أحدث الأخبارالعراقمحور المقاومة

من حصد النتائج في مؤتمر بغداد

مجلة تحليلات العصر الدولية - ابراهيم المهاجر

مؤتمر قمة بغداد الذي استمر ثلاثة ايام وختمت وقائعة 28/8/2021 لم يكن الا عرض عضلات لمن ضمرت عضلاته بعد تردي الوضع العراقي بسبب قيادته من قبل حكومات هشة ذات امية سياسية مطبقة. المؤتمر بقدر ما ابرز عضلات لبعض الدول المؤتمرة فهو كشف عورات لأخرى. الناجح في المؤتمر هما اربعة الغياب السوري والحضور الايراني ورئيس الوزراء العراقي الذي استطاع ان يرفع رصيده في الشارع العراقي بعد ان تدني الى اوطئ درجات تدنيه ورابعها حضور الرئيس الفرنسي . الغياب السوري جاء بعد ان قرأت سوريا ان حضور الرئيس الفرنسي عمانوئيل ماكرون ما هو الا رسالة سياسية فحوها ان الوجود الامريكي بات يلبس قناعا فرنسيا. الغياب السوري ما الا جاء كرد سياسي يرفض اي وجود أجنبي امريكي او فرنسي بالقرب منها بعد إشارات بإنسحاب امريكي من المنطقة مماثلا لانسحابها من افغانستان. فامريكا اليوم بعد الانسحاب المذل من أفغانستان، مخلفة وراءها ملايين الاطنان من المعدات الحربية والاسلحة واطنان من العملة الورقية ذات ١٠٠ دولار، بدأت تقترب تسميتها من القوة العجوز مقابل الصعود الصيني الاقتصادي وعودة القوة الروسية عالميا.

اما ايران ممثلة بوزير خارجيتها السيد عبد اللهيان فقد استطاع من خلال كلمته اهانة المؤتمرين وتوجه لوم لاذع لهم هو انكم من تأمرتم ودمرتم العراق من خلال وجودكم تحت مظلة التآمر الامريكية على المنطقة ككل. ايران استطاعت ان توصل رسالتها للحضور لتقول لهم انتم سياسيون نعم ولكن ليس لكم ضمير. كذلك فهي (إيران) كشفت عن ضعف سعودي في قيادة الشرق الاوسط بأعلان لقاء السفير السعودي بالسفير الايراني ليقول له ان بلاده تريد اعادة العلاقات الدبلوماسية مع ايران. والشيئ الذي فاجئ الجميع ان وزير الخارجية الايراني السيد عبداللهيان أهمل الحضور برتوكوليا وتقدم الى الصف الأول مع الرؤساء والملوك لأخذ صورة تذكارية للمؤتمرين وهذه سابقة لم تكن غير مقصودة ليوصل بها رسالة اخرى الى العالم ان ايران ليست تابع بل هي قوة كبرى في المنطقة يحسب لها حساب رغم مستوى الوفد الذي يمثلها.

اما فرنسا فهي لاتزال تعتبر من الدول العظمى الدائمة العضوية في الامم المتحدة. والدول العظمى وان تبايت مصالحها فهي لاتعدوا الا ان تكون داخل الخيمة الواحدة التي تظل القوى العالمية الكبرى، وان اختلفت مدارسها الفكرية والاقتصادية، بين الراسمالية والشيوعية او ما توسط ذلك. التواجد الفرنسي المحدود والملفت في منطقة الشرق الاوسط لم يكن ليوجد من دون مباركة القوى العظمى الاخرى داخل الخيمة معها. ففرنسا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بدأت تخسر تدريجيا مواقع نفوذها للقوة الامريكية الصاعدة. فهي قد خرجت من منطقة المحيط الهادي بما فيها فيتنام حتي بقيت قوة هامشية لاتستطيع معاكسة القرار الامريكي. وخرجت من الغرب والشمال الافريقي حتى بات لايوجد لها تأثير في القرار السياسي. وخرجت من بادية الشام ولبنان وتركت جزيرة هاييتي التي هي أخر معاقلها للبحرية الامريكية بعد ان ضربها زلزال في كانون ثاني عام ٢٠١٠.

بعد التراجع الامريكي في بقاع عدة من العالم بدأت فرنسا تبحث لها عن دور او موطئ قدم تملأ به مناطق النفوذ التي تتخلى عنها امريكا. فقد ابتدأت وجودها في المغرب العربي حين شاركت بثورات التغيير في تونس وليبيا اولا ثم تدخلت في لبنان بعد ان اخرجت سوريا منه بقرار اممي على اعتبار انه بلد كان ظمن بلدان الفرانكفونيك. ومن ثم ارادت الدخول على الحراك السوري السياسي، معتبرة ان سوريا كانت تحت نفوذها بعد سقوط الدولة العثمانية، ولكن سرعان ماتحول الحراك الى صراع دموي بعد ان زجت امريكا والسعودية تنظيمي داعش والنصرة الى حلبة ذلك الصراع لانهاء سورية كدولة مواجهة مع اسرائيل اخذت فرنسا دور المتفرج من الصراع دون ان تزج نفسها في عمقه. فرنسا لم تكتفي بذلك فحسب بل هي تتود الى ايران كلما سنحت فرصة من خلال مؤتمر او تجمع قمة سياسية ليقينها ان ايران هي القوة الوحيدة التي تقف علنا امام امريكا دون خوف. وانها باتت سيد الجديد للشرق الاوسط دون منازع فأن ارادت دخوله (الشرق الاوسط) لابد من ان طرق باب ايران.

فرنسا حين حضرت مؤتمر بغداد بأعلى رمز في دولتها وهو الرئيس ماكرون ما هو الا تثبيت وجودها مقابل الزحف الصيني اولا. والثاني كانت متوقعة ان يكون هناك حضور لرئيس الجمهورية الايرانية الاسلامية الجديد اية الله سيد ابراهيم رئيسي ليكون في بغداد لقاء قمة اخر بينه وبين الرئيس ماكرون الذي لم تفوته الفرصة فالتقى وزير الخارجية السيد عبد اللهيان ووجه اليه الدعوة لزيارة فرنسا. والسؤال هو بعد قمة بغداد ودخول ماكرون على الخط هل تستطيع فرنسا المحافظة على وجوها في الشرق الاوسط وخصوصا بعد بدأ الانسحاب الامريكي من أفغانستان والمتوقع من منطقة الشرق الاوسط، امام زحف التنين الصيني المتسارع وصعود القوتين العالمية روسيا والاقليمية ايران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى