أحدث الأخبارشؤون امريكية

مــســـتـقـبــل الــولايـــات الــمــتــحــدة الامــريــكـيـــة رؤيـــة مــن الــداخــل … القسم الثاني / 4 من 6

مجلة تحليلات العصر الدولية - صالح الصيرفي

بعد ان تناولنا في الحلقات الثلاث الاولى من القسم الاول من البحث في مستقبل الولايات المتحدة اثر تداعيات ادارة دونالد ترامب ومقتل George Floyd(بي آي جي فلويد) والانتخابات الامريكية واقتحام مبنى الكابتول ( أقدس مقدسات الديمقراطية الامريكية) وحددنا عوامل الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، سنكمل في ثلاثة حلقات جديدة مسار التفكك والانحلال والتراجع للامبراطورية الامريكية بعد انتخاب الرئيس السادس والاربعون للولايات المتحدة الامريكية الديمقراطي جو بايدن .
وفي البدء لابد من التذكير حول اهم وأكثر ملاحظة وردت لي ، على القسم الاول من البحث وجوابي ؛ أنا لم أقل ان الولايات المتحدة الامريكية سوف تسقط بين ليلة وضحاها ولم أضع جدول زمني لسقوطها وإنما قلت واكرر القول ان امريكا دخلت في مسار التفكك والانحسار والتراجع وربما الحرب الاهلية ، ولم يقتصر هذا القول علي وحدي بل سبقني الى ذلك الاعلام والصحافة ومراكز ومعاهد الدراسات والبحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية الامريكية والغربية الاوربية فضلا عن بعض الكتاب والمحللين العرب ، كما لم يأتي البحث من باب التشفي أو البروباغاندا ولا التعمية أو التضليل ، بل اننا لاننكر تداعيات انهيار الامبراطورية الامريكية في حال حصولها على منظومة ميزان القوى العالمي وعلى خارطة توزيع المصالح والنفوذ الدولية .
وبالتالي فان الحديث عن الانهيار لم يأتي من ترف فكري أو مزاج شخصي ، وإنما الوقائع والاحداث والشهادات هي التي فرضت نفسها على الساحة وتحدثت وتنبأت عما ستؤول اليه الاوضاع التراجيدية في امريكا ، فعندما يصل الاستقطاب الحزبي الى حد تعطيل موازنة البنية التحتية ( إصلاح النقل العام شبكة الطرق السريعة والجسور والممرات المائية وضمان الإنترنت السريع لجميع الأميركيين، وتوسيع برامج الطاقة النظيفة واصلاح البنى التحتية المرتبطة بمياه الشرب ومياه الصرف الصحي، وتمويل شركة ” أمتراك “لتطوير سكك الحديد ) ، المقدرة بترليون ومئتي مليون دولار مدة سبعة أشهر ثم يصوت مجلس الشيوخ على نصف الموازنة( 550 مليار دولار، فيما كان الحديث يدور سابقا عن 1.2 تريليون دولار ! ، بحجة ان المشروع سيكون “انتصارا” للديمقراطيين ولإدارة الرئيس جو بايدن كما نقلت “مجلة بوليتيكو ” الامريكية عن ترامب وفريقه الجمهوري !؟ فهل هذا يعني غير ان البلد واقع تحت مطرقة التعطيل الدستوري في مجلس الشيوخ ، وعندما يعطل مجلس الشيوخ ويوقف عمل لجنة التحقيق التي اقرها الكونغرس للتحقيق في احداث اقتحام مبنى الكابتول فماذا يعني ذلك غير التعطيل الدستوري !؟ ، وعندما يصل العنف المسلح نتيجة الانقسام المجتمعي الى حد وبحسب تقرير لشبكة “ABC” الإخبارية ومؤسسة “أرشيف عنف السلاح”، في الفترة بين السبت 17 تموز/ يوليو والجمعة 23 من الشهر ذاته إلى إصابة 1007 أشخاص وقتل 450 امريكي خلال اعمال عنف فوضوية ، مما يعني أن ضحية واحدة على الأقل، بين قتيل أو جريح، سقط كل 7 دقائق، خلال اسبوع واحد فقط !! فهل هذا يعني غير ان المجتمع الامريكي بات على شفا حرب اهلية غير معلنة ؟
علما ان كافة المؤسسات السيادية والمؤسسات التشريعة سيما الكونغرس في العاصمة واشنطن مازالت حبيسة الحواجز الاسمنتية والاجراءات الامنية المشددة خوفا من التهديدات الارهابية الداخلية المتكررة ، وهذا ينطبق على العديد من الولايات الاخرى التي يتمركز فيها الارهابيين البيض .
اما تراجع الولايات المتحدة كقوة عظمى عالمية وانحسار دورها في الشرق الاوسط وغرب اسيا ، فأدلّته كثيرة ولايحتاج الى عناء في اثباته ، فالتحديات الداخلية ( إزدياد العنف ، أزمة الكورونا ازدياد اعداد البطالة التراجع الاقتصادي وزيادة التضخم عجز الادارة في اتخاذ قرار مركزي لمواجهة الصين وروسيا ) ، والخارجية (انسحابها من افغانستان خفض وجودها العسكري في الخليج و إعادة تموضع قواتها وانسحاب القوات القتالية من العراق وإنحسار الدور الامريكي في الحرب الليبية ومحاولة تبرئة نفسها من العدوان السعودي على اليمن القتالية وسحب بطاريات الباتريوت من السعودية والكويت ، كلها تشكل مروحة من الأدلة والشواهد على التراجع والانحسار والتحلل ، ومثاله هو ما أكدته Foreign Affairs”فورين أفيرز” يوم 3August2021 في مقال حول (الاتصالات السعودية الايرانية ) بقلم الكاتبان Vali Nasr and Maria Fantappie- لولي نصر من جامعة جونز هوبكنز وماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني؛ قالا فيه ؛ (إن أحدا لا يمكنه إنكار التحول في واشنطن، فالشرق الأوسط لم يعد أولوية كبرى للولايات المتحدة ! .
انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط الأوسع واضح من رحيل القوات الأمريكية من أفغانستان وتخفيض المهام في كل من العراق والأردن والكويت والسعودية، إلى جانب التركيز على الصين وروسيا ) .
وفي هذا السياق ايضا ماذا عسى إدارة بايدن ان تفعل امام تفاقم تحديات COVID 19 ، منذ ايام وسلالة دلتا المتحورة تجتاح الولايات المتحددة الامريكية وتزيد نسبة الوفيات والاصابات بشكل غير مسبوق حتى امتلأت المستشفيات ولم يعد هناك أسرة لاستقبال المرضى والمصابين وفق ما كشف حاكم ولاية آركنسو الأميركية،وحاكم تكساس غريغ أبوت، الذي طلب من المستشفيات تأجيل العمليات الجراحية غير الطارئة مع انتشار السلالة المتحورة السريع في أجزاء واسعة من البلاد، وسط توسل الرئيس جو بايدن من اجل أخذ اللقاح الذي مازال يرفضه عدد كبير من الامريكين بسبب دور رجال الدين الانجيليين البيض وبعض الاطباء والباحثين في المجال الصحي المؤدلجين” إنجيليا “بتخويف الناس وتحذيرهم من اخذ اللقاحات لاسباب أيديولوجية وعقائدية وحتى حزبية ( لإفشال ادارة بايدن ) ، ووفقا لآخر نشرة الاحصائيات الرسمية لـ CDC “مركز السيطرة على الامراض والوقاية منها ” الصادر بتاريخ 6Aug2021 منذ بداية التطعيم يوم 14 Decem2020 حتى 22Jul2021 بلغ عدد الاشخاص الذين تلقوا جرعة واحدة من اللقاح حتى الان 162.174.165 اما الاشخاص اللذين تم تطعيمهم بالكامل بلغ نسبة 56.4%
هذا وحذّر فرانسيس كولينز، مدير المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة، في برنامج ” This week “ذيس ويك” الذي يبث على شبكة “IBC ،إيه بي سي يوم الاحد 8Aug2021 من أن البلاد “تفشل” في مواجهة الوباء، مع تسجيلها أعلى معدل يومي لحالات الإصابة بفيروس كورونا منذ ستة أشهر. وأدى الانتشار الحاد للإصابات بالمتحور “دلتا” من الفيروس إلى ارتفاع العدد الإجمالي للإصابات اليومية الجديدة إلى 118 ألفا، وهو أعلى مستوى تسجله البلاد منذ فبراير.
وارتفع عدد الوفيات بنسبة 89% خلال الأسبوعين الماضيين .
وماذا عسى ادارة بادن ان تفعل امام تزايد نسبة الفقر والبطالة في البلاد نشر موقع «THE CONVERSATION – ذا كونفرزيشن» الأسترالي6Aug2021 مقالًا أعدَّه الأكاديميان Jeffrrey Kucik جيفري كوتشيك، أستاذ مساعد في العلوم السياسية بجامعة أريزونا، و Don Leonard دون ليونارد، أستاذة ممارسة في التخطيط الحضري والإقليمي، بجامعة أوهايو،
يوضح الكاتبان أن تحديد عدد العمال الذين يكافحون لتغطية نفقاتهم الأساسية مهمة معقدة. ويمكن أن تختلف ميزانية توفير حد الكفاف للعامل اختلافًا كبيرًا استنادًا إلى المكان الذي يعيش فيه الشخص، وعدد الأشخاص في الأسرة الواحدة.
على سبيل المثال تُعد تكلفة المعيشة في مدينة “Rochester, New York. روتشستر بولاية نيويورك ” الأقرب للمتوسط الوطني لـ509 منطقة حضرية في الولايات المتحدة، وفقًا لمؤشر تكلفة المعيشة في المدينة الذي أعدَّته شركة الأبحاث «AdvisorSmith أدفايزور سميث».
وفقا لـ حاسبة الأجور المعيشية لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الشخص البالغ من دون أسرة أو اطفال الذي يعيش في مدينة روتشستر يحتاج إلى ما لا يقل عن 30 ألف دولار أمريكي سنويًّا لتغطية تكاليف السكن، والطعام، والنقل، اما الشخص البالغ مع طفل فيحتاج الى 63 الف دولار بينما يحتاج الشخصان البالغان مع طفلين الى 88 الف دولار وهذا يعني بالنسبة للاجور الحالية يحتاج الشخص الواحد الى كسب الضعف والاسرة الى ثلاثة أضعاف
وحسب ما يُقدِّر الكاتبان، فإن ما لا يقل عن 27 مليون عامل في الولايات المتحدة لا يكسبون ما يكفي لبلوغ تلك العتبة المنخفضة للغاية التي تبلغ 30 ألف دولار – استنادًا إلى أحدث بيانات أجور المهن من مكتب إحصاءات العمل، وكالة حكومية، من مايو (آيار) 2020، ويعتقد الكاتبان أن هذا تقدير متحفظ، وأن عدد من لديهم وظائف ويكسبون أقل مما هو ضروري لتحمل ضرورات الحياة أعلى بكثير على الأرجح.
اما معدلات البطالة التي يتحدث عنها آخر تقرير صادر عن “CongressionalResearchService “قسم خدمات الابحاث في الكونغرس الامريكي الصادر في آخر تحديث يوم Updated 15Jun2021، والمؤلف من 28 صفحة تتحدث عن ارقام ومعدلات غير مسبوقة حول تداعيات جائحة COVID-19 على زيادة نسبة البطالة في الولايات المتحدة وزيادة نسبة اتساع مساحة الشرخ الديموغرافي بين الامريكيين أنفسهم ! .
ويوضح هذا التقرير ما يلي:
في أبريل 2020 ، بلغ معدل البطالة 14.8٪ ، وهو أعلى معدل منذ بدء جمع البيانات عام 1948. وفي مايو 2021 ، ظل معدل البطالة أعلى (5.8٪) مما كان عليه في فبراير 2020 (3.5٪).
انخفض معدل التوظيف إلى 60.2٪ في أبريل 2020 – وهو مستوى لم نشهده منذ أوائل السبعينيات – ثم بدأ يتعافى جزئيًا في مايو 2020. كان معدل التوظيف 61.6٪ في مايو 2021 ، وهو أقل بنسبة 1.8 نقطة مئوية عن المستوى في يناير 2020 ، قبل الوباء والركود الاقتصادي.
فقدت الوظائف غير الزراعية 22.1 مليون وظيفة بين يناير 2020 وأبريل 2020 ، مع انخفاض التوظيف إلى 86٪ من مستويات ما قبل الركود. في مايو 2021 ، ظل إجمالي العمالة 7.3 مليون دون مستويات ما قبل الركود.
وقد نال القطاع السياحي النصيب الاكبر من الضرر نتيجة تداعيات جائحة COVID-19 وشهد هذا القطاع اعلى معدلات البطالة خلال فترة الوباء
وقد انعكست تداعيات جائحة COVID-19 سلبا على زيادة الهوة في العوامل الديموغرافية. صحيح ان كافة الديموغرافيات تاثرت بالجائحة ، إلا ان التقرير يتحدث عن إرتفاع البطالة وانخفاض التوظيف بين الافراد الذين تم تحديدهم على أنهم من السود أو من أصل إسباني والعاملين الأصغر سنًا وذوي التحصيل العلني المتدني بنسب عالية جداً .
كان اكبر القطاعات المتضررة هو القطاع السياحي ، حيث أثرت جائحة كوفيد -19 على العديد من القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة وفقد قطاع الترفيه والضيافة معظم الوظائف منذ كانون الثاني (يناير) 2020 ، وشهد العاملون في هذا القطاع خلال فترة الوباء اعلى معدلات البطالة اما قطاع التعليم والخدمات والقطاع العام فعلى الرغم من التحسن النسبي البسيط في انخفاض مستوى البطالة فيهم نتيجة التوظيفات الاخيرة في عهد بايدن الا ان هذه القطاعات مازالت تشهد ايضا ثاني أكبر خسارة للوظائف .

التفكك البطيء للامبراطورية الامريكية

نشرت مجلة The Nation الاسبوعية الامريكية بقلم Tom Engelhardt( توم إنجلهاردت ) بتاريخ 22فبراير 2021 مقالا يقول فيه “من الواضح ان العصر الامبراطوري الحديث وصل الى نهايته ( الى الجحيم) وان الامبراطورية الامريكية دخلت فعليا ( بل من المؤكد) في طور التفكك البطيء ولن يستطيع جو بايدن وشركاؤه ايقافه” ويواصل الكاتب وصف بلده بتهكم ويقول اصبحت امريكا تشبه شخصية (غريغور سامسا ) في رواية فرانز كافكا ( التحول ) ” عندما استيقظ غريغور سامسا – من نومه ذات صباح عقب أحلام مضطربة: وجد نفسه قد تحول فى سريره إلى حشرة عملاقة. وكان مستلقياً على ظهره المدرع القاسىء وعندما رفع رأسه قليلاً رأى بطنه المقوّس البنى اللون مجزأ إلى فصوص مقوؤسة قاسية وغطاء السرير المقلقل عند ذروة البطن يكاد ينزلق كلياً وكانت أرجله المتعددة رفيعة على نحو بائس مقارنة بحجم جسمه، وترتعش أمام ناظريه بعجز ” .
نحن في امريكا ، استيقظنا في 7 يناير 2021 لنكتشف أننا أيضًا “حشرة عملاقة” ذات بطن بني شبيه بالبيت. مقسمة إلى أجزاء مقوسة صلبة “والعديد من الأرجل” الرفيعة للغاية “التي” تلوح بلا حول ولا قوة ” ، ووجدنا ، بطريقة ما ، أننا أصبحنا صرصورًا عملاقًا لبلد ما. نعم ، أعلم أن جو بايدن وكامالا هاريس هم الآن المسؤولون ويلوحون بأطرافهم الصغيرة بعنف ، في محاولة لفعل بعض ما يجب القيام به لهذه الأرض الحزينة للمضطربين والمرضى والمحتضرين.
ولكن من شاهد قبل ايام سكان فلوريدا وهم يحتفلون بفوز (فريق سوبر بول) متجاهلين الالتزام بإجراءات (الكورونا ) من دون كمامات ويرقصون كتفا الى كتف في شوارع ( تامبا)، لايسعه الا ان يدرك اننا بالفعل امة من الصراصير الاكثر ثراءا وانتشارا على كوكب الارض .وبعد ان يستعرض الكاتب سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب الشعبوية العنصرية والفوضوية وعجز مجلس الشيوخ عن محاكمته بل حتى مسائلته ثم يقول الكاتب ” دعونا نواجه الأمر ، سواء كنا ندرك الحقيقة تمامًا أم لا ، فنحن نعيش الآن في نظام ، وكذلك في دولة ، من الواضح أنها في مرحلة مبكرة من التفكك. تشبه الى حد بعيد قصة رائعة حدثت في التاريخ الحديث كيف انتهت
حاملة الطائرات العملاقة يو إس إس إنتربرايز التي كانت رمزا للقوى الإمبريالية خلال ثلاثة عقود إلى يو إس إس روتش ( مرفأ تفكيك السفن الخردة ) ” .
ثم يستعرض الكاتب الامثلة والشواهد التي تدلل على ضعف امريكا يقول بعد الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي ثم سقوطه وسقوط جدار برلين ظهرت واشنطن المنتصرة والمتفردة في العالم من كان يتخيل ان مجموعة من الارهابين السعودين يهاجمون امريكا في احداث 11 سبتمبر ومن كان يتخيل ان جورج بوش الاب صاحب الحرب الباردة يورث ابنه جورج بوش الابن الذي غزا افغانستان والعراق وكان يريد السيطرة على العالم ، ثم من كان يتخيل انتخاب ترامب على الرغم من فوز هلالي كلنتون بالتصويت الشعبي ( وفقا للعبة بونزي ) ثم يعود الكاتب مرة اخرى الى الماضي ويقول من كان يتخيل ان امريكا التي اصبحت اكبر قوة واغنى دولة في العالم تسرقها مجموعة من اللصوص المليارديرات ( اصحاب المجمع الصناعي والمالي. ) حيث كانت تذهب الارباح الى 1% من الامريكين على حساب ملايين الفقراء والاقل دخلا التي تزداد فقرا وجوع ثم يقول من كان يتخيل ان اصحاب مصانع السلاح هم من يتحكمون بقرارات امريكا في شن الحروب العبثية في افغانستان والعراق والخليج التي كلفت الشعب الامريكي بعشرات الترليونات من الدولارات على حساب دافعي الضرائب والفقراء ومشاريع التنمية ، من كان يتخيل أنه في عام 2009 ، في أعقاب الركود الكبير في الداخل ، يأمر الرئيس ، باراك أوباما ، بـ “زيادة” كبيرة في القوات في أفغانستان ومن كان يتخيل ان امريكا بعد عقود طويلة من تأسيسها مازالت تفتقد الى العدالة الاجتماعية والمساواة ومن كان يتخيل ان روسيا المحطمة والصين الماوية يصبحا قوتان موازيتان بل يتفوقان على امريكا وانتهاءا من كان يتخيل الكوميديا السوداء برفض الرئيس ترامب نتائج الانتخابات والغوغاء في اقتحام مبنى الكابتول بتحريض من الرئيس نفسه
أليس هذا يدل بشكل قاطع باننا بحاجة الى اعادة التعريف الوظيفي للديمقراطية الفاشلة !؟
أليس هذا يدل على ان القواعد الديمقراطية من عشرات السنين لم تعد قائمة !؟
أليس هذا يدل على خروج القوة العظمى من التاريخ !؟
ثم يقول الكاتب ” وبالطبع ، لم أذكر حتى الآن – الكابوس الذي لا يزال لا ينتهي والذي اجتاح البلاد في أوائل عام 2020 والذي ، كما أظن ، سيُنظر إليه يومًا ما على أنه نقطة النهاية الحقيقية لقرن أمريكي قصير بشكل لافت للنظر. أفكر بالطبع في Covid-19 ، المرض الوبائي الذي اجتاح البلاد ، وأصاب عشرات الملايين من الأمريكيين وقتل مئات الآلاف بطريقة لا مثيل لها في أي مكان آخر على هذا الكوكب ، ولم أذكر الفوضى والانقسامات المجتمعية الأكثر شراسة من اي وقت مضى التي ملئت البلاد بالمدنيين المدججين بالسلاح حتى الاسنان !؟
أليس هذا يكفي لوحده بإسقاط اي رئيس ؟
أو بعبارة أخرى: بعد مرور 30 عامًا على خروج الاتحاد السوفيتي من مسرح التاريخ ، نحن ايضا نعيش في دولة هي نفسها عازمة بشكل غريب على التوجه نحو الخروج نفسه من مسرح التاريخ – دولة مقعرة يقودها رئيس يبلغ من العمر 78 عامًا ، نظامه يعيش تحت ضغوطات متنوعة ومذهلة ومن الواضح أنه بدأ يتفكك عند اللحامات. دولة لا يمكن التعرف على أحد أحزابها السياسية ؛ كونغرس مُعَطِلْ ومنقسم على نفسه ولا يعمل بكامل طاقته دولة أصبحت إمبريالية بطبيعتها بنظام اقتصادي بلوتوقراطي. لا يزال جيشها منتشر و يكافح عبر أجزاء كبيرة من الكوكب ، بينما من الواضح ايضا أن هناك حربًا باردة جديدة محتملة مع الصين الصاعدة تلوح في الأفق .
وفي نهاية حكاية كافكا الكلاسيكية ، يموت سامسا ، الذي أصبح حشرة عملاقة على ظهر تفاحة متعفنة ، فهل المصير نفسه ينتظر القوة الأمريكية العظمى ؟

هل تتفكك الولايات المتحدة؟

نشر موقع NATIONL REVIEW ( التقييم الوطني) في 3 كانون الاول 2020 مقالا بقلم TERRY TEACHOUT
يقول منذ 20 عشرين عاما كتبت مقالا حول انتخابات عام 2000 بعنوان ( امة جمهورية ، وامة ديمقراطية ) وذكرت في حينها ان الانتخابات أظهرت ان امريكا تنقسم الى وحدتين متميزتين جغرافيا وثقافيا واوضحت في هذا المقال انك اذا نظرت على جانب واحد من السياج ستجد تجمعات في داخل المدن والضواحي تتكون من موظفي الحكومة وأعضاء النقابات والسود و “والاكاديمين التكنوقراط ” المتعلمين تعليماً عالياً والأثرياء نسبياً والمعروفين لدى علماء السياسة باسم الطبقة الجديدة. واذا نظرت من الناحية الأخرى ، ستجد هناك ما يشابه ما أطلق عليه ( H. L. Mencken – هنري لويس إتش إل مينكين – اسم حزام الكتاب المقدس. . . التي تضم مجموعات امريكية انجيلية شديدة التدين والتي تعود اصولها الى المناطق والبلدات الريفية الامريكية الصغيرة والتي هاجرت وسكنت ضواحي المدن الامريكية سريعة النمو وشكلت فيما بعد مجتمعات الطبقة المتوسطة الجديدة التي ظهرت خارج حدود الضواحي القديمة .
وقد أحدث المقال جدلا واسعا بين العديد من الكتاب والمفكرين والصحفيين من بينهم “David Brooks -ديفيد بروكس ” الصحفي والمعلق الثقافي في جريدة نيويورك تايمز الذي قال “لا يوجد صراع جوهري. قد تكون هناك شقوق ، لكن لا توجد فجوة ” ، اما الكاتب والمحلل السياسي والخبير في الصحافة الامريكية Michael Barone ميشيل باروني هو الاخر ايضا الذي اكتشف الانقسام الثقافي وكتب عنه قبل انتخابات عام 2000 ، اما الشخصية البارزة الوحيدة التي فكرت خلاف جميع من عارضوني هي المؤرخة الامريكية والمفكرة الثقافية الكبيرة ( Gertrude Himmelfarb – جيرترود هيملفارب ) التي كتبت (انا متفقة تماما و بالكامل مع TERRY TEACHOUT) ، ولكنها كانت مترددة في الذهاب الى حد القول او الاعلان ان امريكا منقسمة الى دولتين وفضلت قول اننا امة واحدة بثقافتان وهذا كان عنوان كتابها ” امة واحدة وثقافتان ” الذي صدر عام 2000 .
وبعد مرور اربع سنوات جميع من انتقدوني غيروا رأيهم بعدما نشر الصحفيان
Robert J Cushing – Bill Bishop تقرير استقصائي ضمن برنامج ( The Big Sort)
والذي اثبتوا فية وبالدليل الاستقصائي ان الهجرة الداخلية كانت هجرة نوعية وثقافية حيث نادرا ماتجد الانجليين الجمهوريين انتقلوا الى مناطق يعيش فيها الديمقراطيون ونادرا ماتجد الديمقراطيون انتقلوا الى مناطق يعيش فيها الجمهوريون وبمرور الزمن والتوسع اصبحت هناك امريكا حمراء ( الفيل الاحمر ) وامريكا زرقاء ( الحمار الازرق )
وبعد اربع سنوات من انتخاب وحكم الرئيس دونالد ترامب ، اتسعت الهوة الثقافية التي تفصل بين الأمريكتين ( الحمراء والزرقاء ) . والظاهرة التي طفحت على سطح المجتمع الأمريكي هو أن أولئك الذين يختلفون في الرأي لم يعد لديهم أي شيء ليقولوه لبعضهم البعض: فتم استبدال الحوار حول الهوية السياسية بالدليل والحجة القائمة على الحقائق بالاستهزاء والازدراء والعنف ، وهذا هو السبب الذي جعلني أعتقد أنني سأعيش لأرى أمريكا الحمراء والزرقاء تتفاوض على ما أسميه “الانفصال الناعم”.
وهذا لايعني ان حرب أهلية ثانية ستحدث ، لكننا قطعنا أيضًا شوطًا طويلاً من تبادل الكلمات المثيرة والنابية والتي عبر عنها الرئيس ابرهام لنكولن في اول خطاب له عندما قال “لسنا أعداء ، لكننا أصدقاء. يجب ألا نكون أعداء. على الرغم من وجود والتوتر ولكن لاينبغي ان يحطم أواصر المودة ”
والعقبة الرئيسية التي تقف في طريق التفكك الناعم لأمريكا هي أن أمريكا الحمراء والزرقاء ليستا منفصلتين جغرافياً ، كما كان الحال مع الشمال والجنوب في الحرب الأهلية. حتى في أكبر الولايات وأكثرها احمرارًا ، تجد هناك جيوب زرقاء ( ديمقراطية ) عميقة لاترغب في الاندماج مع الاكثر احمرارا ( الجمهوريين) ، ولكن اذا كانت هناك رغبة قوية وجادة في الانفصال فمن المؤكد سيتم حل المشكلة بطريقة أو اخرى ، ونظرا للحالة السياسية الراهنة التي تعيشها امريكا ربما سيكون الانفصال هو يوم الخلاص المبارك من اهوال التعايش الاجتماعي والثقافي غير السلمي
وعندها أخشى ان قلة من الناس سيندمون تفكك الولايات المتحدة الامريكية كما هو حاصل الان .

انهيار امريكا

نشرت مجلة Global Times بقلم By Yu Ning يوم 17Jan2021
تقريرا عنوانه ( هل الولايات المتحدة تنهار؟ يعتقد الكثير من الأمريكيين ذلك )

Is the US falling apart? Many Americans think so

يقول الكاتب ؛ الولايات المتحدة في طريقها للانهيار – هذا ليس تصريحًا مثيرًا للقلق صادر عن مراقبين خارجيين متحيزًا تجاه الولايات المتحدة أو دوافع خفية لسوء معاملة البلاد ، ولكن رأي غالبية الأمريكيين.

وفقًا لمسح أجرته شركة Axios-Ipsos بين 11 و 13 يناير ، يعتقد حوالي أربعة من كل خمسة أمريكيين ، من الديمقراطيين والجمهوريين ، أن الولايات المتحدة تنهار.

تم إصدار الاستطلاع ، الذي تضمن مقابلات مع أكثر من 1000 بالغ ، بعد أسبوع من أحداث الشغب في الكابيتول في 6 يناير. أقر العديد من مستخدمي الإنترنت الأمريكيين بنتيجة الاستطلاع على موقع تويتر. قال البعض إن نظام الولايات المتحدة قد خذل الأشخاص الذين يحتاجون بالفعل إلى المساعدة ، وكان العام الماضي مجرد عرض للحكم الرهيب من قبل أشخاص في مناصب عليا. يعتبر البعض الولايات المتحدة “دولة فاشلة من العالم الثالث”.
يعتقد المزيد والمزيد من الأمريكيين أن الولايات المتحدة تنهار. وراء هذا تراجع ثقتهم في البلاد. البلد الذي اعتادوا على الاعتقاد بأنه كلي القدرة جعلهم في الواقع يقعون في الضيق والخوف والرعب.

الجمهوريون يطالبون بالانفصال
نشرت مجلة NTR The national República في 22Jan2021 مقالا بقلم Matt ford
مات فورد / في صفحة The soapbox ( المنبر) في نفس المجلة عنوانه ؛
تحت مانشيت (نأسف لإبلاغكم بأن الجمهوريين يتحدثون عن الانفصال مرة أخرى)

الذي ينظر الى خروج وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوربي يدفع المرء للقول بأن كونك جزءًا من هذه الولايات المتحدة هو أمر رائع حقًا. فعندما اعيد انتخاب باراك أوباما عام 2012 أغرق المحافظون موقع البيت الابيض بعرائض دعوات الانفصال ، واليوم بعد انتخاب جو بايدن يبدو ان الفرصة سانحة ايضا للنواب الجمهورين لاعادة مناقشة الانفصال مرة اخرى ، وبدأ بعض قادة الاحزاب والمشرعين الامريكين إعادة طرح السؤال بصياغة اخرى : هل يجب ان نبقى متحدين أم ننفصل ؟
قال فرانك إيثورن ، رئيس الحزب الجمهوري في ولاية Wyoming وايومنغ ، وفقا لصحيفة Casper Star Tribune في مقابلة مع ستيف بانون الأسبوع الماضي 15Jan2021، ” في الوقت الذي نركز على المشهد العالمي ، لاننسى التركيز على قضايا الوطن ايضا . مثلما هناك العديد من العديد الدول الغربية لديها القدرة على الاعتماد على الذات ، تكساس ترى كذلك ايضا ونحن نراقب تكساس ، ورأيهم في احتمال الانفصال. لديهم دستور دولة مختلف تماما عما نفعله ، وبالتالي هذا شيء يجب علينا جميعا أن نوليه اهتمام خاصا ”
كما صرح “Kyle Biedermann “كايل بيدرمان ، النائب الجمهوري عن ولاية تكساس ، مؤخرًا أنه يخطط لتقديم مشروع قانون لإجراء استفتاء على مغادرة الولايات المتحدة. وكتب على تويتر الشهر الماضي: “الحكومة الفيدرالية خارجة عن السيطرة ولا تمثل قيم تكساس”. “هذا هو السبب في أنني ملتزم بتقديم تشريع يسمح بإجراء استفتاء لمنح تكساس حق التصويت لولاية تكساس لإعادة تأكيد وضعها كدولة مستقلة.” وكذلك قال ” Allen West “ألين ويست ، رئيس الحزب الجمهوري في تكساس ، بعد أن رفضت المحكمة العليا إبطال انتصار بايدن القانوني ، أن “الدول التي تحترم القانون يجب أن تترابط معًا وتشكل اتحادًا للدول التي ستلتزم بالدستور”. اعتبر الكثيرون هذا إشارة إلى الانفصال. واضاف لقد حاولت سابقًا تقديم حجة أخلاقية وديمقراطية للبقاء في الاتحاد. ولكن الخلافات السياسية تدفعنا الى( بلقنة) انفسنا على الرغم من كونه مناهض للديمقراطية ويعبر عن قصر في النظر ، ولكن الان تبدو ان شبح ( البلقنة ) يطل
برأسه مرة اخرى من جديد وبالتالي هذا الامر يستحق اعادة النظر في الحالة العملية والاقتصادية لبقائنا في الاتحاد من عدمه ! ، ولانريد تجاوز تصويت البريطانيين على خروجهم من الاتحاد الاوربي وهم مثال واضح لنا .
ويختم الكاتب بأن الرغبة في الانفصال لاتقتصر على تكساس وحدها بل ايضا يشمل ولاية وايومنغ وولاية كاليفورنيا ايضا .

تصاعد العنف المسلح
إجماع شبه كامل بين المسؤولين السياسين والامنين وبين وسائل الاعلام والكتاب والصحفيين والمفكرين الامريكيين على ان زمن الديمقراطية في الولايات المتحدة الامريكية ولى الى غير رجعة بسبب الانقسام المجتمعي الحاد والاستقطاب الحزبي الشديد وتزايد عنف وارهاب البيض ضد الاعراق الاخرى من السود والملونين ، في زيارته الاخيرة الى مدينة فلادلفيا يوم 13Jul2021 صرح الرئيس جو بايدن بأن بان ركائز الديمقراطية الامريكية مهددة بسبب العنف ورفض نتائج الانتخابات .

وشدد ضابط الاستخبارات المركزية الأميركية بول بيلار في مقال نشر على موقع “ناشونال إنترست” في شهر مارس 2021 على ضرورة إعادة النظر في مفاهيم التطرف العنيف والإرهاب.
ولفت بيلار إلى أنه جرى الاعتراف مؤخرًا بأن العنصريين البيض وغيرهم من المعسكر اليمين
المتطرف يشكلون تهديدًا أكبر مقارنة مع “الجهاديين” الأجانب مثل الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول”، مشيرًا إلى أن الأطراف المعنية مثل وزارة الأمن الداخلي الأميركية بدأت بالتالي إعادة ترتيب الأولويات.
ونبّه بيلار الى أن هذا الاعتراف يشكل جزءًا فقط من عملية المراجعة وإلى أنه يجب الادراك أيضًا بأن التطرف العنيف اليوم لم يعد يتمثل بمجموعات صغيرة وإنما بأعداد كبيرة من الناس، معتبرًا أن تأييد الدعم السياسي بات ظاهرة جماهيرية في الولايات المتحدة.
كما أشار في هذا السياق إلى استطلاعات رأي حديثة بيّنت أن نسبة 29% من الشعب الأميركي (ونسبة 39% من أنصار الحزب الجمهوري) تؤيّد استخدام العنف “في حال عدم قيام القادة المنتخبين بحماية أميركا”.
ونقل موقع عربي 21. يوم 8Jul2021 تقريرا يتحدث كيف كشفت التحقيقات التي أجريت عقب اقتحام الكونغرس، أن إحدى المجموعات كانت ترغب في الانفصال عن الولايات المتحدة، وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي” اخترقها عبر أحد عناصره.
وتشير دعوى رفعها “أف بي آي” أمام محكمة فيدرالية إلى أن أحد أفراد المجموعة أظهر اهتماما واضحا بحدوث حرب أهلية أمريكية ثانية.
وتابع عميل سري لمكتب التحقيقات أن أفراد المجموعة منذ يوم الهجوم على مبنى الكابيتول، في السادس من كانون ثاني/يناير الماضي، وهي الأحداث التي أسفرت حتى الآن عن توقيف نحو 500 شخص، غالبيتهم من جماعات يمينية متطرفة، لكن هذه المجموعة لم تكن معروفة من قبل لدى السلطات.
وبدأت القضية باتصال عميل سري بأحد أفراد المجموعة من فيرجينيا، يدعى فاي دوونغ يعرف أيضا باسم Monkey King خلال يوم السادس من يناير، ثم الاتصال به عدة مرات بعد ذلك، حتى استطاع المكتب في النهاية الوصول لمقرات المجموعة وسجن قديم كانت تخطط لاستخدامه للتدريب على صنع قنابل مولوتوف.
وقد تم القبض على الرجل في نهاية المطاف، وتم توجيه أربع جرائم فيدرالية، منها الدخول إلى أماكن محظورة في مبنى الكابيتول، والمشاركة في حصار المبنى، وقد ظهر المتهم أول مرة، الجمعة الماضي، أمام محكمة فيدرالية في العاصمة.
وتشير سجلات “أف بي آي” إلى أن الرجل أضاف العميل السري إلى إحدى الدردشات المشفرة للمجموعة ثم حضر اجتماعاتهم.
وخلال أحد الاجتماعات قال الرجل للعميل: “هدفي في الوقت الحالي هو بناء البنية التحتية أولا ثم بناء الأفراد، لكن ربما بعد فترة طويلة من رحيلي”.
وحضر العميل اجتماع “دراسة الكتاب المقدس” في منزل دوونغ بمدينة أليكساندريا في فيرجينيا، في فبراير الماضي، حيث ناقشت المجموعة الانفصال عن البلاد واستخدام الأسلحة والتدريب القتالي وكيفية جعل اتصالاتهم خاصة. وتحدث أحد المشاركين عن رغبته في إقامة “منطقة شبه مستقلة” لفيرجينيا. وقال: “أنا أحب الدستور، لكن لا أحب الديمقراطيين الذين تصوت هذه المنطقة لهم باستمرار”.
وناقش دوونغ وزملاؤه، في فبراير الماضي، كيفية جمع المعلومات حول المنطقة المحظورة التي أنشأها الحرس الوطني حول مبنى الكابيتول بعد الهجوم، والتقط أحد الأعضاء مقطع فيديو للمنطقة.
ويقول المحققون إن دوونغ أقام مخبأ للأسلحة في منزله، يضم بندقية من طراز AK-47 وخمسة صناديق مليئة بالمواد لصنع زجاجات المولوتوف.
وشاهد العميل السري في منزل دوونغ، في مايو الماضي، خمسة صناديق مليئة بحوالي 50 زجاجة، وسمعه هو وشخص آخر يناقشان كيفية صنع المتفجرات.
والتقى دوونغ والعميل السري بعميل سري آخر، في منتصف يونيو، في “السجن القديم” لمناقشة التدريب على إطلاق قنابل محلية الصنع.
شهر May
ونقلت جريدة الاخبار تقريرا يوم 24May2021 قُتل 12 شخصاً وأصيب حوالي 50 آخرين بجروح، في عمليات إطلاق نار وقعت يومي السبت والأحد، في أنحاء عدّة من الولايات المتّحدة. وسقط ضحايا هذه الحوادث في خمس ولايات، هي نيوجيرسي وكارولاينا الجنوبية وجورجيا وأوهايو ومينيسوتا، بحسب ما أفادت السلطات المحليّة ووسائل إعلام أميركية.
وفي ولايات نيوجيرسي، قُتل شخصان وأصيب 12 آخرون على الأقلّ بجروح، في إطلاق نار وقع خلال حفل منزلي في مدينة كامدن، وفقاً للشرطة.
وفي ولاية كارولاينا الجنوبية، قُتلت فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، وأصيب 14 شخصاً بجروح في إطلاق نار خلال حفل موسيقي.
أما في ولاية جورجيا، فعثرت الشرطة في مدينة أتلانتا، أمس، على ثلاثة أشخاص جثثاً هامدة مصابين بأعيرة نارية، وذلك بعد تلقّيها بلاغاً بشأن وقوع إطلاق نار.
وفي ولاية أوهايو، قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثمانية آخرون بجروح، في إطلاق نار داخل حانة في مدينة يانغستاون، في حين قُتلت فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً وأصيب سبعة أشخاص بجروح في إطلاق نار وقع في متنزّه في مدينة كولومبوس. وتأتي هذه الحوادث بعد شهر على تنديد بايدن بـ«وباء» أعمال العنف الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة، على حدّ تعبيره، فيما أُحصيت منذ مطلع العام الجاري، 200 عملية «إطلاق نار جماعي» على الأقلّ في البلاد.
شهر Juli
وبحسب تقرير لشبكة “ABC” الإخبارية ومؤسسة “أرشيف عنف السلاح”، شهدت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي ما لا يقل عن 915 عملية إطلاق نار، ما أسفر عن مقتل 430 شخصا على الأقل، في حصيلة صادمة. فقد أدت عمليات إطلاق النار أيضا، في الفترة بين السبت 17 تموز/ يوليو والجمعة 23 من الشهر ذاته، إلى إصابة 1007 أشخاص.
ويعني ذلك أن ضحية واحدة على الأقل، بين قتيل أو جريح، سقط كل 7 دقائق، خلال تلك الفترة.
وتم تسجيل مقتل أكثر من 43 ألف شخص في الولايات؛ جراء العنف المسلح الأسلحة النارية في عام 2020، في أكبر حصيلة خلال عقدين على الأقل.
ومع ذلك، فمن المتوقع أن يتجاوز عدد الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية هذا الرقم القياسي في 2021، حيث تم بالفعل تسجيل أكثر من 24000 حالة وفاة بسبب السلاح منذ بداية العام.
ومن بين ضحايا هذا العام، قتل أكثر من 800 شخص تحت سن 18، وفقا لأرشيف عنف السلاح، وتشير البيانات إلى أن 174 منهم تقل أعمارهم عن 12 عاما.
وأفاد المصدر ذاته بأن 18 عملية إطلاق نار جماعي وقعت في 12 مدينة بعموم الولايات المتحدة هذا الأسبوع وحده، وأسفر عن مقتل 19 وإصابة 74.
وشملت الحوادث المسجلة الأسبوع الماضي العاصمة واشنطن و47 ولاية أمريكية من أصل 50.

مـســتقبـل الـولايــات الـمـتـحـدة الامـريـكيــة رؤيــة مــن الـداخــل … القسم الثاني / 5 من 6

امــريــكــا الـتـي لا نـعـرفــهــا

دور الدين في الحياة السياسية الامريكية

نشرت جريدة الاخبار اللبنانية مقالا بقلك الكاتب أسعد ابو خليل في 3Mar2018 تحت عنوان
(مات القسّ بيلي غراهام… مفتي الجمهوريّة الأميركيّة )

في استطلاع لـ«مؤسّسة دراسة الدين» في جامعة بيلور، يظهر أن أكثر من نصف الأميركيّين، بما فيهم واحد من خمسة من الذين يصفون أنفسهم بأنهم غير متديّنين، يؤمنون أن «ملاكاً حارساً» يحميهم في حياتهم. والنسبة (٥٥٪ من المستطلعين) تتخطّى فوارق الدين والمنطقة والدرجة العلميّة. وفي استطلاع في عام ٢٠٠٧ لمؤسّسة «بيو» (التي تجري أكثر الاستطلاعات سعة وشمولاً حول العالم وإن شاب استطلاعاتها حول العالم مغالطات وسوء ترجمة للمفاهيم والمصطلحات) أظهرَ أن ٦٨٪ من الأميركيّين يؤمنون أن «الملائكة والشياطين» ناشطون في العالم. و٢٠٪ من الأميركيّين يقولون إنه كان لهم «مواجهة» شخصيّة مع ملاك أو مع شيطان في حياتهم. والإيمان بالفكر الغيبي العجائبي الديني ورفض الحقائق العلميّة سمة يختلف فيها الشعب الأميركي عن شعوب الدول الغربيّة الأخرى. وهناك استطلاعات ودراسات عدة تظهر أن الشعب الأميركي أقلّ تقبّلاً لفكرة داروين حول أصل الأنواع من شعوب الدول الغربيّة الأخرى. والعائق الأكبر أمام التقبّل الأميركي هو عمق الإيمان بالفكر والفرضيّات الدينيّة. ففي الولايات المتحدة، قَبلَ ١٤٪ فقط فكرة أن «التطور» (حسب نظريّة داروين) هو «حقيقة بالتأكيد»، فيما رفض ثلث السكّان الفكرة من أساسها. أما في أوروبا، بما فيها الدنمارك والسويد وفرنسا، فإن أكثر من ٨٠٪ من المُستطلعين أيّدوا فكرة «التطوّر». والظن بأن فكرة التطوّر «قطعاً خاطئة» لم تحظَ إلّا على نسبة ٧٪ من المستطلعين في بريطانيا.
وسبب الفوارق الثقافيّة والعلميّة الهائلة بين سكّان أميركا وسكّان أوروبا هو في عامل الدين والتديّن. ليس فقط في أن الشعب الأميركي أكثر تديّناً من شعوب الدول الغربيّة الأخرى بل إن الأصوليّة البروتستانتيّة (وكلمة أصوليّة لها جذر أميركي خاص بها، وإن عُمِّمت اعتباطاً في ما بعد على أديان ومذاهب أخرى) تضفي على الفكر الشعبي الأميركي خصائص لا يتشارك بها أبناء وبنات الفرق المسيحيّة الأخرى بالضرورة. الأصوليّة البروتستانتيّة تؤمن بالتفسير الحرفي للإنجيل وترى أن «سفر التكوين» يحوي سرديّة حقيقيّة عن خلق الحياة الإنسانيّة.

ليس للجمهوريّة الأميركيّة دينٌ رسمي وليس لها قسٌّ رسمي، لكن التطبيق يختلف عن النظريّة الدستوريّة. في القرن الحالي تخطّت الجمهوريّة «التعديل الأوّل» للدستور، والذي يقضي بعدم تدخّل الكونغرس لصالح أي مؤسّسة دينيّة، عندما وافق الكونغرس (بحزبيْه) في عهد دبليو بوش على قانون «المبادرة المبنيّة على الإيمان» (وهذه تذكّر بشعار أنور السادات عن دولة «العلم والإيمان»). والمبادرة تسمح للحكومة بتمويل مؤسسّة دينيّة في برامجها الاجتماعيّة

وليس لأميركا قسٌّ رسمي لها، لكن بيلي غراهام – الذي مات في Mars2018 – يكاد يكون قسُّ الجمهوريّة ومفتيها ومُرشدها الروحي. يلجأ إليه الرؤساء ليس لأخذ المشورة بقدر ما يرغبون في التقرّب منه لما يمنحهم هذا التقرّب من شرعيّة دينيّة – سياسيّة على أعمالهم وعلى حروبهم (والرجل مفتنٌّ بمباركة الحروب والغزوات). وهو كان قريباً بدرجة أو بأخرى من كل رئيس لأميركا ، رافق غراهام كل الرؤساء في البيت الأبيض من دون استثناء منذ هاري ترومان الى جورج دبيليو بوش لكن علاقة غراهام بالرؤساء استمرّت على مرّ الأعوام، وهو بارك كل الحروب الأميركيّة من دون استثناء. وقد لازم جورج بوش (الأب) في البيت الأبيض عشيّة شنّه حرب العراق في عام ١٩٩١، وصلّى معه لنصر القوّات الأميركيّة.

الانجيليون البروتستانت البيض
“الدين هو السياسة والسياسة هي الدين ”

نشرت صحيفة The New yurk times «نيويورك تايمز» مقالًا للكاتبة Elizabeth Bruenig إليزابيث برنيج، يوم 6Nov2020 تحت عنوان ” لماذا لم يكن الانجيليون كما كانوا في السابق
موقع “سياسة بوست” ترجم المقال ونشره في 22Nov2021
الكاتبة بالصحيفة الأمريكية، استعرضت فيه تطوُّر العلاقة بين الإنجيليين والحزب الجمهوري داخل الولايات المتحدة. وخلُصَت الكاتبة إلى أن الإنجيليين البيض أصبحوا الآن كتلة سياسية لها ماضٍ دينيٍ بعد أن كانوا كتلة دينية تسعى يومًا إلى ثِقَل سياسي.
تقول الكاتبة في مستهل مقالها: أدلى ديف أوبانون، البالغ من العمر 62 عامًا، بصوته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لأول مرة في عام 1976 لصالح المرشح الإنجيلي جيمي كارتر. وقال أوبانون وهو يتنهد حنينًا إلى الماضي أثناء إجراء مكالمة هاتفية معه في أكتوبر (تشرين الأول): «أحببتُ جيمي كارتر». وأضاف: «فقط أحببتُ فيه حُبَّه للرب».
وكان السيد أوبانون، في هذا الوقت، في الثامنة عشرة من عمره، وكانت الحملة الجمهورية المهتمَّة باستقطاب أصوات الإنجيليين البيض قد بدأت لتوِّها تكتسب زخمًا. وبعد مدة قصيرة، افتُتِنَ السيد أوبانون بتحالف الحزب مع المسيحيين المحافظين، ولم يُدلِ بصوته في الانتخابات الرئاسية لأي مرشح ديمقراطي على مدار العقود الأربعة التي تلت ذلك.
وبدت المسألة وكأنها صفقة مقبولة بالنسبة للإنجيليين، وهم المسيحيون البروتستانت الذين يتمتعون بمجموعة من الصفات المميزة من النشاط والتركيز على ما جاء في الكتاب المُقدَّس وتأكيد «الولادة الجديدة» (تشير الولادة الجديدة، وفقًا للعقيدة المسيحية، إلى العلاقة التي تجمع بين الرب والعبد الذي يُولَد مرة ثانية)، والتي تجعل منهم مسيحيين استثنائيين. ويمكن أن ترتقي الأهداف السياسية بمعتقدات الإنجيليين الدينية، التي تتضمن إنهاء عمليات الإجهاض، ووقْف الثورة الجنسية، والسماح بممارسة الشعائر الدينية في الأماكن العامة، مثل الصلاة في المدارس.
وتؤكد الكاتبة أن أهداف الإنجيليين تمثَّلت في سياسة التقوى التي تهدف إلى التجديد الروحاني لبلدٍ مسيحيٍ على نطاق واسع، بَدَا غالبًا أنه يغفل توجيهاته الأخلاقية. ونقل الإنجيليون حماستهم إلى حزبٍ يُبدي اهتمامًا بالغًا بخفض الضرائب ووضْع حدٍّ للنفوذ الحكومي. وسوف يزوِّد الحزب الجمهوري طموحاتهم الأخلاقية بقوة القانون، وسيمثلون هم في المقابل مُعتقَد الحزب.
ولكن مع مرور السنوات، فقد الإنجيليون مكانتهم الدينية. وسقطت حملتهم السياسية الروحانية في مستنقع التحزُّب الدُنيَوي، وأصبح الإنجيليون البيض الآن يمتزجون بصورة سَلِسَة مع القاعدة الجمهورية الأوسع نطاقًا التي يقول متابعون ومراقبون إن وصفهم (بالإنجيليين) أصبح وصفًا سياسيًّا أكثر منه دينيًّا. وأصبح التصويت للجمهوريين، بالنسبة لكثيرٍ من الإنجيليين، غاية في حدِّ ذاته.
ولكنَّ ذلك التحوُّل يستغرق وقتًا. ويتابع السيد أوبانون قائلًا: «كنت من بين أولئك المتعصبين الجمهوريين في مطلع ثمانينيات القرن الماضي». وقد سافر إلى واشنطن بوصفه عضوًا في حملة السيناتور دون نيكلز، المُرشَّح عن ولاية أوكلاهوما في تلك الحقبة، ثم عمل رئيسًا لمجلس مدينة يوكون، في أوكلاهوما، وعمدتها. وأمضى وقتًا في مجال صناعة التكنولوجيا، ودَرَسَ التسويق في نهاية المطاف في جامعة جنوب الناصري. وكان من أشدِّ المعارضين للإجهاض، الذي كان الحزب الجمهوري يستعد لمكافحته.

ومع ذلك، بحسب كاتبة المقال، في الوقت الذي أدلى فيه بصوته لصالح جورج بوش في عام 2000، بدأ شيء ما داخل السيد بانون يتغير. وأوضح قائلًا: «مررتُ بتحوُّلٍ حقيقيٍ من ناحية أنني كنت أصف نفسي دائمًا بالمسيحي، لكنني كنت منافقًا». واكتشف السيد بانون أنه يقضي وقتًا طويلًا في إثارة الرأي العام ضد قضايا كثيرة، على غرار الإجهاض وزواج المثليين، وأنه لم يقضِ إلا وقتًا قليلًا نسبيًّا في ممارسة التعاليم الإنجيلية.
وأراد بانون أن يقدِّم رؤية ترحيبية وواسعة وجذَّابة للمسيحية. ولكنَّ العقيدة السياسية للإنجيلية البيضاء وأسلوبها ونمطها دفعته بعيدًا عن تحقيق هدفه.
وبنبرة حانيةٍ من معلمٍ يعمل في مدرسة دينية، ‏تحدَّث بانون عن ضرورة اتِّباع الإرسالية الكبرى للمسيح، (تشير الإرسالية الكبرى أو التكليف العظيم، وفقًا للعقيدة المسيحية، إلى الوصية التي أوصى بها يسوع المسيح لتلاميذه بنشر المسيحية وبشارة الخلاص في كل أنحاء العالم) والموعظة التي كان يقدِّمها لحوارييه حتى يتَّخِذ أتْبَاعًا من جميع الأمم، وتعميد المؤمنين وتعليمهم الأوامر الإلهية.
وأردف قائلًا: «لم أرَ أين الحزب الجمهوري، ورئيسه دونالد ترامب، من هذه الأمور الضرورية».
وترى الكاتبة أن الإنجيليين البيض لم يكونوا دائمًا مؤيدين جمهوريين. ولكنَّهم كانوا، قبل سبعينيات القرن الماضي، على حد قَول مورتون بلاكويل، الناشط المحافظ البارز: «أكبر ورقة دعاية سياسية غير متمرسة على الساحة السياسية. ولذلك، لا يحتاج الإنجيليون إلا إلى التثقيف والتشجيع فحسب، ومن ثم الحصاد في نهاية المطاف، لصالح الجمهوريين».
ولاحظ تشارلز تي ماثيويس، أستاذ الدين والسياسة في جامعة فيرجينيا، في بحث لم يُنشَر شاركه مع الكاتبة أن الإنجيليين شكَّلوا ثقافة ثانوية حيوية قبل أن يُشكِّلوا كتلة تصويتية. ووفقًا للدكتور ماثيويس، نظرًا إلى اعتمادهم على المؤسسات الخاصة بهم، مثل «كلية ويتون وجامعة كالفن ومعهد Fuller Seminary وقوى إعلامية على غرار مجلة كريستيانتي توداي، طبَّق الإنجيليون التعاليم المسيحية في حياتهم اليومية». وقد أدَّى انتظامهم وتماسكهم إلى تكوين رصيدٍ سياسيٍ جذَّابٍ بصفة خاصَّة.

وتجلَّت إحدى أوائل عمليات انخراط الإنجيليين في السياسة بوصفهم مجموعة متماسكة في عام 1960، عندما خاض جون كينيدي سباق الانتخابات الرئاسية ضد ريتشارد نيكسون. وكان الإنجيليون من أشد المعارضين للسيد كينيدي، خوفًا من أن يقيِّد الرئيس الكاثوليكي حريتهم الدينية. ورأى بعض الناشطين المحافظين بشارة في قدرتهم على تعبئة الأمريكيين.
وأبرزت الكاتبة ما قاله بول ويريتش، الذي شارك في تأسيس منظمة الأغلبية الأخلاقية (منظمة ذات توجُّه ديني وسياسي تأسست عام 1979) مع القِس جيري فالويل؛ إذ أوضح أنه حاول تنظيم الإنجيليين البيض منذ حملة باري جولدواتر (مرشح رئاسي ذكر أنه ربما يستخدم القنابل النووية ضد فيتنام، وبذلك أثار المخاوف لدى المواطنين حتى قيل إن أي صوت لجولدواتر يضع البلاد في يد متهور خطير). ولكنَّهم أبدوا اهتمامهم بعد أن رفضت دائرة الإيرادات الداخلية إعفاء جامعة إنجيلية من الضرائب بسبب قضايا تمييز عنصري في السبعينيات فقط، بحسب راندال بالمر، المؤرخ وأستاذ الأديان في كلية دارتموث في هانوفر.
وما إن أدرك السيد ويريتش أن الإجهاض سيكون قضية جذَّابة على نطاقٍ واسعٍ أكثر من التمييز العنصري بالنسبة للقاعدة الشعبية للإنجيليين، تأسست كتلة تصويتية جديدة. وسرعان ما أصبح الإنجيليون البيض أكبر كتلة تصويتية دينية داخل الحزب الجمهوري، وظلت كذلك حتى يومنا هذا.
ووجد الإنجيليون البيض عددًا من القضايا للالتفاف حولها، وهي: الصلاة وتدريس الكتاب المقدَّس في المدارس الحكومية، والأعراف الجنسية سريعة التحوُّل، والمواد الإباحية المُتاحة على نطاقٍ واسع. ونظرًا إلى أن الجمهوريين يتصدون لهذه القضايا، زاد شعور الإنجيليين بارتياح أكبر بعد تحالفهم سويًّا.
وأشار ريان بورج، الأستاذ في جامعة إلينوي الشرقية، في مقالٍ يستند إلى بيانات على إحدى المدونات في وقت سابقٍ من هذا العام، إلى أن الصفقة الكبرى بَدَتْ كأنها في طريقها للنجاح: ذلك أن الإنجيليين وجدوا طريقة لممارسة نفوذٍ ضخمٍ على السياسات والمجتمع. وتوافد الإنجيليين البيض على الحزب الجمهوري في العقود الأخيرة من القرن العشرين وفي مطلع الألفية الجديدة.
وترى الكاتبة أنَّهم مثَّلوا أهمية حاسمة في إعادة انتخاب جورج بوش في عام 2004، لا سيما بسبب معارضتهم للإجهاض وزواج المثليين. واحتفلت مجموعة بارنا، وهي مؤسسة بحثية متخصِّصَة في إجراء الدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي المتعلِّقة بالدين والحياة العامَّة، بهذه المناسبة وكتبت تقريرًا يرصد إسهامات المجموعة الدينية في انتصارات السيد بوش.
ونُقِل عن جورج بارنا، مؤسس مجموعة بارنا، أنه قال في تقريره في إشارة إلى بيل كلينتون وبو دول: «في عام 1996، أعطى البالغون الإنجيليون السيد بوب دول 49% من هامش التفضيل مقابل 42% لصالح السيد كلينتون». وأضاف: «وفي عام 2000، منحوا السيد بوش 15 نقطة هامشية. وقد زادوا النسبة في هذه المرة؛ إذ أعطوا السيد بوش 24 نقطة. وبالنظر في أسباب فعلهم ذلك، يتضح أنهم أبدوا اهتمامًا أكبر بشخصية المُرشَّح أكثر من اهتمامهم بمسائل محددة».
وتطرح الكاتبة سؤالًا: ولكن كيف يمكن أن تُقْدِم حركة قائمة على المبادئ المسيحية وتسترشد بالمخاوف المتعلقة بالشخصية انتصارًا لدونالد ترامب؟
وتجيب: أدلى بارت باربر، القِس في الكنيسة المعمدانية الأولى في مدينة فارمرزفيل في ولاية تكساس، بصوته لصالح إفان ماكمولين، المرشح المستقل، في عام 2016 قبل أن يتغلب على تحفُّظاته ويدلي بصوته لصالح الرئيس في هذا العام.
وقال القِس باربر ضاحكًا: «حسنًا، لقد بذل قصارى جهده في محاولة إثنائي عن الإدلاء بصوتي له». وأضاف: «سأقول ذلك، إنه لا يغفل مَنْ يدعم السيد ترامب أيضًا، ولا يندهش من شخصية الرئيس». وصرَّح بابر للكاتبة قائلًا أيضًا: «أشعر بالخجل عندما أفكِّر في بعض المواطنين الآخرين الذين سيدلون بأصواتهم معي لصالح الرئيس ترامب؛ أعني المتعصبين البيض وعديمي الأخلاق المتطرفين، الغاضبين بوجهٍ عام».
ومع ذلك، ساعدت دورة في دراسة الكتاب المقدَّس لمدة ستة أسابيع قدَّمها لأبناء أبرشيته في اتخاذ قراره. وبعد النظر في الخيارات المتاحة أمامهم، قرَّروا أن «السياسة هي الشخصية».
واعترف باربر قائلًا: «أعتقد أنني أدلي بصوتي لهذا الحزب من أجل ذلك الحزب أكثر من كوني أدلي بصوتي لفرد، لأنني لا أحب الرئيس ترامب على الإطلاق».
وأبرزت الكاتبة تصريح جريك سميث، المدير المشارك في الأبحاث المتعلقة بالدين والحياة العامة في مركز «بيو» للأبحاث، عندما قال: «إن أحد الأشياء التي نغفلها في بعض الأحيان هو أن البروتستانت الإنجيليين ليسوا جمهوريين فحسب، بل إنهم كانوا وما يزالون جمهوريين مع مرور الوقت». وأضاف: «في أحدث البيانات الخاصة بنا عن الهوية الحزبية، التي جمعناها في عامي 2018 و2019، يُعرِّف 78% من البروتستانت الإنجيليين البيض أنفسهم بأنهم ينتمون إلى الحزب الجمهوري أو يميلون إليه». وتابع قائلًا: «ومنذ عَقْدين، في عام 2000، كانت هذه النسبة 56%. ولا توجد دلائل على أن هذا الاتجاه تغيَّر على مدار السنوات الأربعة الماضية».
ووفقًا للسيد سميث، خلُصَ مركز «بيو» إلى أن «81% من البروتستانت الإنجيليين البيض ذكروا، في هذا العام، أن الاقتصاد سيكون مسألة مهمة في اتِّخاذ قرارهم المتعلق بالمرشَّح الذي سيدلون بأصواتهم له في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، بينما ذكر 61% منهم السبب ذاته بالنسبة للإجهاض». وأضاف أن المركز توصَّل، في عام 2016، إلى نتائج مماثلة.
وتنقل الكاتبة عن الدكتور بورج قوله: «أعتقد أن ما حدث، مع مرور الوقت، هو أن عقيدة الإنجيليين فيما يتعلق بالسياسة اندمجت نوعًا ما في عقيدة الجمهوريين، ولا يوجد اختلاف بينهما على الإطلاق». وأضاف: «كنَّا نعتقد دائمًا أن الدين هو الهدف الأسمى وأن السياسات تأتي بعد الدين، ولكن أحدث الدراسات تشير إلى أن العقيدتين تبادلا المواقع الآن وأصبح الانتماء الحزبي هو الهدف الأسمى، والدين الآن يأتي في المرتبة التي تليه».
وقد تواردت أقوال مؤخرًا عن التخلي عن وصف «إنجيلي» في أوساط أولئك الذين أجابوا عن هذا الوصف، ويرجع ذلك إلى تحوُّلِه إلى مصطلح سياسي إلى حدٍ كبير.

التاريخ المخفي لأمريكا

الاستعمار الامريكي
نشرت مجلة الاخبار اللبنانية بتاريخ 16Mar2019 مقالا بقلم أسعد ابو خليل تحت عنوان ( “امريكا الكبرى ” الولايات المتحدة ومستعمراتها المترامية )

كتاب جديد ومهمّ وفريد من نوعه، صدر قبل أسابيع، عنوانه: «كيفَ تخفي إمبراطوريّة: تاريخ للولايات المتحدة الكبرى» للمؤرّخ دانيال إميرفاهر, أستاذ في جامعة نورث وسترن في إلينوي
«How to Hide an Empire: A History of the Greater United States» by Daniel Immerwahr‚ (Farrar‚ Straus and Giroux‚ 2019).
الكتاب يحتاج إلى ترجمة دقيقة إلى العربيّة لأنه يُعرّف العرب عن جانب مجهول لديهم من التاريخ والحاضر الأميركي.
نجحت أميركا في تصوير نفسها لنا على أنها مناصرة في القرن العشرين لحق تقرير المصير فيما كانت تستعمل العنف لفرض سيطرتها على شعوب في أنحاء مختلفة (قبل أن تأتي إلينا بالاستعمار المباشر). عند اندلاع الحرب العالميّة الثانية كانت أميركا تستعمر هاواي والفيليبين وغوام وبورتوريكو وأميركين سوموا وويك وكانت حريصة على نفي صفة الاستعمار عن نفسها: مذكّرة رسميّة حذّرت في عام ١٩١٤ من أي استعمال لعبارة «مستعمرات» واستعمال كلمة «أراضي» بدلاً عنها (ص.١١). استعمرت أميركا الفيليبين بين عام ١٨٩٩ و١٩٤٦ (وكانت اليابان أعلنت استقلال الفيليبين عند احتلالها في الحرب العالميّة الثانيّة، ما أجبر أميركا على منحها الاستقلال فيما كانت هناك نيّة للاستمرار في الاستعمار المباشر)، وبورتوريكو من عام ١٨٩٩ حتى اليوم، وهاواي من عام ١٨٩٨ حتى إعلانها ولاية في عام ١٩٥٩، وألاسكا من عام ١٨٦٧ حتى إعلانها ولاية في عام ١٩٥٩، و«منطقة قناة بنما» من عام ١٩٤٠ حتى ١٩٧٩، وجزر «فرجن» من عام ١٩١٧ حتى اليوم (وهذه الجزر تصوّت مع دولة العدوّ في الأمم المتحدة)، وغوام من عام ١٨٩٩ حتى اليوم، و «أميركين سوموا» من عام ١٩٠٠ حتى اليوم. أي إن عدد سكّان مستعمرات أميركا بلغ نحو ١٩ مليون في عام ١٩٤٠ فيما كان عدد سكّان داخل الولايات المتحدة نحو ١٣١ مليون (ص.١٥).

بلغت مساحة المستعمرات خُمس مساحة أراضي أميركا في الداخل. لكن تاريخ وطابع استعمار هذه البلاد والجزر مجهول. والمؤلّف، إميرفاهر، قال لي إن فكرة الكتاب أتته خلال زيارة الفيليبين عندما أدرك أن تعليم تاريخ أميركا يتجاهل استعمارها، مثلاً. أي أن بيرل هاربر جرت على أرض غير أميركيّة يومها. وبعد الحرب العالميّة الثانية، استعمرت أميركا قسماً من ألمانيا وكوريا والنمسا وكل اليابان, أي إن «أميركا الكبرى» ضمّت أو استعمرت ١٣٥ مليون نسمة خارج حدود أميركا. وسكّان المستعمرات الأميركيّة لم تختلف حياتهم عن حياة السود داخل أميركا، من حيث العنصريّة والحرمان من الحقوق السياسيّة والمُواطنة وإطلاق صفات التحقير العنصري ضدّهم وإجراء اختبارات طبيّة عليهم (كما جرى في بورتوريكو). والكتاب يعزّز نظريّة أن العرق والعنصريّة هي مركزيّة في تأريخ الجمهوريّة الأميركيّة واستعمارها. أي إن الإمبرياليّة الأميركيّة ليست حديثة العهد، مع أن دورها تعاظم بعد الحرب العالميّة الثانيّة: ومنذ تلك الحرب تدخّلت أميركا عسكريّاً في حروب ونزاعات ٢١١ مرّة في ٦٧ دولة (ص.١٨).
والاستعمار الأميركي بدأ في داخل أراضي دولة أميركا اليوم وتوسّع خارجها. في العقد الرابع من القرن التاسع عشر أنشأت الحكومة الفدراليّة مستعمرة للسكّان الأصليّين في «أوّل مستعمرة» لها (ص. ٢٠).
وتدرّج الاستعمار الأميركي من حالة السكّان الأصليّين إلى الفقراء والملوّنين في الداخل الأميركي قبل أن يتوسّع خارج الحدود. وبعد أن استولت أميركا على ولاية لويزيانا لم يكن في الوارد إعطاء سكّانها حقوقهم وكان داعي الحريّة، توماس جيفرسون، صريحاً إذ قال يومها إن سكّان الولاية (وفيهم خليط من الملوّنين) «مثل الأطفال غير قادرين على الحكم الذاتي» (ص.٣٣). وهكذا حُكمت الولاية عسكريّاً. لكن السكّان الأصليّين هم الذين عانوا من الإبادة والاضطهاد منذ أن وطأ الرجل الأبيض هذه الأرض. كانوا يُعزلون في أنحاء من البلاد، ثم يُطردون منها ويُدفعون نحو أنحاء أخرى ويتعرّضون للإذلال والمهانة (يصف السكان الأصليّون ترحيلاتهم القصريّة نحو الغرب بـ «مسارات الدموع»). وكان الرجل الأبيض، فرداً وفي شخص الحكومة الفدراليّة، يستسهل نكث الوعود وخرق الاتفاقيّات التي كان يوقّعها مع السكّان الأصليّين.

وليس هناك من حالة تلخّص منطق الاستعمار الأميركي مثل حالة بورتوريكو التي لا تزال تعاني من استعمار وإفقار غير مقنّع من قبل الحكومة الأميركيّة (مات نحو ثلاثة آلاف في إعصار «ماري» قبل عاميْن. مَن سمع بذلك هنا أو هناك؟) مارس الاستعمار الأميركي سياسة «أطبّاء بلا حدود»، كما يصفها إميرفاهر: أي إن الأطبّاء كانوا يُجرون اختبارات طبيّة غير مسموح بها في الداخل الأميركي على سكّان المستعمرات. وبنهاية الحرب العالميّة, كان ٥١٪ من سكّان أميركا الكبرى يقطنون خارج الداخل الأميركي. لكن النسبة تقلّصت بعد ١٩٦٠ إلى نحو ٢٪, أي بعد ضمّ هاواي وألاسكا إلى الاتحاد الأميركي.
قد يتساءل سائل عن سبب عدم الحفاظ على المستعمرات الأميركيّة وعلى القوّات الأميركيّة فيها. لكن إميرفاهر يجيب عن ذلك في تحليل تفصيلي عن المطّاط وعن المواد المصنّعة. يقول إن أميركا نجحت في إيجاد وسائل استعمار شبه مقنّعة لأن تصنيع المطّاط (والبلاستيك فيما بعد) نفى الحاجة للاستيلاء على هذه المواد كما فعلت دول أوروبيّة. وأميركا التي تنشر قوّات لها في ٨٠٠ قاعدة عسكريّة في العالم، بحجة «تدريب الجيوش المحليّة»،

التعقيم الاجباري
نشر موقع ساسة بوست تقريرا بتاريخ 13 Nov2020 عن التطهير العرقي في الولايات المتحدة الامريكية حيث يقول التقرير ؛
عام 1904، أنشأت مؤسسة «كارنيجي» -بحسب بلاك- معملًا داخل مختبر «كولد سبرينج هاربور (CSHL)»، وواحدة من أهدافه تجميع معلومات حول أفراد الشعب العاديين ليستخدمها الباحثون فيما بعد لتحديد أي العائلات وسلالات الدم الأمريكية يجب محوها بالكامل. أما مؤسسة «روكفلر»، فقد ساعدت على تأسيس برنامج «تحسين النسل» الألماني، كما أنها مولت مشروعًا آخر كان يعمل عليه ملاك الموت النازي، جوزيف منجليه، والذي اشتهر فيما بعد بإجراء التجارب المميتة على البشر في معسكرات الاعتقال ، عن ذلك يقول بلاك إن برنامج كاليفورنيا لتحسين النسل كان قويًا إلى درجة أن النازيين طلبوا المشورة فيما يخص برامجهم، كما أن هتلر قد افتخر باطلاعه على التجربة الأمريكية في الحد من «التكاثر غير اللائق»

إذًا ما حكاية حركة تحسين النسل الأمريكية؟ نشأت الحركة في أوائل القرن العشرين على يد عالم الأحياء تشارلز دافنبورت (1866-1944)، الذي أسس عام 1910 مكتب سجل تحسين النسل، من أجل تطوير الصفات الطبيعية والعقلية والجسدية للبشر، وقد كان المدير الأول للمركز هو المعلم السابق والمهتم بعلم الوراثة والتكاثر، هاري لافلين.
عمل المركز على جمع وتسجيل جميع أنواع البيانات الخاصة بالعائلات الأمريكية وخصائصها الوراثية وسماتها، وادعوا أن السمات العائلية السلبية ناجمة عن «جينات سيئة» وفقط، لا بسبب الرؤية السياسية أو العنصرية السائدة آنذاك أو الوضع الاقتصادي للعائلات. اتجهت التشريعات نحو إزالة «السمات» غير المرغوب فيها من البشر، وشملت الإعاقات الذهنية والجسدية، ومكافحة اختلاط الأعراق والتقزم والطبيعة الإجرامية، وهي السجلات التي استخدمت فيما بعد لتشريع «التعقيم الإجباري»، لإجبار آلاف البشر على عدم التكاثر.
عن ذلك يقول إدوين بلاك إن الحركة قد أسست في وقت عانت فيه الولايات المتحدة من صراعٍ عرقي أدى إلى الاضطرابات والفوضى، وهو ما أشعل المشكلات العرقية بين الطبقات، ويرى أن هدف علماء تحسين النسل لم يكن الوصول إلى أشخاص أقوياء وموهوبين وعباقرة بقدر ما كان بغاية التخلص من الأقليات والعبيد المحررين والمهاجرين الآسيويين والهنود، ليرث «الرجل الأبيض» وسلالته الأرض.
نتج عن ذلك أن أقرت 31 ولاية أمريكية قوانين التعقيم الإجباري لتعزيز «النظافة العرقية»، إذ رأت في السماح لأشخاص غير لائقين وراثيًا بالتكاثر أمرًا يساعد على «الانحطاط العرقي». وقد كانت ولاية كاليفورنيا عام 1909 ثالث ولاية تتبنى تلك القوانين العنصرية والتعسفية، فمنع زواج الآلاف، وكانت كاليفورنيا بؤرة حركة تحسين النسل داخل الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الأولى من القرن العشرين.
وفقا لتحقيقٍ أجرته إحدى المؤسسات الحكومية عام 1976، جرى تعقيم من 25% إلى 50% من السكان الأصليين بالولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الواقعة بين (1970-1976)، وأشار التحقيق إلى تعقيم حوالي 3406 امرأة بين عامي 1973 و1976 دون موافقتهن. وبعضهن تحت السن القانوني للتعقيم وهو 21 سنة، السن الذي أقرته المحكمة لبدء عمليات التعقيم الإجباري.
وقد استمرت تلك القوانين الخاصة بالتعقيم الإجباري أكثر من نصف قرن إذ بدأ إلغاؤها في الولايات المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي، وبالوصول إلى نهاية السبعينيات، وبفضل جهود حراك من نساء من أصل مكسيكي في ولاية كاليفورنيا انتهت برامج التعقيم الإجباري في البلاد، وقد أجريت آخر عملية تعقيم قسري قانونية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981، بحسب توم فيليبس.
وتشير السجلات إلى أن ولاية كاليفورنيا وحدها استمرت في إجراء عمليات التعقيم القسري من عام 1909 وحتى 1979، وقد نتج عن ذلك تعقيم أكثر من 20 ألف فرد داخل مصحات كاليفورنيا العقلية، بدعوى حماية المجتمع من نسل الأفراد المصابين بأمراضٍ عقلية.

سياسات التهجير والتشريد
كشف تقرير صادر عن جامعة أمريكية، أن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة تسببت بنزوح ولجوء أكثر من 37 مليون شخص، منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

جاء ذلك في تقرير جامعة “براون”، نشرته يوم 8 سبتمبر 2020 ، الذي يحمل عنوان “خلق (أزمة) اللاجئين: النزوح الذي سببته حروب الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر”.

وذكر التقرير أن الرقم المذكور “هو أكثر من أولئك الذين شردتهم أي حرب أو كارثة منذ بداية القرن العشرين ، باستثناء الحرب العالمية الثانية”.

وقال إن معظم اللاجئين استضافتهم دول شرق أوسطية، رغم أن الولايات المتحدة استقبلت مئات الآلاف منهم.

ومن بين البلدان التي تتصدر قائمة الدول التي خرج منها لاجئون، سوريا (7.1 ملايين) أفغانستان (5.3 ملايين) والعراق (9.2 ملايين) وباكستان (3.7 ملايين).

واليمن (4.4 ملايين) والصومال (4.2 ملايين) والفلبين (1.7 مليون) وليبيا (1.2 مليون)، وفق التقرير نفسه.

وأدت العمليات القتالية الصغيرة إلى نزوح السكان قسرا في بوركينا فاسو والكاميرون وإفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر والسعودية وتونس.

وقال تقرير الجامعة التي تتخذ من ولاية “رود آيلاند” مقراً لها: “37 مليونا هو تقدير متحفظ للغاية. إجمالي النازحين بسبب الولايات المتحدة بعد 11/ 9 حروب قد يكون أقرب إلى 48-59 مليونا”.
وأضاف أنه “بين عامي 2010 و 2019، تضاعف العدد الإجمالي للاجئين والنازحين داخليا على مستوى العالم تقريبا من 41 مليونا إلى 79.5 مليونا”.

مـســتقبـل الـولايــات الـمـتـحـدة الامـريـكيــة رؤيــة مــن الـداخــل … القسم الثاني / 6 من 6

امــريــكــا الـتـي لا نـعـرفــهــا

انتهاك حقوق الطفل في الولايات المتحدة الامريكية

الاحتجاز القسري للاطفال القصّر والرضّع

نشر موقع الجزيرة نت تقريرا للكاتب :موح أوبيهي ” يوم 18Aug2019عن مراكز احتجاز الاطفال المهاجرين في الولايات المتحدة الامريكية ، حيث بدا مقالته بالقول هناك أطفال ورُضّع يتضورون جوعا ويبكون من القذارة، آخرون محرومون تماما من النوم بعد أن فرّقتهم السلطات عن ذويهم”.. ليس هذا مقطعا من فيلم هوليودي عن بلد أفريقي غارق في الاقتتال والفوضى، إنما مشهد واقعي لما يحدث يوميا لأبناء المهاجرين غير القانونيين داخل السجون التي تمتلكها الشركات الخاصة في الولايات المتحدة.
فمنذ تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة حاملا أجندة متشددة ضد الهجرة، أصبحت السجون الخاصة الخيار المفضل للإدارة الجديدة في التعامل مع طالبي اللجوء الهاربين من ويلات الحروب والمجاعات، إذ وقّعت السلطات منذ 2016 عشرات العقود الجديدة لبناء وتوسيع مراكز إيواء ومعتقلات خاصة لاحتجاز المهاجرين غير القانونيين (طالبي اللجوء)، تطبيقا لسياسة ترامب الشعبوية المعروفة بـ”اللارحمة” أو “صفر تسامح”.
وحسب تقرير استقصائي صادم نشرته لجنة من الكونغرس مؤخرا، فإن مراكز احتجاز الأطفال المهاجرين الواقعة على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة تفتقر لأبسط مقومات السجون حتى في بعض الدول المتخلفة.

أحد مراكز الاحتجاز الذي أضحى مشهورا في الآونة الأخيرة هو “منشأة هومستاد” (The Homestead facility)، فقد أثار هذا المعتقل جدلا واسعا في أمريكا بعد سلسلة تقارير إعلامية صادمة أظهرت طريقة تعامل مراكز الاحتجاز مع المهاجرين القُصر.
ونقل شهود وإعلاميون صورة عن أطفال يبكون من الجوع وآخرون لم يستحمّوا لأسابيع، بينما لا توجد حفاظات كافية للرضع المحتجزين دون ذويهم داخل أقفاص.
وتحتجز السلطات في “منشأة هومستاد” الواقعة في مدينة إل باسو بولاية تكساس (جنوب)، 60 طفلا مهاجرا (طالبَ لجوء) لا تتجاوز أعمار بعضهم سنتين، وتقوم فتيات تتراوح أعمارهن بين 10 و15 سنة بالاعتناء بأولئك الرضّع الذين تم فصلهم عن عائلاتهم.
تقول إحدى الطفلات لأسوشيتد برس “جاء إلينا أحد حراس الحدود في غرفتنا بطفل رضيع يبلغ من العمر عامين وسألنا: من يريد الاعتناء بهذا الطفل الصغير؟ قالت فتاة إنها ستعتني به، لكنها فقدت الاهتمام بعد ساعات، قُمت أنا بتولي المهمة أمس وبدأت أعتني بهذا الصبي”.
ووفقا لتقرير من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، فإن الوقت الذي يقضيه الأطفال في مراكز الاحتجاز “يزيد من مخاطر إصابتهم بالاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، وحتى مشاكل طويلة الأجل مثل أمراض القلب والسكري”.
هذه الوضعية لم تنفها السلطات نفسها، فقد ظهرت مسؤولة في إدارة ترامب -في فيديو متداول أثار غضب حقوقيين- أمام محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة التاسعة، تحاول إقناع القضاة بأن “الأطفال المحتجزين لا يحتاجون بالضرورة إلى الصابون وفرشاة الأسنان أو أغطية”، في إشارة إلى أن هذه الأشياء تدخل ضمن الكماليات. ولم تنف أيضا أن الأطفال ينامون داخل أقفاص وعلى أرضيات خرسانية.
وقد اعترف القائم بأعمال مفوض الجمارك وحماية الحدود جون ساندرز، بأن الأطفال بحاجة إلى رعاية طبية أفضل ومكان للتعافي من أمراضهم، معتبرا أن بعض المنشآت الخاصة بالاعتقال تؤوي 15 ألف شخص في حين أن مساحتها غير قادرة على استيعاب أكثر من أربعة آلاف، ورغم أن القانون الأمريكي ينص على أنه لا يجوز احتجاز الأطفال لدى دوريات الحدود لمدة تزيد عن 72 ساعة، فإن مراكز الاعتقال التابعة للشركات الخاصة لا تلتزم بهذا القانون، فبعضهم قضى في السجن خمسة أشهر كاملة.

تحول الحدود الى سجون
كشف موقع أكسيون الأمريكي بتاريخ 22Mars2021 أن حرس الحدود يحتجز 823 طفلا من دون ذويهم منذ أكثر من عشرة أيام.
وقال موقع “أكسيوس” إنه حصل على وثيقة داخلية تم تسريبها تثبت ذلك.
وقال الموقع إن المرافق التي يحتجز فيها الأطفال ليست مخصصة لإيواء الأطفال لأكثر من ثلاثة أيام، لكن الزيادة الأخيرة في عدد الأطفال على الحدود الجنوبية قد طغت على قدرة إدارة بايدن على التعامل معهم.
وحسب الموقع فإن الحد الأقصى للوقت الذي يُفترض قانونًا أن يحتجز فيه الطفل في حراسة الحدود هو 72 ساعة. لكن اعتبارًا من يوم السبت، ظل 3314 طفلاً غير مصحوبين بذويهم في الحجز لفترة أطول، مع 2226 لأكثر من خمسة أيام و823 لأكثر من 10 أيام.
وبموجب قانون الولايات المتحدة، يجب أن تستقبل الجمارك وحماية الحدود الأمريكية في البداية الأطفال غير المصحوبين بذويهم حتى تشير وزارة الصحة والخدمات الإنسانية إلى وجود مساحة لقبولهم في أحد ملاجئهم.

عمالة الاطفال القصّر

نشرت جريدة الاخبار اللبنانية تقريرا بتاريخ 15Nov2019 قالت فيه ؛
كشفت وكالة أميركية عن الظروف المرعبة التي يعمل فيها أطفال أميركيون في الزراعة وتؤدي إلى مقتل آلاف منهم سنوياً.

ففي تقرير نشره اليوم، أشار مكتب محاسبة الحكومة الأميركية (GAO) إلى أنّ 33 طفلاً يُصابون يومياً أثناء عملهم في المزارع الأميركية، في حين تعرّض الأطفال إلى أكثر من 4,700 بين عامي 2012 و 2014.
وقال التقرير إنّ الأطفال الأميركيين يتعرضون إلى الموت في مجال الزراعة أكثر من أي مجال آخر، وذلك بسبب خطورة العمل في الحقول، حيث ساعات العمل طويلة، والحرارة شديدة والضغط النفسي مرتفع.
وتقول الوكالة إنّ هذه الأرقام تُلقي الضوء على «العواقب المدمّرة للقوانين الضعيفة التي تفشل في حماية الأطفال العاملين في الزراعة»، مضيفةً أنّ وجود ثغرات في قوانين العمل يؤدي إلى قيام الأطفال بأعمال تشكّل خطراً على سلامتهم.
كما يشير التقرير إلى أنّ مجمل عدد الأطفال العاملين في الولايات المتحدة ازداد بين عامي 2011 إلى 2017 من 1.9 مليون طفل إلى 2.5 مليون طفل.

التحرش الجنسي للاطفال القصّر
موقع عربي 21 نشر تقريرا بتاريخ 18Nov2020 عن الانتهاكات الجنسية للاطفال في الولايات المتحدة الامريكية تقول فيه ؛
رفع نحو 100 ألف شخص، دعاوى قضائية، يتهمون فيها منظمة الكشافة الأمريكية، بممارسة انتهاكات جنسية، على مدار عقود.
وقال محام ممثل عن المدعين في القضية، إن المشتكين عانوا من تحرش جنسي، خلال مشاركتهم في المنظمة الكشفية، واصفا ما جرى بأنه “أكبر فضيحة انتهاكات جنسية في تاريخ الولايات المتحدة”.
وتقدمت الكشافة الأمريكية باعتذار للضحايا، وطلبت إشهار إفلاسها قبل أشهر، وأشارت إلى أنها “تدمرت”، علما بأن عدد أعضائها يزيد على المليوني شاب وطفل، بين أعمار الخامسة والـ21، رغم أن العدد تراجع ويمثل نصف من كانوا مسجلين فيها حتى السبعينيات من القرن الماضي.
وطلبت الحماية من الإفلاس لأجل أن تكون في وضع يسمح لها بتعويض الضحايا.
وستؤدي المداولات في محكمة الإفلاس الاتحادية في نهاية المطاف إلى إنشاء صندوق لتسوية قضايا الانتهاكات الجنسية التي تؤيدها المحكمة.
وقال النائب العام الأمريكي بول موزيس: “إنها أكبر فضيحة على الإطلاق حول الانتهاكات الجنسية في الولايات المتحدة”.
ومن حيث العدد الحالي للمتقدمين بدعاوى، فإن هذه القضية تفوق بكثير شكاوى مماثلة رفعت ضد الكنيسة الكاثوليكية في البلاد.
وفي عام 2012، كشفت صحيفة لوس أنجليس تايمز النقاب عن حوالي 5 آلاف ملف تضم تفاصيل اتهامات ضد معلمي الكشافة وقادة الفرق الذين اعتبروا “متطوعين غير مؤهلين”.
وكان أحد أعضاء الكشافة، ربح قضية رفعها بدعوى التحرش الجنسي من قائد فرقته، وحصل على تعويض قيمته 20 مليون دولار أمريكي.

زواج الاطفال القصّر في الولايات المتحدة الامريكية

نشر موقع ساسة بوست تقريرا بتاريخ 24Dec2017 بقلم محمد صلاح عبدالجواد يقول فيه ؛
في أغسطس (آب) من عام 2016؛ أعلنت منظمة اليونيسيف عن وجود أكثر من 700 مليون حالة زواج أطفال في العالم، منهم ما يقرب من رُبع مليون فتاة تزوجت قبل سن الخامسة عشرة. وأوضحت اليونيسيف أن نسبة من هؤلاء الفتيات يتعرضن إلى اضطرابات نفسية وصحية قد تؤدي إلى الوفاة أحيانًا. وعندما نقرأ عن حالات زواج الأطفال أو القُصّر، ونفكّر في البيئة الثقافيّة أو المنطقة الجغرافيّة التي قد تكثر فيها هذه الحالات؛ فأوّل ما سيقفز إلى مخيلاتنا أنها قد تحدث في الدول العربية أو الشرق الأوسط بشكل عام، أو في الدول الفقيرة في آسيا أو في إفريقيا، ولكننا قد نصدم عندما نقرأ أن الولايات المُتحدة الأمريكية شهدت ما بين عامي 2000 و2015 أكثر من 200 ألف حالة زواج أطفال، مُعظمهم من الفتيات. جميعنا بالطبع سيستغرب حدوث مثل هذه الجرائم في الدولة التي تستضيف فوق أراضيها أكبر مؤسسات حقوق الإنسان والجمعيات المدافعة عن الطفولة والمحاربة للبيدوفيليا، ولذلك في الأسطر القادمة، سنطّلع على حجم هذه الظاهرة المُثيرة للجدل، ومدى انتشارها في الولايات المُتحدة.
طبقًا لمجموعة إحصائيات قامت بها مؤسسة «Unchained At Last»؛ فإن 207.468 قاصرًا قد «تم إجبارهم» على الزواج في الولايات المُتحدة في الفترة من عام 2000 وحتى عام 2015، وتقول المؤسسة التي أنشأها مجموعة من المتطوّعين الذين عانوا من الزواج الإجباري في طفولتهم: إن هذا الرقم أقل بكثير من الحقيقة، لأن هنالك ثماني ولايات في أمريكا لم توفّر نتائج دقيقة لحالات زواج القصر الفعلية التي حدثت فيها.
وشهدت ولاية «نيوجيرسي» وحدها ما يقرب من 3500 حالة، بعضها لم تتجاوز العروس فيها 13 عامًا، ولكن 70% من الحالات تتراوح أعمارهم ما بين 16 و17 عامًا. وتشهد الحالات زواج ذكور قصّر أيضًا، ولكن الغالبية التي تعاني من هذه الظاهرة هن الفتيات. أما عن أصغر الحالات؛ فشهدت ولاية تينيسي أصغر حالة زواج لفتاة عام 2006 وكانت الفتاة حينها في سن العاشرة، حيث جرى تزويجها لشاب يبلغ من العمر 25 عامًا.
وفي استطلاع رأي قام به مركز «Tahirih» لأكثر من 3 آلاف حالة من حالات زواج القصّر، حدثت جميعها في الولايات المُتحدة في الفترة بين عامي 2009-2011؛ فإنّ 90% من هذه الحالات تم إجبارها على الزواج المُبكر قبل أن تبلغ سن الثامنة عشرة، وقد جرى هذا الإجبار باستخدام أساليب عدة: مثل العنف المنزلي، والتهديد. وأوضح الاستطلاع أيضًا أن بعض أسر المُهاجرين زوّجوا بناتهم وهن طفلات بسبب تهديدات بترحيلهم من الولايات المُتحدة، في حالة رفضهم عروض الزواج من رجال أصحاب نفوذ.
في عام 2014، أصدرت ثماني دول نامية قانونًا بتجريم ومنع زواج القصر دون 18 عامًا، هذه الدول كانت: جواتيمالا، وزيمبابوي، والسلفادور، وتنزانيا، وجامبيا، وتشاد، وملاوي، وهندوراس. وعلى الرغم من ضعف حالة حقوق الإنسان في هذه الدول؛ إلا أنها مضت قدمًا في طريق القضاء على ظاهرة زواج الأطفال، في نفس الوقت الذي تشهد فيه الولايات المُتحدة، الكيان الأكبر اقتصاديًا وسياسيًا في العالم والأكثر مناداةً بحقوق الإنسان في العالم 27 ولاية لا يوجد في قوانينها حدّ أدنى للسن التي يسمح للفتيات بالزواج فيها، وفي ثماني ولايات أخرى الحد الأدنى للزواج أقل من سن 16، مثل ولاية ألاسكا وولاية شمال كارولينا التي تنصّ قوانينها على أن الحد الأدنى للزواج بالنسبة للفتيات هو 14 عامًا. أمّا في ولاية نيوهامبشير، فإن الحد الأدنى هو 13 عامًا بالنسبة للفتيات و14 عامًا بالنسبة للفتيان.
وعلى الرغم أيضًا من أن القانون العام للزواج في الولايات المُتحدة لا يسمح للفتيات بالزواج قبل سن 18؛ إلا أن نظام الحكم الفيدرالي في الولايات المُتحدة يسمح لبعض الولايات أن تسن مجموعة من القوانين الخاصة بها، لذلك تسمح معظم الولايات في أمريكا للقضاة الذين يوثّقون حالات الزواج بمنح استثناءات لزواج أطفال لم يبلغوا السن القانونية بعد. وهذه الاستثناءات ليست محددة في معظم الولايات، لذلك ففي بعض حالات يسمح للفتاة القاصر بالزواج من شخص اعتدى عليها جنسيًا، ويسمح للفتيات القصّر بالزواج من صديقها الذي مارست معه علاقة حميمة أدّت إلى الحمل.
وفي حالاتٍ أخرى – وهي الأكثر شيوعًا – في زواج الأطفال في الولايات المُتّحدة: يتم الموافقة على توثيق حالة الزواج من فتاة قاصر أو طفلة بعد الحصول على موافقة أبويها فقط، دون حتى تدوين موافقة الطفلة على الزواج، وبالطبع فإن الآباء في الأغلب يقومون بإجبار الفتيات على الزواج، ولا يحق للقاضي أو للموظف الذي يُجري عملية توثيق الزواج الاعتراض في حالة موافقة الأبوين، حتى وإن كانت الفتاة تبكي وتنتحب أمامه؛ فهو لا يملك الصلاحيّة القانونية لتسجيل اعتراضه.
جميع الحالات الموثّقة لزواج الأطفال طالت كل المجتمعات والطوائف من المسلمين والمسيحين بمختلف طوائفهم، واليهود وحتى المجتمعات العلمانية. وتنتشر هذه الظاهرة في الأسر المتوطنة في الولايات المُتحدة منذ زمن، وأيضًا بين المُهاجرين، فلا يوجد فئة عرقيّة أو دينيّة بعينها تكثر فيها هذه الظاهرة، ولكن الشيء الوحيد المتّفق عليه بين هذه الحوادث هو أن الفتيات اللاتي يتعرضن لحالات زواج قصري قبل بلوغ عامهن الثامن عشر يكنّ أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان والضغط العصبي بنسبة تزيد 23% عن هؤلاء اللاتي يتزوجن بعد عامهن الثامن عشر. ومعظم هؤلاء الفتيات تُفسد روابطهن الاجتماعية بعد الزواج في سن صغيرة؛ فيبتعدن عن أصدقائهن ويتسرب معظمهن من التعليم لأنهن أصبحن مسؤولات عن أسرة وأطفال. وفي حالة حدوث طلاق – وهو ما يحدث غالبًا – تجد الفتاة نفسها في مأزق معقد للغاية، فمن الممكن أنها لم تتجاوز العشرين بعد، ويتوجب عليها العمل من أجل رعاية طفل أو طفلين أو ربما ثلاثة. ولأن الفتاة قد تتزوّج في أغلب الحالات من رجل يكبرها بعقد أو اثنين؛ فغالبًا ما تكون عرضة للعنف المنزلي، مما يسبب لها اضطرابات نفسية، دفعت بعضهنّ بالفعل إلى الانتحار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى