أحدث الأخبارايرانمحور المقاومة

مــحــور الــمـقــاومــة بـيــن خــفــايــا الـتــطـبـيــع وحــرب نـاغـورنـو كـارابـاخ والــخــنــق الــذكــي

مجلة تحليلات العصر-صالح الصريفي

الوعد الذي قطعته الجمهورية الاسلامية وعلى رأسها السيد القائد علي الخامنئي (بالانتقام القوي) و المطالبة بــ( إخراج امريكا من منطقة غرب اسيا ) ردا على اغتيال القائدين الشهيدين الحاج قاسم سليماني. الحاج ابو مهدي المهندس ، يعد أخطر تهديد تواجهه امريكا في تاريخها المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية وفي المقابل ايضا يعد أكبر تحدي تقدم عليه الجمهورية الاسلامية منذ تأسيسها عام 1979 .
والمنطقة التي تطالب ايران امريكا الخروج منها تضم ( 23 دولة ) تمتد من الاناضول وجنوب القوقاز الى شبه جزيرة سيناء والهلال الخصيب وحتى شبة الجزيرة العربية وايران ، وهي من اهم المناطق اهمية من الناحية الجيو ستراتيجية والجيو سياسية والجيو اقتصادية والجيو أمنية وعسكرية

اسباب الاصرار الايراني

على الرغم من زحمة ونوعية الوسطاء الذين ارسلتهم الادارة الامريكية الى ايران من اجل ثنيها عن انتقامها ، مقابل مجموعة من التنازلات الامريكية في دفع التعويضات وتقديم بعض التسهيلات وحتى رفع جزئي عن الحصار الخانق ، الا ان الجمهورية الاسلامية بقيت مصرة على عدم التنازل عن مطالبها والاصرار على تنفيذ الانتقام ورحيل القوات الامريكية من غرب اسيا ولو حتى بعد حين ولا يسقط بالتقادم .
وان السبب الحقيقي وراء هذا الاصرار هو ان ايران ادركت مبكرا ان هذا العصر هو بداية نهاية وافول الهيمنة الامريكية ، و ان هذه ( القوة العظمى الوحيدة في العالم ) قد دخلت في طور الضمور والانحسار والتراجع بعد حروبها الاختيارية في احتلال افغانستان (2001) ، واحتلال العراق (2003) التي كلفت الخزينة الامريكية تريليونات الدولارات والاف القتلى وعشرات الالوف من الجرحى والمعاقين جسديا ونفسيا ، اضافة الى الازمة المالية عام 2008 التي ضربت الاقتصاد الامريكي في مقتلة ، ثم مرحلة الركود الاقتصادي الامريكي الكبير المتوقعة بين عامي 2020-2022 في ظل تداعيات أزمة كورونا ، ويضاف لها ايضا اسباب داخلية تتعلق بسوء ادارة ترامب الغرائزية وسياساته الخارجية العشوائية والسياسات الحمائية والنزعات القومية والشعبوية وتنامي ظاهرة السلوك العنصري ضد الامريكان السود واضطهاد المهاجرين ، واسباب خارجية تتعلق بصعود منافسين دوليين جدد مثل الصين وروسيا والهند واوربا وكندا واليابان وكوريا ومنافسين اقليميين مثل فيتنام وماليزيا وايران وتركيا واسرائيل ، ، و بالتالي فان كل هذه الاسباب فرضت توازنات عالمية واقليمية جديدة وتحديات امنية واستراتيجية و تنافس وتموضع دولي واقليمي لتثبيت معادلات جديدة وموطئ قدم للمتنافسين في حال انسحاب امريكا من منطقة غرب اسيا .
ولكن هناك مشكلة لدى امريكا هو رفضها الاعتراف والتسليم بواقعها الجديد كما قال هنري كيسنجر قبل ايام في لندن ( أن هناك مشكلة لدى واشنطن، وهي ترسيخ قناعة أن الولايات المتحدة هي المهيمنة على العالم وحدها، وهي قناعة يجب تغييرها،  بحسب كيسنجر. )
وبالتالي كل مانشهده من سياسات عدائية عشوائية وحصارية وحمائية ضد الدول المنافسة لها أو الدول والقوى المقاومة والمناهضة لها هي دليل ضعف وانكسار وتراجع في قطبيتها وهيمنتها الاحادية

خفايا التطبيع الاماراتي

في البعد الجيو ستراتيجي لم تعد الولايات المتحدة الامريكية بحاجة الى نفط الشرق الاوسط ولا الاستثمار في بنيته التحية ولم تعد معنية في تأمين وصوله باسعار زهيدة الى اوربا ، وهي غير مهتمة في الاستثمار باعادة اعمار الدول العربية وبناها التحتية ، وحتى التواجد العسكري في المنطقة وحماية اسرائيل بات عبئا ثقيلا عليها نظرا للاكلاف المالية التي باتت تثقل كاهل الخزينة ودافع الضرائب الامريكي فضلا عن تداعيات كورونا الكارثية على الاقتصاد الامريكي
وبالتالي تحول الجهد الاستراتيجي الامريكي الى الاستثمار في حروب الجيل الخامس والسادس وفي صناعة التهديد وانتاج الحروب البينية وادارة الصراع عن بعد .
واما التطبيع والحرب الناعمة والحرب الاعلامية في تزييف الوعي وصناعة التضليل والجهل والحروب بالوكالة( داعش واخواتها ) وسياسات الحصار والخنق الاقتصادي والتواجد العسكري الامريكي ( المؤقت ) في المنطقة ، وحتى محاولة اعادة اشعال حرب ناغورنو كاراباخ ماهو الا بمجمله استثمار في صناعة التهديد الجيو ستراتيجي ( الوجودي او المصيري ) ضد ايران ومحور المقاومة ( دول وقوى ) من اجل ضمان امن اسرائيل وتفوقها العسكري والتكنولوجي وتأمين مصالحها الحيوية الجيو استراتيجية وتثبيت قواعد حرب جديدة لاسرائيل مع ايران ومحور المقاومة ، فضلا عن الحرص الامريكي على تأهيل اسرائيل لتكون الوريث الوحيد لخلافة امريكا في المنطقة .
وبناء على ماتقدم نخلص الى نتيجة ان اصرار الجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة على( الانتقام القوي ) والمطالبة بـ( رحيل الجيوش الامريكية من منطقة غرب اسيا ) ينطلق من المقاربة الايرانية في ادراك وفهم جوهر الصراع والتنافس على تقاسم النفوذ في المنطقة وبالتالي عملت ايران جاهدة خلال العقدين الماضين في بناء عناصر القوة وعوامل الاقتدار والتفوق الداخلية الخارجية من اجل بناء قوة اقليمية بالتعاون مع حلفائها من دول وقوى المقاومة ( ايران واليمن وسوريا حزب الله والفصائل الفلسطينية الحشد الشعبي العراقي وفصائل المقاومة في البحرين والحجاز وجيبوتي وافريقيا وافغانستان وباكستان والهند ) ، يحسب لها الف حساب في لعبة التوازن الدولي والاقليمي ومواجهة التحديات في دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني والهيمنة الامريكية والعالمية المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى