أحدث الأخبارفلسطينمحور المقاومة

موظفين … من أجل تلطيف الجحيم

مجلة تحليلات العصر الدولية

من بين القصص المأساوية التي تعج بها غزة الغارق لاجئوها بين ثنايا الدمار وفقدان الأحبة.
وعلى دندنات العائلات من اللاجئين المهددين بالترحيل القسري من منازلهم في حي الشيخ جراح وأحياء القدس الأخرى.
يحاول موظفو الأونروا في كل صباح التغلب على الخوف الذي يجتاحهم من الإصابة بوباء كورونا، أو الإصابة برصاص وشظايا قنابل الاحتلال التي يطلقها على بيوت الآمنين في كل مكان، ويقومون بالرحلة المحفوفة بالخطر إلى مراكز الاونروا الصحية ومدارسها التي يتحول بعضها إلى مراكز إيواء لمساعدة المحتاجين ابان العدوان.
يذهب موظفو الأونروا إلى العمل كجميع العاملين في غزة، دون أن يعرفوا ما إذا كانت عائلاتهم ستبقى على قيد الحياة في نهاية اليوم، أو إذا كانوا سيعودون على عوائلهم سالمين.
تعمل طواقم الأونروا من موظفين صحيين وعمال نظافة وأخصائيين اجتماعيين ومهندسين كحال موظفي الحكومة والبلديات بلا كلل أو ملل على مدار جميع أيام العدوان الذي تتعرض له غزة في كل مرة مهما كان طويلا، في ظل بيئة عمل توصف بأنها “جحيم على الأرض”.
يحاول هؤلاء الموظفين ترك بصمة إنسانية رغم جحيم العدوان الذي يستمر احيانا فترات قاسية دون توقف على مدار 52 يوماً كما حدث في 2014.
بينما ينتظر السكان أية هدنة إنسانية تتخلل أيام العدوان لتلبية احتياجاتهم الانسانية، ينتظر هؤلاء الموظفين هذه الهدن كي تتاح لهم الفرصة لتقديم المساعدات الطبية الطارئة للجرحى أو إغاثة النازحين أو مجرد الحصول على الطعام دون أن يخاطر المرء في أن يجد نفسه في المكان الخطأ في الوقت غير المناسب.
يحاول هؤلاء الموظفين الفدائيين تناسي أنفسهم واحتياجات عوائلهم، من أجل تلطيف الجحيم الذي يتهدد عشرات الالاف من النازحين الذين التمسوا ملاذاً لهم في مدارس الأونروا، لأن العيش في ظل الحصار والعدوان لم يترك لهم أي مكان آخر آمن يحتمون به.
يقف هؤلاء الموظفين حيارى مشلولين أمام تساؤلات السكان المصابين بالرعب والصدمة النفسية من شدة القصف والغارات والقتل والدمار، ما إذا يجب عليهم إبقاء جميع أطفالهم يناموا بالقرب منهم أم عليهم توزيعهم في شتى أنحاء المنزل، وهل عليهم أن يموتوا جميعاً معاً؟ أم يجب أن يحاولوا إنقاذ البعض عن طريق توزيعهم على المكان؟
موظفة في الأونروا وصفت كيف ناقشت خطط تناول العشاء مع شقيقتها في اليوم الأخير من شهر رمضان، وبعد ساعة، لقيت الأخت وابنتها حتفهما في غارة جوية، في الوقت الذي كان من المقرر فيه أن يتم حفل زفاف الابنة في الأسبوع التالي.
يقف الموظفون مشدوهون وعاجزون عن الإجابة عندما يقفون أمام عائلة مسحت من سجل النفوس كعائلة أبو حطب التي فقدت عشرة من أحبائها، بمن فيهم زوجة رجل وأطفاله الأربعة، عندما انهار المبنى الذي يقيم فيه بعد أن خرج لشراء الطعام، فلما عاد رأى أن عالمه بأكمله قد تهشم. فيما طفله الوحيد الذي نجا توقف مثلهم عن النطق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى