شؤون آسيوية

نتنياهو محبط بفعل فشله وبروز عقده النفسية

مجلة تحليلات العصر الدولية

– نتنياهو مهيأ لارتكاب أخطاء قد تكون مصيرية .
– نتنياهو النرجسي ، والمقتنع بقدراته العبقرية ينهار لكنه يشد معه الكيان الصهيوني .
– المناورات هي غطاء لخطوات نتنياهو الجنونية … انه انقلاب عسكري من العنصريين لصالح نتنياهو .
بسام ابو شريف
جمع بن غوريون رجال العصابات الصهيونية بالقوة ، ووحد الذين خضعوا لقراره في جيش أسماه جيش الدفاع الاسرائيلي ، وكأنه ينفي تهمة العدوان ، وارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ، وضد الانسانية سلفا ، وعلى عكس ما يوحي به الاسم انتقى ضباطا صهاينة كانوا مسؤولين في جيوش اوروبية ، وفي الجيش الاميركي لقيادة العمليات البشعة ، والتي تهبط الى مستوى جرائم القتل الجماعية بالقوة رضخ مناحيم بيغن ، وشامير ، وبنحاس سابير، وكافة الزعماء الذين لم يصبحوا زعماء الا لما ارتكبوه من جرائم .
ومنذ قيام الدولة الاستعمارية على أرض فلسطين لم يقم جيش بن غوريون الا بارتكاب المجازر والغزو ، وفي العام 1956 ، شارك جيش الغزاة في العملية العدوانية الثلاثية مع فرنسا ، وانجلترا ” حرب السويس ” ، واحتل غزة وأطل على سيناء ، ولم يكن غير متوقع رفض اسرائيل الانسحاب من غزة حين أمر مجلس الأمن ” بموافقة اميركية ” ، القوات الغازية بالانسحاب ، فقد رحل الانجليز والفرنسيون ، وبقي الاسرائيليون في غزة ، ودفع هذا الرئيس ايزنهاور في حينها الى الاتصال برئيس وزراء اسرائيل ، وأصدر له أمرا بالخروج من غزة ، وتم الانسحاب خلال ساعات ، لكن جيش اسرائيل المكلف بالعدوان ، والتوسع لم يخرج من غزة صفر اليدين ، بل خرج ومعه جوائز ترضية مكنت اسرائيل من انشاء ميناء ايلات – الكمين في البطن العربي .
لكن أحوال الجيش الاسرائيلي تبدلت ، وتغيرت من غرفة أركان علمانية الى غرفة أركان دينية حيث .ازداد انخراط المتدينين في الجيش منذ حرب اكتوبر عام 1973، وبتعليمات من القيادات الدينية ، وكان منظر أحد الجنود من الذين رقوا الى هيئة الأركان ” وهو متدين ” ، مثار تعليقات عندما ظهر يلبس ملابس هيئة الأركان التي غلب عليها المتدينون ، وهذا ما كان يريده بن غوريون ، الذي كان يرى أن مثل هذا التغيير سيعني عودة العصابات الصهيونية لتشرذمها رغم أنها تحت مظلة وزارة الدفاع ، وان هذا سيؤدي الى تصرف مستقل ومتدرج لكل عصابة من العصابات ، وبكلام آخر تسييس الجيش سيعني القضاء على وحدته التي منعت وصول تناقضات الطوائف ، وخلافات الحاخامات الى صفوف الجيش ، ودرجت الحالة التي اخترعها بن غوريون الا يأتي رئيس وزراء الا من الذين لعبوا دورا عسكريا بارزا وحافظوا على ابعاد الجيش عن العمل السياسي ، ليس هذا فحسب بل رسخ بن غوريون تقاليد تفسح المجال للضباط فور احالتهم على التقاعد لخيارات تتصل بالحياة السياسية ، والاقتصادية لاسرائيل ، من هنا فان المجال مفتوح لأي ضابط متقاعد أن يكمل دراساته ، وينال شهادات جامعية عالية ( وذلك باتفاق مع الولايات المتحدة ، وعدد من كبرى جامعاتها ، ومراكز البحث فيها ، وكان الهدف مزدوجا ، فمن ناحية كان هؤلاء – مئات – يساهمون في أبحاث شرق أوسطية ترسل توصياتها للبيت الأبيض – مراكز البحث في واشنطن ) ، و من ناحية اخرى يحضرون أنفسهم لترؤس كبرى شركات اسرائيل ، ومراكز البحث فيها ووزاراتها . هذه التغيرات في بنية الجيش الاسرائيلي ، وتكوين قياداته ، واختيار من يترقى من ضباطه على مدى حكم اليمين العنصري ، واندفاعه في تنفيذ البرنامج الصهيوني كاملا تحت شعار ” بالقوة نفرض مانريد ، وللمنتصر الحق بضم ما يحتل ” ، ولذلك أطلق نتنياهو على عمليات خضوع بعض الأنظمة التافهة في الخليج العربي صفة الخضوع للقوة الاسرائيلية ، وذلك في قوله انه “سلام القوة ” ، واليوم يرد نتنياهو على العالم بأسره ، الذي انتقد بدرجات متفاوتة عمليات الهدم ، والتهجير في القدس ، واقتحام الأقصى ، وضرب المصلين ، وطردهم من الأقصى واستعمال قنابل الغاز داخل أروقة الأقصى ، وقبة الصخرة : ( سوف نبني في القدس كما نريد ونغير كما نريد ) .
مرة اخرى مستندا لقناعته بأن قوة اسرائيل ، هي العامل المقرر لمنع حلفائه وأعدائه الرفض والاعتراض ، واعلان استمرار الهدم ، والمصادرة ، والتهجير ، والاستيطان ، جاء هذا في اللحظة التي انطلقت فيها مناورات الثلاثين يوما ، والتي تشارك فيها كل أسلحة اسرائيل البحرية ، والجوية ، والآلية ، والمدفعية ، والصواريخ ، والمسيرات ” الجديدة ” .
نحن نرى بوضوح أن نتنياهو ، وشلل العنصريين الدمويين في الأحزاب ، وهيئة الأركان قد وقعوا – أو وصلوا – لمنطقة ، ولحظة الخطر الشديد ، وعندما نقول الخطر الشديد نقصد خطر الوجود ، أو اللاوجود .
رغم فشل نتنياهو بتشكيل حكومة ، فانه لايعتبر أن خصمه نجح لأنه شبه متأكد من أن منافسه سيفشل في تشكيل حكومة ، وسيطول المأزق السياسي ، لكن نتنياهو سيستمر كصاحب القرار السياسي ، والعسكري في ظل تحالفه مع كوخافي ، ويوسي كوهين ، وضباط عنصريين آخرين ، ويمكنني القول منحازا هنا : ” ان نتنياهو مستمر في الحكم وهو جالس في دبابة أو طائرة F35 ” ، وأقصد بذلك أن العسكر المتصارعين بشللهم المتعددة يعتبرون ” كل واحد من تلك الشلل ” ، أنها هي ” الحكم ” ، والجميع متحلق حول نتنياهو .
انه شكل من أشكال الانقلابات العسكرية ، والمستندة لعمليات فساد واسعة النطاق ، وانهيار أخلاقي ، ومهني في صفوف قيادات الجيش ، ويجب ألا يغيب عنا عامل يشكل مقتلا في المؤسسة العسكرية ، وهو العنصرية ، والتفرقة بين غربي وشرقي ، وأسود وأبيض …. الخ هذه المناورات هي اعلان سلطة هيئة الأركان ، وهي يمينية متطرفة بدرجة 80% ، وهي سلاح نتنياهو ، قرار اجراء هذه المناورات غير المسبوقة لايمكن أن يكون لزيادة قوة الجيش نتنياهو وكوخافي يقولان ان الجيش الاسرائيلي ، هو الأقوى والأقدر، وتبجحا بالقدرة على ضرب طهران بالطيران ، اذا لا تستهدف المناورات هذه زيادة مستوى فعالية الجيش وبالنسبة لنتنياهو الهدف من هذه المناورات ، هو خلق جو عام قد يؤدي لاشتباكات على أكثر من جبهة أهمها لبنان ، وسوريا ، والعراق ، وطهران ، لكن المؤكد هو أنها رسالة لبايدن حول اصرار اسرائيل على الاستناد لقوتها لضرب ايران ، التي تعتبرها خطرا وجوديا على اسرائيل ، والهدف الثاني داخلي ارهابي المضمون ، والقصد ارهاب منافسيه السياسيين باعلامهم انه يحكم باسم الجيش أيضا
ونحن نرجح : –
– أن يستغل نتنياهو قراره باجراء المناورات الواسعة لتوجيه ضربات أشد ، وأعمق لسوريا ومخازن أسلحتها ، وأسلحة القوات الايرانية .
– وأن يستغل نتنياهو هذه المناورات لافهام البيت الأبيض بأن سياسة اسرائيل ستستمر في هجوميتها على ايران ، وحلفائها ، وعلى محور المقاومة .
– وأن يحاول اخفاء الوضع الداخلي الممزق باظهار فوة الجيش الاسرائيلي .
على كل الأحوال نتنياهو يعيش مرحلة نفسية صعبة تزداد فيها عقدة المعقد بروزا ، ومن سمات بروز هذه العقد ، وهي مدروسة :
– ارتفاع عصبية ونرفزة نتنياهو مع الجميع حتى على صعيد العائلة .
– ازدياد تعنته ، وعناده ، واصراره على تنفيذ رأيه بغض النظر عن آراء الآخرين .
– الميل الشديد للتعويض عن النقص ، الذي يشعر به ، والتأزم ، والاحباط لاصدار أوامر للقيام بعمليات عسكرية ، وأمنية خطيرة دون أن يحسب بدقة حساباتها ، أو حتى سلامة فرق التنفيذ ، وعلمنا من مصادر أن قراره باستخدام أهم عميل ايراني لاسرائيل كان يعمل في مؤسسة تطنز النووية أدى الى فقدان المخابرات الاسرائيلية لأهم مصدر معلومات حول المفاعل النووي الايراني ، وقياداته البارزة ، والاجراءات الأمنية المتصلة بالمؤسسات النووية وسبب هذا لنتنياهو أزمة مع مخابراته التي كانت ترى عدم المجازفة بهذا العميل الهام الذي كان بمستوى كوهين سوريا .
كل هذا يشكل فرصة من الجانب الآخر لقوى محور المقاومة …. ويلوح لها بضرورة رسم خطة شاملة لمواجهة العدوان مواجهة نوعية ترتقي بالعمل الى مستوى نوعي من الصراع : صراع الوجود .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى