أحدث الأخباراليمنشؤون آسيويةمحور المقاومة

موسكو في اليمن.. هل نشهد تدخلا روسيا قريبا في الأزمة اليمنية ؟

مجلة تحليلات العصر الدولية / الوقت

إن المعركة على مشارف مدينة مأرب وسط اليمن تعتبر من أهم المعارك بين قوات حزب الإصلاح اليمني وقوات الرئيس المستقيل “منصور هادي” وعناصر من تحالف العدوان السعودي، وأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” الذين يحاولون كسر الخطوط الدفاعية ودخول هذه المدينة الاستراتيجية. ومع وصول أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” إلى البوابات الغربية لمدينة مأرب، دخلت العديد من الجهات الفاعلة الأجنبية على خط المواجهات، حيث قامت أنقرة ببذل الكثير من الجهود لتقديم الدعم المالي والعسكري لمليشيات الاصلاح “الاخوان المسلمين” للحفاظ على مدينة مأرب كواحدة من أهم قواعده في اليمن ومواصلة حياته في البلاد وذلك لأن تدرك جيداً أنه في حال خسرت مدينة مأرب سينخفض ​​نفوذها السياسي والعسكري في اليمن بشكل كبير، وسيتقلص وجودها إلى نقاط محدودة في محافظتي شبوة وتعز. ولقد سعت الحكومة التركية، في الأيام الأخيرة، إلى إرسال المئات من عناصر الجماعات الإرهابية التي تدعمها من المناطق المحتلة شمال غرب سوريا إلى اليمن لإنقاذ حزب “الإصلاح”. ووفق المعلومات التي تم الحصول عليها، فقد قامت الحكومة التركية بالتنسيق مع كبار القادة الميدانيين للجماعات الإرهابية التابعين للجيش الحر وجبهة النصرة وذلك من أجل تجهيز ما لا يقل عن 300 إرهابي لنقلهم إلى خطوط القتال في محافظة مأرب اليمنية. وعلى الرغم من تزايد التحركات التركية الأخيرة لمساعدة حزب الإصلاح اليمني وذلك من أجل منع أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من دخول مدينة مأرب، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن أنقرة تحاول منذ أشهر أن يكون لها وجود ميداني في اليمن بالتعاون مع القطريين، تمهيدًا لإحداث تغيير سياسي في هذا البلد الفقير.

واستكمالاً للتدخلات الأجنبية في الأزمة اليمنية، أعلنت روسيا مؤخرا عن ترحيبها بمبادرة السلام الجديدة التي تقدمت بها السعودية لإنهاء الحرب في اليمن، داعية كل أطراف النزاع إلى دراسة هذه المقترحات بشكل دقيق وكامل. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان أصدرته الثلاثاء الماضي: “أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي خاص عقده يوم 22 مارس، عن مبادرة من قبل المملكة للتسوية السلمية للأزمة في الجمهورية اليمنية… ترحب موسكو بهذه المقترحات وتدعو الأطراف المتصارعة إلى دراستها بشكل دقيق وكامل”. وأضافت الوزارة: “كنا ولا نزال ندعو إلى إنهاء المواجهة العسكرية المستمرة في اليمن بأسرع وقت ممكن مع ضمان الاستقرار المستدام والتوافق الوطني في هذا البلد. ننطلق من أن تحقيق تسوية شاملة وطويلة الأمد لهذا النزاع ممكن بناء على أخذ مصالح كل القوى السياسية البارزة في اليمن بعين الاعتبار بطريقة مناسبة”.

وأوضحت الخارجية الروسية: “هذا الأمر يشمل رفع الحصار البحري والجوي والبري عن أراضي البلد بشكل كامل، وكذلك اتخاذ الخطوات العملية العاجلة الأخرى الهادفة إلى معالجة الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية والإنسانية الحرجة في الجمهورية اليمنية”. الجدير بالذكر أن سلطنة عمان استضافت سلطنة مؤخرا جولة جديدة من محادثات السلام للأزمة اليمنية بين وفد صنعاء وجهات خارجية تابعة لحكومة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” ودول تحالف العدوان. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية الجديدة هتفت بالعديد من الشعارات خلال الفترة الماضية حول بذلها للكثير من الجهود لإنهاء هذه الحرب التي شنتها تحالف العدوان قبل ست سنوات على أبناء الشعب اليمني، وكذلك إحداث تغيرات جوهرية في التطورات الميدانية على أرض المعركة، وهذه العوامل أدت إلى اهتمام إقليمي ودولي بمحادثات مسقط، ولكن هذه الجولة من المحادثات، كغيرها من المحادثات المختلفة التي عُقدت في الماضي، فشلت حتى الآن في الوصول إلى النتيجة المطلوبة لإنهاء الحرب ووقف عدوان السعودية وحلفائها على أبناء الشعب اليمني. وعلى هذا الصعيد، كشفت مصادر، أن روسيا اعترضت على إصدار بيان صحفي لمجلس الأمن الدولي يؤكد ضرورةَ إنهاء الهجوم على مأرب ويدين التصعيد فيها، حيث يحاول “أنصار الله” السيطرة على آخر معاقل الحكومة اليمنية المستقيلة شمال البلاد، ومن جانبها أكدت الأمم المتحدة أن الحرب في اليمن عادت بكامل قوتها، مع اندلاع القتال في عدة جبهات الوقت الحالي. وقد اعتبرت موسكو النص الذي صاغته بريطانيا غير متوازن فيما يخص “أنصار الله”.

وعلى نفس هذا المنوال، قال وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”، يوم الأحد الماضي، أنه ناقش الوضع في اليمن أثناء المحادثات مع قادة الدول الخليجية، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة. وأوضح “لافروف”، في حوار مع صحيفة الأهرام المصرية أن موسكو تتابع “باهتمام كبير تطور الأحداث في اليمن الذي يعاني من الأزمة العسكرية السياسية الحادة التي استمرت خلال ست سنوات واستئناف الاشتباكات الدامية في فبراير الماضي في محافظة مأرب بين انصار الله والفصائل الموالية للرئيس اليمني المستقيل”، مضيفا أن هذا الأمر “يقلقنا بشكل خاص”. وأضاف “لافروف”، أن “الاتفاقية بين الرئيس اليمني المستقيل والمجلس الانتقالي الجنوبي على إنشاء الحكومة الائتلافية التي تم التوصل إليها بوساطة المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2020 خطوة هامة نحو استقرار الوضع في جنوب الدولة.” وقال “لأول مرة حصل ممثلو الجنوب على الحصة الكبيرة من الحقائب الوزارية. وأعلنت روسيا ترحيبها بالاتفاقيات المذكورة، وعبّرنا عن أملنا في أن تنفيذها سيؤدي إلى تحسين الأمن العام وسيسمح بالتركيز على حل المشاكل في المجال الاقتصادي والاجتماعي في هذا الإقليم”.

ورأى “لافروف”، أن من شأن اتفاق الرياض، أن “يخلق الظروف لانطلاق المفاوضات بين الوفد الموحد للحكومة اليمنية المستقيلة والمجلس الانتقالي الجنوبي من جانب وقادة أنصار الله من جانب آخر حول الترتيبات السياسية المقبلة.” كما دعا “لافروف” الأطراف اليمنية المتصارعة إلى رفض استخدام القوة واتباع المسار السلمي لتسوية التناقضات، “حيث تهدف المبادرة السياسية السعودية الأخيرة إلى الحل السياسي الذي رحبنا به.” وفي الوقت نفسه، قال “لافروف” أننا “ننطلق من أن إقامة السلم الدائم يمكن التوصل إليه على أساس مراعاة المصالح لكل القوى السياسية اليمنية.” ووفقا لوزير الخارجية الروسي “يترتب على ذلك انطلاق الحوار الوطني الشامل ورفع الحصار البري والجوي والبحري وتنفيذ الخطوات العاجلة الأخرى في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.” وأشار “لافروف” إلى أن موسكو “تعتزم مواصلة الدعم لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث وتشجيع القادة اليمنيين على إبداء المنهج البناء والاستعداد للحلول التوفيقية بشأن الخلافات القائمة.”

إن التحرك الروسي يأتي في وقت، بدى فيه واضحاً أن المجتمع الدولي ليس لديه خيارات لوضع حد للحرب في اليمن، كما انه يعتبر حلاً نوعاً ما لليمن والمنطقة ومرضياً لللاعب الأميركي الذي أظهر غضباً في الفترة الأخيرة، اعتبرته جهات أخرى التفافاً حول مطالب اليمنيين. محللون سياسيون يرون أن دخول روسيا على خط الملف اليمني والذي يأتي بالتوازي مع الموقف الأمريكي الغامض من الملف ذاته، يأتي كذلك تأييداً لإستراتيجية توفير الغطاء السياسي للقيادة في صنعاء، كما أن تحرك الروس ينبئ بفتح مزاد الحل للحرب اليمنية بالرغم من ان هناك اطراف تتربص بما هو أبعد لذلك. وبين التحفظ والحماس وبين قبول مجلس الأمن، المشروع البريطاني أو رفضه، تبقى فسحة الأمل الضيقة التي فتحتها “عمليات توازن الردع” في الجو وجبهات المواجهة في نفوس اليمنيين وحياتهم، وتبقى الشاهد الوحيد على سريان الحياة.

وفي هذه الأثناء، تتجه المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال السعودي الإماراتي الى مزيد من التصعيد، حيث يستعر فيها الصراع بين القوات التابعة لمنصور هادي المدعومة سعوديا والمجلس الإنتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، ففي تلك المحافظات يسقط مزيد من الضحايا ومعه تزداد الصرخات لغوث لا يبدو في الأفق انه قريب مع تعدد العراقيل. في المحصلة، يمكن القول أن هناك ثمة حراك دولي يضع اليمن أمام مخرجين للحل لا ثالث لهما، الأول أن يعود اللاعبون الخارجيون عن اجنداتهم والتخلي طواعيةً عن اطماعهم ونفوذهم في اليمن وترك هذا البلد لأهله. والمخرج الثاني هو التوصل إلى حل سياسي برعاية أممية تنسحب بموجبة قوات تحالف العدوان السعودي وتعوض الشعب اليمني عن ما جنته من خراب ودمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى