أحدث الأخبارشؤون اوروبيية

من أفغانستان الى أوكرانيا.. خاتمة الحروب الباردة !

عبد محمد حسن

خاض اﻻمريكان حربا غير مباشرة تسمى بالباردة ضد اﻻتحاد السوفيتي لمدة 45 عاما توجت بانهياره وتربعهم على عرش حكم العالم وبيدهم مجموعة متنوعة من ادوات الهيمنة وياتي على رأسها وأهمها الدوﻻر , وذلك ﻻذلال وتركيع العالم من حولهم يتبعهم القزم اﻻوربي وبقية دول البيض حول العالم وشلة من الدول الفاقدة للهوية واﻻرادة كاليابان .أمريكا كسبت تلك الحرب ﻻنها استعدت لها حتى قبل أن تخوض غمارها , ففي عام 1944 وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية تم اعتماد الدوﻻر كعملة صعبة قابلة للتداول حول ارجاء المعمورة !
وبعدها توالت ادوات الهيمنة لتتجمع بيد امريكا حتى وصلت لدرجة انها اصبحت كالهة الحرب اليونانية اوهكذا ظنت وبات من تغضب عليه يعيش جحيم حقيقي واﻻمثلة كثيرة .في حربهم تلك ( الباردة ) ادعوا ان اﻻنظمة الشيوعية حول العالم خطر على اﻻنسانية وعلى طريقة عيشهم التي تعتمد الديمقراطية وتولي اهمية كبيرة لحقوق اﻻنسان ونشر العدالة وتبين بعدها انها مجرد شعارات منافقة خداعة استعبدت اﻻنسان واذلته وسلبت خيراته وطاقاته واحلامه!
اﻻتحاد السوفيتي دخل تلك الحرب وهو ﻻيعتمد اﻻ على حجمه الكبير وسلاحه النووي ولم يعمل على سلب ادوات وعناصر القوة من ايدي الغربيين الذين تفوقوا في مجالات كثيرة . كان من المفترض ان يقوم السوفيت ببناء عالم مواز له حلباته الخاصة لخوض صراع طويل اﻻمد وناجح مع الغرب . لذا رأينا هذا العملاق ينهار تحت وطأة أزمة اقتصادية ومالية بعد تورطه في حرب واحدة هي حرب افغانستان لمدة عشر سنوات بينما نرى ان اميركا التي خاضت حروب كثيرة حول العالم ولمدد زمنية قياسية لم تعاني ماديا ﻻمتلاكها الدوﻻر .
الحرب الباردة اﻻولى (.) خسرها السوفيت لاسباب كثيرة منها المالية واﻻعلامية والتجارية وكذلك لم يمتلكوا ما يمتلكه الروس اليوم من حلفاء او اصدقاء لهم وزن وثقل عالمي واقليمي كالصين وايران وكوريا وبعض دول امريكا اللاتينية والتي اكتوت بنار الهيمنة واﻻستبداد ولم يكن العالم حينها مطلع بما هو كاف على كم الجرائم والكراهية والشر الذي تحمله هذه اﻻمريكا المجرمة.
اللطيف ان روسيا وريثة اﻻتحاد السوفيتي لم تعد شيوعية اطلاقا بل دولة غربية حديثة منفتحة بالكامل على نظام السوق الراسمالي اﻻقتصادي والمالي والتجاري وحتى اﻻخلاقي الى درجة ما واخذت تمارس اللعبة الغربية ذاتها في اﻻنتخابات والديمقراطية املا في قبولها وانخراطها في اللعبة الدولية السائدة وهذا ينطبق بدرجة اقل على الصين ايضا اﻻ انه تم رفضهم ! .بل على العكس استمر الناتو في عدائه لروسيا ومحاولاته الكثيرة من غير ملل لتدمير هذا الكيان بكل السبل والوسائل المختلفة داخليا وخارجيا .بدأ الامريكان حربهم على روسيا الوليدة بنقل ( المجاهدين ) من افغانستان الى الشيشان والقوقاز ﻻشغالها بحروب تمزقها وتشغلها وتستهلك مواردها حتى وصل اﻻمر ان يضع الرئيس الشيشاني رأسه برأس الرىئيس الروسي كند ونظير له اما اﻻقتصاد الروسي فكان بيد المافيات وعلى رأسهم شخصبات صهيونية تتحكم بالغاز والطاقة اما حالة الشعب فيرثى لها من مستوى الفقر المدقع الذي وصلوا اليه وباتت فتياتهم حبيسات غرف البغاء في دول العالم المختلفة !
بالتوازي مع ذلك ﻻننسى الحال الذي وصل له العراق من بطش امريكي وحصار خانق وتدمير للبلد بحجة وجود صدام وجلاوزته وتعرضه للحروب المتكررة حتى جاءوا محتلين عام 2003 ﻻستكمال مشاريعهم للمنطقة والعالم .
ورأينا ايضا كيف عملوا على تدمير وتمزيق يوغسلافيا الحليف السابق والكبير للاتحاد السوفيتي في البلقان ومرة اخرى نرى ( المجاهدين ) الوهابية كرأس حربة , والذي تبين بعدها أن هؤﻻء ( المجاهدين ) الوهابية وبتعدد مسمياتهم وشعاراتهم ويافطاتهم مجرد اداة امريكية تم اضافتها لقائمة ادوات الهيمنة الامريكية خصوصا بعد نجاحهم الكبير في تدمير اﻻتحاد السوفيتي في حرب افغانستان , حيث استمر اﻻمريكان في اﻻعتماد عليهم وباساليب مختلفة في بؤر الصراع منذ اربعين عاما ولليوم ومنها العراق والجزاىر والصومال واليمن وليبيا وسوريا واسيا الوسطى الخ. اﻻمريكان قاموا بتسليم افغانستان لحركة طالبان عام 1996 بمساعدة باكستان والسعودية واﻻمارات لاستخدامها بعد ذلك كذريعة لخوض غمار الحرب الباردة الثانية اصطلاحا عام 2001 باسم الحرب على الارهاب والمضحك المبكي انهم قاموا بتسليم افغانستان مرة اخرى لهم قبل اﻻنسحاب اﻻخير 2021 . فقد اثبتت هذه التنظيمات الوهابية انها الدجاجة التي تبيض ذهبا للمشاريع اﻻمريكية فنراهم اليوم هم انفسهم يقاتلون في اوكرانيا ايضا تحت راية السي اي ايه بل ﻻنبالغ بالقول ان اهمية الوهابية ﻻتقل عن اهمية الدوﻻر اﻻمريكي في شعل فتيل الحروب اﻻمريكية وديمومتها .
يتبين لنا من هذه المقدمة السريعة ان الحرب الباردة لم تتوقف لحظة واحدة بل مرت بأطوار ومراحل مختلفة حسب ماتمليه المراحل الزمنية المختلفة لكن الهدف واحد . ولكننا هنا ولتقريب وتبسيط اﻻحداث وتجزئتها لفهم المراحل نطلق عليها اﻻولى والثانية ومابينهما !
فالحرب الباردة اﻻولى منذ 1945 وحتى تفكك اﻻتحاد السوفيتي أما المرحلة الخفية او الانتقالية اذا جاز التعبير فهي منذ 1991 وحتى 2001 وهي مرحلة القطبية اﻻحادية اﻻمريكية المطلقة
أما أحداث عام 2001 وما اعقبها من احتلال افغانستان ومن ثم العراق تحت ذريعة الحدث ( اﻻرهابي ) في نيويورك وحتى دخولنا في الحرب اﻻوكرانية فنطلق عليه اسم الحرب الباردة الثانية والتي اوشكنا على نهايتها لنكون شهداء في المستقبل القريب على وﻻدة عالم اخر مختلف باذن الله !
باختصار شديد نقول ان الحرب الباردة الثانية كانت نتيجة بروز الحلف الروسي الصيني بقوة وصعودهم كقوى اقتصادية وعسكرية تشكل حالة منافسة وخطرا على الحلم اﻻمريكي , فروسيا التي ظنوا انها قد ماتت وقد هيأوا سكاكينهم لتقطيعها وتوزيعها بينهم هاهي ترقد من غيبوبتها وموتها السريري وتقف على قديمها بقيادة بوتين ضابط الكي جي بي السابق !
فكان احتلال افغانستان لانها جغرافيا تتوسط اهم اعداء امريكا , الثلاثي المعروف , ومن هناك تتمكن من العمل على اغراق هذه البلدان بالمشاكل وتعطيل المشاريع اﻻقتصادية وتوتير المنطقة للسيطرة على نموها وايقافه والتدخل في شؤونها الداخلية . أما احتلال العراق فجاء بعد حصار طويل مرير ظنوا معه انهم جعلوا من الشعب هناك عجينة سهلة التشكيل للعمل على مشروعهم للمنطقة الذي ينطلق من هناك اﻻ وهو تقسيم العراق اوﻻ ثم باقي دول المنطقة المحيطة بالكيان اللقيط ومن ثم التخلص من ايران كاخر مرحلة من هذا المخطط وذلك لجعل الكيان هو السيد والمتحكم هناك ويتحقق حلمه من النيل للفرات وايضا لقطع يد المشاريع الصينية والروسية من الوصول للمتوسط والخليج واجهاض مشاريعهم كطريق الحرير والتحكم بموارد ومنابع الطاقة العالمية ايضا وتوجيهها حيث تشاء الادارة اﻻمريكية ومنعها عن الخصوم .الذي اجهض هذا المشروع وحاربه في افغانستان والعراق وسوريا ولبنان هو قيادة الحاج قاسم رضوان الله تعالى عليه وسنتحدث عن تفاصيل الحرب في العراق ومن ثم الربيع العربي وحركة داعش في مقال اخر وفاءا لذكرى هذا الرجل الكبير .
لكن يبقى سؤال مهم بحاجة ﻻجابة
لماذ هذه الحروب الباردة ؟
أو باﻻحرى ما هو الحلم اﻻمريكي الذي يشعل هذه الحروب ؟

عام 1991 وبعد أن تفكك اﻻتحاد السوفيتي وبعد ان شنت امريكا اول حروب القطبية اﻻحادية ضد العراق وجعله فاتحة عهد اﻻمبراطورية الجديدة وتعريف المجتمع الدولي بما هو مقدم عليه ودرس وعبرة لكل من ﻻيعتبر , أعلن المجرم بوش اﻻب وفي خطاب متلفز أنه قد بدا عصر النظام العالمي الجديد new world order وهو فرح مستبشر وقد تبادلوا اﻻنخاب لهذا اﻻنجاز العظيم !
وقد الف كتابهم عن نهاية التاريخ وانه قد توقف هنا في الحقبة اﻻمريكية !
هذا النظام العالمي الجديد هو ببساطة هيمنة امريكا وشياطينها على كل العالم وادارته حسب اهوائهم وﻻ صوت يعلو على صوت الليبرالية الشيطانية التي ستحول الكائن البشري الى مجرد رقم شبيه بالروبوت ﻻيملك اي دين او فكر , عبارة عن بهيمة غراىزية مادية مبرمجة يلغون معها او هكذا ظنوا فطرة الله التي فطر الناس عليها او بتعبير اخر حلم
الشيطان نفسه في توجيه مسيرة حياة البشر على اﻻرض والتحكم بها .
بالعودة الى صلب الموضوع
نرى أن هذه الحرب الباردة الثانية لم تستغرق الا نصف مدة الحرب اﻻولى حتى وصلنا الى هذه المواجهة في اوكرانيا وذلك لطبيعة الفوارق البنيوية لهذه المواجهة وخصوصيتها وماتوفر لها من عوامل تجعلها اشد واسرع حسما عن تلك وقد اشرنا لذلك .نحن اﻻن نعيش نهايات الصراع في اطار الحرب الباردة الثانية والتي ستكون نتائجها واحدة من احتمالين والعلم عند الله
1 – انقسام اوربي وشرخ عميق بين مساند ومعارض ﻻمريكا ينتهي بالقبول بمطالب روسيا اﻻمنية والتخلي عن الحلم اﻻمريكي والناتو وبذلك تتحول امريكا الى دولة كبيرة اخرى اوتبقى فعالة دون ان يكون لها هذا الدور الذي تشغله حاليا مع تغير في المعايير التي تحكم العالم حاليا ونتجه تدريجيا الى عالم اكثر عدﻻ واستقرارا .
2 – انقسام اوربي ولكن ﻻيؤدي الى استسلام امريكا وقبولها بالامر الواقع بل قد يؤدي الى حرب نووية تفضي الى تدمير روسيا وامريكا وبريطانيا وبعض دول اوربا الشرقية .
اللهم عجل لوليك الفرج والنصر والعافية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى