أحدث الأخبارالبحرينالخليج الفارسية

“من حقنا ان نامل ونحلم ولنا مطالب واماني لجلالة لملك ، ولنا عهد بالولاء الوطني الصادق والمستمر لعزة ورفعة مملكتنا الزاهرة فمن عفى واصلح فاجره على الله.”

مجلة تحليلات العصر الدولية - الدكتور عباس هلال

كنت احد المدعوين لحضور حفل تدشين تقرير اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق في 23 نوفمبر 2011 من قبل المراسم الملكية وبناء على ترشيح رئيس اللجنة لعلاقتي السابقة معه ومتابعاتي معه قبل وبعد عمل اللجنة بحضور جلالة الملك واصحاب السمو الملكي رئيس الوزراء وولي العهد وذلك في القاعة الملكية في مدخل الزلاق ” تقاطع الصافرية – الزلاق ” مساء الاربعاء الخريفي الجميل .

تشكلت اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق بتكليف من جلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة ، بمقتضى الامر الملكي رقم 24 لسنة 2011 تاريخ 29 يونيو 2011 ،وجاء في نص المادة الاولى ، تشكيل لجنة ملكية تتمتع بالاستقلالية للتحقيق في الاحداث التي وقعت في مملكة البحرين خلال فبراير ومارس 2011 ، وما تلي ذلك من تداعيات لاحقه ، وتقدم تقريرها بما تراه مناسبا من توصيات في هذا الشأن .

وقد تشكلت اللجنة برئاسة الاستاذ الدكتور محمود شريف بسيوني ،  وعضوية  نايجل رودلي ” مفوض” والدكتورة بدرية العو ضي ” مفوضة ” ، فليب كيرش ” مفوض ”  وماهنوش ارسنجاني ” مفوض” وتمتعت اللجنة وموظفيها بالامتيازات والحصانات ذاتها لخبراء الامم المتحدة طبقا لاتفاقية امتيازات الامم المتحدة وحصاناتها ” 13 فبراير 1946 ” .

كما بلغ عدد الموظفين 51 شخصا ، بمافي ذلك اثناء عشر محققا على اساس خبرتهم في التحقيق والقضاء من خارج البحرين واثنا عشر مساعدا للمحققين.

ودشنت اللجنة تحقيقاتها في 20 يوليو 2011 واستطاعت ان تجمع 8110 من الشكاوي والافادات تتعلق بمختلف الانتهاكات حقوق الانسان ذات الصلة ، وقامت بتصنيف هذه الشهادات والافادات سواء كانت شفوية او خطية والرسائل الالكترونية وفق قاعدة بيانات اللجنة كالتالي :
1- حالات الوفاة ، 2- الموقوفون ، 3- الصحفيون ، 4- الطاقم الطبي ، 5- موظفوا القطاع الخاص ، 6- القطاع العام ، 7- افراد الشرطة ، 8- الطلاب ،9- المعلمون – الاساتذة ، 10- السنة ، 11- الاجانب .

تلقت ودققت في تقارير من المنظمات واجهزة الاعلام الوطنية والدولية – وزارت اماكن التوقيف والسجون وبعض القرى وتقارير من الجمعيات السياسية ومنظمات حقوق الانسان ” مركز البحرين لحقوق الانسان – جمعية مراقبة حقوق الانسان ” والشيئ الموثق ، ان جمعية الوفاق المنحلة على اتصال شبه يومي باللجنة .

واجرت اللجنة لقاءات مع مكتب مجلس الوزراء والوزارات والحرس الوطني وجهاز الامن الوطني ، واجتمعت مع ولي العهد صاحب السمو الملكي الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة ، وراكمت معلومات لتوسيع قاعدة بيانات اللجنة ، كما اجتمعت اللجنة مع قيادات معارضة وزعماء دينين وصحفيين ورجال اعمال، كما اجتمعت مع رئيس جامعة البحرين واجرت فحوصات الطب الشرعي للمتضررين ، وزيارات ميدانية وتحديد الوسائل التي اتبعها المتظاهرون والممارسات التي اتبعتها الشرطة خلال المواجهات ، ومدى استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وغيرها من مكافحة الشغب ، ومدى استخدام الاسلحة والادوات بدائية الصنع التي قيل ان المتظاهرين استخدموها لمهاجمة الشرطة .

انجزت اللجنة اعمالها بمنتهى الاستقلالية والشفافية واتخذت تدابير احترازية وامنية للحفاظ على السرية لحماية الشاكين والشهود.
وبتعاون السلطات البحرينية والمنظمات السياسية والمدنية واستطاعت مواجهة اوالتغلب على كافة التحديات كلجنة دولية ، وتمتعت بالاستقلال المالي الكامل عبر تخصيص 1.3 مليون دولار لحساب اللجنة المستقلة – واحتفظت لنفسها بطريقة الكترونية على قرص صلب مؤمن لدى المحكمة الدائمة بهولندا بعد تدمير كافة السجلات والمواد التي حصلت عليها حماية لهوية جميع من قدموا ادلة ومعلومات ،وسوف يحفظ لمدة عشر سنوات وسوف يتم تدميره نهاية هذا الشهر .

نشرت اللجنة تقريرها باللغتين العربية والانجليزية على موقع اللجنة في 23 نوفمبر 2011  ووزعت اكثر من 2000 نسخة بذات اللغتين.

عايشت الفترة بتفاصيلها وبحكم علاقتي الشخصية والمهنية بالدكتور محمود شريف بسيوني والدكتورة بدرية العوضي وكنت على تواصل معهما لاحقا .

كانت سابقة في القانون الدولي بالنسبة للبلاد العربية وكنت قد اطلعت على سابقة تقل عنها كثيرا من نواحي كثيرة وهي تشكيل ” لجنة خاصة ” استمرت لمدة شهر بناء على طلب المرحوم السلطان قابوس من الامم المتحدة المساعدة القانونية في اثار حرب ظفار بعد دخول الجيش الايراني واستعادت السيطرة وتشكلت من ثلاثة برئاسة ناريان استاذ القانون الدولي الهندي وانتهت خلال 22 يوما بصفحة واحدة ملخصها ان سلطة الثورة سلطة واقعية واحترام كافة قراراتها السابقة بما يتعلق بالمواطنين حيث من التمليك والمزارع وتخصيص منصات الصيد وبقية الحقوق والخدمات المكتسبة والعفو العام والمساعدة في الادماج وتم تطبيق الكثير منها في الاعوام 1976 الى 1980 .

كانت الكثير من الاصوات في المعارضة قد تشككت في البداية في استقلالية رئيس اللجنة وتردد عبارات عرفية سابقة ” دهن السير” ، وقد دافعنا عن  بسيوني  واكدنا على قدرته الكاملة بالاستقلالية.

كان تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق اثر كبير في محاكمات الطاقم الطبي ، وعودة المعلمين وتحسين ظروف التوقيف وكان بالامكان ان تمتد اثار اللجنة بشكل اكبر في الجانب الحقوقي والسياسي خاصة بعد تشكيل لجان المتابعة والتي ترددت اطراف كثيرة في دخولها والتعامل معها، بالمقابل كان بالامكان ان تكون هذه اللجان اكثر انفتاحا وجرأة لمفاعيل التطبيق الجدي  رغم تشكيل الية جلسات الحوار في العرين والتي لم تحظى بالبرجماتية من قبل الاطراف ” مايو 2003″ ، وربما الخلل في الطريقة والالية المرسومة للحوار من اسباب تدهور الاجتماعات.

وماذا بعد مرور عشر سنوات على تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ؟ وهل نحن بحاجة الى قراءة عادلة للمرحلة تخفيضا وازالة لمعاناة السجون وتحقيقا للوحدة الوطنية وفتح الابواب والنوافذ لاشعة الشمس والبدء في مد الجسور ؟

وكنت في مقال سابق قد وجهت نداء لجلالة الملك رمز الوحدة الوطنية وصاحب الذات المصونة بالعفو العام ورفع سقف الحريات والحقوق وهو حق دستوري اصيل و آلية دستورية مطلقة ولا معقب عليها سياسيا وقضائيا ، وتعود الاحتفالات الزاهية على غرار 2001 وقت تدشين المشروع الاصلاحي .

من حقنا ان نامل ونحلم ولنا مطالب واماني لجلالة لملك ، ولنا عهد بالولاء الوطني الصادق والمستمر لعزة ورفعة مملكتنا الزاهرة فمن عفى واصلح فاجره على الله .

وربما تكون لنا اطلالة تفصيلية موثقة عن تلك الاوقات الثقيلة والصعبة على المجتمع والجميع وبنظرة برغماتية لا تخلو من عدالة وموضوعية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى