة للفريق الامريكي الحاكم في التوظيف القذر لبعض الاسباب المفتعلة كــ اطلاق العنان للجوكرية والعصابات الاجرامية للسيطرة على مشهد الشارع المطلبي الشيعي ، والاسباب القهريّة كــ انتشار وباء الكورونا بشكل غير مسبوق في العراق مسجلا عددا متصاعدا في الاصابات والوفيات ، وكذلك انشغال الحشدالشعبي في حرب الاستنزاف المفروضة ضد داعش الامريكي ، واخيرا ؛ العزوف المؤقت للمرجعية العليا عن التدخل بالشأن الحكومي بعد يأسها من عدم اذعان واحترام الطبقة السياسية العراقية للنصح والتوجيه والارشاد .
هذه الاسباب بمجموعها وفرت فرصة نادرة للادارة الامريكية للاستمرار في دعم الكاظمي والاحتفاظ به لإنجاز ثلاث مهام كخطوات أولى في هذه المرحلة ؛

الاولى : تنفيذ سياسات شراء الصمت والحياد الداخلي والاقليمي فعلى مستوى الداخل حرصوا على شراء صمت وحياد أكبر عدد ممكن من وسائل الاعلام ، و ( نواشيط ساحة التحرير ) بالمال ، والتعيين في مكتب رئيس الوزراء والهيئات التابعة له هذا من جهة ، ومن جهة اخرى التلويح بتقديم ملفات المتورطين في الفساد في كافة اجهزة الدولة القضائية والتشريعية والحكومية والعسكرية والامنية ، الى المحاكم في حالة اعتراضهم على سياسات الحكومة .
اما على المستوى الاقليمي محاولتهم ، مداراة وإحراج أعدائهم (محور المقاومة ) الجمهورية الاسلامية الايرانية وسوريا وحلفائهما في العراق ولبنان من خلال تفعيل بعض الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الحكومات العراقية السابقة وايران ، ثم العمل على تفعيل بعض التفاهمات الامنية والتجارية مع الحكومة السورية والتي ستتوج ربما بزيارة الكاظمي الى دمشق في وقت قريب ، فضلا عن استغلال انفجار مرفأ بيروت والاسراع بتقديم المساعدات الانسانية والمشتقات النفطية والنفط الخام الى لبنان الشقيق

المهمة الثانية : السيطرة الكاملة على عقود التنقيب وانتاج النفط والغاز والكهرباء في العراق وتعطيل مذكرات التفاهم الصينية والروسية الاقتصادية والتجارية والعمرانية والعسكرية ، والتحكم المطلق بمسارات ومصير الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الايرانية وحتى التركية والاوربية كما حصل مع شركة سيمنس

المهمة الثالثة : التدخل بقوة في الانتخابات القادمة من اجل وصول ( حزب السفارة الامريكية العراقي ) الى البرلمان واستحواذه على أغلبية المقاعد ، ومن ثم فتح الباب على مصراعيه دستوريا لبيع العراق مجانا لشركات النفط والغاز العالمية الامريكية اليهودية .

وازاء هذا المخطط والمشروع الامريكي المزمع تنفيذه للسيطرة على العراق والهيمنة على ثرواته والتحكم بقراره السياسي ، يبرز السؤال التـالي :

مــــا الــبــديــــــل ؟ و مــــــا الـــــــعــمـــــــل ؟

وجوابه ان التشيع كــ امة ( وليس مذهب ) و حالة سياسية واجتماعية وثقافية اليوم يمر بأخطر المراحل منذ عام 2003 ، ويقف على مفترق طرق أيسرهما صعب مستصعب ولكن يمكن الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر اذا ما عملنا على مايلي :

1 – ليعلم الجميع ان حفظ العراق هو بحفظ التشيع ، والعكس هو الأصح ، هذه المعادلة الذهبية التي لم يدركها الكثيرون ، والحقيقة التي يرفض تصديقها المعاندون !! تفرض نفسها في هذه المرحلة الحساسة لتتحول الى مسؤولية تقع على كاهل احرار وشرفاء وفقراء هذه الامة ، ليحملوها بصدق وامانة في الاصلاح ومحاربة الفساد واعادة بناء العراق ، وبناء على هذه المسؤولية ووفقا لمقتضيات المصلحة العامة يتوجب على القوى والشخصيات الاجتماعية والاكاديمية والعلمائية والثقافية والاعلامية والادبية والفنية الحرة والشريفة والنزيهة التي امتنعت عن المشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية في المراحل والدورات السابقة ، أن تسارع الى تأسيس تكتلات وتنظيمات واحزاب جــديــدة وبــديــلــة عن احزاب السلطة الفاسدة وفقا لشروط وضوابط واحكام تنظيمية مبنية على التفاني في خدمة الناس والوطن ، والتمسك بالقيم والاخلاق العالية في التضحية والإيثار ورفض كافة الامتيازات المادية والمعنوية الممنوحة للسلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية .

2- البدء بحملة توعية وتثقيف تستهدف الاغلبية الصامتة وتحذيرها من خطورة المرحلة القادمة على مصير التشيع والوطن وتثقيفها انتخابيا وتشجيعها على المشاركة بقوة وكثافة في الانتخابات القادمة
مقابل الناخبين المصنفين والمتصنمين “للزعامات السياسية العائلية ” و “التيارات السياسية” سواء التي تلوثت بفساد السلطة أو التي فشلت في بناء الانسان والدولة

3- تقديم برامج انتخابية عملية حضارية واصلاحية ونهضوية بعيدا عن التنظير والخداع ترتكز على اسس ومباني بناء الدولة الحضارية الحديثة والانسان ، وتنسجم مع تطلعات الناخب وتلبي حاجاته في توفير فرص العمل والعيش الكريم والتعليم والصحة والسكن

4 – على القوى والشخصيات السياسية الشريفة والنزيهة المشاركة في السلطة والتي لم تتلوث بفساد السلطة إعادة انتاج نفسها في تكتلات انتخابية جديدة والاستفادة من تجاربها وخبراتها في خدمة المواطن وادارة الدولة

واخيرا ؛ نكرر نصحنا بضرورة العودة الى التمسك بالدستور في إقامة عراق اتحادي فدرالي
و إنشاء ( إقــــلــيــــم الــوســــط والــجــنــــوب ) الذي يمثل الحل الأمثل للتخلص من كافة المشاكل والأزمات المزمنة التي يعاني منها ابناء الوسط والجنوب وفقا للدراسة التي قدمناه قبل شهرين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى