أحدث الأخبارالعراق

ملاحظات حول قانون الأمن الغذائي

بقلم

الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل جعفر عبد الرضا المرسومي

1 – لا يوجد مبرر اقتصادي لتضمين تخصيصات اضافية لتنمية الاقاليم بمبلغ ٨ تريليونات دينار في قانون الامن الغذائي لان المحافظات عاجزة فعلا عن انفاق تخصيصاتها المالية المدورة من عام ٢٠٢١ والتي يمكن صرفها في العام الحالي والبالغة ٤ تريليونات دينار اذ ان المصروف الفعلي من تخصيصات تنمية الاقاليم لم يصل الى اكثر من ٥٧٥ مليار دينار فقط خلال الشهور الاربعة الاولى من هذا العام وبنسبة ١٤٪؜ فقد ومن ثم ستبقى التخصيصات الاضافية لتنمية الاقاليم في قانون الامن العذائي مجرد حبر على ورق !!
2-الفوائض المالية النفطية التي سيتم انفاقها في قانون الدعم الطاريء للامن الغذائي والتنمية ليست بالقليلة اذ انها تعادل اربعة اضعاف موازنة سوريا او هي تعادل موازنتي دولتين عربيتين مجاورتين وهما الاردن وسوريا !!
3- سبق وان كتبت عدة منشورات وضحت فيها بالارقام بأن هناك موارد مالية يمكن استثمارها لتجاوز المشكلة الاقتصادية بعيدا عن قانون الامن الغذائي واليوم وزير المالية يؤكد ما قلته سابقا ويقول بأن الوزارة لديها خطط بديلة عن قانون الامن الغذائي واسماها الخطة ب والخطة ج !! والسؤال الاهم هو لماذا لم تستخدم وزارة المالية لحد اللحظة هذه البدائل لتخفيف معاناة الفقراء ؟؟

4- ما الذي يمكن فعله اذا لم يمرر قانون الامن الغذائي ؟
استنادا الى البيانات التي تنشرها وزارة المالية حول الإيرادات والنفقات الفعلية على موقعها الالكتروني يمكن وضع رؤية استشرافية عن إمكانية استثمار الموارد المالية المتاحة عام 2022
البيانات المالية لعام 2021
النفقات التشغيلية الفعلية مع السلف = 105.206 ترليون دينار
النفقات الاستثمارية الفعلية مع السلف = 15.178 ترليون دينار
اجمالي النفقات العامة الفعلية مع السلف = 120.384 ترليون دينار
السلف هي نفقات مصروفة ولكن لم يجر تسويتها ولذلك تعد انفاقا فعليا
اجمالي النفقات العامة في موازنة 2021 = 129.993 ترليون دينار
نسبة التنفيذ او الإنجاز ( حسب تصريحات وزارة التخطيط ) = 99%
اجمالي النفقات العامة الفعلية المصروفة فعلا = 128.693 ترليون دينار
حساب الامانات = 128.693 – 120.384 = 8.309 ترليون دينار
حساب الامانات وكما جاء في المادة 3 من قانون الإدارة المالية الرقم 4 لعام 2020 يتضمن نقل جميع المبالغ الممولة من قبل الخزينة العامة للدولة للمشاريع الاستثمارية ومشاريع تنمية الاقاليم ومشاريع البترو دولار ومشاريع المنافذ الحدودية ومشاريع استراتيجية التخفيف من الفقر للنفقات ومشاريع استقرار المناطق المحررة ومشاريع مستحقات المقاولين بما فيها المبالغ الممولة للنفقات الجارية للمنافذ الحدودية والنفقات الممولة لتشغيل العاطلين والمبالغ الممولة للنفقات الجارية للبترو دولار الى حساب الأمانات لاستكمال انجازها للسنة التي تليها دون ان يؤثر على المبالغ الممولة التي سيتم تمويلها للسنة اللاحقة .


*الاستنتاج الرئيس* : يستطيع البرلمان العراقي ان ينفق في عام 2022 نحو 128.693 وهو حجم الانفاق الفعلي مع السلف والامانات وعلى أساس نسبة 12/1 ويستطيع أيضا استنادا الى قانون الإدارة المالية الرقم 6 في عام 2019 المادة 12 أولا : ( إجراء المناقلة بين أبواب وفصول مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية المرسلة من مجلس الوزراء ) ومن ثم يستطيع البرلمان ان يمارس صلاحيته في مناقلة الأموال من بعض الفقرات غير المهمة كالصيانة والسفر والإيفادات ووقود السيارات الحكومية وغيرها الى الفقرات المهمة كالبطاقة التموينية وتعزيز الخزين الاستراتيجي للحبوب وشراء الطاقة وغيرها ويستطيع البرلمان أيضا بالتنسيق مع الجهات الحكومية تعديل الأنظمة والتعليمات التي تعيق عمل البرلمان في هذه الجزئية . ان المبلغ المتاح حاليا للصرف كبير جدا خاصة وان الانفاق الفعلي مع السلف خلال الربع الأول من هذا العام يبلغ 27.691 ترليون دينار وعلى وفق هذا المعدل من الانفاق من المتوقع ان يبلغ الانفاق الفعلي مع السلف في نهاية عام 2022 نحو 110.764 ترليون دينار أي ان هناك فائض قدره 17.929 ترليون دينار يمكن استثماره لتخطي المشكلة الاقتصادية الراهنة في العراق . وأخيرا لابد من الإشارة الى الأهداف السامية التي يسعى اليها قانون الامن الغذائي لحماية الفئات الهشة في المجتمع من الصعوبات الاقتصادية الحالية المتمثلة بالارتفاع الكبير في أسعار السلع وتدني نوعية الخدمات ولكن القانون يمثل احد الأدوات لتحقيق ذلك الهدف وعندما يتم اجهاضه لأسباب سياسية او قانونية فعلينا ان نفكر بأداة او وسيلة أخرى لتحقيق ذلك الهدف لان جمهور الفقراء الذين يعانون من وطأة الوضع الاقتصادي الراهن غير معنيين بالصراع السياسي الحاد في العراق رغم انهم يتحملون في النهاية نتائجه الكارثية .

*_*5 ملاحظات عن القانون الذي سيولد ميتا_*
*الملاحظة الأولى* : ان تشريع قانون الامن الغذائي يعني اطلاق رصاصة الرحمة على موازنة 2022 ، ومهما قيل عن هذا المشروع فهو في النهاية مكمل او بديل عن موازنة 2022 ولذلك لن تكون هناك موازنة في هذا العام وهي المرة الثالثة خلال ثمان سنوات التي لا يوجد فيها موازنة في العراق بعد عامي 2014 و 2020
*الملاحظة الثانية* : يجب ان يسبق تشريع قانون الامن الغذائي تعديل قانون الإدارة المالية في العراق رقم 6 لسنة 2019 الذي ينص في المادة 13 / أولا على الصرف بنسبة 1/12 من اجمالي المصروفات الفعلية في حالة تأخر إقرار الموازنة الاتحادية ولذلك فإن تشريع فانون الامن الغذائي يتعارض مع قانون الإدارة المالية لانه سيؤدي الى ان يكون الصرف بنسبة اكبر من تلك المحددة في قانون الادارة المالية ، وفي حال عدم تعديل قانون الإدارة المالية سيكون من السهل جدا الطعن به في المحكمة الاتحادية والغاءه .
*الملاحظة الثالثة* : سبق للبرلمان العراقي السابق ان رفض في موازنة 2021 تغيير نسب الضريبة المفروضة على الموظفين لأنها تتعارض مع قانون ضريبة الدخل لعام 1983 واليوم يعود البرلمان ليشرع قانونا يتعارض مع قانون الإدارة المالية
*الملاحظة الرابعة* : اذا وافقت المحكمة الاتحادية على الغاء قانون دعم الامن الغذائي ستخسر الأحزاب السياسية التي تبنت هذا المشروع شعبيا ، لان هناك حاجة ملحة لاستثمار بعض من عائدات النفط في توفير مصدات اجتماعية للفئات الهشة التي تعاني حاليا من الارتفاع الكبير في أسعار السلع كما ستزيد النقمة على الحكومة الحالية والأحزاب السياسية لأنها غلبت مصالحها السياسية على هموم الناس وحاجاتهم الملحة ولأنها اضاعت فرصة استثمار العائدات النفطية في بناء الاقتصاد وتنويعه وفي توفير فرص عمل للمواطنين وتحسين الخدمات .
*الملاحظة الخامسة* : إقليم كردستان سيكون الرابح الأكبر من عدم وجود موازنة لعام 2022 سواء تم تشريع قانون الامن الغذائي ام لم يشرع لأنه في الحالتين سيتجاوز الاثر السلبي لقرار المحكمة الاتحادية الأخير الذي ينص على عدم مشروعية نشاط النفط والغاز في كردستان والزامه بتسليم ملف النفط والغاز الى الحكومة الاتحادية . وسيحصل الإقليم عند عدم وجود الموازنة على 1.2 ترليون دينار وبواقع 200 مليار دينار شهريا ابتداء من شهر تموز القادم استنادا الى آلية الصرف 1/12 ومن دون ان يسلم المركز برميلا واحدا من النفط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى