أحدث الأخبار

مفهوم الإرهاب في القاموس السياسي الأمريكي

مجلة تحليلات العصر الدولية - حسام الدين طالب / مجلة يمن ثبات

أجمعت الكثير من دول العالم «حكومات وشعوبا» على أن الإرهاب يشكل خطراً كبيراً على السلم والأمن الدوليين. وغالباً تكون الأفعال الإرهابية عمليات تبدأ بالن‍زوع إلى التشدد، وبتكوُّن أفكار متطرفة، وبتقبُّل العنف كوسيلة لمحاولة التغيير أو فرض أفكار لا تتوافق مع مكونات المجتمع المستهدف بالإرهاب.

وغالباً يكون الإرهاب عبر جماعات متطرفة مدعومة من الدول الاستعمارية لتنفيذ مشاريعها.

ليس هناك تعريف للإرهاب متفق عليه دوليًّا؛ لأن الدول المسيطرة على المجتمع الدولي هي ذاتها الدول الاستعمارية التي تستخدم الجماعات المتشددة لتنفيذ مخططاتها.

وهذه الدول- وعلى رأسها أمريكا- تمارس إرهاب الدولة باحتلال بلدان وتدميرها وقتل المدنيين كما حصل في العراق وسوريا واليمن وليبيا؛ لذلك عمدت هذه الدول الاستعمارية إلى تضليل شعوبها، وحرف النظر عن الإرهاب الحقيقي الذي تمارسه بشكل مباشر أو عن طريق الجماعات المتشددة التي تقدم كامل الدعم لها.

قامت أمريكا بتعريف الإرهاب بمفهوم مختلف عن المعنى الحقيقي له، وأسست منظمات تقوم بدعم رؤيتها للإرهاب الذي يستثني كل إرهاب تقوم به الحكومة الأمريكية أو الإسرائيلية أو أذرعهم في العالم سواء أكانوا دولا أم جماعات.

وتَعدُّ أمريكا كل دولة ترفض الرضوخ والهيمنة الأمريكية دولة داعمة للإرهاب، وتصنفها ضمن قوائمها السوداء، هذا التصنيف ينتج عنه حصار وإشعال حروب ودعم فوضى.

ومن أبرز الدول المصنفة أمريكيًّا على لوائح الإرهاب (سوريا وإيران وكوريا الشمالية وكوبا)، وتم شطب اسم السودان من لوائح الإرهاب بعد تطبيع حكومتها نهاية العام 2020م مع الكيان الصهيوني، في مشهد واضح لمفهوم الإرهاب عند الأمريكي.

وتَعدّ أمريكا كل منظمة أو حزب يرفض الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي منظمات إرهابية، وتعمل على القضاء عليه، كما يحصل في فلسطين مع الحركات المقاومة، وفي لبنان مع حزب الله، وفي العراق مع كتائب المقاومة، وفي اليمن مع الجيش اليمني واللجان الشعبية.

مع كل ما ذُكر تُعدّ هذه الدول والمنظمات والأحزاب إرهابية بالمنظار الأمريكي حتى تغير قناعاتها الوطنية وخياراتها المقاومة؛ ولكي تكون هذه الدولة والمنظمات المقاومة خارج القائمة السوداء يجب عليها الرضوخ لكل المطالب الأمريكية والإسرائيلية، والسماح لهم بالسيطرة على الجغرافيا والثروات في هذه الدول دون مقاومة.

مارست إسرائيل الإرهاب على الشعب الفلسطيني، واحتلت بلدهم، وحاصرتهم دون أي استنكار أو عقوبات من المجتمع الدولي، بل على العكس كل من ينتقد إسرائيل يصنف عدوًّا للسامية، وكل مقاوم لها إرهابيًّا.

وفي لبنان قبل تأسيس حزب الله اجتاحت إسرائيل لبنان، ودمرته، واحتلت عاصمته بيروت، وكانت المقاومة رد فعل على الاحتلال نتج عنه التحرير عام 2000م.

وفي سوريا احتلت إسرائيل «الجولان»، ودعمت التنظيمات الإرهابية في ثمانينيات القرن الماضي، ومع موجة ما يسمى «الربيع العربي» دعمت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها جبهة النصرة في الجنوب السوري، وإلى اليوم تمعن في اعتداءاتها على سوريا بعد فشل مشروعها في التقسيم، وتنفيذ صفقة القرن، كل هذا الإرهاب كان بدعم وغطاء أمريكا التي بدورها احتلت العراق، ودمرته، وقتلت الملايين من شعبه.

أما اليمن فكان له الحصة الأكبر من الإرهاب الأمريكي الصهيوني خلال السنوات الست السابقة من خلال حرب النظام السعودي عليه الذي أعطى غطاء عربيًّا لتدميره.

وهنا يكمن الغضب الأمريكي من أنصار الله والجيش اليمني الذين قاوَموا العدوان السعودي، وأفشلوا المخطط الأمريكي الذي يقف خلف هذا العدوان.

لعبت سوريا واليمن -بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية- دوراً أساسيًّا بإفشال مشروع صفقة القرن الذي يهدف لجعل إسرائيل قوة مهيمنة على الشرق الأوسط عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.

سوريا من خلال قتالها للجماعات الإرهابية من قاعدة وداعش وغيرهم والانتصار عليهم قضت على مشروع يهودية الدولة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا العامل الأهم للسيطرة الإسرائيلية السياسية على عالمنا العربي والإسلامي.

أما اليمن ومن خلال صموده وتصديه للعدوان، فقد أفشل الخطة الإسرائيلية في الهيمنة والسيطرة على مضيق باب المندب، الذي لو نجح العدوان فيه، لكان تحت الهيمنة الإسرائيلية، وتستطيع من خلاله التحكم بصادرات النفط والغاز بنسبة تزيد عن 90% من دول الخليج، والشراكة مع مصر على عائدات قناة السويس.

وهذا الأمر لو تمّ، لتوَّج إسرائيل قوة اقتصادية في الشرق الأوسط دون منازع.

إذن بعد كل هذه المعطيات نستطيع أن نفهم أن الإرهاب عند الأمريكي هو كل عمل يقاوم المشروع الإسرائيلي، ويعمل على استقلالية القرار السياسي والاقتصادي في بلده.

وكل عمل إرهابي ينتج عنه قتل للمدنيين وتدمير دول، وشن حروب لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية هو عمل مشروع، ويُقدَّم له كل الدعم.

لذلك حتى نصل للانتصار الكامل كمحور مقاومة وحَّد خياره العسكري بالتصدي للإرهاب، وأفشل الكثير من المشاريع الأمريكية، علينا أن نقوم بتوحيد الاقتصاد لدول محور المقاومة للتصدي للعقوبات والحصار والحرب الاقتصادية التي لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية التي خضناها خلال هذه السنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى