أحدث الأخبارشؤون امريكية

من الغباء ما قتل!

مجلة تحليلات العصر الدولية - د. إعصار الصفار

الغرور والاجرام والغباء كلها أمور غاية في السوء.
وبالرغم من اشتراك كل الرؤساء الامريكان، باقل تقدير بصفتي الغرور والاجرام، إلا أن الذي جنى على ترامب كان تحديدا، الغباء.

فقد تم استدراجه بشكل واضح ليرتكب جريمة التحريض على تقويض الديمقراطية وبشكل دموي لا يمكن التغاضي عنه، كما حصل حين اقتحم مناصروه مبنى الكونغرس يوم ٦ كانون ثاني/يناير ٢٠٢١. وبكل غباء بلع ترامپ الطعم ليصبح في الوضع الذي هو فيه الان.
فهل جرب ترامپ أن يسأل نفسه:
– لماذا سمحوا له بقول ما يحلو له، على مدى أسابيع، من دون مقاطعة او معارَضَة، مما شجعه على الاسفاف والتمادي. هل سال نفسه لماذا؟
– ترامب يعلم السهولة التي بالإمكان السيطرة بها على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل سال نفسه لماذا لم يفعلوا اي شيء لحساباته على تويتر وغيرها مبكرا؟ هل جرب أن يسأل نفسه لماذا تركوه يقول ما يحلو له في الوقت الذي كانوا يستطيعون اخراسه قبل اسابيع وشهور!
– السكوت شبه التام لبايدن وكل الحزب الديمقراطي، على ادعاءات ترامپ الباطلة، لفت نظر ابسط مراقب، اذ ان المتعارف عليه بين الأحزاب المتنافسة هو الأعتراض والجدال والشتائم على اتفه الأشياء! فلماذا التزم الحزب الديمقراطي الصمت؟
– الم يتساءل ترامپ لماذا تُرك مبنى الكونغرس تقريبا بدون حماية في الوقت الذي يستطيع أي مراقب على البعد أن يرى جسامة الخطر المحدق بالكونغرس واعضائه! فهل يُعقل ان لم تستطع الـ CIA و FBI وسلطات الشرطة المحلية والفدرالية رؤية ذلك، ام انهم رأوه وتغاضوا عنه لتقع الفريسة في الفخ!!!

لقد جنى غباء ترامپ عليه وعلى من حوله باشكال متعددة، وهذا استعراض لبعض خسائر ترامپ القاتلة حتى الان، من جراء غبائه:
(١) دخل التاريخ كالرئيس الأمريكي الوحيد الذي تم تجريمه مرتين.
(٢) سيُذكر على أنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تآمر على وطنه وحرَّض على الديمقراطية الامريكية.
(٣) أنهى اي فرصة له باي منصب فدرالي او محلي متقدم مستقبلا.
(٤) خسائر مالية كبيرة بعد إلغاء جهات متعددة تعاقدات مع سلسلة فنادقه وملاعب الگولف التابعة له، والتي تعاني اصلا من تداعيات التحديدات التي فرضتها جائحة فايروس كورونا.
(٥) امتناع مصرف دويچا (Deutsche Bank) و مصرف سيگنيچر (Signature bank) من التعامل مع ترامپ. علما ان المصرف الاول هو المصدر الاول لقروض ترامپ لفترة عقدين من الزمان! امتناع المصارف عن التعامل مع ترامپ سيؤثر على اي خطط لتاسيس حزبا خاصا به او انشاء منصة تواصل اجتماعي او مشاريع جديدة لانقاذ سلسلة فنادقه، اذ ان كل ذلك يحتاج الى تمويل.
(٦) صرحت العديد من الشركات بالامتناع عن التبرع لنشاطات وحملات ترامپ. ومن اشهر هذه الشركات هي شركة كوكا كولا وسلسلة فنادق ماريوت وعملاقة الاتصالات اي تي اند تي (AT&T).
(٧) قررت ادارة رابطة لاعبي الگولف المحترفين
‏(Professional Golf Association-PGA)
تغيير مكان إقامة بطولة الگولف والتي كانت تقام على ملعبه في ولاية “نيو جيرسي” لسنين. وتعتبر هذه البطولة من ارقى البطولات العالمية في الگولف.
(٨) أصبح ترامپ في قبضة السلطات القضائية بعدد كبير من المخالفات القانونية والمالية والجنائية والانتخابية والتهرب الضريبي وحتى تهم ارهاب، والتي ستُثار عليه ما ان يغادر البيت الابيض. ومن غير المستبعد ان ينتهي به الامر الى السجن. علما ان اي عفو يصدره هو أو بايدن او اي شخص اخر سوف لن يشفع له لأن ذلك يجري على التهم الفدرالية فقط وليس على التهم التي تصدرها السلطات المحلية.
(٩) قوَّض فرص ابنه دونالد جونير وابنته ايڤانكا في نيل اي منصب سياسي كبير.
(١٠) ربما يكون قد وجه الضربة القاضية التي ستنهي الحزب الجمهوري بشكل كامل مما يفتح الطريق امام الحزب الديمقراطي للسيطرة على البلاد مستقبلا.

لقد احدث ترامپ شرخا في المجتمع الامريكي بشكل مدمر قد يؤدي بالبلاد الى حرب اهلية ثانية.

دماء الشهداء لن تذهب سدى، فيا ويل من كان الله (س) خصيمه في هذه الدنيا قبل الاخرة. وهكذا كان الغباء الاداة التي تم بها الانتقام من ترامپ على جرائمه، لا سيّما الاغتيال الجبان للقادة الشهداء واصحابهم …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى