أحدث الأخبار

من قتل السائحين في زاخو

✍️ماجد الشويلي
2022/7/23
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي

العصر-في عالم يكتظ بالفتن ، وتشتبك فيه مقتضيات العمل السياسي مع لوازم الاجراءات الأمنية والمخابرتية من جانب ،
ومن جانب آخر يعيش هذا العالم أصعب مخاضاته لولادة النظام العالمي الجديد ؛ يصعب على المحلل السياسي فضلا عن القارئ والمتابع للأحداث السياسية ، معرفة كنه الحدث بيسر وسهولة.
ويبقى السبيل الأمثل لحيازة أدق التصورات عن الوقائع والأحداث السياسية في مثل هذه الظروف ، هو السعي لاستحصال أكبر قدر من الرؤية الشاملة لابعاد تلك الواقعة أو الحدث.
وفي مثل جريمة قتل السائحين الابرياء في مصيف دهوك يبقى المتهم الأول هو الجانب التركي لأسباب نأتي على ذكرها أوبعض منها في تضاعيف هذا المقال.

ولأجل الحصول على رؤية شاملة أو قريب من ذلك لنبدأ بطرح الأسئلة والفرضيات ونحاول الأجابة عليها علها تكشف لنا الحقيقة أو بعضا منها.

س1 من هو المستفيد من قصف المدنيين ؟
وماهي طبيعة تلك الاستفادة من مثل هذا الحدث؟
فلو افترضنا أن الأمريكان أرادوا معاقبة الاتراك على تقربهم من الايرانيين والروس ، فهل ترتقي مثل هذه الحادثة لو نسبت للاتراك فعلا لان تكون عقوبة كافية لردعهم .؟
وهل بمقدور العراق معاقبة الاتراك إن كان هذا ماتتوخاه أمريكا فعلا؟
ولو فرضنا جدلا وتصاعدت وتيرة الاحداث وردود الافعال في العراق معززة بالتاييد العربي والدولي ، وقرر العراق مستعيناً بقرار أممي اخراج القوات التركية من كوردستان ، فهل سيكون ذلك من مصلحة الولايات المتحدة واسرائيل ؟!
قطعا ان امريكا لها خلافات مع الجانب التركي في الشمال السوري ، أفما كان الاولى بهم خلق مشكلة للأخير في سوريا تؤثر بشكل مباشر على مخرجات قمة طهران الثلاثية طهران _روسيا_تركيا.؟
فقد بدا واضحا اهتمام طهران بحفظ الحدود السورية حينما اكد الامام الخامنئي على اوردغان أن لا يعرض أمن الحدود السورية للخطر !
أما إسرائيل فمما لاشك فيه أنها تجد في التواجد التركي في شمال العراق غطاء كافيا لحماية تحركاتها الاستخباراتية والتجسسية بمأمن عن الصواريخ الإيرانية التي لم تتمكن حكومة أربيل من توفيرها لهم.
كما أن الكيان الصهيوني يطمح من خلال تجذر التواجد التركي شمال العراق ، الى قطع مسارات الصلة بين إيران وسوريا ،وإضعاف خطوط الامدادات اللوجستية من طهران مرورا بالعراق وسوريا الى لبنان .!
وايضا فإن التواجد التركي المرتكز يبعد عن اسرائيل شبح الحشد الشعبي من الاقتراب لها والالتحام مع سوريا .
ناهيك عن المصالح الاقتصادية المتبادلة بينهما والمتعلقة بالطاقة في الظرف الراهن أو مستقبلا.
لذا فاننا نستبعد أن تكون الجريمة عمل أمريكياً لمعاقبة الاتراك على تقربهم من الروس وايران، حيث أن التواجد التركي شمال العراق يخدم المصالح الامريكية والاسرائيلية على الصعيد الستراتيجي والتكتيكي.
كما ان بالامكان تنفيذ عملية ما تسئ للعلاقات التركية الروسية المتضعضعة اصلا بشكل مباشر في سوريا .
اذن المستفيد من هذه الجريمة قد يكون الحزب الديمقراطي الكوردستاني
باعتباره متضررا من التواجد التركي في أراضيه .ومن جهة اخرى يمثل انسحاب الاتراك من شمال العراق انتصار للقضية القومية الكوردية في تركيا وسوريا والعراق ، ويعزز من رمزية كاكا مسعود بين ابناء جلدته.
الا أن هذا الامر يمكن النظر اليه من زاوية أخرى
1_إن أربيل تنظر لانقرا كمعبر وحيد إلى العالم الخارجي، وتربطها معهم مصالح اقتصادية متبادلة في مقدمها صادرات النفط الكردية التي تزيد على 650 ألف برميل يومياً عبر أنبوب يربط آبار إقليم كردستان بمرفأ جيهان التركي .


مع مساع جديدة يبذلها الطرفان لتصدير الغاز أيضاً، كما أن معظم العمليات التجارية بين تركيا والعراق تتم عبر الإقليم ومن خلال المعابر الحدودية وأبرزها معبر إبراهيم الخليل، حيث لا تقل قيمة الاستثمارات التركية في الإقليم وحده عن 12 مليار دولار سنوياً.  
ولذا من المستبعد أن يكون الاقليم هو المسؤول عن العملية الاجرامية.
فضلا عن كون هذه الجريمة تضر بالقطاع السياحي في الاقليم أيما ضرر .
إذن هل يمكن القول أن إيران والجهات المرتبطة بها هي من أقدمت على هذه العملية لتأليب الرأي العام الداخلي والخارجي ضد التواجد التركي ؟
ممكن ذلك بحسابات الاحتمالات والتوقعات الواردة إلا أن هذا الاحتمال لايصمد أمام المعطيات السياسية الوازنة والميدانية الواضحة.
إذ ليس من المنطقي أن تعمد إيران وحلفائها الى مثل هذه العملية لتوتير الاجواء بينها وبين تركيا في قضية تبدو ثانوية (التواجد التركي شمال العراق) وقابلة للتأجيل أمام سعيها الحثيث لاحتواء ارتدادات التحالفات الجديدة في المنطقة ، والحيلولة دون أن تطال مصالحها الأمنية والجيوسياسية في سوريا.
وقد بدا ذلك واضحاً في الحراك الدبلماسي الايراني أثناء زيارة عبد اللهيان الى دمشق ، في محاولة لمنع أي أزمات جديدة في المنطقة.
وليس أوضح من قول الامام الخامنئي لأردوغان ((أن أمن إيران من أمن تركيا))
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن استهداف المنتجع السياحي في زاخو
من المناطق التي اعتبرتها تركيا خالية من نشاط الجماعات المسلحة، وتخطتها متوغلة في العمق العراقي لأكثر من 30 كلم .وقد أقامت عددا من القواعد والمعسكرات المجهزة بأحدث أجهزة الرصد والاستمكان العسكري فيها.
فضلا عن أن نوعية القذائف التي استهدفت السائحين في المنتجع كانت من صناعة تركية حسب ما أفاد مختصون.
كما وأن التنظيمات المسلحة الموالية لإيران ليست مضطرة لارتكاب هكذا جريمة لادانة التوغل التركي ، وهي قادرة على ذلك بمجرد استهدافات معسكراته لتؤلب الرأي العام المحلي والدولي عليه.
وبمقدورها أيضا استهداف المصالح التركية المنتشرة في حقول النفط بالجنوب وبعض المدن الاخرى.
فمن هو المستفيد إذن هل يمكن أن تكون دولة عربية ؟
يبدو أن لا معطى حقيقي وموضوعي يمكن له أن يسعف هذه الفرضية.
ولذا لن نفصل في حيثياتها.
يبقى احتمال أن يكون حزب العمال هو من قام بهذه العملية ، وهذا الاحتمال وارد جدا .
فأما على مستوى أن يكون قد أخطا الاحداثيات فذلك مستبعد لسبب مهم هو لعلم الpkk بخلو المنطقة من أهداف عسكرية تركية مهمة فيكون الاستهداف عبثيا.


وأما على صعيد إحتمالية أن يكون pkk
قد اقدموا على هذه الجريمة لتأليب الشارع العراقي ضد التواجد التركي وصولا لإنهاء عمليات مطاردتهم في العمق العراقي، فهذا الاحتمال وإن كان واردا كما أسلفنا لكن أيضا نعود ونقول أن القذائف التي استخدمت في الهجوم كانت من صناعة تركية ومن تلك التي يستعملها الجيش التركي.
كما ان حزب العمال ليس له مدفعية تصل الى هذه النقطة من أمكان تواجده وانتشاره. ويبقى هذا الاحتمال جدير بالاهتمام لكنه مرهون بم ايستجد من معطيات تعززه.
أخيرا يبقى الجانب التركي في دائرة الاتهام وكل المؤشرات والدلائل ترجح أن الاتراك هم من أقدم على هذه الجريمة،
وليس معلوما هل جاء هذا الاستهداف عن طريق الخطأ أم أنه لغاية ما غابت عنا ولم نلحظ أبعادها.
فالحقيقة التي يجب أن نثبتهاا أن اتهامنا للاتراك وتحميلهم مسؤولية هذا الجريمة أمر معقول ويستند الى وقائع ؛ أهمها أنهم يتواجدون في هذه المناطق ولهم مختلف العمليات والفعاليات العسكرية فيها .
أما هل وقع هذا الهجوم بالخطأ أم لا
فذلك علمه عند الله والايام كفيلة بأن تكشف المزيد من الحقائق والتفاصيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى