أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

من ” تطّلع من أجل السلام” الي “التطبيع”، هكذا أصبح 2020 عام النسيان!

مجلة تحليلات العصر-روبرت كوهين

الذكريات قصيرة هذه الأيام.
كان هنالك ما يسمى “بالاحتلال” الذي خلّف وراءه ما يقارب الثلاثة ملايين من الفلسطينيين المحرومين، ولكن من المفترض ان يكون هذا من زمن بعيد.
كان هنالك في مرةٍ ما حصار على غزة حيث فيه تم عزل مليوني فلسطيني عن العالم الخارجي. لقد نجوا وعاشوا في ظل انهيار الاقتصاد، ولكن لا أحد يذكر هذا الآن!
لقد كان هنالك في الماضي مكاناً يدعى القدس الشرقية، وكان الناس يعلمون بشأن ضمها الغير القانوني بالإضافة لمنع وحرمان سكانها العرب من حقوقهم التي يتمتعون بمثلها جيرانهم اليهود. ولكن من يتذكر مثل هذه التفاصيل هذه الأيام؟

الذكريات قصيرة.
ولكن متى بدأ هذا العالم بالنسيان؟
ربما أصبحت كل الأشياء التي كانت غريبة وغير طبيعية في مرتها الأولى طبيعية وغير ملحوظة الآن.
الفضل يعود لكوڤيد19 حيث أننا جميعًا نتعلم كيف نعيش في وضع “طبيعي جديد”، كما أنه يوجد الآن أيضاً وضع طبيعي جديد بالنسبة لإسرائيل وفلسطين، والذي نطلق عليه مصطلح “التطبيع”.
في كلتا الحالتين لم تعد الأمور كما كانت عليه سابقاً وربما لن تعود أبداً الى ما كانت عليه.
لقد ظل النسيان يتسلل إلينا منذ فترة ولكنه ترسخ حقاً هذا الأسبوع عندما وقّعت إسرائيل اتفاقيات أبراهام مع أفضل أصدقائها الجدد ألا وهم الإمارات العربية المتحدة والبحرين.

تعلُّم النسيان.
لتتذكر كيف تعلمنا النسيان عليك العودة للصياغة الدقيقة لخطة ترامب للسلام أو أن تعطيها اسمها الكامل كما الآتي: تطلّع من أجل السلام والازدهار ومستقبل أكثر اشراقاً لإسرائيل والشعب الفلسطيني.
تناست الصفقة العديد من الأمور، لقد تناسى في البداية القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة الأمنية، لقد حدث وكأن هذه الأمور لما تحدث أبداً أو كما أنها قد حذفت من ذاكرتنا. تحدثت لغة “التطلع من أجل السلام” عن وقائع اليوم ومتطلبات اتباع نهج عملي وواقعي فقط.
واتضح أن كلمة واقعي”pragmatic “هي معنىً آخر للنسيان.

لقد تناسو أيضاً مصطلَحَيْ الاحتلال والمستوطنات وبدلاً من ذلك تحدثت نظرية التطلع من أجل السلام عن أجزاء الضفة الغربية ذات الكثافة السكانية اليهودية الكبيرة، ويبدو أن واضعي الوثيقة لا يتذكرون كيف وصل هؤلاء السكان اليهود الى هناك في المقام الأول أو ما حدث للفلسطينيين منذ وصولهم.

لم تكن هذه نهاية النسيان والإهمال!
ألقت نظرية التطلع الى السلام اللوم عند شرح أسباب فشل المحاولات السابقة لإحلال السلام في الأرض على الانقسامات الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية وفشل القيادة الفلسطينية وسوء الحكم الفلسطيني، في 181 صفحة لم أستطع إيجاد فشلاً واحداً يُنسب الى الإسرائيليين في النظرية على مدار العقود السبعة الماضية. لقد نسي شخص ما ذكر ذلك في النظرية الجديدة. وإذا لم يكن هناك شيء لنتذكره اذاً عندما يتعلق الأمر بإسرائيل فليس هنالك حكم مطلوب ولا شيء يغفر له.
كان المشهد مهيأّ للازدهار ولمستقبل أكثر اشراقاً بالنسبة للبعض فقط. لقد حلّ علينا موسم النسيان حقاً.

نسيان التذكُّر!
ظهرت أنباء في منتصف آب عن توصل الامارات العربية المتحدة لاتفاق بوساطة أمريكية لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. كان الأمر كما لو أن الامارات قد نسيت سبب كونهم أعداء.
لقد نسوا بالتأكيد موقف الجامعة العربية منذ عام 2002 بأن العلاقات الطبيعية مع إسرائيل يجب أن تكون مشروطة باتفاق تفاوضي مع الفلسطينيين على أساس حدود ما قبل عام 1967.

ومع ذلك تذكر الامارات بعض الأمور الأخرى كفوائد المخابرات الإسرائيلية و فرصة الصفقات التجارية عالية التقنية بالإضافة الى فرصة شراء طائرات حربية من طراز F35 من الولايات المتحدة و بالطبع جذب تحالف إقليمي أقوى لمواجهة تحالف روسيا و إيران و سوريا.

ولكن في بعض الأحيان يكون النسيان محرجاً وقد كانت الامارات محرجة قليلاً.
لذلك لقد حاولت جاهدةً تذكر شيئاً كانت تعرفه، و بناءً على ذلك أخبرت الامارات العربية المتحدة العالم بأنها كانت تتجه فقط نحو التطبيع في هذا الوقت وذلك لان إسرائيل وافقت على عدم فعل أي شيء سيء (ضم أجزاء من الضفة الغربية). اتفق معظم العالم بالفعل على أن ذلك شيء سيء (ناهيك عن أنه غير أخلاقي وغير قانوني) ولكن بطريقةٍ ما، عدم القيام بشيء سيء يُعتبر شيئاً جيداً، إنه حقيقةً شي جيد يكفي لعقد اتفاق سلام حوله، أنا متأكد أنه لم يكن الأمر كذلك ولكن من الصعب تذكره بعد الآن.

لكن في غضون ساعات نسي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ما يبدو ما كان قد وافق عليه، و أفادت قناة الجزيرة حول فقدان الذاكرة بقولها: “لا يوجد هنالك تغيير في خطتي لمد سياستنا في يهودا و السامرة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة ” .
إن كان هناك أي شخص لا يزال غير متأكد من تفكير إسرائيل بشأن الضم فإن نتنياهو ذكّرهم في مقابلة مع صحيفة اسرائيل

اليومية (إسرائيل هايوم) حيث قال” نصنع السلام ليس على أساس التنازلات والانسحابات الإسرائيلية كما كان الحال مع مصر والأردن وذلك للمرة الأولى منذ ربع قرن ”
وبعد ذلك بأسابيع قليلة أصبحت البحرين ثاني دولة خليجية تعترف بإسرائيل وتسعي لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية على الرغم من عدم وجود إشارة هذه المرة لوقف الضم، لقد تم نسيان ذلك.
عندما جاءت إسرائيل والامارات والبحرين الى واشنطن العاصمة لإعادة انتخاب ترامب للتصوير الفوتوغرافي في هذا الأسبوع لم يكن هناك أي ذكر لمصطلح “الضم” في الصياغة الكاملة للنص سواء بالتوقف أو التأخير أو الإيقاف المؤقت، لقد نسي شخص ما وضع هذا الشرط فيه.

المنسيون والمنسون
في كل هذا النسيان يجدر بنا تذكر ما فُقِد.
لقد تم نسيان إسرائيل وفلسطين باعتبارهم صراعاً ذا أهمية دولية، تتوقف حقوق الفلسطينيين عن كونها مدعاة لقلق دولي عالمي وبدلاً من ذلك أصبحت المطالب الفلسطينية بالمساواة في الحقوق والمقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي مجرد قضية تتعلق بالأمن الداخلي لإسرائيل، لم يعد عدم وجود أي سلام أو عدالة يعيق نمو إسرائيل وذلك من خلال كسب تحالفات دولية جديدة وفتح أسواق اقتصادية جديدة.

هنا في المملكة المتحدة بالقرب من الوطن لم يكن هناك نقص في النسيان أيضا عندما يتعلق الأمر بالقيادة اليهودية الرسمية، مع توقيع اتفاقيات أبراهام، كانت رئيسة مجلس النواب ماري فان دير زيل مليئة ٔ بالتفاؤل المضلل مرددة بسعادة عنوان خطة ترامب للسلام في يناير، حيثما بدا كل نسيان هذا العام حيث قالت “لقد شهدنا لحظة تاريخية حيث إن المد والجزر يتغيران في الشرق الأوسط وها هو عهد جديد من السلام والازدهار “.
كانت في هذه الأثناء المجموعة الصهيونية الليبرالية البريطانية التي قضت الصيف في حملتها ضد الضم و كانت حريصة على الاعتراف ببعض الفضل في كل هذا العالم الرائع من الحرية والعدالة بعد عدم الضم، حيث قالوا: ” كانت هذه لحظة رائعة تدل على أن المفاوضات الدبلوماسية هي دائماً افضل من الإجراءات أحادية الجانب وهي الطريقة الوحيدة لتحقيق أمن مستقر طويل الأمد. ومما يبعث على الترحيب بشكل خاص هو أن إسرائيل تعهدت بوقف خطط ضم أراضي الضفة الغربية من جانب واحد، وهي خطوة خطيرة كان من شأنها أن تعرض المنطقة بأكملها للخطر، وهي خطوة كانت المجموعة الصهيونية الليبرالية البريطانية تخوض حملة شرسة ضدها في الأشهر القليلة الماضية “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى