أحدث الأخبارلبنانمحور المقاومة

من غير سوريا وايران سلّح المقاومة الفلسطينية؟ ماذا يعني كشف السيد نصر الله أن اللواء قاسم سليماني هو الذي وقف خلف وصول صواريخ “الكورنيت” المتطورة إلى المقاومة في قطاع غزة؟

مجتة تحليلات العصر الدولية

حديث السيد حسن نصرالله “الماراثوني” مع قناة “الميادين” الذي كان حوالي أربع ساعات كان حافلا بالمفاجآت والمعلومات والتحليلات حول قضايا المنطقة وتطورات الأحداث فيها، وكان لافتا أن السيد نصرالله طوال هذا الحديث كان متيقظ الذهن، يتحدث بعفوية وسلاسة، ولم يستخدم أي ورقة، وهذا أمر نادر بالنسبة إلى معظم القادة العرب هذه الأيام.خمسة محاور رئيسية لفتت نظرنا في “حوار العام”، وسط هذا الكم الهائل من الحقائق والآراء والأسرار:• الأول: كشف السيد نصرالله وللمرة الأولى عن وقوف الحاج قاسم سليماني زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، خلف وصول صواريخ “الكورنت” ومعدات عسكرية أخرى متطورة إلى حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة وهي الصواريخ التي دمرت، وأذلت، أسطورة دبابة “الميركافا” فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية ومنعت دخول أي دبابة إلى قطاع غزة منذ عدة سنوات.• الثاني: أن السيد حسن نصرالله عندما طلب إذن الرئيس بشار الأسد بإرسال هذه الصواريخ الموجودة في مخازن الحرب تهريبا إلى القطاع وجد مباركة فورية، ودون تردد من الرئيس السوري الذي اشترى هذه الصواريخ من روسيا ودفع ثمنها نقدا، رغم الخلاف بينه وحركة و”حماس” بسبب وقوفها في خندق “الثورة السورية”، بعد أحداث عام 2011.• الثالث: إماطة السيد نصرالله اللثام عن “سر” لم يكن معروفا يتلخص في وصول معلومات مؤكدة من أكثر من جهة تفيد بأن الأمير محمد بن سلمان طلب من الرئيس دونالد ترامب أثناء زيارته لواشنطن تنفيذ خطة لاغتياله، أي السيد نصرالله، وعرض استعداده لتغطية جميع النفقات المالية التي تتعلق بهذه الخطوة وتبعاتها، وأكد أن الرئيس الأمريكي وافق على أن تقوم بالمهمة المخابرات الإسرائيلية “الموساد”.• الرابع: أن حزب الله بات أقوى عسكريا وأنه يملك أضعاف ما كان يملكه في السنوات الأخيرة من الصواريخ الدقيقة المتطورة القادرة على الوصول إلى أي هدف إسرائيلي في العمق الفلسطيني المحتل.• الخامس: كشفه لأول مرة أن فصائل عراقية “شيعية” شاركت بفاعلية في مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق، وهزيمته بالتالي، وإجباره على الانسحاب جنبا إلى جنب مع الفصائل “السنية” الأخرى، ولكن جرى التعتيم على دور وأنشطة وعمليات الفصائل الأولى، أي العراقية الشيعية.واللافت أن فصائل المقاومة في القطاع التي تسلمت صواريخ “الكورنت” وتكنولوجيا تصنيع صواريخ باليستية وطائرات مسيرة أخرى من “حزب الله”، أو مباشرة من إيران، وخاصة حركة “حماس”، أخفت هذه الحقائق عن قواعدها الفلسطينية والعربية، حرصا على عدم إغضاب عمقها الإسلامي السني السياسي، وخاصة حركة “الإخوان المسلمين” التي كانت تقف في الخندق الآخر المضاد لسورية وإيران و”حزب الله” تحديدا.السلطات المصرية اعتقلت أكثر من شخص ينتمي إلى “حزب الله” أو الحرس الثوري الإيراني في منطقة سيناء، كانوا يشرفون، أو بالأحرى يشاركون، في عمليات تهريب هذه الصواريخ والمعدات العسكرية الأخرى، سواء الإيرانية أو القادمة من ليبيا والسودان، عبر مئات الأنفاق إلى حركات المقاومة في قطاع غزة، وهناك وقائع ووثائق تثبت ذلك.لم يفاجئنا في هذه الصحيفة “رأي اليوم” ما ذكره السيد نصرالله حول الطلب الذي تقدم به ولي العهد السعودي إلى الرئيس الأمريكي وأجهزته الأمنية لتنفيذ عملية اغتياله لعدة أسباب أبرزها أن المخابرات الأمريكية حاولت في آذار (مارس) عام 1985 اغتيال السيد محمد حسين فضل الله من خلال زرع سيارة مفخخة انفجرت على بعد بضعة أمتار من منزله في الضاحية الجنوبية، ولم ينكر الأمير بندر بن سلطان الذي كان سفيرا لبلاده في واشنطن أنه رصد مليون دولار لهذه العملية في حينها.الأمر الآخر أن السلطات السعودية كانت تقف في خندق العدوان الإسرائيلي في حرب تموز (يوليو) عام 2006، عندما حملت “حزب الله” مسؤولية إشعال فتيل هذه الحرب، وجاهرت بتمنياتها أن تخرج إسرائيل منتصرة في هذه الحرب، وبما يؤدي إلى القضاء على “حزب الله” قضاء مبرما مثلما تمكنت إسرائيل من هزيمة عدوها الرئيس جمال عبد الناصر وكسر شوكته في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، ولا يمكن أن ننسى في هذه العجالة اعتراف الأمير بن سلمان بمسؤوليته عن اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول باعتباره الحاكم الفعلي في السعودية، ولكنه لم يعترف بأي دور مباشر في تنفيذ هذه الجريمة.كثيرة هي المعلومات والأسرار والمواقف التي كشف عنها السيد نصرالله في حديث الأربع ساعات دون كلل أو ملل، وفي مثل هذا التوقيت الحساس الذي تقف فيه المنطقة على حافة الحرب بسبب تهور الرئيس ترامب وغطرسته، وحشده للغواصات النووية وحاملات الطائرات والقاذفات العملاقة في منطقة الخليج والجزيرة العربية، ويحتاج التطرق إلى هذه المعلومات وتحليلها إلى مجلدات، ولكن يكفي أن السيد نصر الله، ورغم التهديدات التي تستهدفه بالاغتيال من أكثر من جهة، لم يتردد في مخاطبة جماهيره، والظهور على الشاشة مباشرة وزيادة إرباك القيادة الإسرائيلية المأزومة بالتالي، في واحد من أهم فصول الحرب النفسية.لا نجادل مطلقا في أن عملية الانتقام لاغتيال الحاجين سليماني وأبو مهدي المهندس، مسألة وقت وتوقيت لا أكثر ولا أقل، فمن انتقم لهما بقصف قاعدة عين الأسد الأمريكية العملاقة غرب العراق، وقبلها إسقاط الطائرة المسيرة الأكثر تطورا في السلاح الجوي الأمريكي المسير “غلوبال هوك” على ارتفاع عشرين كيلومترا فوق مياه مضيق هرمز، يستطيع الانتقام لاغتيال الرجل الثاني في إيران، ورفيقه المهندس، أو هكذا يعتقد معظم المراقبين ونحن من بينهم.. ونحن في الانتظار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى